عبق الكلمات بين الرجل والمرأة
ويقطف ثماراً جديدة من شجرة هذا الزواج، هذه الثمار التي لا تثمرها شجرة زواجه الأول. فهو، إذاً، يُناشد في هذه المرأة التي تزوّجها آفاق حياة جديدة. فإذا كان الأمر كذلك، ووقع هذا الزواج، فـ{لَن تَسْتَطِيعُواْ أَن تَعْدِلُواْ}، في مشاعركم {بَيْنَ النِّسَاء}، مهما {حَرَصْتُمْ} على العدل. لأن العدل، إن تحقق في كل شيء، حتى في ميلكم ومشاعركم نحوهما، ما كان للزواج الثاني أن يكون، فلا بأس، وقد أجاز الله لك ذلك، لكن على ألاّ{تَمِيلُواْ كُلَّ الْمَيْلِ}، وألاّ يؤدّي اللاعدل إلى الإفراط. فإن لم تملك ما تعدل به، مثل: الحب، وبعض المشاعر، فعليك أن تعدل فيما تملك، مثل: حسن التعامل، وإعطاء الحقوق، والكلم الطيب. اعدلوا فيما تستطيعون أن تعدلوا به، وتمتلكون زمام أن تعدلوا به، فإنكم وإن لم تستطيعوا إلاّ أن تميلوا شيئاً، فتستطيعون ألاّ {تَمِيلُواْ كُلَّ الْمَيْلِ}، وهذا نوع من التعويض للزوجة الأولى، فإن لم يستطع أن يعطيها شيئاً لا يملكه، عوضها بأن زاد لها فيما يملك، ولعله بذلك يسترضيها، ويُجبر في خاطرها، فعليه ألاّ يـذرها{كَالْمُعَلَّقَةِ}، فتكون زوجة، وبذات الوقت ليست زوجة، لأن زوجة أخرى قد جاءت وحلّت مكانها، وبقيت هي في الهامش، مذروة من بيتها وزوجها، {كَالْمُعَلَّقَةِ} بين الزواج واللازواج، لأن زوجها قد هجرها تماماً، ولا تكاد تراه، أو تحصّل منه حقاً من حقوقها الزوجية، فهي لبثتْ بين بين: ليست مطلّقة، كي تتصرف على أنها مُطلّقة، وهي بحكم غير المتزوّجة، لأن زوجها لا يقوم بأي واجب زوجي تجاهها، وقد سلاها تماماً. فإن الله لا يجيز للرجل أن يستمرّ في تسبب هذه المعاناة لزوجته، فإن بدر منه شيء كهذا، لوقت ما، بحق زوجته الأولى، فعليه أن يُصلح في شأنه معها، وأن يكف عن ميله {كُلَّ الْمَيْلِ} إلى زوجته الثانية، وعن زوجته الأولى، ويعود إلى جادة الصواب، ويتقي الله، {فَإِنَّ اللّهَ كَانَ غَفُوراً رَّحِيماً}.