الصفقة و الثمن بين إيران و الغرب
أحمد أبو دقة
لم يكن الحديث عن إيران ذات أهمية حينما كانت العراق توفر حصناً منيعاً للعرب ضد إيران و مشاريعها التمددية في المنطقة، لأنها لم تكن في حينه سوى جارة مناكفة تريد الحصول على كل شيء لأن العرب لا يستحقونه.. كانت القضية الفلسطينية مركزية في الصراع و كان العالم الإسلامي بأسره يوجه أنظاره نحو فلسطين و لم نكن نرى إلا فلسطين في الخبر الأول من نشرات التلفزة العربية و الأجنبية، اليوم الحال تغير و أصبحت مراكز الصراع مختلفة و العدو مختلف أيضاً، إنه الصراع مع الاثنى عشرية الخمينية في طهران، ولم يكن ذلك ليأتي من قبيل المصادفة، أو دون مبرر.. مثلما تم تدمير العراق لكي يسمح لنفوذ إيران في التمدد على حساب أمن الخليج العربي، سمح لها أن تدعم مليشيات في سوريا ولبنان و العراق و اليمن لكي تستنزف طاقات الشعوب المسلمة و تشغلها بأنفسها عن الكيان الصهيوني.
منذ الإنقلاب على الشاه والنظام العلماني في إيران عام 1979 وتولى ثورة المرشد علي خامنئي بدأت إيران تصدر في الخفاء ثورتها إلى كل مكان في العالم العربي، و الهدف إستفزاز الغرب و إبتداع أساليب لمساومته بهدف رفع الحصار و وقف ممارسة الضغوط على الثورة الاثنى عشرية في إيران، وأخذ الحرس الثوري الإيراني يرعى الكثير من المرتزقة العرب الموالين لإيران و يوفر لهم الدعم و التدريب سواء على صعيد المعاهد الشيعية التعليمية أو التسليح و العسكرة، لإستخدامهم كأدوات تحافظ على إمتصاص الأخطار التي قد تحيط بإيران، و تدمير العالم العربي و السني على وجه التحديد، لأن أنفاض هذا العالم هي حتماً سيكون قواعد وعماد الدولة الفارسية الجديدة..
لو تأملنا في المحيط العربي، في سوريا و العراق و لبنان و اليمن وكل بلد يوجد بها صراع بين السنة و الشيعة، سنجد أن إيران هي المحرك لهذا الصراع و الهدف قتل العرب سواء كانوا سنة أو شيعة، فهي تستغل سذاجة عباد البدع و أصحاب العمائم وفساد أرواحهم لتستخدمهم كزعماء لمليشياتها التي تصنعها و تسلطها لتدمير المجتمعات من الداخل، لماذا لا ترسل إيران جنودها الفرس للمشاركة في حروبها؟! لأن الهدف من الحروب قتل العرب واستدامة إقتتالهم فيما بينهم.
و الغاية و الهدف نقل المواجهة ما بين المسلمين و الكيان الصهيوني إلى المسلمين أنفسهم، و إعادة توجيه الصراع لضمان أمن الكيان الصهيوني.. في سوريا الجولان محتلة منذ أكثر من 30 عاماً و لم يطلق النظام السوري طلقة واحدة لتحريرها، لكنه قتل أكثر من 250 ألفا من الشعب السوري، أي أكثر من تعداد الجيش الصهيوني بأكمله، و السبب لأن الأولوية حماية أمن إسرائيل و ليس أمن سوريا..
مقابل هذه الصفقة التي برعت إيران في تنفيذ بنودها، اخترع الغرب "بعبع" القنبلة النووية الإيرانية لتكون ذريعة مناسبة لرفع الحصار عن نظام الخامنئي و أعاد المياه لمجاريها بنفس الطريقة التي إخترع فيها كذبة إمتلاك العراق لقنبلة نووية من أجل تدمير الشعب العراقي وتسليم ثرواته لإيران، التي استغلتها لتمويل نشاطات مليشياتها في المنطقة العربية لتوفير بيئة خصبة لحماية أمن الكيان الصهيوني..