عالم الطبيعة وعالم الدين لدى كانط

فتحي المسكيني

تقديم: في أيّ مقام أتى كانط إلى مفاهيم "الطبيعة" و"العالم" و"الدين"؟ أو في دين المحدثين؟

باليوناني تعني لفظة: κόσμος k�smos: الترتيب والتنظيم الذي يجعل السماء والأرض والآلهة والبشر جماعة واحدة، تجمع بينها أواصر الصداقة والحكمة وروح العدل والترتيب الحسن(1). وباللاتيني مثلا فإنّ "mundus" تعني 1- ما هو صاف، نظيف، مهيَّأ، لائق، أنيق. 2- عالم، سماء، معمورة، دنيا، بشر، أرض، كرة أرضية. 3- أدوات الزينة (للنساء)، حليّ، زخارف، أدوات تجميل..ولا يبدو أنّ العربية تشذّ عن هذا؛ حيث إنّ "عالم" من "علم" بمعنى "وسم" ومنه العلامة والمعلم والعَلَم، وكلّها أوصاف تدلّ على سمة يُعرف بها الشيء أو الرجل أو الطريق، ومنه سمات أو آثار الخير أو الجمال أو العظمة، والوسام والوسامة هي حسن الوجه. إنّ القصد من هذه الملاحظة أنّ "العالم" عند القدماء جميعا -يوناناً وروماً وعرباً- قد كان شيئا بصريّا وجماليا، وحتى نهتدي بالتعبير القرآني الرائع: لقد كان العالم "آية". فقد فُهم الوجود بوصفه "مثالا" أو أمرا منظوراً لعين النفس (idea- eidos) وفُهمت المعرفة بوصفها "نظراً"(2) (theoria، intuitus). قال أرسطو: "تنطوي كينونة الإنسان في ماهيتها على العناية بالنظر"(3). وهو أمر أقرّ به اللاحقون مثل أغسطينوس(4) أوالفارابي(5). وسواء كانت الفرضية التي تقود إلى تبرير وجود العالم فكرة الإله الصانع (δημιουργός، d�miourgos) اليونانية أو تصوّر الإله الخالق الإبراهيمي (يهوه، الأب، الله،...) فإنّ "النظرة" إلى "العالم" قد كانت في ماهيتها البصرية والشعرية (في معنى البويزيس) هي نفسها معزوفة على أوتار حضارية ولغوية مختلفة: كان العالم "معلما" جميلا يحتاج إلى "إنقاذ" أخلاقي، ولا يمكن أن يتمّ ذلك إلاّ بالنظر إليه باعتباره "علامة" على علة أولى، "غائبة"، سابقة، تقع خارجه. 
لكن منذ ديكارت تغيّر المقام، وانتقل الفلاسفة إلى أفق آخر للفهم. صحيح أنّهم احتفظوا في الظاهر بمصطلحات القدماء، من قبيل "الكائن" و"العقل" و"النظر" و"العالم"...الخ، إلاّ أنّهم لم يحتفظوا بمفاهيمهم عنها. بقيت المصطلحات لكنّ المفاهيم قد تغيّرت؛ إنّ العالم لم يعد "آية"؛ إنّه صار "موضوعا". وبعبارة طوبيقية: لقد انتقلت العقول المفكّرة من براديغم الوجود -أنّ السؤال النموذجي هو "ما هو الكائن؟"، وأنّ الجواب الهادي هو: هو جوهر قائم بنفسه (حيث عمل القدماء وبنوا علومهم حول "النفس" و"العالم" و"الإله"، ورسموا خطط السلطة في جماعاتهم)- إلى براديغم الوعي: أنّ السؤال النموذجي هو: ما هي طبيعة الذهن البشري؟ وأنّ الجواب الهادي هو: هو أنا أفكّر أو وعي أو إدراك أو ذات متمثّلة لكلّ شيء بوصفه "موضوعا"؛ (حيث تشكّلت بذور الأزمنة الحديثة في علوم الطبيعة والحقّ الطبيعي وفلسفة الذات ولاهوت التنوير وجماليات الحكم الذوقي). هذا الانتقال في إطار التفكير أدّى إلى انتقال في مفهوم "العالم": من العالم/ الآية إلى العالم/الموضوع. ولأنّ العالم قد غيّر من مفهومه، فإنّ كلّ نظرة دينيّة إليه قد تغيّرت. 
يقع نظر كانط في ماهية الدين إذن في دائرة تفكير بعينه، ألا وهو براديغم الوعي: أنّ الدين بما هو كذلك لا يمكن أن يدخل في أفق السؤال الفلسفي إلاّ بقدر ما يجد شروط إمكانه في طبيعة العقل البشري منظورا إليه بوصفه ذاتاً أو وعياً محضاً بأنفسنا. ولذلك فالمطلوب مع كانط هو إقامة هذا التساؤل الكبير والإجابة عنه: كيف دخل الدين في طبيعة العقل البشري؟ من هنا صار البحث في ماهية العلاقة بين عالم الطبيعة وعالم الدين قابلا للصياغة المؤقتة التالية: هل يوجد فاصل حقيقي بين "عالم" الطبيعة وبين عالم "الدين"؟ أي بين الدين والعالم؟ ويمكن تصوّر إجابة كانط على هذا النحو: لا يمكن للكائنات التي من جنسنا أن تقبل بصلاحية كونية للإيمان إلاّ إذا كان مؤسّسا على "دين في حدود مجرّد العقل"(6) البشري بما هو كذلك. إنّ الدين إمكان أخلاقي أصيل يصعد في أفق أنفسنا من الداخل، وليس جهازا عقديّا أو دعويّا يُفرض من الخارج على العقول. "كلّ ذلك لا ينبغي انتظاره من ثورة خارجية"، بل ليس من طريق إليه إلاّ نوع عال من "السيرة الحسنة"، إلاّ أنّها لن تكون سيرة دعويّة، بل سيرة متعالية للعقول الحرة في تدبير مكان الإنسانية في العالم الفسيح(7). كيف ذلك؟ 
1) "بينهما برزخ لا يبغيان" أو كيف يمكن أن نجمع بين عالم الطبيعة وعالم الدين بواسطة الحرية؟
كيف نجمع في عقولنا بين عالم الطبيعة وعالم الدين؟ ذلك هو المشكل الخفيّ الذي واجهه كانط في كتابه النقدي الثالث: نقد ملكة الحكم(8). لا تكون الفلسفة ممكنة إلاّ بقدر ما تفلح في تحقيق هذا الرهان: أن تجمع بين عقلين أحدهما نظري لا يعرف إلاّ ما يستطيع أن يستدلّ عليه "استدلالات تقف مع ذلك دوما عند حدود الطبيعة"(9)، أمّا الآخر فهو عملي يملك الجرأة على "التشريع" الغائي لحريته؛ إذ "لا يستطيع العقل أن يكون مشرّعاً إلاّ في [الميدان] العملي وحده"(10). ولكن ما هي الملكة التي يمكنها أن تدّعي مساعدتنا على الجمع المناسب بين مفاهيم الطبيعة ومفاهيم الحرية؟ إنّها حسب عبارة كانط "ملكة الحكم". كيف ذلك؟
لن نبدأ في استبصار المسألة التي نطرحها هنا إلاّ إذا وقفنا قبلُ على حجم المسافة التي تفصل بين الطبيعة والحرية، وبالتالي بين العقل النظري والعقل العملي. 
يقول كانط: "نعم، لقد رسخت الآن بين ميدان مفهوم الطبيعة -بما هو الحسي- وميدان مفهوم الحرية -بما هو فوق المحسوس- هوّة لا يُسبر غورها، وذلك إلى حدّ يستحيل معه أن يقوم معبرٌ بين طرفيها (إلا بالاستخدام النظري للعقل)، وكأننا أمام عالمين مختلفين كل الاختلاف، لا يمكن لأحدهما أن يؤثّر في الآخر؛ إلاّ أنّه ينبغي مع ذلك أن يؤثّر هذا في ذاك؛ أي ينبغي على مفهوم الحرية أن يحقّق في عالم الحواس الغايةَ المكلّف بها بحسب قوانينه، وبالتالي لا بدّ من أن يكون التفكير بالطبيعة ممكنا بطريقة تتوافق بها شرعيةُ صورتها على الأقلّ مع إمكانية الغايات التي يجب أن تتحقق فيها وفق قوانين الحرية"(11).
لا يجمع بين الطبيعة والحرية إلاّ تطلّع البشر إلى غاية ما لوجودهم في العالم بعامة. إنّ الجديد الذي أدخله كانط إلى قلب الفلسفة هو أنّ هذه الغائية غير موجودة في الطبيعة بل في عقولنا: "إنّ غائية الطبيعة مبدأ ترانسندنتالي لملكات المعرفة فينا ولاستخدامها"(12). وذلك يعني أنّنا مدعوون من أنفسنا إلى معاملة الطبيعة وكأنّها تحتوي على غائية ما من أجل فهمها، ومن خلال تلك الغائية "تنسجم الطبيعة مع قصدنا"(13). إنّ عقولنا مهيّأة من نفسها إلى "القبول بغائية ذاتية للطبيعة في قوانينها الخاصة بها"، ونحن لا يسعنا أن نفهم من مصطلح "الطبيعة" هنا غير "مجموعة موضوعات الحواس"(14)؛ ولكن ما الحاجة إلى إدخال الغائية إلى معنى الطبيعة؟
حين ننظر إلى الطبيعة نشعر أنّنا أمام آلة عظمى، وعلى الرغم من أنّنا لا ننظر إلى الطبيعة بوصفها "كائنا عاقلا"(15)، فنحن لا نستطيع أن نمنع أنفسنا من تخيّل غاية ما، خفيّة ورائعة، لعمل هذه الآلة، وذلك من فرط كمالها في أعيننا. ومع ذلك فإنّ استعمالنا لحكم غائي على عالم الطبيعة هو مجرد استعمال "إشكالي" ليس له من قصد سوى "محاولة إخضاعها...إلى مبادئ الملاحظة والبحث من دون أن ندّعي تفسيرها عن هذه الطريق"(16). وعلى هذا الأساس بنى كانط تمييزه الرشيق بين "ملكة الحكم المتفكّرة" و"ملكة الحكم المعيّنة"، حين ننظر إلى الطبيعة خارج إطار "المعرفة" العلمية بقوانينها الكلية، نحن لا يحقّ لنا أن "نعيّن" أيّ حقيقة لها، بل فقط أن "نتفكّر" في غائيتها الغامضة، فافتراض وجود غائية في الطبيعة متأتّ من كوننا لا نملك قانونا كليا لمعرفة الظاهرة التي أمامنا، بل فقط تجربة أو إحساسا خاصا بها، من خلال مشاعر اللذة والألم. تلك الغائية الغامضة تعمل مثل نوع من "السببية"؛ إلاّ أنّها سببية لا توجد في الطبيعة؛ بل "لا نعمل نحن سوى أن نستقرضها من أنفسنا وننسبها إلى كائنات أخرى، من دون أن نقبل بها متجانسة معنا في الوقت نفسه"(17). 
ومنبع العجب حسب كانط هو في هذا الطابع المزدوج لعلاقتنا بالطبيعة: هي تعمل مثل آلة؛ لكنّها آلة هي على قدر من الكمال والاتساق بحيث تدفعنا دفعا إلى القبول باحتوائها على غائية ما وعلى "نظْم" ما. فهي من ناحية تبدو مستقلة عن عقولنا، ومن ناحية أخرى تبدو وكأنّها مصنوعة خصّيصا من أجل أن نفهمها. ثمة معنى غائي فيها، يبدو "وكأنّه معدّ بقصد لاستعمالنا، لكن يبدو في الوقت نفسه أنّه يخصّ جوهر الأشياء أصلا، من دون أي اعتبار لاستعمالنا. وهنا بالذات يقع أساس إعجابنا الكبير بالطبيعة، لا خارجا عنا ولا في داخل عقلنا الخاص بنا"(18)؛ لكنّ هذا الإعجاب قد يغذّيه "سوء الفهم" ويبلغ ّدرجة الغلوّ"(19)، وقد يتحوّل صوفيَّة مرعبة. 
صحيح أنّنا نحن الذين ندخل الغايات إلى معنى الطبيعة من أجل فهمها، وهذا أمر لا مرد له؛ لأنّ ملكاتنا تعمل وفق هذا القدر الخاص بها. وصحيح أنّنا لا نعرف من الطبيعة إلاّ ما نستطيع أن ندخل في علاقة معه بواسطة ملكاتنا، وأنّ ملكاتنا هي التي تحدّد ماذا تكون الطبيعة بالنسبة إلينا. ورغم ذلك ما فتئ الإنسان يصاب بضروب من "الدهشة" من عظمة الطبيعة، تدفعه إلى الانخراط في أصناف مثيرة من الإعجاب بها. فما هو التعريف الفلسفي لهذا النحو من الدهشة؟
"الدهشة هي صدمة للنفس تأتيها من عدم توافق تمثّلٍ ما مع القاعدة التي تعطيها، مع المبادئ الموجودة سابقا في النفس كأساس، تدفع بنا إلى الشك بقيمة رؤيتنا أو حكمنا"(20). 
يندهش الإنسان من عمق الفجوة بين ما يعرفه عن الطبيعة وبين ما تستطيعه الطبيعة وفق غائية ما فيها ليس لنا أي سيطرة عليها سوى محاولة استجلائها بواسطة ما نملك من ملكات. ولا تستطيع ملكاتنا سوى تعريض نفسها لمقاومة الطبيعة لها، وعندئذ نعجب بسبب "ما تعطيه للنفس من اتساع، فإنها تجعلها تشعر أن وراء تلك التمثلات الحسية ثمة شيئا، نعم لا نعرفه؛ لكننا قد نلقى فيها الأساس الأخير لهذا التوافق"(21). لا يتعلق الأمر بمجرد حكم "جمالي" هنا، ولا يليق بنا أن نتحدث عن "جمال عقلي" في الطبيعة؛ أجل ثمة "رضا عقلي" عن شيء في الطبيعة يتجاوز "الجمال" إلى "الكمال" ولو كان نسبيا؛ وإذا كان الأوّل ناجما عن "رضا ذاتي"؛ فإنّ الثاني منهما يتطلع إلى ضرب من "الرضا الموضوعي" عن الطبيعة بوصفها تحتمل غائية ما بالنسبة إلينا(22). ثمّة جلال ما يدفعنا إلى التفكير.
ووحده العقل يستطيع أن يفكّر بالغايات؛ أي وفق ضرب ما من الإرادة. أمّا الذهن العلمي فهو لا يعرف الظواهر إلاّ بناء على قوانين قابلة للتطبيق على موضوعات الحواس(23)؛ ولكن متى يحق لنا الحديث عن غائية ما في نهر ما مثلا؟ أو في الأسماك؟ أو في مدّ البحر وجزره؟ لا يمكننا الحديث عن غائية في أي شيء طبعي إلاّ إذا كان بالنسبة إلينا "علة ومعلولا لنفسه"(24) في الوقت نفسه. ولذلك من الخطأ -حسب كانط- أن نقارن الطبيعة بالفن؛ "لأنّنا نتصوّر حينئذ الفنان (الكائن العاقل) خارجا عن الطبيعة، والحقيقة أنها هي التي تنظّم نفسها بنفسها"(25). ولذلك من الأجدر أن نقول: "إنّ الطبيعة هي مثيل للحياة"(26). والمعنى هو: "أنّ النتاج المنظّم للطبيعة هو ذلك الذي فيه كلّ شيء غايةٌ ووسيلة معاً"(27)، ووحدها الحياة تستحق أن تكون غاية ووسيلة لنفسها في آن. 
والسرّ الفلسفي هنا هو أنّ على العقل البشري أن يعترف بأمرين مترابطين: أنّ "تنظيم الطبيعة ليس مثيلا أبدا لأيّة علّية نعرفها"؛ إذ لا يعرف العلم الطبعي عن الطبيعة إلاّ مظهرها الآلي فحسب؛ ولكن أيضا -في المقابل- "فإننا ننتمي نحن أنفسنا إلى الطبيعة بالمعنى الأوسع، حتى وإن كان بواسطة تمثيل متناسب تماما مع الفن البشري"(28)؛ وذلك يعني أنّ العقل البشري يفعل ما يستطيع في ميدان لا يملك فيه أيّ تفسير غائي حقيقي لما يحدث في الطبيعة. وهو لا يُدخل الغائية إلى الطبيعة إلاّ تلبية لحاجة في عقولنا، وليس في الأشياء. ولكن ماذا يمكن أن تكون تلك الغائية؟ 
هي "غاية تقتضي علاقة بين الطبيعة وبين شيء فوق حسّي، يتجاوز كثيرا كلّ معرفتنا الغائية بالطبيعة؛ والواقع هو أن غاية وجود الطبيعة نفسها ينبغي البحث عنها وراء الطبيعة"(29). صحيح أنّ الدين يوفّر بعدُ إجابة قصصية جاهزة عن هذا المشكل. ولكن لنحترس هنا: هذا الشيء "فوق الحسي" ليس غريبا عن عقولنا؛ أي هو ليس "فوق" عقولنا. بل هو نابع من طبعها الخاص في تخطي المحسوس إلى غاية ما تتجاوزه. ومن ثمّة فإنّ عبارة "وراء الطبيعة" لا تعني أبدا معنى لاهوتيا من قبيل "وراء عقولنا"، بل بالتحديد: في صلب عقولنا نفسها. والقصد الفلسفي هو هذا: "كل ما في العالم صالح لشيء ما، في العالم لا شيء يوجد عبثاً"(30). وهذا الحكم لا يُقصد منه "تعيين" طبيعة الأشياء؛ بل فقط العثور على مقام يسمح لنا بأن "نتفكّر" فيها(31). ومعنى التفكّر هو النظر إلى الأشياء الطبعية وكأنّها مسخّرة لنا على نحو لا نعرف كنهه، بحيث يحصل العقل البشري على "خيط هادٍ لاعتبار الأشياء الطبعية" يمكّننا من "توسيع معرفتنا بالطبيعة تبعا لمبدأ آخر، وأعني به مبدأ العلل الغائية، من دون الإضرار مع ذلك بمبدأ آلية علّيتها"(32). 
ومن الطريف أنّ كانط يشبّه غائية الطبيعة بالحلم قائلا: "أتساءل فيما إذا لا يمكن أن تكون الأحلام ترتيبا غائيا من الطبيعة"(33). الحلم غاية نفسه؛ لكنّ أخصّ ما فيه هو كونه يجعلنا نكتشف قدرة الطبيعة فينا ومن حولنا على أن تنتج أشياء لا يمكن لعقولنا أن تتفكّر فيها إلاّ بإقحام غائية ما، إله ما، وحي ما، آخرة ما.... والسؤال الفلسفي هو: كيف نسمح لعقولنا بأن تذهب "إلى ما وراء عالم الحواس" ولكن من دون غلوّ يحوّل إعجابنا بقوى الطبيعة إلى إساءة غير مباشرة لثقتنا بتلك العقول؟ وذلك هو ما يقع فيه كلّ علم لاهوت متغطرس إلى حدّ الطمع في إدخال مفهوم الله في صلب علم الطبيعة " بهدف جعل الغائية في الطبيعة أقرب إلى الفهم"، فذلك يفسد كلا العلمين(34). ما يقترحه كانط هو "أن نتقيّد بحرص وتواضع بحدود العبارة التي لا تقول أكثر مما نعرف، أعني عبارة غاية الطبيعة"(35). نعم، هناك غاية ما في الطبيعة؛ كلاّ، لا يمكننا أن نجزم بمعرفتها مثل شيء من الأشياء. ينبغي للفلسفة أن تساعد على أن "تبقى الفيزياء داخل حدودها"؛ لكنّ ذلك لن يمنع عقولنا من الطموح إلى تأمّل الطبيعة، وكأنّها تنطوي على غاية ما، هي "ليست قابلة لأن تُعرف، من حيث شكلها الباطن، إلاّ بهذه الطريقة" الغائية(36). لا يتعلق الأمر بمعرفة تركيبية بناء على تجريب علمي، بل بتوسيع دائرة عقولنا من خلال اقتراح "أن نضيف إلى استعمال العقل فقط نوعا آخر من البحث، يختلف عن البحث وفق القوانين الميكانيكية؛ لكي نعوّض قصور هذا الأخير"(37). 
ما يرفضه كانط هو تقديم حلّ لاهوتي يُفرض على الطبيعة من خارجها، وليس له من سند سوى "جرأة" الإنسان و"جسارته" على أن "يضع فوقها كائنا عاقلا آخر باعتباره صانعا لها"(38). والحال أنّ أفضل ما يمكن لعقولنا أن تقوم به هو تمثّل علّية الطبيعة "مع علّيتنا نحن في استعمالنا التقني للعقل"(39). 
وهكذا فإنّ القصد ليس أن نعرف غاية الطبيعة وادعاء الوقوف بعقولنا على طبيعة الأشياء كما هي في ذاتها، بل أن نفلح في إرساء نوع من الاعتبار لها "يخدم كمبدأ ذاتي لا غير من أجل الاستعمال الغائي لملكات المعرفة، أي من أجل التفكير"(40) في كمالها فحسب. الاعتبار هو أقصى ما "تستطيع القدرات البشرية أن تصل إليه"(41). وهذا هو مغزى الاستعمال "النقدي" لعقولنا: أي تدريبها على البقاء في حدود قدراتها لا غير؛ أي في حدود ملكة بشرية تتفكّر في غاية ما للطبيعة؛ لكنها لا تجرؤ على ادعاء تعيينها(42)، وهي ستبقى "مجهولة بسبب محدودية إمكانياتنا في النظر في داخل آليتها"(43). 
وحده الاستعمال "الدغمائي"(44) لعقولنا خارج حدود قدراتها يمكنه أن يعوّض مقام الاعتبار (البشري) في غائية الطبيعة بناء على إعجاب ذاتي بها، بمقام لاهوتي يشيّء الطبيعة ويعاملها على أنّها صنعة تحتاج إلى صانع، وهذا الصانع يتمّ تمثّله بوصفه مجرّد "علة عاقلة" وخارجية للعالم، ويطلق عليها اسم "الله"(45). في الحقيقة لا يملك العقل البشري أيّ قدرة لتعيين ماهية هذا الكائن الذي بإمكانه أن يكون هو من خلق العالم. ولذلك بدلا من تعويض "غائية" الطبيعة بفكرة "إله" ما، علينا أن نكتفي باستعمال "مفهوم إشكالي" عن تلك الغاية التي لا يمكنني فهمها كبشريّ "بسبب تركيب خاص لملكات المعرفة عندي"(46). 
وبالتالي "علينا أن نأمل"(47) فقط في أن نستطيع يوما ما فهم ذلك، وفي انتظار ذلك "نحن لا نستطيع أن نحكم موضوعيا - لا إيجاباً ولا سلباً- بخصوص القضية القائلة: يقع في أساس ما نطلق عليه بحق اسم غايات طبيعية كائن يفعل وفق نوايا، كعلّة (وبالتالي كمبدع) للعالم؛ لكنّ الشيء الأكيد الوحيد هو أنه لو كان علينا أن نحكم وفقا لما تسمح لنا بفهمه طبيعتنا الخاصة (بحسب شروط وحدود عقلنا)، فإن [ذلك] الشيء الوحيد[...] لن يكون إطلاقا سوى كائن عاقل"(48). 
إنّ موقف كانط دقيق هنا، وينبغي إنصافه؛ فهو بقدر ما يدعو العقل البشري إلى التواضع الشديد في التجاسر على "تعيين" مبدأ للعالم والجزم بإمكانية "معرفته" و "البرهان على وجوده" بوسائل الذهن الإنساني، فهو بقدر ذلك أيضا ينبّه إلى أنّ افتراض خالق للعالم وتسميته باسم "الله" هو الافتراض الوحيد "الذي ينسجم مع مسلّمة ملكة الحكم المتفكّرة فينا، وبالتالي مع أساس إن كان ذاتيا؛ فإنه ملازم للجنس البشري بشكل لا ينفصم"(49). نحن لا نأتي إلى التفكير في الله حين نريد فهم غايات الطبيعة استجابة لدعوة لاهوتية ما، بل تحت وطأة طبيعة عقولنا البشرية نفسها؛ لأنّها مركّبة على هذا النحو الذي يجعلها تنخرط في البحث عن غاية ما للطبيعة ما وراء عالم الحواس، من دون أن تكون قادرة من نفسها على إثبات ما تريد. وهذا هو قدرها الخاص الذي لا شفاء منه إلاّ باستعمال نقدي لعقولنا، يحرّر الرجاء من اللاهوت ويعيده إلى الأمل الأخلاقي في طبيعة الإنسان، وعندئذ لن نفهم من معنى "الله" إلاّ ما يستطيعه العقل البشري.
ولكن لنحترس من رغبة العقل في إقامة "لاهوت طبيعي" قادر على تعيين دغمائي لماهية الله كخالق للعالم؛ إذ مهما بلغ من ادعاءات البرهنة على مطلوبه، فإنّ اللاهوت الطبيعي "لن يستطيع أن يبوح لنا بشيء حول غاية نهائية للخليقة"(50). وحده "لاهوت أخلاقي"(51) يمكنه أن يساعدنا على تمثّل دلالة العلة التي يمكن أن تزوّد الطبيعة بغائية ما، وذلك بقدر ما ينجح في إقناع الإنسان بقيمته في الكون. وأوّل شيء ينبغي إقناعه به هو أنّ "السعادة" ليست هي التي "نقدّر القيمة المطلقة وفقا لها"(52). فإنّ "قيمة الحياة بالنسبة إلينا" لا تنبني على " ما نتمتع به" فيها، بل "لا يبقى لنا سوى تلك القيمة التي نعطيها نحن لحياتنا"(53). ما يبقى من الإنسان هو "تلك القيمة التي يستطيع هو وحده أن يعطيها لنفسه [...] وهذا يعني إرادة خيّرة تكون هي وحدها ما به يصبح لوجوده قيمة مطلقة، وما تكون بالنسبة إليه هدفاً نهائيا لوجود العالم"(54). 
وبعبارة واضحة جلية: يدعونا كانط إلى اعتبار الإنسان بمثابة "غاية للخليقة؛ لكونه كائنا أخلاقيا فقط لا غير"(55). وحده توسيع مناسب لشعورنا الأخلاقي يمكن أن يسمح لنا بالنظر إلى الأوامر الأخلاقية بوصفها ضربا من "الوصايا" الدينية، وعندئذ فقط يمكننا "أن نتمثّل حاجة أخلاقية خالصة إلى وجود كائن تكسب أخلاقيتنا تحت كنفه إما قوة أشد أو مجالا أوسع"(56). كان"الخوف" غالبا ما ينتج آلهة أقرب إلى "الجن"؛ لكنّ "العقل" وحده بإمكانه أن "ينتج مفهوم الله"(57)، وأن يجعله موضوعا للإيمان، ليس مجرد "الإيمان التاريخي" بل "الإيمان الأخلاقي" بالألوهية القائم على "الاعتقاد الحر بصحتها"(58). وجوهر هذا الإيمان الحر هو "ثقة بالوصول إلى قصد يكون السعي وراء تحقيقه واجبا"(59). هو "اعتقاد حر" ليس ببراهين لاهوتية معطاة كأشياء، بل بصحة ما نقرّره لأنسنا "وفق قوانين الحرية"(60). وحدها الحرية يمكن أن توفّر حماية أخلاقية عليا لأي حاجة صادقة إلى الإيمان، ووحدها الحرية أفق مناسب للأمل الكبير في وجود غاية ما، مقدّسة، لوجودنا في العالم. يمكن لعقولنا أن تقترح علينا "لاهوتا أخلاقيا" وفقا لحاجتها إلى الإيمان الحر بقيمة مطلقة وثقة عليا بنفسها؛ لكنّ "الأخلاق اللاهوتية" غير ممكنة؛ لأنّها تقهر العقل وتحرمه من حريته(61).
3) المرور من عالم الطبيعة إلى عالم الدين: كانط والثورة الدينية: 
لا تعني عبارة "مجرّد العقل"(62) في عنوان كتاب كانط الدين في حدود مجرد العقل شيئا من قبيل "العقل البسيط" الذي يتوفّر عليه أيّ كان، أي "بادئ الرأي" أو "الحس المشترك" أو "العقل السليم". بل إن" لفظة "المجرّد" ينبغي أخذها حرفيا في معنى نزع الثوب وخلع الغشاء الذي يحجب نواة أو جوهرا ما. 
قال كانط: "إنّ الأغشية التي تحتها أوّل الأمر يتشكّل الجنين إنساناً ينبغي أن تُنزع؛ حتى يمكنه أن يرى النور. إنّ الشريط الهادي للتقاليد المقدّسة -بملحقاتها ولوائحها والقيود الرهبانية، الذي قدّم خدمات جيدة في زمانه- قد صار شيئا فشيئا بلا جدوى، بل في نهاية الأمر قيداً، متى بلغ عمر الشباب"(63).
يقترح كانط أن ننظر إلى الدين نظرة خلقية ليس لها من مجاز مناسب سوى لغز الحياة نفسها؛ ثمّة أغشية كان لابدّ منها لحماية الجنين الروحي عند تكوّنه؛ لكنّها مع تقدّمه في العمر والنموّ قد صارت بلا جدوى. وعلى مؤسسة العقل في أي ثقافة أن تتقدّم أيضا في التعامل مع عالم الدين: أن تمرّ من طور الوصاية عليه باعتباره طفلا صغيرا يحتاج إلى غشاء يحميه من الخطر، إلى طور الاحترام له بوصفه كائنا بات يحتمل كرامة ما وقادرا على الاستقلال بنفسه. ولا يعنى الاستقلال الروحي سوى إبطال الحاجة إلى حجب الوصاية وأغشية الحماية والعمل على تحمّل مسؤولية الذات وتدبير الذات من الداخل، باعتبارها تملك حق الإيمان المحض بما تراه جديرا بأن تؤمن به، من دون أي تدخّل خارجي، أكان دعويّا أو عقديّا. 
والمثير في اقتراح كانط هو كونه لا يعوّل في ذلك على أيّ "ثورة" دينية. قال: "كلّ ذلك لا ينبغي انتظاره من ثورة خارجية، تأتي بشكل عاصف وعنيف؛ لتفعل فعلها الذي يتوقّف أكثر الأحيان على الظروف المواتية والحظ، وحيث إنّ ما يُقترف من الأخطاء -عند تأسيس دستور جديد يوماً ما- سوف يتمّ الإبقاء عليه مع الأسف قرونا طويلة، من أجل انّه لم يعد يمكن تغييره بطريقة أخرى، إلاّ عبر ثورة جديدة (محفوفة بالمهالك في كل مرة)"(64). 
ليس ثمة علاقة ضرورية بين صلاحية الدين والثورة التي تفرضه على الناس. يمكن للثورة السياسية أن تغيّر دستور شعب ما؛ لكنّها لا تغيّر نمط إيمانه أو نوع تصوّره لنفسه، وحسب كانط علينا ألاّ نغفل أبدا عن أنّ مبدأ الدين هو "الإيمان الحر"(65) الذي هو نحو عجيب من "الوحي الرباني..يحدث باستمرار في البشر كافة"(66). 
وعلينا أن نسأل: كيف يمكن للإنسان أن يصبح مؤمنا حرّا بهذا المعنى؟
عليه أوّلا أن يقرّ بأنّ "مبدأ الشرّ ساكن بجوار مبدأ الخير"؛ أي أن يعترف من نفسه بأنّ هناك "شرّا جذريا في الطبيعة الإنسانية"(67)، وما ينبغي أن نفهمه جيّدا هنا هو عبارة "طبيعة" ومن ثم "طبيعة إنسانية". لا يعني كانط هنا بالطبيعة في الإنسان أكثر من "الأساس الذاتي لاستعمال حريته بعامة...الذي هو سابق على كل فعل يقع تحت الحواس"(68). وهذا الأساس الذاتي ليس قدرا؛ بل هو ينبغي أن يكون "فعل حرية"(69): إنّ الإنسان حرّ في أن يكون خيّرا (بطبعه) أو شريرا (بطبعه) بناءً على "أساس أوّل (غير مكشوف لنا)"(70) كي يختار أحدهما. ومن ثمّ فإنّ "الطبيعة لا هي تتحمّل الذنب عنه...ولا لها الفضل فيه.."(71). إنّ كلّ إمكانات الخير والشر فينا متأتية من حريتنا في استعمال طبيعتنا. 
من أجل ذلك لا يكفي أن ندع "بذرة الخير الكامنة في جنسنا، تنمو بلا عائق" بل ينبغي أيضا في المقابل أن نقاوم "علة الشر التي توجد فينا" هي بدورها(72)، وهكذا لا يسود على طبيعة الإنسان إلاّ ما يختاره بنفسه بكل حرية. 
كلّ الأديان -وخاصة التوحيدية منها- قد سنّت تقليدا رائعا في تدبير الذات البشرية بناءً على مصالحة متينة بين الطبيعة والحرية في أنفسنا في ضوء فكرة الكرامة. وكلّ "القصص" الديني هو تمارين روحية على تغليب الخير على الشر في السيادة على الإنسان. والمخرج الخلقي في كل مرة هو: لا ينبغي أبدا التضحية بالإنسان من أجل أيّ انتصار بطولي على الشر، قد ينتهي بتدمير الكيان الإنساني؛ إذ لا يقصد الدين إلى إزالة الشر الطبعي من العالم، فالشر كان دائما "أمير العالم"، بل فقط توفير "نمط من التمثّل الحي، وعلى ما يبدو الوحيد الذي كان في متناول عامة الشعب في عصره"(73)، يساعد البشر على الكف عن التعويل على "الإيمان بالخرافة" والإسهام في إرساء "دين خلقي" للناس كافة؛ لأنّه لا يستمد صلاحيته من "اللوائح والنسك الرهبانية بل من نيّة القلب" وحدها(74).
ليس للدين أيّ هدف آخر سوى تحرير الناس من الشعور بالخطيئة؛ وأن يكون المرء مؤمنا لا يعني أكثر من أن يكون حرّا من أي حاجة رسمية إلى الخطيئة، بل هو يأمل من ذات نفسه في أن ينتصر الخير على الشر في العالم دون أن يدين بهذا الانتصار إلى أيّ جهة كانت(75). بعض الناس يفضّل العيش في "حالة الطبيعة الأخلاقية"، حيث "كلّ يسنّ قانونه بنفسه" ولا يوجد طرف يمكن الاعتراف بالخضوع له مع بقية الآخرين(76)؛ بيد أنّه لا إكراه في الدين، وكانط يعبّر عن هذه المسلمة صراحة بقوله: " ويل للمشرّع الذي يريد أن يحقّق بالإكراه دستورا موجّها نحو الغايات الأخلاقية؛ وذلك أنّه بذلك هو ليس فقط يحقّق عكس الدستور الأخلاقي؛ بل هو يقوّض دستوره السياسي، ويجعله في غير مأمن"(77). لا يمكن لأي جهة أن تكره أحدا على الخروج من عالم الطبيعة ودخول عالم الدين عنوة. ثمّة خطّ إنساني بعده تصبح كرامة البشر خدعة أخلاقية. 
من أجل ذلك فإنّ الدين يقع خارج سلطة المؤسسة السياسية طالما هو يخاطب الفضيلة، وليس المواطنة. المواطن حرّ تماما في نمط الإيمان الذي يرضاه لسيرته الخاصة، أمّا القوانين العمومية فهي قوانين مواطنة، ولا تحتمل أيّ قيمة أخلاقية؛ إنّها تؤلف جماعة حقوقية وليس جماعة إيمانية(78). إنّ دين المؤسسات قائم على "إيمان تاريخي" تحرسه الكنائس والمعابد، في حين أنّ دين الفضيلة هو قائم على "إيمان عقلي محض"(79) وهو لا يتعدى الضمائر، وليس يحق للأول أن يكون إلاّ "آلة ووسيلة للاتحاد العمومي بين البشر"(80) في ظل دولة ما. في حين أنّ الثاني هو "تشريع خاص بإرادتنا لا يجب أن يكون إلاّ تشريعا خلقيّاً فحسب"(81).
ولأنّه سيرة ذاتية أكثر منه إيمانا نظاميّا، فإنّ أيّ تغيير روحي لا يمكن أن يتحقق إلاّ من خلال "إصلاح متدرّج، بقدر ما يجب ومن جهة ما يجب أن يكون عملا بشريّاً"(82). ليس لأحد أن يفرض عالم الدين على عالم الواقع، بل فقط أن يساعد نفسه والآخرين على الانتماء إلى جماعة أخلاقية كونية تقبل فرضية وجود "حاكم خلقي للعالم" ليس بوصفها أمرا واقعا، أو منة للبعض على البعض، أو ملكية لاهوتية خاصة لفرقة دون أخرى؛ بل فقط باعتبارها "مهمة للإنجاز بالنسبة إلى عقلنا العملي"، وحينئذ "لا يتعلق الأمر بأن نعرف ما هو الله في ذاته (طبيعته)، بقدر ما يتعلق بأن نعرف ماذا هو بالنسبة إلينا نحن باعتبارنا كائنات خلقية"(83). "إنّ الله محبة" هي أفضل ترجمة لفكرة الإيمان الحر الذي يستشرفه كانط كأجدر علاقة بالمقدّس(84)؛ فإنّه لا يستحقّ أن يُمجَّد إلاّ ما يمكننا أن نحبّه بكل حرية. 
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1) Platon, Gorgias, 507e 508a. 
2) عن "أوّلية النظر" في تصوّر القدماء للكائن ولطريقة "الفهم" البصري والحدسي له، راجع: مارتن هيدغر، الكينونة والزمان، ترجمة فتحي المسكيني (بيروت: دار الكتاب الجديدة المتحدة، 2012) ص328-329.
3) أرسطو، ما بعد الطبيعة، مقالة الألف الكبرى 1، 980 أ 21. قال: "تنطوي كينونة الإنسان في ماهيتها على العناية بالنظر".
4) أغسطينوس، الاعترافات، الكتاب العاشر، الفصل 35. 
5) يقول الفارابي: "والجمال والبهاء والزينة في كل موجود هو أن يوجد وجوده الأفضل، ويحصل له كماله الأخير".- كتاب آراء أهل المدينة الفاضلة (بيروت: دار المشرق، 1973) ص52، 102-103. 
6) إيمانويل كانط، الدين في حدود مجرد العقل، ترجمة فتحي المسكيني (بيروت: دار جداول، 2012)، ص56 وما بعدها.
7) نفسه، ص202 وما بعدها. 
8) إمانويل كَنْت، نقد ملكة الحكم، ترجمة غانم هنا (بيروت: المنظمة العربية للترجمة، 2005). 
9) نفسه، ص71.
10) نفسه. 
11) نفسه، ص73.
12) نفسه، ص81.
13) نفسه، ص86.
14) نفسه، ص299.
15) نفسه، ص300.
16) نفسه، ص301.
17) نفسه.
18) نفسه، ص305.
19) نفسه. 
20) نفسه، ص307.
21) نفسه، ص308.
22) نفسه.
23) نفسه، ص313.
24) نفسه، ص314.
25) نفسه، ص319.
26) نفسه، ص320.
27) نفسه، ص321.
28) نفسه، ص320.
29) نفسه، ص324.
30) نفسه، ص325.
31) نفسه.
32) نفسه، ص326.
33) نفسه. 
34) نفسه، ص328.
35) نفسه، ص329.
36) نفسه، ص330.
37) نفسه.
38) نفسه، ص331.
39) نفسه. 
40) نفسه، ص334.
41) نفسه، ص339.
42) نفسه، ص347-349 وما بعدها. 
43) نفسه، ص350.
44) نفسه، ص347.
45) نفسه، ص352.
46) نفسه، ص349.
47) نفسه، ص353.
48) نفسه.
49) نفسه.
50) نفسه، ص400.
51) نفسه، ص399، 407 وما بعدها. 
52) نفسه، ص407.
53) نفسه، ص396، الهامش 3.
54) نفسه، ص408.
55) نفسه، ص409.
56) نفسه، ص412.
57) نفسه، ص413.
58) نفسه، ص442-443.
59) نفسه، ص445.
60) نفسه، ص446.
61) نفسه، ص463.
62) die blosse Vernunft 
63) إيمانويل كانط، الدين في حدود مجرد العقل، مصدر سابق، ص202.
64) نفسه، ص203.
65) نفسه، ص194.
66) نفسه، ص203
67) نفسه، ص65.
68) نفسه، ص67.
69) نفسه.
70) نفسه، ص68.
71) نفسه، ص68-69.
72) نفسه، ص113.
73) نفسه، ص147.
74) نفسه، ص148-149.
75) نفسه، ص159.
76) نفسه، ص163.
77) نفسه، ص164.
78) نفسه، ص164-165.
79) نفسه، ص177.
80) نفسه، ص181.
81) نفسه، ص177
82) نفسه، ص203.
83) نفسه، ص225.
84) نفسه، ص233.

 

قائمة المصادر والمراجع:

 

1)                      المصادر: أعمال كانط المستعملة

 

-                        نقد العقل المحض، ترجمة: موسى وهبة، بيروت، دار الإنماء القومي، 1989.

 

-                        نقد العقل العملي، ترجمة: غانم هنا، بيروت، المنظمة العربية للترجمة، 2008.

 

-                        نقد ملكة الحكم، ترجمة: غانم هنا، بيروت، المنظمة العربية للترجمة، 2005.

 

-                        الدين في حدود مجرد العقل، ترجمة: فتحي المسكيني، بيروت، دار جداول، 2012.

 

2)                      المراجع:

 

-                        أم الزين بنشيخة-المسكيني، "كانط والحداثة الدينية"، ضمن: كانط راهنا أو الإنسان في حدود مجرّد العقل، بيروت، المركز الثقافي العربي، ط1، 2006، ص41-64.

 

-                        فتحي المسكيني، "كانط: دين العقل الكوني أو كيف يكون إيمان الأحرار؟"، ضمن: إيمانويل كانط، الدين في حدود مجرد العقل، ترجمة فتحي المسكيني، بيروت، دار جداول، 2012، ص11-44.

 

-          Bruch, Jean-Louis, La philosophie religieuse de Kant (Paris: Aubier, 1968)

 

-          Davidovich, Adina, Religion as Province of Meaning. The Kantian Foundations of Modern Theology (Minneapolis: Augsburg Fortress, 1993)

 

-          Derrida, "Foi et Savoir", in Religion (Paris: Seuil, 1996)

 

-          Fischer, Nobert (ed.), Kants Metaphysik und Religionsphilosophie (Hamburg: Felix Meiner Verlag, 2004).

 

-          Habermas, Zwischen Naturalismus und Religion. Philosophische Aufsätze (Frankfurt am Main: Suhrkamp, 2005)

 

-          Jaspers, Karl, «Le mal radical chez Kant "(traduit par J. Hersch), Neuchâtel, Paris, Éditions de la Baconnière, Cahier Deucalion, no 4, octobre 1952, p. 227-252.

 

-          Levinas, De Dieu qui vient à l’idée (Paris: Vrin, 1982)

 

-          Ricoeur, Paul, "Une herméneutique philosophique de la religion: Kant", in Lectures 3. Aux frontières de la philosophie (Paris: Seuil, 1994), 19-40.

 
أنواع أخرى: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك