الفتح الإسلامي والتسامح الديني للديانات السماوية

الفتح الإسلامي والتسامح الديني للديانات السماوية
بقلم:محسن الخزندار

الفتح الإسلامي
والتسامح الديني للديانات السماوية (اليهوديةوالمسيحية)
من كتاب اليهودية في العراء بين الوهم والحقيقة/بقلم الكاتب محسن الخزندار

اليهود والفتح الإسلامي لفلسطين

قبل الانتقال إلى الحديث عن الفتح الإسلامي نتوقف قليلاً لنذكر بعض الأمور الأساسية المتعلقة بفلسطين في ذلك الوقت :
1- كانت أغلبية سكان فلسطين الأصليين من الكنعانيين ، وهؤلاء هم الذين وضعوا أسس الحضارة والتنظيم في البلاد .
2- دخل العبرانيون البلاد في القرن الثاني عشر ق.م وكانت لهم مملكة دامت نحو ثمانين عاماً فقط ، لكنهم لم يكونوا في أي وقت من تاريخ البلاد أكثرية السكان كما أن المملكة لم تشمل فلسطين بأجمعها .
3- كان اختلاط العبرانيين بالسكان قليلاً وظلوا بسبب شعورهم الديني والعنصري جماعة منفصلة ، وقد ترتب على ذلك أن أدى النفي والهجرة من فلسطين إلى تقليص أعدادهم فيها على توالي الأيام .
4- امتزج الفلسطينيون الذين هبطوا فلسطين في القرن الثاني عشر نهائياً بسكانها الكنعانيين، وأصبحوا جزءاً أصيلاً من أهل البلاد .
5- دخلت فلسطين فئات أخرى من الشعوب التي امتزجت بالسكان وأصبحت جزءاً منهم قبل الفتح العربي ، ولعل أهم هذه الفئات :الأدوميون (من جنوب شرقي الأردن) والأنباط والغساسنة وهم عرب كانت لهم مع فلسطين تجارات وعلاقات ومصاهرة ، وهجرة إليها . يضاف إلى ذلك أن العرب كانوا يقيمون في النقب وفي الجزء الجنوبي من سهل فلسطين الساحلي قبل القرن السابع للميلاد ، بل قد ذكر بعض الباحثين أن العرب استقروا في قيسارية على السهل الساحلي قبل الفتح بزمن .
6- هؤلاء السكان ورثة الكنعانيين والفلسطينيين والأدوميين والعرب هم الذين تكون منهم شعب فلسطين حتى القرن السادس للميلاد تقريباً ، وهم الذين كانوا قد تنصروا آنذاك وحافظوا على أصول الحضارة هناك وطوروها فنياً وروحياً ( ) .
7- إن ما تم لليهود ( وهم العبرانيون أصلاً) بين دخولهم فلسطين أولاً ونفيهم غير مرة وعودتهم أيام قورش وبناء الهيكل من جديد ، إن كل هذا كان له أثر في تطور أفكارهم الدينية ووضوح الوحدانية عندهم . لكن من الجدير بالذكر أن الكثير مما يمكن أن يعزي إلى اليهود فيما بعد لم يتم في فلسطين وإنما في الأقطار المختلفة التي توزعوا فيها، ففي التلمود وهو الكتاب الديني الأول بعد أسفار العهد القديم أثر بابلي ، وفي الأدب الذي نشأ فيما بعد تبدو بوضوح آثار الشتات وعدم الامتزاج ( ).
الفتح العربي لفلسطين :
كانت فلسطين كبقية بلاد الشام قبل الفتح لعربي الاسلامي تقع تحت حكم الامبراطورية البيزنطية وكانت في صلب الأحداث التي نجمت عن الحروب الانتقامية التي شنَها الامبراطور البيزنطي هيراكليوس (هرقل) على فارس رداً للهجوم الذي قام به كسرى الثاني (590-628 م) على ممتلكات بيزنطة في الأناضول ومن ثم احتلاله لأنطاكية ودمشق وبيت المقدس التي تركها نهباً للحرائق ودمر فيها كنيسة القيامة وسواها من بيوت العبادة،وأعمل السيف في أهلها وذلك في العام 614 م ،كما أخذ معه الصليب المقدس ،وعاد به إلى عاصمته .
واستطاع هيراكليوس بعد سنوات طويلة من الاستعداد أن يرد الضربة لفارس ويسترد ما فقده من أرض ،ومن جملتها فلسطين وأن يعقد مع فارس معاهدة صلح وقَّعها معه قباذ-شيرويه (ابن كسرى الثاني الذي عزل والده عن العرش وقتله سنة 628 م) اعترف فيها الكسرى الفارسي الجديد بالسيادة البيزنطية وأعاد هيراكليوس نصب خشبة الصليب المقدس ،وعاد إلى القسطنطينية يرفع رايات الانتصار بعد أن أنهكه وأنهك إمبراطوريته قتال طويل استنزف قواه وقوى جيشه واستنفد ما كان في خزائنه من أموال ( ) .
كان الحكم الفارسي لبلاد الشام قد دام ما يقارب الاثنتى عشرة سنة فقدت خلالها بيزنطة الكثير من نفوذها وهيبتها وضعف ولاء أهل الشام وقبائلها للامبراطور البيزنطي ،وقد تبدى ضعف ولاء القبائل العربية لبيزنطة على أوضح وجه في المناطق الجنوبية (فلسطين) لا سيما وأن المساعدة المالية التي كانت تدفعها بيزنطة لهذه القبائل مقابل حراسة الحدود قد أوقفت من قبل هيراكليوس ،وأن الحصون والمواقع الدفاعية التي كانت تمتد على الحدود الجنوبية والشرقية قد أُهملت وأفُرغت من الحاميات التي كانت تقيم فيها لإستخدامها في الحرب ضد فارس( ) ،أما الوضع الاقتصادي فقد كان في تدهور مستمر في جميع البلاد الخاضعة للامبراطورية البيزنطية بسبب الحروب الطويلة التي خاضتها الامبراطورية ضد أعدائها الكثر وعلى رأسهم فارس الأمر الذي أدى إلى فراغ الخزينة من جهة وتعسف الدولة في جباية الضرائب من جهة أخرى أو فرض ضرائب جديدة ،وقد انعكست آثار الأزمة الاقتصادية على الأوضاع في فلسطين وجاء الاحتلال الفارسي لها ليزيد الوضع سوءاً فتعطلت الزراعة وخربت المدن وكثر السلب والنهب ولما استعاد البيزنطيون فلسطين من قبضة الفرس أجبروا أهلها على دفع الضرائب التي كانوا قد دفعوها لفارس( )
ولم تكن الحال بأفضل في المجال الديني إذ أن الانشقاق في الكنيسة الذي حدث في منتصف القرن الخامس أدى إلى تصدع وحدة المجتمع الروحية ،ونجم عن الصراع الديني في هذه الفترة ظهور تيارين كبيرين :تيار تتبناه القسطنطينية وتعتبره مذهب الامبراطورية الرسمي ،وهو المذهب الأرثوذكسي ،وتيار ديني شرقي يتمثل في كنيسة شرقية تتبنى القول بالطبيعة الواحدة للسيد المسيح وهو المذهب الذي يعرف باسم المونوفيزية (وأتباعها يعرفون باليعاقبة) .وقد كان مسيحيو فلسطين يتبعون مذهب الطبيعة الواحدة الذي تعتبره القسطنطينية هرطقة دينية .هذا فضلاً عن الخلاف الذي كان قائماً بين من يتبعون النصرانية من سكان فلسطين والقلة من سكانها الذين إما كانوا يهوداً أو سَمَرة أو سواهم من الذين ظلوا على الوثنية ،وقد أدى هذا التفكك في المجال الروحي إلى تعميق الهوة بين السلطة البيزنطية وبين سكان فلسطين بعامة :من كان منهم على النصرانية أو سواها.
