الذات الإلهية وتداعيات الفكرة
ألفرد هوايتهد
أولاً: الوجود الإلهي:
إنّ الفكرة الوحيدة التي أصبحت مجالاً للتفكير والنقاش (في فلسفة الدين) في الأزمة الحديثة هي: ماذا نعني عندما نقول: الله. وبهذا المعنى فإنّ الأمر لا يختلف اليوم عما كان عليه بالأمس؛ إنه الاعتقاد الديني الأساسي، وكلُّ الدوغمائيات الأُخرى تابعة لها. وهناك ثلاث أفكار واضحة ورئيسة في هذه الرؤية للعالم:
1. المفهومُ الشرق أسيوي لنظامٍ غير مشخَّص، والذي يجد مصداقاً له في العالم، وهذا النظام يعني تنظيما ذاتياً أو داخلياً للعالم، وهذا الفهم أو المفهوم يعني أنّ العالم لا يخضعُ لقاعدةٍ مفروضةٍ من خارج، وهذا المفهوم بحدّ ذاته يعبّر عن العقيدة القائلة بالحضور الكلي والشامل في الكون.
2. والمفهوم السامي لذاتٍ إلهيةٍ شخصيةٍ، متفرّدة. والتي يبدو وجودها أساسياً وميتافيزيقياً ومطلقاً وواقعاً لا شروط عليه، وهو الذي أبدع الوجود ووهبه الحياة ونظَّمه، وصار العالم الحقيقي الذي نراه ونتعقّله. والمفهوم الساميُّ هذا هو عقلنةٌ لآلهة القبائل، وقد تطوَّر عن ديانات الجماعات، وهو يعبّر عن العقيدة المتشدِّدة الناجمة عن الترفُّع والتسامي.
3. والمفهوم المتجسّد للذات، والذي يمكن فهمه بالمعنى السامي، بحيث يمثّل على أيِّ حالٍ العالم الحقيقي باعتباره مرحلةً ضمن الواقع الكامل، الذي يتناسبُ والذات الفردية الأساسية. فإذا فكّر الإنسان بالعالم الحقيقي من دون إله؛ فإنه يصبح غير حقيقي. وبذلك فإنّ الحقيقة الوحيدة في هذا العالم هي حقيقة الله. العالم الحقيقي إذن تمثِّلُ حقيقتُهُ وصفاً جزئياً لما هو عليه الله أمّا هي بحدّ ذاتها فليست أكثر من ظاهرةٍ من ظواهر التغير، ومرحلة في تمثيل وجود الله. وهذا التصور هو العقيدة المتطرفة للأوحدية Monismus.
وهكذا نجد أنّ التصور الشرق أسيوي، والتصور التجسيمي، هما مفهومان يلتفُّ أحدُهُما على الآخر؛ فبحسب التصور الأول عندما نتحدث عن الله؛ فإننا نقول شيئاً عن العالم. وبحسب التصور الثاني فإننا عندما نقول شيئاً عن العالم، نكون قائلين شيئاً عن الله. أمّا التصور السامي، والآخر الشرق أسيوي؛ فإنهما متناقضان، وكلُّ محاولةٍ للتوسُّط بينهما تقود إلى تعقيدات في التفكير. بيد أنّ المفهوم السامي يمكِن له -ظاهراً ومن دون جهدٍ- أن يمضي باتجاه المفهوم التجسيمي. وفي الواقع فإنّ تاريخ اللاهوت الفلسفي يشير إلى أنه في عددٍ من البلدان الإسلامية- مثل بلاد فارس- فإنّ هذا العبور والاندماج بين التصورين يجد شواهد عديدة وواضحة. والصعوبات الرئيسة التي كان على المفهوم السامي أن يواجهها تتمثل في أمرين: الأمر الأول أنّ تصور الله يبقى خارج كلّ ميتافيزيقا معقلنة. فبحسبه نعرف فقط أنه ذاتٌ موجودة، وأنه قدّر هذا العالم وأوجده، وتتوقف معارفنا عند هذا الحدّ. فعندما نتحدث عن رحمته وخيريته فهذا يعني أنه -بذاته الحاضرة، وكما في وجوده- يفيض رحمةً وخيراً؛ لكنّ هذه الخيرية لا ينبغي أن تختلط لدينا بالخيرات المعروفة والعادية التي نشهدها في الحياة اليومية. وهذا الفهم تبدو فائدتُهُ ظاهراً؛ لأنّ كلَّ غير المفهوم أو الغامض هو الذي يحدّد قراراته وتوجهاته. أما الصعوبة الثانية فتبدو في التدليل على وجوده. وأكثر البراهين على وجوده منطقيةً هو "البرهان الوجودي". وهو البرهان الذي وضعه أنسِلْم Anselm، وأعاد إحياءه ديكارت Descartes، وبحسب هذا الدليل فإنّ المفهوم أو المصطلح للتعبير عن تلك الذات هو بحدّ ذاته دليل وجود. ويرفض معظم الفلاسفة واللاهوتيين هذا الدليل، وعلى سبيل المثال فإنّ الكاردينال مرسيه Mercier في كتابه عن الفلسفة الكلاسيكية Manual of scholastic philosophy يرفضه رفضاً قاطعاً. (فالرافضون) يرون أنه ليس برهاناً ذاك الذي يعتمد بدايةً على طبيعة العالم الواقعي، ثم يحاول تجاوز حقائق هذا العالم في إثبات مقتضى عنايته. إنه يستطيع فقط كشف كلّ العوامل التي تستند إلى الخبرات في العالم. وبكلماتٍ أُخرى، فإنه يستطيع اكتشاف حضور الله، ولكنْ ليس الإله المتعالي بشكلٍ دائمٍ ومطلق. ويمكن صوغ هذه الصعوبة على النحو التالي: من خلال البحث في العالم نستطيع اكتشاف كلّ العوامل التي يفترضُها الموقف الميتافيزيقي العام؛ لكننا لا نستطيع اكتشاف ما لا ينتمي إلى الوقائع الحقيقية العامة، وفي الوقت نفسِه يكون هذا (اللامنتمي) شارحاً أو معلِّلاً لها.
وما تبنّت المسيحية أياً من هذه الخيارات الواضحة، وتكمن عبقريتها في أنها ظلّت أمينةً لميتافيزيقاها التي تضع تحتها أو دونها كل الوقائع الدينية المترتبة عليها. في البداية ورثت المسيحية المفهوم السامي البسيط. وكل المؤسسين(أو الآباء الأوائل) يعبرون عن أنفسهم طبعاً بهذه الصيَغ، ويتوجهون بها إلى الجمهور، الذي ما كان يستطيع إدراك الدين إلاّ بهذا المعنى. إنما حتّى في هذا المجال، لا بُدَّ من وضع محدِّدات أو تحفظات. وهذه التحفظات بدأ بها المسيح نفسه. وهذه التحفظات هل كانت جديدةً، أو أنه استعمل أفكاراً كانت موجودةً قبله؛ هذا الأمر لا يلعب دوراً بارزاً. إنّ ما يُهمُّنا الآن فقط التأكيدات الحاسمة التي بدت في التصورات العقدية التي عبَّر عنها. في المقام الأول يبدو الارتباط بين الله ومملكة السماء، مع مزاوجة ذلك بأنّ "مملكة الله هي فيكم أو بينكم". أما الأمر الثاني فهو مفهوم الله، معبَّراً عنه بالمجاز أنه أبٌ لكم. ودلالات هذا التصور تظهر في رسالتي يوحنّا -كاتب أحد الأناجيل- وبطريقةٍ حسّاسةٍ ومؤكِّدة. وإلى يوحنّا تعود تلك العبارة القائلة: إنّ " الله هو المحبة". وأخيراً فإنّ إنجيل يوحنا ومن خلال إدخاله لمقولة أو عقيدة "الكلمة" استحدث مساراً أدّى إلى إدخال "تعديل" على الواحدية الذاتية للإله بالمفهوم السامي. وهكذا فإنه بالنسبة لمعظم الكنائس المسيحية صارت المقولة السامية الأولى هرطقة. وذلك بسبب التعديل الداخل على الوحدانية الذاتية، كما بسبب الإصرار على الحضور الكلي. ويكون علينا أن نلاحظ أنّ فكرة الحضور مختلفةٌ عن فكرة العلم الإلهي الكامل. فالله بالمفهوم السامي كليّ العلم. بيد أنّ الله في المسيحية هو بالإضافة لذلك عاملٌ وحاضرٌ في الكون. قبل عدة سنواتٍ، اكتُشفت بمصر بَرديةٌ في مغارةٍ عليها مجموعة من الكتابات المسيحية المبكّرة تحمل العنوان: "كلمات المسيح". ولا أهمية هنا لأصل هذه الكتابات أو صحة نسبتها. فأنا أقتبس منها في هذا السياق باعتبارها شاهداً على ذهنية كثيرٍ من المسيحيين في العصور المسيحية المبكّرة، ممن عاشوا بمصر. ففي ذلك الزمان كانت مصر تدعم القيادات اللاهوتية في الفكر المسيحي، وفي هذه المنسوبات إلى المسيح نجد العبارة التالية:" افسخ هذا الخشب، وسوف تجدني هناك". وفي هذا المثال تأكيدٌ على الحضور القوي (للإله)، كما يظهر فيها افتراقٌ جدّيٌّ عن المفهوم السامي.
إنّ فكرة الحضور (المتوهّج) هي مقولةٌ حديثةٌ ومعروفة، والمهمّ فيها أنها موجودةٌ في كثيرٍ من المواطن في العهد الجديد، وقد جرى التعبير عنها بوضوحٍ في اللاهوت المسيحي في الأزمنة المسيحية الأولى، وفي تلك الأزمنة كان اللاهوت المسيحي أفلاطونياً، وقد عبّر عن نهج يوحنا أكثر مما عبّر عن نهج بولس.
ثانياً: البحث عن الله:
أضاع العالم الحديث الله، وانشغل بالبحث عنه. وأصل المسألة يعود إلى الزمن القديم في تاريخ المسيحية، فبالنسبة إلى عقيدة الإله؛ عادت الكنيسة فاتجهت بالتدريج إلى المفهوم السامي، ووسّعته باتجاه عقيدة التثليث. والمفهوم واضحٌ ومُخيفٌ ولا يمكن البرهنةُ عليه. وقد جرى الاستيثاقُ بشأنه استناداً إلى تقليدٍ قديم. وأيدتْهُ الغريزة الاجتماعية المحافظة والتاريخ والميتافيزيقا، وهي التي جرى تأويلها جميعاً بحيث تخدم هذا الغرض. ثم إنّ عدم الإيمان به يعني الموت والعدم. وعلى كل حالٍ فإنّ إنجيل الحُبّ تحوَّلَ إلى إنجيل الخوف. وصار العالم المسيحي شعوباً من الخائفين والمتوجسين. "إنّ الخوف من الربّ هو بدايةُ المعرفة". هكذا يقول تقريرٌ قديم (I,7). بيد أنّ هذه المقولة تبدو غريبةً إذا قورنت بمقولة: "الله هو المحبة":
" عندما يعلن السيد المسيح عن نفسه آتياً من السماء وسط لهيب النيران محوطاً بقوة ملائكته؛ فإنه سوف يعاقب أولئك الذين لا يعترفون بالله، كما أنه سيثأر من أولئك الذين لا يُظهرون الطاعة لإنجيل السيد المسيح. سوف يعانون من العقاب، ومن الهلاك الأبدي، بعيداً عن وجه السيد، وعن قوته العظيمة". (2. الرسالة إلى أهل تسالونيكيI، 7-9).
لقد أحسنت شعوب الأرض في التردد بين هذه الشارات والإنذارات المزدوجة، والتي ما فقدت شيئاً من جدّتها من طريق الإعلان عنها.
إذا كان العالم الحديث يتابع البحث عن الله؛ فإنه يكون عليه أن يجده في الحبّ وليس في الخوف/ وبالاستعانة بيوحنا وليس ببولس، وهذا الاستنتاج الذي توصلْتُ إليه صحيحٌ، وهو مقتضى التفكير العامّ في هذه الأزمنة؛ لكنه رغم ذلك لا يعكس إلاّ ظواهر الأشياء وسطوحها البادية؛ ذلك أنّ بساطة الحقيقة الدينية هي ردة فعلٍ على الدوغمائية المتشدِّدة التي اعتنقتها مجموعاتٌ من اللاهوتيين الليبراليين الذين صارت تلك الدوغمائيات محطّ حبهم وإعجابهم. وإنه لمن الصعوبة بمكان التوصل إلى المستندات والشواهد التي اعتمدوا عليها فيما ذهبوا إليه من تعقيدات. ففي عالم الفيزياء نكتشف مع التقدم العلمي، تشابكات وعلائق متداخلة. وهناك نوعٌ من البساطة في الأفكار السائدة، في حين أنّ الفيزياء الحديثة تكشف لنا عن عالمٍ غير بسيط.
إنّ انكماش الدين في تصوراتٍ بسيطةٍ ومعدودةٍ يعّد حلاًّ مُصطنعاً للمشكلة الماثلة أمامنا. ربما كان ذلك مقتضى العقل السليم؛ لكنْ هل هوحقيقي؟ فبسبب الرُعب الناجم عن التعصُّب، يكون من الطبيعي تماماً أن يتوجَّه المفكرون الأذكياء لهدم الدوغمائيات؛ بيد أنّ العِلَلَ البرمجية لا يمكن أن تكون قيادةً هادية. إنّ عمليات التبسيط هذه -التي تتمثل في قصر الدين على بعض التصورات، والتي يمكن وسط الظروف والسياقات أن تُنتج مشاعر مُريحة، وتصرفات ملائمة- (لا تقدم شيئاً للدين ولا للإنسان). وذلك لأنه إذا كان الهدف الاعتماد على الميزة الأساسية للعقل باعتباره قوةً تنظيمية تستحق الثقة في مجال اكتشاف الحقيقة؛ فإنه يكون علينا ألاّ نفرض مُسبقاتٍ وشروطاً على عمليات التعقُّل. فكلُّ تبسيطاتٍ للدوغمائيات الدينية مقضيٌّ عليها بالتحطُّم على الصخرة التي تمثّلها مشكلة الشر. وكَمثلٍ على ذلك يمكن القول: إنّ التصورات المختلفة عن الله ما كانت بالدرجة الأولى نتيجة التعقيد؛ بل إنها على العكس من ذلك، وعندما تعلّق الأمر بالديانات الكبرى المعقلنة كانت شديدة التبسيط. فالتصورات الثلاثة المبسَّطة (للدين وفكرة الله) لا ينبغي أن تُفهم باعتبارهامتناقضة، إذا أخذنا أحدها سقط الآخران. وفي الوقت نفسه لا يمكن أن يكونَ حقيقياً استعمال المفاهيم المتناقضة في المجال ذاته، وعلى المستوى ذاته. فالمصالحة بين هذه المصطلحات المتناقضة تأتي نتيجة التحليل الدقيق لكل مصطلحٍ بحسب التعبير الوارد عنه. فالفردُ الذي يُنكرُ أن يكون 2+2=4 يملك تبريراً لذلك، ما دام يجهل المسبقات والمترتبات على إنكاره. وعلى مستوى معيَّنٍ من التجريد الفكري؛ فإنّ هذه الادعاءات تملك حقاً وحقيقة. إنما عندما نتجاوز هذا المستوى؛ فإنّ تحولاً أساسياً يدخل على هذا الأمر. إنّ اللغة تعرض أعمق الأفكار في لَبوسٍ من الكلمات شديدة البساطة. وعلى سبيل المثال فإنّ معاني الكلمات مثل "زائد" و"يساوي" (في 2+2=4) تتبدل بحسب سياقات الاستعمال والادعاءات المرتبطة بذلك. وهكذا يكون الأمر مع كلمات مثل شخصي ومشخصَن، وذات، وفردية، وحقيقي، عندما يتعلّق الأمر بصياغة مفهوم الله. لا بُدَّ من مراجعةٍ نقديةٍ جذريةٍ، حتّى لا نستعملها بالمعنى ذاته في السياقات المختلفة. وهذا فضلاً عن إمكان استعمالها من دون أن يكونَ له معنىً واضح. إنما من ناحيةٍ أُخرى فإنّ معنى المصطلحات الأساسية يمكن تحديده بشكلٍ شبه ثابت عندما يتعلّق الأمر ببعض المسائل الميتافيزيقية. وذلك مثل الوصف الدقيق للكون بوضعه في كلماتٍ محدَّدة. وهذا يعني أنه يكون على مفكري الدين في الديانة العقلانية وعند اللجوء للمراجعة النقدية، إعادة المصطلحات إلى أصولها الميتافيزيقية. وفي الوقت نفسه تقودُ هي من خلال متعلِّقاتها المادية عملياتها الاستقلالية التي يتضمنها أويحتضنُها الميتافيزيق في مسيرته أو يكون عليه مراعاتها. وهذه التعلُّقات المتنوعة والمتداخلة في شتى المجالات تُصبحُ واضحة، فعلى سبيل المثال سبق أن ذكرْتُ أنّ التاريخ والميتافيزيقا في أوروبا الحديثة أُعيدت صياغتهما بحيث يخدمان المفهوم السامي لفكرة الأُلوهية. وهذا الأمر له مسوِّغه إلى حدٍ ما؛ لأنّ التاريخ والميتافيزيقيا –كليهما- يفترضان بعض المسبقات والشروط التي يُشتقاّن منها. والنتيجةُ أنه ليست هناك عملية إعادة تنظيم يمكن قصرُها على أفُقٍ فكريٍّ واحد. لا يمكن لنا أن نحمي اللاهوت من العلم، كما لا يمكن لنا أن نحميَ العلم من اللاهوت. وكذلك الأمر مع الميتافيزيق، الذي لا يمكن فصْلُهُ عن كليهما، كما لا يمكن حمايتُه منهما. فإلى الحقيقة لا يمكن تقصيرُ الطريق.
إنّ الدين يُسهمُ حقاً في الحياة والعالم من خلال الخبرة المباشرة، ولا يحول دون ذلك أنه وهو يعيد صياغة دوغمائياته يمارس تعديلاتٍ في سائر مناحي معارفنا. ويتمثل إسهام الدين في دفعنا إلى الاعتراف أنّ وجودنا ليس سلسلةً من الوقائع العارية والمتتالية. نحن نحيا في عالمٍ مشتركٍ يستدعي تلاؤماتٍ متبادلة، ويتضمن علاقاتٍ معروفة (الآليات)، وتقييمات، وطموحات، وأفراحاً وآلاماً، ومصالح متركّزة في الذوات، وأُخرى تتجاوز الذات. وهذه المصالح والاهتمامات تستدعي وجوه فشل ونجاح، ومشاعر متباينة الطبقات، وأُخرى تشير إلى التعب من الحياة أو الجوع الشديد إليها. إنّ هناك دائماً "نوعية حياة" تتجاوز دائماً وقائعها العادية، وعندما نُدخلُ نوعية الحياة في وقائعها وعملياتها فإنّ نوعية النوعية أو قمية القيمة تبقى خارج الاعتبار. ولا يمكن القول: إنّ النوعية العالية ترتبط ضرورةً بالسعادة أو الحظّ او الاستمتاع. ويمثّل الدين الإدراك المباشر والشامل أنه فيما وراء الحظوظ والاستمتاع يبقى ما هو حقيقي في العالم الفاني. (فالدين) يعتبر أنّ النوعية هذه غير فانية، وهي تمثّل الانتظام الذي يشارك في صْنع العالم، ويهبه معناه.
المصدر: http://tafahom.om/index.php/nums/view/11/233