الحرب العادلة في تصور التقليد الفلسفي العربي
محمَّد الشيخ
لطالما عانى الإسهام الفلسفي الكلاسيكي العربي في موضوع "الحرب العادلة" من تهميش مزدوج: من جهة أولى، عادة ما أغفلتْ الكتاباتُ الفلسفية الغربية المهتمة بالموضوع هذا الإسهام، متنقلة من القديس أوغسطين إلى ريتشارد فالتزر، دونما وقفة عند هذا التقليد أو حتى التفاتة إليه. ومن جهة ثانية، إِنْ عَرَضَ لهذه الكتابات أن تحدثت عن "الحرب العادلة في الإسلام"، فإن ذلك يكون إنما للتركيز على الإسهامات المتعلقة بلاهوت الحرب وآدابها (الجهاد)، وتغفل ما سواها من أنظار في الحرب قد تكون عن لاهوت الحرب وآدابها بمعزل. لهذه الحيثية، فإن الغرض من هذه المقالة ـ التي تريد لنفسها أن تكون تحليلية ونقدية ـ بيانُ قيمة الإسهام الفلسفي العربي في موضوع "الحروب العادلة" عن إرث الجهاد والحرابة بمبعد، وذلك من وجهين: أولا؛ بيان إلى أي مدى صار النظر في "الحرب العادلة" موضوعا مخصوصا في الفلسفة الإسلامية (الفارابي وابن رشد على وجه الخصوص)، وذلك ببيان مظانه ومنزلته في الفلسفة السياسية العربية الكلاسيكية. وثانيا؛ استشكال هذا الإسهام، وذلك من خلال إبانة حدوده: مثاليته الشديدة وإطلاقيته التي غيبت واقعية الفعل السياسي، بل لربما من عجيب الأقدار أن هذا التقليد قد "يلتقي" من حيث لا يحتسب- وقد اعتبر أن "الحرب العادلة" هي تلك التي تخوضها "المدينة الفاضلة" ضد "المدن الفاسدة" باسم القيم الإنسانية ـ مع منطق الحروب التي تخاض اليوم بين "معسكر [فسطاط] الخير" و"معسكر [فسطاط] الشر".
لا يخفى أن المهتمين بالفكر الفلسفي ـ من حيث مساره ـ لاحظوا أن موضوع "الحرب العادلة" صار من بين المواضيع الأثيرة لدى بعض المفكرين السياسيين المعاصرين. يكفي أن يلقي المرء نظرة على ما يصدر من الكتب- في مجال الفلسفة والفكر والنظرية السياسية ـ منذ عقد من الزمن يحمل عنوانه "الحرب العادلة"، هذا ناهيك عن تضاعيف ما ينشر في هذه الكتب حتى وإن لم يدل عنوانها على ما يشي بمعالجتها لموضوع "الحروب العادلة"، ليكتشف أن ثمة عشرات من الكتب تحمل العنوان ذاته مع تباين في التناول: ما بين التناول التاريخي والتناول الواقعي والتناول الأيديولوجي...واختلاف في توطين الموضوع: الفلسفة السياسية، النظرية السياسية، الفكر السياسي، الفكر الحقوقي، فلسفة الحق، نظرية الحق، العلاقات الدولية، البحوث الاستراتيجية...
ولا شك أن الحرب- بوسمها واقعة بشرية شهدتها معظم الأجناس البشرية في مختلف العصور ـ كانت دائما حاضرة في خطاب الفلاسفة. لكن خطاب اليوم باين خطاب الأمس من وجه أساسي على الأقل. التأمل الفلسفي بقي هو هو، لكن جهة الاعتبار تبدلت. لنقارن- مثلا- بين خطاب الفيلسوف الفرنسي إميل شارتييه المعروف بلقب "ألان" ـ Alain (1868-1951) ـ وخطاب الفيلسوف الأمريكي المعاصر ميخائيل فالتزر(1935-) Michael Walzer. في كتابه "مارس أو الحكم على الحرب" يعترض "ألان" اعتراضا مبدئيا على فكرة الحرب باسم نزعته السلمية الراديكالية وعدائه المتأصل للسلطة ـ "المواطن ضد السلط" عنوان أحد كتاباته ـ بحيث يرى أن الإنسان في الحرب يتحول إلى "قرد مسلح". بينما يذهب فالتزر إلى ضرورة توجيه الأسئلة التالية عند تناول أية حرب: من يقود الحرب؟ وأية حرب؟ وما الوسائل التي يتبناها؟ وهل هذه الوسائل تتماشى مع الغايات؟ أم أنها مشروعة بقطع النظر عن الغايات؟ وشتان ما بين التناولين.
والغريب أن النظر في أمر "الحرب العادلة" كان من بين ما أذكاه ما صار ينسب إلى بعض الجماعات الإسلامية المتشددة المعاصرة من أفعال إرهابية شكلت أحداث الحادي عشر من سبتمبر وجهها الأشد قسوة وتراجيدية. لهذا استحث هذا الأمر بعض الباحثين لإعمال النظر وإعادته في تصور الإسلام والمسلمين للحرب، وذلك بعد أن كانوا يعيشون ـ على الأغلب- على التصور القديم وريث الحروب الصليبية وما قبلها ـ أعني "الجهاد" أو ما عبروا عنه باسم "الحرب المقدسة". لكن هذا الاستحثاث لا يخلو من مفارقات يعسر تبريرها أحيانا:
أولا؛ أنه نظر مركز على تصور الإسلاميين المتشددين بالأحرى للحروب. ولهذا بعض ما يبرره في أن هؤلاء هم ـ مع الأسف ـ من صار يخلق "الحدث" على المستوى العالمي، مع ما نعرفه اليوم من تعلق بالحدث حد العبادة. والحال أنه حين يحاول بعض المفكرين الغربيين تلوين هذه الصورة القاتمة فإنهم يستحضرون التصورات الفقهية القديمة التي كان مدارها على ما يمكن أن نسميه "لاهوت الحرب"، أي النظر في مسألة شرعية الحرب من جهة النظر الدينية المحضة، وما يمكن أن ندعوه "آداب الحرب" أو "إتيقا الحرب"، أي أخلاقيات الحرب. وخير ما يمكن أن نمثل به لهذا الموقف كتاب الباحث الأمريكي في الأخلاقيات الدينية جون كيلسي John Kelsay(1) ـ "مسألة الحرب العادلة في الإسلام" ـ حيث يستحضر التقليد العربي الإسلامي القديم في "الجهاد"، ويهمل التقليد الفلسفي في النظر إلى أمر الحرب.
وفي هذا الإطار نفسه، فإنه لوحظ أنه حتى حين استُحضر موقف فيلسوف عربي كلاسيكي من الحرب- موقف ابن رشد بالذات ـ فإنه ما تم استحضار موقف ابن رشد الفيلسوف كما هو باد في تلخيصه لجمهورية أفلاطون، وإنما استحضر موقف ابن رشد الفقيه عاقد باب الجهاد في كتابه الفقهي "بداية المجتهد ونهاية المقتصد"؛ إذ ترجم المستشرق الهولندي رودلف بيترز Rudolph Peters (1943-) الفصل الخاص بالجهاد من كتاب ابن رشد الفقهي إلى اللسان الإنجليزي، في كتاب "الجهاد في الإسلام الوسيط والحديث"(1977)(2) والذي تم تحيينه تحت عنوان "الجهاد في الإسلام الكلاسيكي والحديث (نصوص)"(2005 و2008)(3). وذلك مثلما أن كيلسي نفسه حين حدث له أن استحضر فيلسوفا في كتاب يتحدث عن "الحرب العادلة" وليس عن "الجهاد" لم يستحضر أساسا إلا أسماء الفقهاء، وحين استحضر اسم فيلسوف عربي كلاسيكي ـ ابن رشد- لم يستحضره بوسمه فيلسوفا؛ وإنما بوسمه الفقيه صاحب كتاب "بداية المجتهد ونهاية المقتصد"، وفي أقل من صفحتين خصصهما لتصور ابن رشد للأحكام الشرعية وليس للحرب.
وفي كلتا الحالتين، فإن المغيب هنا هو النظر الفلسفي العربي الكلاسيكي في أمر الحرب. هذا النظر الذي يندرج- بالأولى ـ ضمن الفلسفة السياسية الكلاسيكية. والحال أن منزلة "الفلسفة السياسية" في الفكر العربي القديم كانت دوما مثار جدل بين الباحثين: ثمة الموقف الاستشراقي المعروف الذي يجعل من الفلسفة السياسية الكلاسيكية العربية نسخة باهتة وصدى مبحوحا من الفلسفة السياسية الإغريقية، وثمة بالضد الموقف الإطرائي المدحي الذي يبحث عن تميزٍ لهذه الفلسفة السياسية وفرادة وخصوصية مهما كلف الثمن، وثمة الموقف النقدي الذي يريد الوقوف على الإسهام والحدود، وهو الذي يستوقفنا هنا. فهذا أحد أبرز ممثليه يعيب على الفلاسفة المسلمين كونهم بقوا دائما على هامش الشأن السياسي: "إن الفيلسوف إما أنه لزم الصمت، أو أظهر اللامبالاة، أو أنه تعالى فوق السياسة وصناعها والدائرين في فلكها مستعيضا عن هذا كله بحديثه الغريب عن "السياسة المدنية" و"عن "المدينة الفاضلة"... إن الأمر يتعلق بسياسة الفيلسوف وجدانه وفكره ومسلكه المنفرد أكثر منها سياسة مجتمع أو مدينة. لقد انتهى الفيلسوف في المجتمع الإسلامي إلى أن يبني "مدينته" داخل ذاته، ولم يكن يعنيه أن يقدم مشروعا لبناء مجتمع ولو على سبيل الاحتمال البعيد"(4). ويقول عن مدينة الفارابي: "إن مدينة الفارابي الفاضلة هي بناء ذهني مجرد، قد رُكِّب من قراءة لجمهورية أفلاطون، ومما بلغه عن سياسة أرسطو، ومن آراء أفلوطينية، وطبعا فلا صلة لهذه المدينة الذهنية المركبة بالمدينة الإسلامية. ولكن ليس هذا هو المهم، بل المهم أنها لم تكن مشروعا لدعوة سياسية إلى الإصلاح أو التغيير، فهي "مدينة" يستبطنها الوجدان الفلسفي المغترب، عسى أن يدبر بها غربته"(5). لكن هلَّا أمكنه قول الشيء نفسه عن تلخيص ابن رشد لجمهورية أفلاطون؟
ويتحدث المفكر النقدي عن "شرح ابن رشد النصوص السياسية الأرسطية التي عرفها"(6)، ويضيف في مكان آخر: "إن الذي نراه أن أفكار ابن رشد السياسية لا توجد- على عكس ما قيل ـ ضمن شروحه على كتابات أرسطو في السياسة؛ بل ينبغي البحث عنها في صنف آخر من كتبه غير "الشروح""(7). ولسنا نعلم ما هذه النصوص، لا سيما وأن ابن رشد نفسه يصرح في مستهل تلخيصه لجمهورية أفلاطون بأنه اضطر إلى تلخيص كتاب الجمهورية: "نظرا لأنا لم نحصل على كتاب أرسطو [=السياسة]"(8)، اللهم إلا إن كان يقصد تلخيصه لأخلاق أرسطو وهو الضائع في العربية، واللهم أيضا إلا إن هو استند إلى رواية عمار الطالبي التي يشهد من خلالها أنه رأى بأم عينه تعاليق ابن رشد على سياسة أرسطو باللسان اللاتيني(9). وعلى أية حال، فإنه بالرغم مما يتخلل تلخيص ابن رشد لكتاب الأخلاق إلى نيكوماخوس من حديث في السياسيات، فإنه نصٌّ في الأخلاق بالأولى والأحرى والأجدر. ولهذا نستغرب من أن يسلك الباحث هذا المنهج: "هل يمثل هذا الشرح [للنصوص السياسية الأرسطية التي عرفها ابن رشد] بالفعل أفكاره السياسية الحقيقية؟ إن كثيرين ممن كتبوا عن ابن رشد يرون ذلك. أما نحن فنرى أن أفكار هذا الأخير ومواقفه السياسية الحقيقية ينبغي البحث عنها خارج شروحه على النصوص السياسية الأرسطية. وهو ما سنحاول أن نبرهن عليه"(10). لهذا تراه يبحث عن السياسة الرشدية في تلخيص كتاب الجدل ـ وهذا مطلب محق؛ لكنه مطلب تكميلي في تصورنا يأتي بعد تلخيص الجمهورية ـ وليس في تلخيص كتاب الجمهورية.
وهو يعدّ ما يسميه "شروحه [= ابن رشد] على السياسة الفلسفية الأرسطية" إنما تمثل:"مفهومه المجرد للسياسة؛ أما مفهومه الواقعي لها؛ أي موقفه السياسي، فهو أمر يختلف [عن موقف أرسطو]"(11). الغريب في هذا كله أنه لا يشير لا من قريب ولا من بعيد إلى كتاب "الضروري في السياسة". والموضوع الأحق كان هو لماذا ضاع هذا المخطوط وما بقي له من أثر في تلقي فلسفة ابن رشد؟ هذا هو السؤال الأهم في نظرنا.
وإذا ما نحن صوبنا نظرنا نحو من اهتم بفلسفة ابن رشد السياسية ـ أو على الأصح أنظاره السياسية ـ لا سيما منها تصوره للحرب، فإننا نجد- على النقيض من الموقف السابق ـ من جعل مما سماه "إصلاح المدينة" هم ابن رشد السياسي الأول. أكثر من هذا، ثمة من رأى أن ابن رشد يرهن هذا الإصلاح بشن الحرب، متحدثا بذلك عن: "ميل رشدي ناحية إصلاح سياسي/تربوي يجد في الحرب وسيلة أساسية لتحقيقه"(12). وقد جعل بذلك ابن رشد ليس "مفكر حرب" فحسب؛ وإنما أنشأ منه أيضا "مفكرا حربيا"، محاولا "التدليل" على هذه النزعة التي سماها "النزعة العسكرية الرشدية"(13) أو "نزعة ابن رشد العسكرية"(14) ـ "وهذه النزعة العسكرية التي نبتغي التدليل عليها..."(15) ـ متحدثا ـ في غير موضع من كتابه ـ عما سماه "نزعة ابن رشد الحربية" أو "نزعته العسكرية"، بل "نزعته العنفية/العسكرية". فهو ليس فحسب "صاحب نزعة حربية" أو "صاحب نزعة عسكرية" "يعلي من الحرب"(16) بله "يمجد الحرب"(17)، وإنما هو "صاحب نزعة حربية لا تجد غضاضة في الإفصاح عن نفسها"(18)، وهو القائل "بالنزعة العنفية/العسكرية"(19)، رادا ما سماه "أصولها" [الفكرية] إلى أرسطو والفارابي(20)، ومعيدا حيثيتها [الواقعية] إلى كون ابن رشد إنما "نما تفكيره في ظل مناخ حربي"(21).
هذه هي -على الوجه المجمل دون المفصل- صورة أنظار ابن رشد في السياسة وفي "الحروب العادلة". والذي عندنا بالتلقاء أنه لربما ما كانت لتحفظ لنا آراء ابن رشد في شأن "الحروب العادلة" ـ بوجهها الواضح والمُشْكلِ معا ـ لولا حزمة من الصدف عجيبة:
أولاها: لو أنه وجد كتاب "السياسة" لأرسطو، لربما ما احتاج إلى التعليق على فلسفة أفلاطون السياسي، وهو المتفلسف العربي ذو الهوى الأرسطي البَدِيِّ.
وثانيها: لو ما نقل نص تلخيصه لجمهورية أفلاطون إلى اللسان العبري ومنه إلى اللسان اللاتيني فالإنجليزي اليوم لما عرفنا مواقف ابن رشد السياسية في زمانه وموقفه من "الحروب العادلة" على وجه الخصوص. فإذن، غريب حقا أمر هذا الكتاب على الأقل من ناحيتين اثنتين:
من جهة أولى -وكما أسلفنا الإشارة إلى ذلك- لو وجدت ترجمة كتاب "السياسة" لأرسطو بالأندلس، لما شرح ابن رشد جمهورية أفلاطون ـ وهو الأرسطي الهوى بلا منازع أو مدافعة.
ومن جهة ثانية، عادة ما تقيد ابن رشد سواء في شرحه أو تلخيصه للنص الأرسطي ـ وما أكثر شروحه وما أشدها تنوعا ـ تَقَيُّدَ الشارح المِفَنِّ والملخص المتقِن، إلا أنه في حالة شرح كتاب الجمهورية خالف نفسه؛ وذلك بأن "تحرر" من النص أيما تحرر في مواضع عدة، إما رافضا التعليق على بعض المواضع ـ بل الفصول ـ بحجة ـ أو تعلة ـ طابعها الجدلي، أو ناقدا مقوما لما يراه من أنها غير وجيهة ومقنعة، أو باحثا لها عن مثالات في واقعه المعيش شديدة الجراءة. وما زال ابن رشد يفعل، حتى لاحظ محسن مهدي أن هذه الإضافات تكاد تستغرق من التعليق ما يربو عن ثلثيه(22).
وبعد، هل شكل النظر في أمر "الحروب العادلة" موضوعا للنظر مستقلا فيما كتب ابن رشد عن السياسة، حيث موطن الكلام في الحرب؟
يقول ابن رشد -وقد ختم بعض تعاليقه على المسائل المتعلقة بالتدريب للحرب في جمهورية أفلاطون-: "وإذ تبين من هذا القول ما المقصود من الحروب العادلة..."(23). ونحن نزعم أن هذه العبارة تشي بأن الرجل بالفعل نظر في أمر "الحروب العادلة" باعتبارها موضوعا للنظر قائما بذاته. بل نزعم أنه لربما كان الفيلسوف العربي الوحيد- بالرغم من سبق الفارابي ـ الذي جعل من موضوع "الحروب العادلة" "تيمة" مستقلة بذاتها.
والحق أن مظان هذا "النظر في الحرب" توجد في تلخيصه للمقالة الأولى من "كتاب الجمهورية"، وبالذات في ثنايا حديثه عن طرق التربية على الفضائل ـ ومنها فضيلة الشجاعة ـ (لا سيما الفقرات 22- 29). فبعدما يذكر ابن رشد طريقي التربية هذين ـ طريق الإقناع وطريق الإكراه ـ ويبسط القول في الطريق الأول، يأتي على ذكر الطريق الثاني فيقول ـ وهو مربط الفرس في تصوره للحرب العادلة ـ: "وأما الطريق الثاني فهو السبيل التي تسلك مع المتمردين والأعداء ومن لا يتحلى بما يجب له من الفضائل، وهي سبيل الإكراه والعقاب بالضرب. وبَيِّنٌ أن هذا الطريق لا يستعمل مع أهل المدينة الفاضلة، إلا أن يكون ذلك للتمرين، وهو أفعل في التنشئة على المكاره، أعني فن الحرب وامتهانها"(24). ثم سرعان ما يضيف في عبارة تلخص تصوره للحروب العادلة أيما تلخيص: "وأما سائر الأمم غير الخيرة والتي لا تجري أفعالها على المجرى الإنساني، فلا سبيل إلى تأديبها إلا هذه، أعني إكراهها بواسطة الحرب على الأخذ بالفضائل"(25).
ينهي محسن مهدي مقالته المتميزة عن "الفارابي وابن رشد: ملاحظات عن تعليق ابن رشد على جمهورية أفلاطون" ببيان المواضع التي خالف فيها ابن رشد أفلاطون(26). والذي عنده، أنه لعل من بين أشد مواضع المخالفة هذه النظر في أمر "الحرب"؛ ذلك أن أفلاطون كان ـ في كتاب "الجمهورية"(الكتاب الثاني، الفقرات a372 وc 374) ـ قد بين أن منشأ الحرب إنما هو عائد إلى رغبة المدن في الترفه والتنعم وفي ثروة لا تعد ولا تحد، الشيء الذي يكون من شأنه أن يدفع بهذه المدن إلى طلب التوسع، وذلك يتم بالطمع في ضم ثغور المدن المجاورة. وبهذا، فإن المدينة المترفة تحتاج إلى شن الحرب حتى تحصل على ثغور أوسع، مثلما تحتاج إلى الدفاع عن ثغورها وثرواتها ضد مدن أخرى في العدوان والترفه لها نظيرة. ولهذه الحيثية، تحتاج إلى جيش متخصص يدرب لهذه الغاية. وبالجملة، الذي يرشح عن تصور أفلاطون للحروب أن الحروب ضرورة حاجية وليست خِيرة إرادية. فلا توجد فضيلة تعد بالطبع إلى الحرب، لكن الحاجة ـ الضرورة الطبيعية ـ هي التي تنشئ الحرب. يقول ابن رشد ملخصا موقف أفلاطون: "أما ما في كتاب أفلاطون في هذا الشأن (=الحروب في المدينة الفاضلة)، فهو أن هذا الجزء [من النفس=القوة الغضبية] غير معد (بالطبع) لهذه الغاية (=الحرب)، وإنما يكون ذلك فيها عن اضطرار: إِما على القصد الأول (بأن يكون غرضهم) أن يأخذوا من سائر المدن ما يُكرهونها عليه من الأموال، لضرورة تدعوهم إلى ذلك، أو طلبا للأفضل؛ وإِما على القصد الثاني بأن يكون (استعدادهم للحرب) بمثابة وقاية المدينة مما يمكن أن يروعها من خارج"(27). أما موقف ابن رشد- ومعه موقف الفارابي ـ فهو يتبع في هذا الباب- على عادته ـ موقف أرسطو؛ ذلك أن فضيلة الشجاعة "لا يتم فعلها إذا لم تقترن بها الصناعة الحربية"(28).
وإذ يعي ابن رشد ضرورة اللجوء إلى الإكراه ـ سواء أكان في الداخل أم في الخارج- فإنه يكاد يطرح سؤال المشروعية الذي لم يطرحه أفلاطون، وقد ظل أسير منطق "الطبع" و"الطبيعة" و"الضرورة الطبيعية" ـ الحرب ضرورة طبيعية ـ وسؤال المشروعية عنده يتعلق -بدءا- بمشروعية اللجوء إلى الإكراه: إلى أي حد يباح اللجوء إلى الإكراه سواء ضد من بداخل المدينة أم ضد من بخارجها؟ ويَرُدُّ بأن الجواب عن هذا السؤال رهين بطبيعة المدينة؛ إذ الشأن في المدينة الفاضلة ألا يُلجأ إلى الإكراه، اللهم إلا للتمرين وإشاعة روح الانضباط في الجند. ذلك أنه بالنسبة إلى أفلاطون، فإنه ليس القصد من الشجاعة التهيىء للحرب؛ وإنما هي أمر ينبع من الضرورة: فعل ما هو ضروري لتحقيق غايات المدينة الفاضلة الخارجية وللدفاع عنها دفاعا ذاتيا. أما بالنسبة إلى ابن رشد، فإن الإكراه يهدف إلى نشر الحكمة وإشاعة الفضيلة بين مختلف الأمم والمدن، لا سيما منها تلك المدن الفاسدة والمعتاصة التي يكون فعلها فعلاً غير إنساني، والتي ينبغي إلزامها بالقوة حتى تتبنى الفضائل. وبهذا تصير الحرب عند "الشارح" مطلباً أخلاقياً، وليست ضرورة طبيعية كما كان لدى "الماتن".
غير أن محسن مهدي لم يثر مسألة "الحروب العادلة" إثارة واضحة، لربما لأنه لم تكن مثارة زمن كتابته المقالة بوضوح.
يذكر أفلاطون في "الجمهورية" وفي "القوانين" أن الحرب إنما تكون ضد من أسماهم مرة باسم "البرابرة" ومرة أخرى باسم "الغريب الأجنبي"؛ أي لا تكون الحرب- بمعناها المخصوص ـ "أهلية" ـ اللهم إلا بتوسع في العبارة وإلا فهي "نزاع" ـ وإنما الحرب ما كانت "قومية". يقول في الكتاب الأول على لسان سقراط: "إنه ليبدو لي أن وجود كلمتين تعبّران عن الحرب والنزاع المحلي يعني أن هناك اختلافا في الطبيعة بين الاثنين: أعني الصراع بين أناس من نفس البلد والجنس، والصراع بين أناس غرباء، فالعداء بين الأقارب يسمى نزاعا محليا وبين الأجانب يسمى حربا"(29)، ويضيف في مكان آخر: ""[إِنْ] قاتل اليونانيون البرابرة أو البرابرة اليونانيين، فعندئذ نقول: إن بين الفريقين حربا، وإنهما بطبيعتهما أعداء، وإن هذه العداوة تستحق اسم الحرب، أما إذا قاتل اليونانيون بعضهم بعضا فلنقل: إن القرابة بين الفريقين لم تنعدم؛ ولكن اليونان في هذه الحالة تبدو مصابة بداء الانشقاق على نفسها، بحيث يكون اسم النزاع المحلي هذا هو ما ينطبق على هذه العداوة"(30)، غير أنه يصف في الكتاب الثاني ـ كتاب القوانين ـ هذا النزاع الداخلي بوسم الحرب، فيقول: "إن هناك نوعين من الحرب، هناك ما يسميه كل الناس بالفتنة والشغب، وهي بالطبع أكثر أنواع الحروب ضررا... أما الأخرى، وهي ما أتصور أننا كلنا نوافق على أنها أخف بكثير، وأعني بها تلك التي تندلع عندما نختلف مع غريب أجنبي"(31).
والحق أني ما كنت أول من يُشْكِلُ عَلَيه موقف ابن رشد، فيقف على الصعوبات والمفارقات التي يثيرها تصوره للحروب العادلة. فهذا محسن مهدي سبق له أن ختم مقالته الشهيرة بالملاحظة التالية: بالرغم من أنه قد يَيْسِرُ إلى حد ما إقناع حراس مدينة أفلاطون الفاضلة بالخضوع إلى التمرين العسكري الضروري لتحقيق غايات المدينة الفاضلة الداخلية وللدفاع عن مدينتهم، فإنه يعسر أن نجد ما يحفز حراس مدينة ابن رشد الفاضلة على الخضوع إلى التدريب نفسه الضروري لكي ينخرطوا في حروب ضد كل "الكيانات السياسية" وكل الأمم التي لا تتحدث لغتهم ولا تشاطرهم عوائدهم؛ إذ من المحتمل جدا ألا يكون الحراس متحمسين إلى الفضيلة على نحو ما تطلبه ابن رشد منهم؛ أي أن يكونوا مستعدين للموت من أجل سعادة أمم بعيدة عنهم لا يعلمون عنها شيئا، اللهم إلا باستثناء أنها أمم غير فاضلة، وأن سلوكها غير إنساني، وأنها شرسة معتاصة"(32).
والحال أن تجدد النظر في هذا الموضوع بعد الحادي عشر من سبتمبر من شأنه أن يعيد المرء إلى هذا التعليق وأن ينعم النظر في تعابير قد تكون بدت في أوانها للناظر غير ذات بال، بل قد تكون بدت للمؤلف نفسه غير ذات أهمية. ومنها عبارة "الحروب العادلة".
ولعل إحدى أقدم الإشارات التي تعلقت باستشكال موقف ابن رشد من الحرب ما لاحظه بيرمان ـ في تعليقه على مداخلة محسن مهدي المذكورة آنفا ـ "فيما يخص التسوية بين الشريعة وأفكار أرسطو عن الحرب، [فإنني] أتساءل عما إذا كانت دلالتا "الحرب" في الحالتين ـ الحرب والجهاد- مختلفتين؟ ألم يعط ابن رشد للجهاد دلالة تجعل منه يطابق الدلالة الأرسطية؟" لست أدري ما إذا كان محسن مهدي قد أجاب على هذا الاستفسار، لكن ـ على أية حال ـ لا يوجد جوابه منشورا ضمن أعمال الندوة المذكورة.
والذي عند بعض الباحثين أن لا فرق؛ إذ يبدأ العليبي ببسط تصور ابن رشد للجهاد، وسرعان ما يقول: "وعندما نعود إلى السجل الفقهي نرى أنه قد انشغل بإشكالية الحرب في بابين رئيسين من أبواب كتابه (بداية المجتهد ونهاية المقتصد)، ونعني بابي "الجهاد" و"الحرابة"، ففي باب "الجهاد" يتحدث تحديداً عما يعدّه الحرب العادلة (الجهاد) التي يتوجب على المسلمين خوضها...". ولسنا نعلم من أين لهذا الباحث أن يساوي بين "الجهاد" و"الحرب العادلة"، وإذا حق أن ابن رشد لا يميز ـ في هذا المقام الفقهي ـ بين "الجهاد" و"الحرب" ـ إذ تحت مسمى "كتاب الجهاد" يتحدث عن "الحرب" من مناحٍ شتى، ومنها إتيقا الحرب من المنظور الفقهي (ما يجوز في الحرب وما لا يجوز)، إلا أنه يحق أيضا أنه لا يشير هنا قط إلى مفهوم "الحرب العادلة" ـ التي تشنها عنده المدينة الفاضلة على بقية المدن غير الفاضلة باسم نشر الفضيلة؛ وإنما يرى رأيا آخر، وهو أن الحرب هنا يشنها المسلمون على "جميع المشركين"(33)، وأنهم يحاربون "إما لدخول الإسلام، وإما لإعطاء الجزية". غير أن صاحبنا لا يعبأ بهذا الأمر ولا يأخذ بعين النظر هذا الفرق فيقول: "وعلى هذا النحو فإنه ينظر إلى الحرب العادلة من الزاوية الفقهية على أنها تعني الجهاد المقدس الذي تأمر الذات الإلهية المؤمنين بالقيام به ضد كل من لا يمتثل للدعوة إلى الإسلام؛ أي الكافرين والمشركين كافة. أما الحرب الجائرة فهي تلك التي تقع موقع النقيض من الجهاد المقدس من حيث هي حرب تستهدف أغراضا غير تلك التي نص عليها القرآن والحديث"(34).
غير ما هو أهم أن يثار هذا السؤال: هل يسوي ابن رشد بين "الجهاد" و"الحروب العادلة". والجواب- في رأيي ـ قد يكون: "نعم" و"لا". إذا ما نحن ساوينا بين "الشريعة" والفضيلة"، بل قصرنا "الفضيلة" على "الشريعة" ـ ولا أحسب أن ابن رشد كان فاعلا ـ فلا مشكلة آنها. فالحرب تفهم هنا بمعنى "الجهاد"؛ لكن إذا ما نحن جعلنا "الشريعة" أنموذجا للفضيلة وليست هي الفضيلة وحدها ـ وما أظنني إلا ذاهبا هذا المذهب في فهم فكر ابن رشد- فإنه آنها تصير الحرب أوسع من الجهاد، ويصير الجهاد فرضا لصنف من الفضيلة ـ الفضيلة الإسلامية الدينية ـ على من لا فضيلة دينية له. وقد ألمح ابن رشد إلى هذه المسألة في قوله: "ويشبه أن يكون ذلك كذلك في الشرائع التي وجهتها الشريعة الإنسانية، كشريعتنا هذه الإلهية، فالدعوة إلى الله تعالى تكون بأحد سبيلين: سبيل الموعظة وسبيل الجهاد"(35).
ومهما تصرفت الأحوال، فإن المشكلة هنا هي في الانتقال من "رؤية دينية للعالم" تقسمه إلى فسطاطين: فسطاط الإيمان وفسطاط الكفر، وتجيز للمؤمن اللجوء إلى الإكراه ـ بعد أن يستنفذ هو وسيلة الإقناع ـ ليعلن الحرب على الكافر، فتصير الحرب بذلك عادلة، الغاية منها فرض الفضيلة الدينية بالإجبار على من لا فضيلة دينية له، إلى "رؤية أخلاقية للعالم" تقسمه بدورها إلى فسطاطين: المدينة الفاضلة والمدن الفاسدة بمختلف أصنافها، تصير فيها الحرب حتمية لنشر الفضيلة والحكمة، مما يشي بأن المنطق المانوي بقي هو هو. إما تمارس الحرب العادلة باسم الدين (الإيمان) أو باسم الخلق (الفضيلة)، مما قد يكون من آثاره تبرير كل الحروب التي تتم اليوم باسم فسطاطين: فسطاط الخير وفسطاط الشر. هذا على الرغم من أن حديث ابن رشد عن "الحروب" بين المدن لا يلزمه أن ينسينا البعد الكوني الإنساني لفكره. البشر قد يتفاهمون في نهاية المطاف على قيم أخلاقية مشتركة، بل حتى على فكرة "نسبية القيم"، لكن من الصعب أن يتفاهموا على القضايا المتعلقة بالكفر وبالإيمان.
وإذا ما نحن عدنا إلى التقليد الفلسفي العربي نقارن بين رأي ابن رشد في الحروب العادلة ورأي فيلسوف آخر، فإننا لا نجد أفضل من الفارابي. ومن الملاحظ أن الفارابي الذي يمكن أن يعد بحق أكبر فيلسوف سياسي عرفته الثقافة العربية الإسلامية في العصر الوسيط؛ وذلك بالنظر إلى عدد الكتب التي خص بها المسألة السياسية، هذا فضلا عما انبث في تضاعيف كتبه غير السياسية؛ ظلت فلسفته على مستوى المبدأ والتجريد، وخلت ـ في أغلبها الأحايين ـ من التحليل الواقعي، رغم أنها حظيت باهتمام العديد من الباحثين المميزين: يكفي أن نذكّر هنا بجهود المفكر السياسي الكبير ليو شتراوس Leo Strauss (1899-1973) في مقاله الشهير عن "أفلاطون الفارابي"(1945) وجهود تلميذه وصديقه محسن مهدي (1926-2009) في كتاب "الفارابي وتأسيس الفلسفة السياسية الإسلامية"(2001).
والحال أن الفارق الجوهري بين الفارابي وابن رشد فيما نحن أمامه ـ موضوع "الحروب العادلة" ـ إنما يكمن -بداية- في غياب اصطلاح "الحروب العادلة" في كتابات الفارابي السياسية. لكن، هذا ليس يعني إطلاقا غياب الإشارة إلى معناها على نحو غير مباشر. والحال أنه في هذا الأمر يكاد يتفق رأيا ابن رشد والفارابي. إذ كان الفارابي قد أشار إلى طريقتي التأديب- الطوعي والكرهي ـ متحدثا عن "تأديب الأمم والمدن"، مشيرا ـ في كتابه "تحصيل السعادة" ـ إلى: "استعمال آلات الحرب والناس الحربيين في مغالبة الأمم والمدن، الذين لا يتعادون لفعل ما ينالون به السعادة التي لأجل بلوغها كون الإنسان"(36). وبهذا، إذا كان ابن رشد يعد "حروبا عادلة" تلك الحروب التي تخوضها المدينة الفاضلة ضد "سائر الأمم غير الخيرة والتي لا تجري أفعالها على المجرى الإنساني"؛ أي " إكراهها بواسطة الحرب على الأخذ بالفضائل"، فإن الفارابي يعلن عن مبدأ "الحق في سعادة كل الأمم" سببا مبررا لخوض حروب المدينة الفاضلة عن غيرها من المدن تكون حروبا عادلة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1) John Kelsay, Arguing the Just War in Islam (Harvard University Press, 2007), See the arabic translation:
وقد تُرجم الكتاب إلى العربية: جون كيلسي: مسألة الحرب العادلة في الإسلام، ترجمة: رلى ذبيان، الشبكة العربية للأبحاث والنشر، بيروت، 2009.
2) Rudolph Peters, Jihad in Medieval and Modern Islam, Leiden: E.J. Brill, 1977.
3) Rudolph Peters, Jihad in Classical and Modern Islam, Markus Wiener Publisher, 2005 and 2008.
4) علي أومليل: السلطة الثقافية والسلطة السياسية، مركز دراسات الوحدة العربية، الطبعة الأولى، بيروت، 1996، ص23.
5) المرجع نفسه، ص187.
6) المرجع نفسه، ص198.
7) المرجع نفسه، ص221.
8) ابن رشد: الضروري في السياسة، ص73.
9) عمار الطالبي: "النظرية السياسية لدى ابن رشد"، ضمن كتاب: مؤتمر ابن رشد، الذكرى المئوية الثامنة لوفاته، المؤسسة الوطنية للفنون المطبعية، الجزائر، 1985، ص219.
10) علي أومليل: السلطة الثقافية والسلطة السياسية، ص198.
11) المرجع نفسه، ص221.
12) فريد العليبي: رؤية ابن رشد السياسية، سلسلة أطروحات الدكتوراه (24)، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت: 2008، ص244.
13) المرجع نفسه، ص242.
14) المرجع نفسه، ص242.
15) المرجع نفسه، ص241.
16) المرجع نفسه، ص233.
17) المرجع نفسه، ص236-237.
18) المرجع نفسه، ص216. ويعزز العليبي رأيه بإيراد مقتطف من كتاب علي زيعور (الحكمة العملية أو الأخلاق والسياسة التعاملية: الفلسفة في ميدان الفعل والمعيار والعلائق الاجتماعية (دار الطليعة، بيروت، 1988، ص429) يقول فيه متحدثا عن كتاب "تلخيص السياسة" بأنه: "يمجد الحرب ويعلم طرائق غرسها ويظهر فضائلها" (أنظر ص، 236).
19) المرجع نفسه، ص239.
20) المرجع نفسه، ص241.
21) المرجع نفسه، ص243.
22) Muhsin Mahdi, «Alfarabi et Averroès: Remarques sur le commentaire d’Averroès sur la république de Platon », in Multiple Averroès, Actes du colloque international organisé à l’occasion du 850 anniversaire de la naissance d’Averroès, Paris 20-23 septembre 1976, Paris: Les belles lettres, 1978, p. 93.
23) ابن رشد: الضروري في السياسة (مختصر كتاب السياسة لأفلاطون)، نقله عن العبرية أحمد شحلان، سلسلة التراث الفلسفي العربي، مؤلفات ابن رشد (4)، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، الطبعة الثانية 2002، ص83.
24) المصدر السابق، ص80.
25) المصدر السابق، ص80-81.
26) Muhsin Mahdi, «Alfarabi et Averroès: Remarques sur le commentaire d’Averroès sur la république de Platon », op. cit., p. 100.
27) ابن رشد: الضروري في السياسة، ص82.
28) المصدر نفسه، ص81.
29) أفلاطون: الجمهورية، ترجمة: فؤاد زكريا، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة، 1974، ص374.
30) المصدر نفسه، ص375.
31) أفلاطون: القوانين، ترجمة: محمد حسن ظاظا، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة، 1986، ص90-91.
32) Muhsin Mahdi, «Alfarabi et Averroès: Remarques sur le commentaire d’Averroès sur la république de Platon », op. cit., p. 100-101.
33) ابن رشد: بداية المجتهد ونهاية المقتصد، الجزء الأول، دار المعرفة، بيروت، الطبعة السادسة، 1982، ص381، 389.
34) العليبي، رؤية ابن رشد السياسية، مرجع مذكور آنفا، ص212.
35) ابن رشد: الضروري في السياسة، ص81.
36) الفارابي: كتاب تحصيل السعادة، دار ومكتبة الهلال، الطبعة الأولى، 1995، ص75.