قد يكون المدخل المناسب لهذه الفترة سؤال كثر حوله الجدل وتعددت الآراء :كيف ابتدأت عملية الفتح وماذا كان الهدف منها .ونرى أنه في الاجابة على هذا التساؤل ما يُعين أيضاً على فهم موقف سكان بلاد الشام وفلسطين منها ،من الفتح الذي أدى إلى وقوع بلادهم تحت حكم الدولة الاسلامية .
كان ظهور الإسلام في الحجاز نقطة انطلاق جديدة بالنسبة إلى العالم بأسره والمنطقة بخاصة ، أما فيما يتعلق بفلسطين بالذات ، فلنذكر أن النبي صلي الله عليه وسلم تطلع إلى شمالي الجزيرة العربية ، وكانت معركة مؤتة أول معركة بيين العرب والبيزنطيين ، وجهز النبي صلى الله عليه وسلم بعد ذلك جيشاً بقيادة أسامة بن زيد لإنفاذه إلى الشمال ، لكنه انتقل إلى الرفيق الأعلى قبل سير الجيش ، فأنفذه أبو بكر ، وقد وصل أسامة إلى حدود شرق الأردن وأحرز نصراً هناك ثم عاد لنجدة الخليفة في حروب الردة .
وفي سنة 12ه/633 م أرسل أبو بكر عدة جيوش نحو الشمال وقد زود أبو بكر الجيوش توصية نورد منها :/ لا تخونوا ولا تغلوا ولا تمثلوا ، ولا تقتلوا طفلاً ولا شيخاً كبيراً ولا امرأة ولا تعقروا نخلاً ولا تحرقوه ، ولا تذبحوا شاة ولا بقرة ولا بعيراً إلاَّ لمأكله وسوف تمرون بأقوام حبسوا أنفسهم في الصوامع ، فدعوهم وما حبسوا أنفسهم له .
كان الجيش المتجه إلى جنوب فلسطين بقيادة عمرو بن العاص وقد انتصر في معارك متعددة أهمها معركة أجنادين (13 ه / 634 م) فأخذ جنوب البلاد ولما أسرع هرقل ، إمبراطور بيزنطة إلى إرسال جيش ضخم أمر أبو بكر خالد بن الوليد الذي كان يقاتل في العراق أن يشخص إلى الجبهة الشمالية لنجدة المعركة الفاصلة في اليرموك (15 ه/ 636م) التي انتصر فيها العرب وأتموا فتح فلسطين ، ومن ثم فتح ما تبقى من بلاد الشام .
أما القدس فقد اشترط بطريركها صفرونيوس أن يتسلمها الخليفة نفسه ، فجاءها عمر بن الخطاب وأعطى سكانها الأمان على أنفسهم ودينهم وكنائسهم ن وقد استقبل البطريرك الخليفة ودخلا المدينة معاً (16 ه/637 م) وصلى الخليفة عمر على درجة عند باب كنيسة القيامة ، وكتب للبطريرك صفرونيوس أنه لا يجمع على هذه الدرجة للصلاة لا يؤذن عليها ، وقد بنى فيما بعد مسجد صغير ما زال قائماً أمام الكنيسة بالقرب من المكان الذي صلى فيه عمر .
ولا غرابة غي أن يذهب عمر بنفسه إلى القدس لتسلمها ، فالمدينة كانت قد أصبحت مقدسة عند المسلمين إذ أنها كانت أولى القبلتين وإليها أُسري بالنبي صلى الله عليه وسلم ، ومنها عرج به إلى السماء ( ).
وفي العهد الأموي بنى عبد الملك بن مروان قبة الصخرة والمسجد الأقصى على مقربة منها ، فتألف منهما ومن الساحة المحيطة بهما الحرم الشريف وهو ثالث الأماكن المقدسة لدى المسلمين بعد المسجد الحرام في مكة ، والمسجد النبوي في المدينة .
وقد أضيفت إلى الساحة على توالي العصور أبنية دينية وعلمية كثيرة (مدارس وأربطة وزوايا) وكان مما تم في أيام الأمويين في فلسطين بناء مدينة الرملة والجامع الأبيض فيها، ويجدر بالذكر أن الأمويين عرَّبوا الإدارة والدواوين والنقود ، وفي كل ذلك كانت لفلسطين حصتها .
ومع أن فلسطين أصبحت بعيدة عن عاصمة الخلافة لما انتقلت هذه إلى العباسيين في العراق ، فإن العباسيين لم يهملوا هذه البقعة المقدسة ن وقد زارها الخليفة المنصور وابنه المهدي ، كما عنى بها هارون الرشيد وخصوصاً مدينة القدس ( ) .
وإذا نحن وقفنا عند نهاية القرن الرابع الهجري / العاشر الميلادي ، لإلقاء نظرة على المجتمع الفلسطيني عندئذ اتضحت لنا الأمور التالية :
1-أن القبائل العربية أتت فلسطين تباعاً ، فطبعتها بالطابع العربي ، إذ تعرَّب سكانها الأصليون الذين ينحدر معظمهم من الجزيرة ولغتهم قريبة من العربية .
-2مع أن الكثير من أهل البلد المسيحيين حافظوا على دينهم فإن الإسلام أخذ ينتشر بين السكان بسرعة، كما انتشرت اللغة العربية وتوطدت .
أما اليهود الذين كانوا قد سكنوا سعياً وراء الكسب والتجارة أو بسبب التشتيت ن أقطار الحكم العربي الإسلامي – كالعراق وسوريا ومصر واليمن وشمال أفريقيا ، فقد اعتبروا أهل كتاب وذمة ، وصان العرب المسلمون حقوقهم الدينية والمدنية والاقتصادية ن وأفسحوا لهم في الوظائف العامة ، كما تجدر الإشارة إلى المعاملة الإنسانية السمحة التي لقيتها الطائفة اليهودية إبان الحكم العربي في الأندلس وإلى الازدهار الكبير الذي عاشته في تلك الحقبة ( ) .
لفلسطين أهمية دينية ففيها أولى القبلتين عند المسلمين و (أرض الميعاد) عند اليهود وعرفوها (أرض السمن والعسل) لكونها وسط الحضارات والإمبراطوريات القديمة وكونها معبراً بين القارات الثلاث آسيا وأفريقيا وأوروبا وملتقى لها ،كل ذلك جعل أرضها مسرحاً تتجابه عليه مختلف القوى العالمية قديماً وحديثاً وتنجذب إليها أمواج الهجرات المتتالية والمتصاعدة باستمرار من مختلف الديانات والقوميات وبانتصار الإسلام في جزيرة العرب .
انطلقت القوة الإسلامية الجديدة إلى جميع الاتجاهات لتحمل رسالة الإسلام والحضارة الإسلامية وتوجهت قوات المسلمين شمالاً إلى فلسطين للقضاء على الجيوش الرومانية في معركتين حاسمتين هما "معركة اجنادين " بالقرب من القدس ودخلت القدس سنة 638 م. ثمّ "معركة اليرموك " التي أنهت الوجود الروماني في فلسطين واستولى المسلمون على كل فلسطين وأصبحت جزءاً لا يتجزأ من البلاد الإسلامية بسقوط أكثر (قِيصارِيَهْ) سنة (460 م) لينتهي فصل الختام للإمبراطورية الرومانية في أرض الإسلام ليولد بعدها فصل جديد بين الحضارة الإسلامية والحضارة المسيحية (الصليبية).
و في القرن الحادي عشر تحركت الجيوش الأوروبية (الصليبية) بعوامل الطموح ودوافع الطمع والحماس الديني نحو الشرق تحت شعار (تحرير الأراضي المقدسة) وكان هدفهم القضاء على المسلمين وبالفعل فقد أغرقوا في بحر من الدماء وقتلوا من فيها من المسلمين وحتى المسيحيين واليهود الشرقيين واحتلوها وأقاموا مملكة باسم (مملكة القدس) وبعد ثمانين سنة من سقوط القدس بأيديهم استطاع المسلمون مرة أخرى استردادها من أيديهم سنة 1187 م بعد أن ألحقوا بهم هزيمة نكراء ، ونتيجة لانتصارات المسلمين انحسر نفوذ الصليبيين إلى المنطقة الساحلية والجليل من فلسطين وأصبحت (عكّا) هي عاصمتهم الجديدة.
بعد ذلك نشبت معارك طويلة ومريرة طوال السنين استطاع بعدها (مماليك مصر) من المسلمين تحرير (عكّا) وطرد الصليبيين وإزالة آخر أثر لهم من الأراضي الإسلامية في فلسطين سنة (1291 م)( ) .
محاولات اليهود العودة إلى أرض العرب
تكشف الوثائق التاريخية أسرار الحركة اليهودية ودعوتها لجمع اليهود من جديد في أرض كنعان(فلسطين) التي كانوا اغتصبوها من أهلها وأقاموا مملكة (إسرائيل) ،زالت من الوجود في القرن الثامن ق.م وتلاها دمار مملكة يهوذا في القرن السادس ق.م. وأخضع اليهود لحكم الممالك الهيلينية ثم لحكم الرومان .وفي عام 70ميلادي دمر القائد الروماني تيطس الهيكل في أورشليم وحرم على اليهود السكن فيها ،وتلي ذلك طرد اليهود من المنطقة في عهد الإمبراطور الروماني هدريان عام 135 ميلادي.
وقد حاول اليهود التسلل إلى أرض كنعان (فلسطين) في العهد البيزنطي (الروم) وباءت محاولاتهم بالفشل ولم يسمح لهم ملوك بيزنطية تأسيس جمعيات ولا معابد في هذه المنطقة التي اعتبرها الإمبراطور يوستينيانوس مقدسة وأصدر عام 530 ميلادي مرسوماً ينص على استئصال اليهودية من المنطقة .
وفي المؤتمر الذي عقده البطاركة والمطارنة برئاسة الإمبراطور يوستينيانيوس في القسطنطينية (اسطنبول) في كنيسة أيا صوفيا الفخمة عام 546 م. اختتم بإصدار توصيات وقرارات منها قرار يتعلق باليهود خلاصته : أعداء الكنيسة المسيحية هم اليهود قتلة يسوع المسيح ،وهؤلاء الكفار الأشرار لا ينفكون عن نشر الأضاليل والفساد وحبك المؤامرات ،فقصاصهم يكون بملاحقتهم وسجنهم ومنعهم من الإقامة في الأرض المقدسة التي عاش فيها السيد المسيح.
وهذه الوثيقة التاريخية وزعت على رؤساء الكنائس وحكام المناطق البيزنطية في سوريا ومصر ،وكان لدى المطرانية في دمشق نسخة منها باليونانية ترجمت إلى العربية ورفعت إلى الخليفة معاوية بعد خروج البيزنطيين من سوريا ،ويقال أن منصور بن سرجون الذي عينه معاوية رئيساً لبيت المال برتبة وزير هو الذي سلم إلى الخليفة الأموي بالاتفاق مع مطران دمشق الوثيقة وأيضاً سجل الوثائق البيزنطية التي كانت محفوظة في دار المطرانية ، وكان منصور بن سرجون مسيحياً من أبناء دمشق يشغل منصباً كبيراً في الدولة البيزنطية،ولم يعامل اليهود في الدولة الإسلامية كما عاملهم البيزنطيون الذين أذلوهم وحرموهم من حقوق الرعوية ،وقد اعتبر الإسلام اليهود أهل كتاب مقدس (التوراة) فأخصهم بالأمان والحماية ووفر لهم سبل العيش وحرية ممارسة طقوسهم الدينية وحرية العمل في التجارة وممارسة الحرف المهنية الصباغة والدباغة والحدادة والنجارة .
صحيح أن الحكم الأموي انتهج سياسة مميزة بالنسبة للعرب،وهذا شيء طبيعي فالعرب هم الذين فتحوا البلاد وحرروها من البيزنطيين وحملوا رسالة الإسلام من جزيرتهم إلى أقطار المشرق وأفريقيا الشمالية ،وقد انتهجوا سياسة التحرير من الوثنية وفرضوا على الوثنيين اعتناق الإسلام عبادة الله وحده،أما النصارى واليهود (أهل الذمة) فعاملوهم بالحسنى ووفروا لهم الحرية والأمان مقابل أداء الجزية والخراج ،وضريبة الجزية فرضت على الذين لا يدينون بالإسلام ،أما الزكاة فقد فرضت على المسلمين .
وفي العهد الأموي الذي امتد من أواسط القرن السابع إلى أواسط القرن الثامن الميلادي (661-750م) كانت بلاد كنعان (فلسطين) نظيفة من خلايا الحركة اليهودية ونشاطها ،ولم يتمكن اليهود من التسلل إلى هذه المنطقة التي يعتبرونها ميراثاً لهم .والميراث أسطورة أدخلوها في سفر التكوين وسفر الخروج ،وقد اعتنقت جماعة من اليهود الإسلام ليس عن إيمان وإنما للتغلغل في المجتمع العربي الإسلامي والحصول على المزيد من المكاسب الاقتصادية والسياسية،وكان لهم اليد الطولى الخفية في إثارة الفتن والاضطرابات التي وقعت في بعض الولايات الإسلامية منها تركستان وأذربيجان والشمال الأفريقي ( ).
مراحل التسلسل اليهودي :
كان اليهود كما هو معروف تاريخياً قد تشتتوا واستقرت جماعة منهم القوقاز وطبرستان وقزوين ،حيث دخلت بعض القبائل اليهودية ومنها الخزر الذين يعرفون باسم (يهود الاشكناز) ،ومن سلالة الخزر اليهودية انتشرت جماعات كثيرة في أوروبا الوسطى وروسيا حيث تشكلت مجتمعات يهودية اشكنازية لا تمت بصلة إلى اليهود الشرقيين الذين يعتبرون من السلالة العبرانية جدها الأكبر سيدنا إبراهيم والد سيدنا إسماعيل وإسحاق عليهم السلام ،ومن ذرية سيدنا إسماعيل العرب المستعربة (أبناء عدنان) ومن ذرية إسحاق آل سيدنا يعقوب وأبناء عيسو المسمى (أدوم).
وإن قصة القرابة بين العرب واليهود فهي لا تشمل إلاّ قلة من اليهود الشرقيين الذي عاشوا في بلاد العرب ،أما يهود أوروبا وأمريكا فمعظمهم من سلالة قبائل الخزر القوقازية وهم اليهود الاشكناز.
وقد بدأ تسلل يهود الاشكناز إلى الشرق العربي بعد أن ضعفت الدولة العباسية وهيمن عليها العنصر الفارسي ثم سيطرة العنصر التركستاني (ترك من بلاد ما وراء النهر) استقدمهم الخليفة المعتصم بن هارون الرشيد الذي تولى الخلافة عام 218 هجري(833 م) ودامت خلافته تسع سنوات ،وهو الذي شكل جيشاً من الترك (التركستانيين) لحماية الدولة من الحركات المعادية في الداخل ،وأصبح الجيش هو الدولة وقادته حكامها ،وهم الذين أفسحوا المجال لليهود الاشكناز في خزر والقوقاز للانتقال إلى المدن العراقية والفرات حيث سيطروا تدريجياً على الحركة التجارية والحياة الاقتصادية.
وكان تشكيل جيش الخلافة من الترك (التركستانيين) هفوة كبرى لم يدرك أخطارها الخليفة المعتصم ولا ولده الخليفة الواثق.وكان الوزيران أحمد بن داوود المعتزلي ومحمد بن عبد الملك الزيات نبَّها الخليفة من خطر ازدياد النفوذ التركي ولكن الواثق لم يستجب لمشورتهما ،وقد تحركت قبائل عربية في الحجاز ونجد والفرات ضد سيطرة العنصر التركي على الخلافة العباسية ( عام 230 هجري-847 م) فقمع الحركة الجيش التركي بشراسة وقتل أعداداً كبيرة من بني سليم وبني هلال وبني فزارة في الحجاز وبني نمير وبني تميم في نجد واليمامة.
وقد تسللت عناصر من أصل يهودي إلى دوائر الدولة والجيش وأصبح الأتراك أصحاب الكلمة الأولى في تنصيب وعزل الخلفاء العباسيين وكانت الضحية الأولى الخليفة جعفر ابن المعتصم الملقب بالمتوكل فقتله القائد التركي بغا عام 247 هجري-861 م،ونصب ابنه المنتصر الذي لم تدم خلافته سوى ستة أشهر ومات مسموماً ليتخلص منه الأتراك لأنه أبدى رغبة في التحرر من سيطرتهم ،فقضوا عليه كما قضوا على والده جعفر. وكانت الضحية الثالثة الخليفة المستعين بالله قتلوه عام 252 هجري والضحية الرابعة الخليفة المعتز بالله خلعوه ومات سجيناً عام 255 هجري والضحية الخامسة الخليفة المهتدي قتلوه عام 256 هجري.
وتفككت الدولة الإسلامية الكبرى وقامت الحركات الانفصالية في الولايات حيث قامت دول حكامها من أصل تركستاني ،ففي مصر قامت الدولة الطولونية مؤسسها أحمد بن طولون أصله تركستاني أسرته من بخاري وتلتها الدولة الأخشدية مؤسسها بنو بويه (أسرة فارسية شيعية) دولة عاصمتها شيراز ،وامتد نفوذ بنو بويه إلى بغداد حيث فرضوا سيطرتهم على الخليفة العباسي المطيع بالله ،وفي الولايات الإسلامية أفغانستان وخراسان ظهرت الدولة الغزنوية نسبة إلى مدينة غزنة التي اتخذها سبكتكين عاصمة لدولته ،وفي تركستان ظهر السلاجقة (من قبائل الغز الأتراك) وأقاموا دولة امتدت سيطرتها إلى الولايات الإسلامية وحصل الزعيم السلجوقي طغرل بن ميكائيل بن سلجوق من الخليفة العباسي القائم بأمر الله الاعتراف بدولته مقابل الولاء للخليفة ،واستولى السلاجقة على بلاد الشام ودخلوا القدس عام 642 هجري 1069 م.
وتكشف الوثائق التاريخية دخول مجموعات من يهود القوقاز عبر كيليكا (الأناضول) إلى بلاد الشام في عهد دولة السلاجقة (عام 1084-1092 م) وأيضاً في عهد الدولة الأيوبية سمح ليهود القوقاز وخزر وقزوين الدخول إلى سوريا والإقامة في بلاد كنعان (فلسطين) عام 1190 م.
وفي عهد الدولة العثمانية التركية سمح لليهود الهاربين من الاضطهاد في أسبانيا وروسيا وأوروبا الوسطى السكن في الولايات العثمانية حيث تدفقت مجموعات من الأسر اليهودية على اسطنبول وأنطاكية وحلب والشام والقدس وقيسارية ويافا وبيروت والإسكندرية.
وبعد تلك الموجة منعت الهجرة اليهودية إلى فلسطين والاستيطان فيها بأمر السلطان عبد الحميد الثاني عام 1882 ،وكان السلطان العثماني يدرك أبعاد خطر الهجرة اليهودية والتجمع في فلسطين ،فرفض تدخل بريطانيا وأمريكا وروسيا وأبلغ سفراء وقناصل هذه الدول برفض استيطان اليهود وقال لهم نسمح لليهود السكن في جميع الولايات العثمانية باستثناء فلسطين. وأصدر فرماناً (قراراً) في 26 يونية 1882 يمنع اليهود من دول أوروبا الوسطى وروسيا الاستيطان في فلسطين ( ).

هجرة اليهود إلى الشام وفلسطين في العصر الإسلامي
إن الأغلبية الساحقة من اليهود الذين دخلوا سوريا وفلسطين في العصر الإسلامي كانوا من يهود الاشكناز –السلالة الخزرية القوقازية التي لا تمت بصلة إلى اليهود الشرقيين
وللإيضاح نورد عدد اليهود الذين دخلوا خلال تسعة قرون من القرن الرابع الهجري حتى القرن الثالث عشر (القرن العاشر-القرن التاسع الميلادي) استناداً على مختلف المصادر المخطوطات القديمة ،ومصنفات بعض المؤرخين العرب والمسلمين و اليهود والأوروبيين وتقارير قناصل فرنسا وبريطانيا والنمسا وإيطاليا في العصر العثماني ،وإحصاءات الجمعيات اليهودية في أوروبا الغربية وسجلات الإرساليات الكاثوليكية والبروتستانتية في بيروت ودمشق والقدس –القرن التاسع عشر.
* عهد الدولة الفاطمية (القرن العاشر م) : بلغ عدد اليهود 1200 حيث قدموا من الشمال الأفريقي في عهد الخليفة العزيز بالله وكان وزيره يعقوب بن كلس من أصل يهود ،وقد استوطنوا فلسطين.
* عهد الدولة الفاطمية (القرن الحادي عشر م) :بلغ عدد اليهود 400 حيث قدموا من جزيرة صقلية في عهد الخليفة أبو العلي المنصور (الحاكم بأمر الله) وقد استوطنوا فلسطين .
* عهد الدولة الفاطمية (القرن الحادي عشر م) : في عهد الخليفة المستنصر بالله انتقلت مجموعات من الأسر اليهودية من الإسكندرية ودمشق واستقرت في فلسطين وبلغ عددهم 1000 .
* عهد الدولة السلجوقية (القرن الحادي عشر م) :بلغ عددهم في سوريا 5000 وفي فلسطين 2000 حيث قدموا من قزوين وطبرستان وأذربيجان واستقروا في حلب ودمشق وفلسطين في عهد السلطان أرسلان وولده ملكشاه.
* عهد الدولة الأيوبية (القرن الثاني عشر م) : بلغ عددهم في سوريا 9000 وفي فلسطين 6000 حيث قدم 15 ألف يهودي من القوقاز وبلاد الروم واستوطنوا سوريا وفلسطين ،وسمح لليهود السكن في القدس ،كما انتقلت أسر يهودية من حلب إلى فلسطين واستقرت فيها .
* عهد دولة المماليك (القرن الثالث عشر والخامس عشر م) : وبلغ عددهم في سوريا 12000 وفي فلسطين 8000 ،حيث تدفقت أعداد كبيرة في عهد المماليك من يهود أوروبا الوسطى والقوقاز على سوريا وفلسطين ومصر ،كما هاجرت أسر عديدة من يهود العراق إلى فلسطين عندما غزا التتار المشرق وقضى على الخلافة العباسية ( ).

تخريب اليهود في تركيا زمن الدولة العثمانية
في نهاية القرن الرابع عشر حملت الإمبراطورية العثمانية على عاتقها الخلافة الإسلامية وكان هذا بداية مجد آل عثمان التي كانت قبل ذلك عشيرة بدوية منتشرة في قلب آسيا الوسطى.
كانت تنقلات العشائر المنغولية من الشرق إلى الغرب في عصر جنكيز خان حيث فقدت جميع العشائر المنغولية والتركية شخصيتها وشعوبيتها بالتحاقها لشعوب كبيرة مجاورة لحوض البحر الأبيض المتوسط بسبب مدنيتها والكيان الأدبي والسياسي ...وهكذا فقد التتار كيانهم وبعد ذلك السلاجقة بينما حافظ الأتراك العثمانيين على كيانهم رغم الظروف السياسية والعسكرية .
فقد التتار والسلاجقة لغتهم وشعبيتهم و امتزجوا اندماجا تاما مع الإمبراطورية العباسية التي كانت مضيفة لهم أما الأتراك العثمانيين فهناك أسباب غير معروفة لعدم اندماجهم في الامبراطورية العباسية حيث احتفظوا باللغة التركية رغم أنهم يعيشون في محيط الشعوب الاخري وخصوصا الشعوب العربية التي كانت ممتزجة معهم .
حقيقةً أن الشعب التركي استعار الحروف العربية و أدخل في قاموسه عدد من الاصطلاحات العربية والفارسية ولكن السلاطين الأتراك لم يكونوا يتعلمون اللغة العربية كلغة رسميه في الإمبراطورية .
كما فعل صلاح الدين الأيوبي احد السلاطين السلاجقة و كان هذا من أهم أسباب التفرقة في الخلافة العثمانية من ذلك الوقت .
فالخلافة العثمانية ورثت الخلافة الإسلامية واستمدت من الخلافة الأموية والعباسية الإمبراطورية الاسلامية وقامت بتوسعة الإمبراطوريه الإسلامية في أوروبا ونشرت الدين الإسلامي فيها.
كانت الدولة العثمانية في أيام الخليفة محمود الثاني مريضة ولقد لعب اليهود من أبناء شبتاي دور كبير في تثبيت أقدامهم وجمع كلمتهم وتوحيد ضرباتهم والعمل على تفكيك عرى الإمبراطورية العثمانية وكان يهود الدونما يعدون العدة للاستيلاء على السلطة وتمزيق الخلافة الإسلامية فالقسمة متفق عليها فلسطين لليهود والعالم العربي قسمة بين الانجليز والفرنسيين.
بدأ اليهود في زمن بايزيد الثاني (1461-1512) وكانت أسبانيا والبرتغال قد قامت باضطهاد اليهود ففروا إلى تركيا حيث رحب بهم السلطان با يزيد وقويت الجالية اليهودية في تركيا وظهر في تركيا متنبأ يهودي اسمه شبتاي وادعى أنه المسيح المنتظر وهو من سلالة يهود أسبانيا الذين ولدوا في أزمير وجاء إلى بيت المقدس والتف حوله عدد من اليهود وأعلن أن الأوان قد آن لعودة إسرائيل وكثر أتباعه وأصبح ملكاً لكل اليهود في العالم وفي عام 1661 عاد إلى إسطنبول حيث اعتقل وأعلن إسلامه أمام السلطان محمد خان الرابع بعد ترك أتباعاً كثيرين له وهم المعروفون في تركيا باسم جماعة الدونما وهم اليهود الذين تحولوا عن اليهودية ودخلوا الاسلام وانقسم اليهود إلى قسمين قسم بقى على ملته وقسم تحول عنها إلى الإسلام وكان ملك أسبانيا قد بدأ يهدم المعابد اليهودية وطلب منهم ترك دينهم وكانت فتوى أحبار اليهود في تركيا بأن يتحولوا إلى المسيحية وأن يحرصوا على أن يجعلوا أبنائهم قساوسة ليدنسوا المسيحية ومعابدها وعلى هذا النحو ظهر رجال دين مسيحيين أصلهم من اليهود ارتقوا في الدرجات الكنسية وأصبحوا أعضاء في محاكم التفتيش وغالوا غلواً شديداً في أحكامهم حتى أسقطوا حكم الكنيسة المسيحية.
أما اليهود الأسبان الذين هاجروا إلى تركيا فقد دخل عدد كبير منهم الإسلام لتحقيق مآربهم واستغل اليهود النزاعات التركية الحديثة فدخلوا بين أعضائها وظهر نفوذ اليهود واضحاً أيام السلطان عبد الحميد الثاني وأخذوا يسعون عنده ليسمح بهجرة اليهود إلى فلسطين ورفض السلطان عبد الحميد الثاني عرض بتقديم 50 مليون جنيه ذهبي لخزينة الدولة وخمسة ملايين منها لخزانة السلطان الخاصة ، وما كان على اليهود إلاّ خلعه وتفكيك الخلافة العثمانية ولعب يهود الدونما دورهم كحكام بعيدين كل البعد عن الشعب التركي المسلم. ( )
العهد العثماني وعدد اليهود الذين دخلوا فلسطين :
* القرن السادس عشر الميلادي : بلغ عدد اليهود الذين قدموا من أسبانيا والبلقان 6500 ،وقد طُرد اليهود من أسبانيا في القرن الخامس عشر وهاجرت مجموعات كبيرة منهم إلى الشمال الأفريقي والولايات العثمانية ومنها دخل إلى فلسطين 4000 و2000 من بلاد البلقان.
* القرن السابع عشر : بلغ عدد اليهود الذين قدموا من دول أوروبا الوسطى 3000 ، ومن مجموع الثلاثة آلاف يهودي دخل فلسطين نصفهم من الولايات العثمانية في البلقان.
* القرن الثامن عشر : بلغ عدد اليهود الذين قدموا من روسيا وبولندا والمجر 5000 ،قسم كبير استقر في المدن الساحلية الفلسطينية.
* القرن التاسع عشر : وقد بلغ عدد اليهود الذين قدموا من روسيا وأوروبا الشرقية 54000 ،القسم الأكبر من روسيا بعد اغتيال القيصر الكسندر الثاني عام 1881 ،وتفجرت ثورة ضد اليهود فقتل منهم مجموعات كبيرة وهرب إلى البلاد المجاورة وأمريكا مئات الآلاف .
عدد سكان فلسطين في القرن التاسع عشر :
في عام 1860 :
العرب 462 ألف يمثلوا نسبة 92.5 %
اليهود 38 ألف يمثلوا نسبة 7.5 %
في عام 1895 :
العرب 620 ألف يمثلوا نسبة 88.5 %
اليهود 82 ألف يمثلوا نسبة 11.7%
عدد سكان القدس :
- خلال عام 1860 بلغ عدد العرب 15 ألف ، وخلال عام 1895 بلغ عدد العرب 21 ألف
- خلال عام 1860 بلغ عدد اليهود 9 آلاف ، وخلال عام 1895 بلغ عدد اليهود 29 ألف
إن أسباب إرتفاع عدد اليهود في القدس الهجرة اليهودية من روسيا بعد إغتيال القيصر الكسندر وثار الشعب على اليهود .
ملاحظة تاريخية هامة :
كان عدد سكان فلسطين في القرن الرابع عشر مرتفعاً وخاصة في المدن حيث كان عدد سكانها أكثر مما هو في القرن التاسع عشر ،وإن أسباب تدني عدد السكان والهبوط في نسبة النمو يعود إلى داء الطاعون (الكوليرا) الذي أصاب بلاد المشرق في أواسط القرن الرابع عشر وأباد ثلث السكان .
وفي فلسطين قضى الطاعون على معظم سكان غزة والرملة وجنين واللد وصفد ،وعلى نصف سكان القدس. وبعد ذلك بسبعين سنة أصاب القحط الشديد الجزء الجنوبي من سوريا وشرقي الأ{دن وفلسطين وأدى إلى هجرة مجموعات كبيرة من السكان ،وبعد مصيبة القحط تفشى وباء الكوليرا (الطاعون) عام 1428 -1430 م وأفنى ربع سكان المدن في فلسطين ( ).

الحركة اليهودية لبناء الدولة العبرية في الشرق
لقد تكونت لدى الحاخامات وبعض المفكرين والأثرياء اليهود فكرة إعادة بناء مملكة داوود (إسرائيل) التي زالت من الوجود في القرن الثامن ق.م. ومسح آثار بني يهوذا من أورشليم (القدس) في القرن الأول الميلادي.
وهؤلاء أصحاب الفكرة لإعادة بناء الدولة العبرية في أرض كنعان (فلسطين) هم من يهود الاشكناز السلالة الخزرية القوقازية التي انتشرت عناصرها في أوروبا الشرقية وروسيا حيث نمت وتكاثرت ،ثم امتدت وانتشرت في فرنسا وبريطانيا في القرنين التاسع والعاشر الميلادي.
ويستدل من الوثائق التاريخية والسياسية الأوروبية أن فكرة إنشاء دولة عبرية في الشرق ظهرت في أوائل القرن الثامن عشر قبل ظهور دعوة (تيودور هيرتزل) وصهيونيته بحوالي160 سنة . ومن هنا يتضح أن الفكرة قديمة العهد وأصحابها من سلالة يهود الاشكناز الذين لعبوا دوراً خطيراً في أوروبا حيث تغلغلوا في مجتمعاتها عن طريق المؤسسات المالية والتجارية والإعلامية والجمعيات التي أسسوها لنشر المذاهب المادية التي ابتدعها فلاسفة اليهود وشاع انتشارها في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر.
والنقطة الأولى التي توجب الشرح والتوضيح أن إطار الدولة العبرية (إسرائيل) رسم قبل ظهور هيرتزل وصهيونيته بقرن ونصف القرن ،وقبل وعد بلفور البريطاني بقرنين . وأن الركائز لبناء هذه الدولة أرستها مجموعة من الحاخامات والمفكرين والأثرياء اليهود في القرن الثامن عشر الذي تميز بتحولات سياسية في دول أوروبا استغلتها الحركة اليهودية العبرية لتوسيع نشاطها وإنشاء جمعيات وخلايا في المدن الرئيسية التي تقطنها جاليات يهودية .
وفيما يلي أسماء المدن التي تكونت فيها جمعيات وخلايا يهودية :
سويسرا : زوريخ ،بال ، جنيف
فرنسا : باريس ، ليون ، غرونوبل ، ستراسبورغ
ألمانيا : فرنكفورت ،آخن ، همبورغ ، برلين ، بوتسدام ، ميونيخ
روسيا : بطرسبورج ، موسكو ، سمولنسك ، كوركوف ، كييف
بولندا : فرسوفيا ،بوزنان ، بلوسك
المجر : بودابست ، كسكميت ، دبريسن
النمسا : فيينا ، غراز ، سالزبورغ
هولندا : أمستردام ، روتردام ، هارلم
بريطانيا : لندن ، مانشيستر ، ليفربول
إيرلندا : دبلن ، كورك
وقد امتد نشاط الحركة اليهودية العبرية السرية إلى الولايات العثمانية في الشرق حيث تشكلت خلايا من وجهاء الطائفة اليهودية والحاخامات تعمل في الخفاء لتوجيه ومساعدة اليهود للسكن في فلسطين ،وكانت مراكز هذه الخلايا في الآستانة (إسطنبول) وأزمير وحلب وبغداد ودمشق وبيروت والإسكندرية ،وعن طريق هذه المراكز دخلت مجموعات كبيرة من اليهود إلى المدن الفلسطينية الساحلية واستقرت فيها وأيضاً في مدينة القدس .
وإن العوامل التي ساعدت الحركة اليهودية وأفسحت لها المجال لوضع الركائز الأساسية لإعادة بناء الدولة العبرية في أرض كنعان (فلسطين) نحدده في النقاط الرئيسية التالية :
*- تسلل اليهود إلى الشرق الأدنى بعد أن تفككت أوصال الدولة العباسية وسيطر التركستانيون والفرس وزالت السيادة العربية .وفي عهد الدولة السلجوقية وعهد الدولة الأيوبية وعهد الدولة الفاطمية وعهد دولة المماليك دخلت أعداد كبيرة من يهود تركستان والقوقاز والبلقان إلى بلاد الشام ومصر وفلسطين .
*- ترسخ الوجود اليهودي في بعض المدن العربية قبل الفتح العثماني للعراق وسوريا ومصر ،وعندما فتح السلطان سليم الأول بلاد العرب في أوائل القرن السادس عشر كان يعيش فيها 145 ألف يهودي (دمشق 28 ألف ،حلب 21 ألف ،بغداد والبصرة 26 ألف ،الإسكندرية والقاهرة 38 ألف ،القدس وصفد وعسقلان ويافا وعكا وصور وبيروت 32 ألف) .
*- سمحت الدولة العثمانية لليهود الهاربين من الاضطهاد في أوروبا الهجرة إلى الولايات العثمانية في المشرق كما منحت الحاخامات سلطة الإشراف على شئون وأحوال اليهود .
*- بعد أن انتاب الدولة العثمانية الضعف ودخلت في دور الانحدار وفقدت أملاكها في البلقان (دلماسيا وألبانيا وهنغاريا) في القرن الثامن عشر اتسع نشاط الحركة اليهودية السرية في الشرق التي تغذيها المراكز الرئيسية في سالزبورغ وفيينا (النمسا) وفرنكفورت وزوريخ وباريس ، وازداد النشاط اليهودي في أوائل القرن التاسع عشر الذي تميز بتدخل الدول الكبرى روسيا وفرنسا وبريطانيا في شئون الدولة العثمانية وانتزاع من الدولة المريضة الضعيفة الغنائم والامتيازات في الشرق العربي.
*- عندما لمس السلطان عبد الحميد الثاني خطر تدفق اليهود من أوروبا على فلسطين وارتفاع عدد اليهود في القدس حيث أصبح أكثر من عدد المسلمين أصدر فرماناً بوقف الهجرة اليهودية وعدم السماح لليهود الأوروبيين من السكن في فلسطين . كان ذلك في 26 يونية 1882 ،وهذا الفرمان أثر على حركة الهجرة اليهودية ولكن لم يوقف التسلل اليهودي ،وقد استخدمت الحركة اليهودية (الرشوة) المال لإدخال المهاجرين من روسيا وبلدان أوروبا الشرقية إلى المدن الساحلية الفلسطينية وازداد عدد اليهود وتحسن وضعهم بعد أن خلعت جمعية الاتحاد والترقي السلطان العثماني عبد الحميد عام 1909 وعينت السلطان محمد رشاد الخامس ،وكان خلع السلطان العثماني المناهض للحركة اليهودية الاستيطانية مؤامرة رسمت خيوطها في مدينة سالونيك بتشجيع اللجنة اليهودية السرية ونفذها ضباط من جماعة الاتحاد والترقي التي تمثل النزعة القومية (الطورانية) المعروفة بخطها ضد العرب ،وبين هذه الجماعات التركية عناصر تنتسب إلى سلالة الدونمة اليهودية التي أسلمت
*- نفذ المخطط للاستيطان اليهودي في فلسطين على مراحل وبلغ عدد اليهود الذين استقروا في المدن والمستعمرات الريفية التي أنشئوها حتى عام 1910 (84 ألف منهم 43 ألف في مدينة القدس) وهذا العدد يشكل نسبة 12 بالمائة ونيف من مجموع السكان العرب في فلسطين ،وهو بحد ذاته تجمع استيطاني نفذ مخططه لبناء ركيزة الدولة اليهودية ،كان ذلك قبل إعلان الحرب العالمية الأولى وانهيار الإمبراطورية العثمانية التي كانت تعاني الانحطاط والتأخر في شتى الميادين ( ).
الأصل الجديد ليهود اليوم
ما بين القرنين السابع والعاشر، سيطر شعب مغولي هو شعب (الخزر) على الطرف الشرقي من أوروبا ما بين (الفولغا والقفقاز) وكان يواجه الدولة الإسلامية في الشرق والجنوب الشرقي والدولة المسيحية المحيطة به، وهو اختيار يحير المؤرخين كما أنه لم يكن صدفة ويفسره البعض بأنه حرص شعب (الخزر) على الاحتفاظ بشخصيته الخاصة بين القوتين العالميتين حينذاك أي القوة الإسلامية والقوة المسيحية.
وفي القرن (الثاني عشر ـ الثالث عشر) انهارت دولة الخزر، وفروا في اتجاه الغرب إلى القرم وأوكرانيا وهنغاريا وبولندا وليتوانيا. يحملون معهم ديانتهم اليهودية (التي عرفها العصر الحديث) وبذلك فإن يهود العالم اليوم في غالبيتهم الساحقة، ينحدرون من هذا الشعب المغولي خاصة وإن اليهود الأصليين الذين ينتمون إلى القبائل الإسرائيلية (الاثنتي عشرة) في التاريخ القديم قد ضاعت آثارهم) هذه الحقيقة التاريخية تثبت أن اليهود اليوم لا علاقة لهم (تاريخية أو غيرها) من قريب أو بعيد بيهود الأمس، وإسرائيل اليوم لا علاقة لها ببني إسرائيل الأمس، (كما أن يهود إسرائيل اليوم) لا علاقة لهم (بفلسطين).
الحقيقة التاريخية السالفة الذكر ـ المحصورة بين عام 100 إلى 1800 م ـ أطلق اليهود عليها اسم (الشتات) وجعلها اليهود عنواناً (لمظلوميتهم) في العالم كما يدعون حيث تزعم (الصهيونية) الآن أن القوى الظالمة (أي الإسلامية والمسيحية) فرضت الشتات عليهم وحالت عبر التاريخ بينهم وبين عودتهم إلى (أرض الميعاد) لكن التاريخ ينسف هذه المزاعم وهذه الأسطورة على الإطلاق فالمعروف أنهم رحلوا طلباً للعيش قبل أن يطاردهم أحد، بل هاجروا قبل السبي البابلي وبعد قيام (مملكة إسرائيل) التي ظهرت على أثر انقسام فلسطين إلى مملكتين (مملكة يهوذا في القدس) (ومملكة إسرائيل) في السامرة بعد وفاة نبي الله سليمان (عليه السلام) عام 935 (ق.م) وفي القرن السادس قبل الميلاد زال كل أثر فعلي لليهود في فلسطين إلا من اندمج منهم بسكان البلاد الأصليين ثم اتسع (تشتت) اليهود في مراكز الاقتصاد والتجارة (الإسكندرية وقرطاجه) قبل تدمير الهيكل سنة (70 م)
اليهود أينما تجمّعوا فذلك يعني أنهم تجمّعوا حول نواة تجارية مالية ولا يهمهم شيء حول ما إذا كانت تجارتهم هذه دنيئة أم لا، المهم عندهم جمع المال من التجارة والتحكم بالعصب الاقتصادي والسياسي للمنطقة، فلو جاء عشرة رجال من اليهود الفقراء إلى أي منطقة لوجدناهم غالباً يتحكمون بالسوق في بضع سنوات بغض النظر عن الوسائل التي يتبعونها في ذلك.
وفي أوروبا وجد الغربيون أن رأسمالية اليهود تنافس رأسماليتهم، وكان الربا في مقدمة التجارة والأعمال لكسب الربح السريع. ويعود عملهم بالربا إلى أن الكنيسة الكاثوليكية حرّمت الربا على المسيحيين . فبقي فراغ شغله اليهود أي أن الربا بقي حلالاً في دينهم ويتعاملون به بجشع.
الحكم الإسلامي في فلسطين واليهود:
بعودة الحكم الإسلامي إلى فلسطين سُمح لليهود بالهجرة إليها والإقامة فيها بعد أن منعتهم من ذلك الحكومات المتعاقبة وقضت على وجودهم في فلسطين قضاءً تاماً. وهذه ليست المرة الأولى التي يتعرض فيها اليهود للكبت والاضطهاد من قبل الأوروبيين فقد طردوا من أوروبا الغربية مراتٍ عديدة وخلت من اليهود (إنكلترا عام 1290 م) وقد أُطلق على اضطهاد اليهود الجديد هذا اسم جديد متأثر بنظرية (الأجناس) وتفوق العرق وهو اسم (اللاسامية) وقد عاشت الطوائف اليهودية في أوروبا في القرون الوسطى في نظام خاص يحصر فيه اليهود في أماكن معينة. وحين انتصر الفرنجة على المسلمين في الأندلس أشاعوا محاكم التفتيش وكان على اليهود كما كان على المسلمين أن يختاروا بين (البقاء أو التنصّر) أو الفرار والتشريد .
وفي تلك الحقبة من الزمن تميزت معاملة المسلمين لليهود بالتسامح في حين كانت أوروبا تغلق على اليهود كل شيء حيث تمكن اليهود من المساهمة بحرية في الحضارة الإنسانية في ظل الحكم الإسلامي، وتُذكر الأندلس دائماً كمثل حضاري على تمتع اليهود بالحرية والاندماج في ظل الحكم الإسلامي ( ).
في زمن الدولـــة العثمانية (الخلافة الإسلامية) و تحديداً منـــذ بداية القرن الســـابع تدفق يهود من أوروبا (الشرقية)وعُرفوا باسم (خاص) يميزهم عن بقية اليهود في العالم وزادت الهجرة مع ضعف الدولة العثمانية وازدياد نفوذ الدول الكبرى في النصف الثاني من القرن التاسع عشر ، ومع نمو الحركة الصهيونية ازدادت هجرة اليهود إلى (فلسطين) واستمرت بالازدياد المطرد إلى يومنا هذا.
وجود اليهود في البلاد العربية عدا فلسطين:
بدأت موجات اليهود المتتالية بالنزوح إلى البلاد العربية من القرن السادس قبل الميلاد فيما يُعرف بالنفي البابلي ثم جاءت موجات أخرى تلت تلك الموجات بعد سقوط القدس (القرن الأول الميلادي) ونزحت هذه الموجات شرقاً نحو العراق وجنوباً نحو الجزيرة العربية وبالاتجاه الجنوبي الغربي نحو مصر، وتسرّبت أعداد من هذه الموجات وامتزجت بأهل البلاد الأصليين واختلطت بهم اختلاطاً مباشراً في كلّ جوانب حياتهم وظروفها الاجتماعية والاقتصادية والسياسية كما شاركوهم في ـ اللغة والتقاليد وأسلوب التفكير ـ وقد ضاعت وحدتهم العنصرية رغم تقوقعهم و تعصبهم العنصري لديانتهم كما فقدوا لغتهم المشتركة (العبرية) فتكلموا بلغات مختلفة حسب الموقع الذي يعيشون فيه وهذا يبين أنهم هجين عدة لغات وقوميات مختلفة .( )
الحركة الصهيونية:اليهود ليس لهم علاقة بفلسطين:
بدأت هذه الحركة منذ القرن السابع عشر بالعمل على هجرة اليهود لفلسطين ويُذكر أن الاجتماع الأول (للحركة الصهيونية في العالم) كان في عام 1897 م في مدينة (بال اوبازل) في سويسرا بزعامة هيرتزل (مؤسس الصهيونية) ويمكن تلخيص ما جاء في المؤتمر بما يلي: (إن هدف الصهيونية هو إقامة وطن قومي لليهود في فلسطين بضمن القانون العام) وحدد عدة خطوات لتحقيق هذا الهدف يمكن حصرها فيما يلي:
1 ـ تشجيع استيطان العمال الزراعيين والصناعيين اليهود في فلسطين.
2 ـ تنظيم اليهود والربط بينهم من خلال مؤسسات تتفق مع القوانين الدولية والمحلية لكل بلد.
3 ـ تقوية الشعور والوعي القومي لدى اليهود وتعزيزهما.
4 ـ اتخاذ خطوات تمهيدية للحصول على موافقة الدول حيث يكون ضرورياً لتحقيق هدف الصهيونية.( )

المراجع
1- د.حسين الشريف ،"فلسطين من فجر التاريخ إلى انتفاضة الأقصى وتوابعها 2002م" ،الجزء الثاني ، القاهرة ،الهيئة العامة للكتاب2003
2- يوسف جمعة ،"إسلامية فلسطين" ،غزة مركز القدس ،الطبعة الأولى 2007
3- نبيه عقل ،"الإمبراطورية البيزنطية " ، ص84 وما بعدها
4- فيليب حتى ،"سوريا ولبنان وفلسطين "، الجزء الثاني ،ص605
5- السيد الباز العريني:" الدولة البيزنطية 323- 1081 م" ،دار النهضة العربية 1965 م ،ص118
6- الطبري ،"تاريخ الرسل والملوك"طبع دار الفكر –القاهرة 2001
7- يوسف سامي اليوسف ،"تاريخ فلسطين عبر العصور" ،مطبعة الأهالي ،دمشق 1988، ص111-118
8- مؤسسة الدراسات الفلسطينية -1983 – فلسطين تاريخها وقضيتها ، ص9-12
9- د.حسين الشريف ،"فلسطين من فجر التاريخ إلى انتفاضة الأقصى وتوابعها 2002م" ،الجزء الثاني ، القاهرة ،الهيئة العامة للكتاب2003
10- إبراهيم الشريقي ،"أورشليم وأرض كنعان حوار مع أنبياء وملوك إسرائيل" ، لندن ،شركة الشرق الأوسط للطباعة ،عمان 1985
11- إبراهيم الشريقي ،"أورشليم وأرض كنعان حوار مع أنبياء وملوك إسرائيل" ، لندن ،شركة الشرق الأوسط للطباعة ،عمان 1985
12- إبراهيم الشريقي ،"أورشليم وأرض كنعان حوار مع أنبياء وملوك إسرائيل" ، لندن ،شركة الشرق الأوسط للطباعة ،عمان 1985
13- ياشار قوطلي اي ،"الصهيونية وتركيا"،ترجمة د.أحمد فؤاد متولي، الزهراء للإعلام العربي،القاهرة 1989
14--بيان نويهض الحوت:" فلسطين :القضية والشعب والحضارة- التاريخ السياسي من عهد الكنعانيين حتى القرن العشرين 1917"، دار الاستقلال للدراسات والنشر 1991
15- رفيق النتشة ،"السلطان عبد الحميد الثاني و فلسطين "، دار المستقبل ،الخليل،فلسطين 1997
16- خالد يونس الخالدي :"اليهود تحت حكم المسلمين في الأندلس"،غزة ،دار الأرقم للطباعة والنشر 2000
17- محمد عبد الواحد حجازي:"منهج اليهود في تزييف التاريخ"، مكتبة جزيرة الورد، المنصورة،الطبعة الأولى 2003
18- روجيه غارودي:"إسرائيل بين اليهودية والصهيونية"،ترجمة حسين حيدر، دار التضامن،بيروت1990
المصدر: http://pulpit.alwatanvoice.com/articles/2010/02/23/190179.html

الحوار الخارجي: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك