الحوار بين الحضارات لا الصراع بين الحضارات
الحوار بين الحضارات لا الصراع بين الحضارات
صباح محسن كاظم*
الحوار بين الحضارات والثقافات هو المرتجى بين الشعوب والامم فالتنوع بين الحضارات يأتي من خلال تنوع حاجاتنا الانسانيه والثقافية التي تدعوا الى التقارب والانسجام والتعاون فالسنن الكونيه التنوع في الاشجار والطيور ,والانسان والتنوع العرقي والاثني ,فلم يكن الكون بلون واحد.
والتأثر والتأثير والاقتباس بين الحضارات جلي يذكر تشومسكي ( ان هناك اسسا صوتيه ونحويه ودلاليه مشتركة بين جميع لغات العلم بغض النظر عما اذاكانت بين بعضها علاقات تاريخية ام لم تكن ففي جميع لغات العالم مفردات تدل على الاشياء والمشاعر والصفات والافعال والعلاقات المختلفه ) فتنوع الثقافات والحضارات البوذيه, الهندوسيه ,اليهوديه, المسيحيه,الاسلامية يحتم التعاون والتعايش والحوار وايجاد الحلول الناجحة للمشاكل الانسانية فالمشترك الحضاري والانساني واحد من اجل السلم الدولي ونقاط الالتقاء بين اكبر مكونين انسانين المسيحيه والاسلام كبير جدا منه كلاهما يؤمن بحقوق الانسان واحترام الرأي والشورى تماثلها الديمقراطية والحريات السياسية فتطوير صيرورة التكامل والتقارب بين الشعوب هو المفتاح لنزع فتيل الازمات.
المفكرون الكتاب المنصفون الاوربيون يؤمنون بفضل الاسلام في تقنين التشريعات التي تحترم حقوق الانسان والمواثيق الدولية وقد عاش المسيحيون الى جوار المسلمين بأحترام ومساواة في الحقوق .
اماالعنف والارهاب الذي طال معظم الدول منذ احداث ايلول في الولايات المتحدة وكذلك احداث اسبانيا وتفجيرات لندن وشرم الشيخ وتفجيرات الفنادق الثلاثة في عمان والارهاب اليومي الذي طال العراقيين في تدمير البنى التحتية والقتل اليومي والعنف غير المبرر محليا وعالميا فالارهاب هو السرطان بين الشعوب. وأخيرا حرب الصهيونية على جنوب لبنان لاكثر من شهر والصمود الاسطوري لكن استدراك مجلس الامن والامم المتحدة بقرار1701 لايقاف القتل والعدوان الصهيوامريكي ........
وهناك اجنده خفيه تحاول تصعيد التوتر والتقاطع الحضاري بين الشعوب والامم التاريخ واستشراف المستقبل فان الحوار في كتاب كريستوفر نوريس ترجمة د.عابد واعيه اسماعيل نظريه لانقديه(مابعد الحداثة المثقفون وحرب الخليج )يدخل سولو من دريدا في حوار (طور في مقاله تتحدث عن موضوعية النقد النووي )بشان مقالة تقول اننا مقبلون على حرب الدمار الشامل اذ ان الاخطار المحدقه عظيمه ليس اقلها انقراض الحياة على الارض بما في ذلك الارشيف السينمائي للذاكره التاريخيه برمته والانجاز التكنلوجي والمصادر والمراجع الاكاديميه وغيرها لدرجه بات ان من غير المجدي تصور سباق التسلح ونتائجه المحتمله ضمن صيغ علميه للعالم الحقيقي .
ان صرخات التصادم بين الغرب المتحضر والشرق البربري (ما يدعى عنصري التفكير ) هو محض هراء فالعالم يحتاج بعضه البعض والدول الكبرى بحاجه للاسواق الى الاسواق الاخرى لتصريف منتجاتها الصناعيه والزراعيه فان لم يكن هناك حوار دبلوماسي شفاف وبرتوكولات للتعاون الاقتصادي والثقافي والسياسي لايمكن للحياة ان تسير بشكل طبيعي اذا فاطروحة الحوار هي اقرب للتفاعل بين الشعوب من صوت المدفع وصوت القوة والدمار .
يقينا ان الحوار يفضي الى التسامح والتقارب والسلام العالمي والتعاون لصالح الشعوب والمجتمع الانساني باسره بحاجه الى رفع فتيل الازمات وازالة الالغام ورفع الاسلاك الشائكه بدرب التعاون الدولي في حالة الحوار الانساني الشفاف لينطلق الانسان نحو النقاء والطهر لصنع الحضاره اما في الصراع والحروب فتنسحق كرامته وتهدر قيمته ويصيبه الوهن والانكسار والضياع والاضطهاد والقمع والفناء الحضاري الذي ترغب وتدفع أليه لوبيات الانتاج الحربي الهائل المرعب .
في عام 1998 دعى محمد خاتمي الى حوار الحضارات وتوجه لزيارة الفاتيكان واوربا لطرح تلك الافكار التي لاقت تجاوب دولي وقد اعلنت الامم المتحدة عام 2001 عام الحوار الحضاري العلم بأمس الحاجه الى الحوار لا الصراع.
ويستحضر الذهن حالات الصراع الحضاري في الحقب التاريخيه حفلت بالتصادم والحروب خلقت عداء اوحقدا مستحكمة بين الشرق والغرب المنظومه القيمية والروحيه لشعوب الشرق مع المستعمرين بعد افول حضارات غابت عن المسرح العالمي فلاكونفوشوسية الصين ولا هندوسيه وبوذيه وزرادتثية الاسيويين فقد انظوى اكثر شعوب العالم تحت يافطة الثقافه العربيه التسامحيه .
ان لاحتكام الحربي في الحروب الصليبيه وزوال الحضاره العربيه في الاندلس يعد اشعاعا وعطاءا فكريا خصبا اثرى الاوربيين عطاء بكل ابعاد المعرفه الانسانيه ثم زوال الامبراطوريه العثمانيه التي توسعت في العمق الاوربي لقرون عديده وانشاء اسرائيل لزعزعزتها واضعافها ثم بداءت السياسه المنحازه للاوربيين بسياسة الكيل بمكيالين والوقوف مع الجلاد ضد الضحيه ولدت حالة الاستلاب والعداء والاحتراب ووصول الاوربيين الى مختلف مناطق الشرق الوسط من الجزائر وتونس والمغرب وليبيا الى المشرق العربي والخليج العربي خلفت جرحاً غائراً في التاريخ ثم بدء مرحلة التحرر العربي والاستقلال السياسي.
ان النظره الى العرب من بعض المستشرقين أو وسائل الاعلام المغرضه تثير الاشكاليات والشكوك عن بدائية السلوك وتخلف الانسان الخرافي تثير الكراهيه والسلبيه ضد العرب فتولد مناخاً فكرياً وسياسياً وعقائدياً للتحريض ضد العرب ان عملية شطب الآخر ومصادرة تراثه وفكره وعطائه الحضاري اثبت التاريخ خطأها وعدم صوابها فلا تصح مقولة البعض بحتمية التاريخ بالبقاء للاقوى فكم من القوى من الرومان الى طموحات نابليون وهتلر غير الشرعيه بالتوسع وتفضيل العنصر الجرماني كأنقى الدماء لم تنفعها القوه وان العداء بضاعه يائسه يروج لها كما ان الجهل بفكر وثقافه وقيم الآخر تقضي للصراع الدموي.
ان الشراكه الحضاريه تقتضي التلاقي والحوار لان النتاج العلمي الانساني فيه شركاء من جميع الحضارات وليس وليد الصدفه او طريق معين فالتفاعل والتثاقف والتحاورهو حاله ديناميكيه بين المجتمعات الانسانيه من خلال التلاقح الحضاري فالمواجهه الحضاريه ينبغي ان تكون معرفيه ثقافيه وليس عنيفه اقصائيه استعلائيه.
ان هاجس النخب العربيه كيف نواجه الغرب وهو يخطوا تكنلوجياً وصناعياً ومعرفياً ونحن في ركود حضاري هل الاصطلاحات السياسيه وتطبيق قيم الديمقراطيه واحترام حقوق الانسان والايمان بالتعدديه السياسيه يقودنا الى اللحاق بالركب الحضاري الاجابه نعم بسبب وجود العامل الاقتصادي من ثروات متعدده وموقع استراتيجي ومحفزات قيميه روحيه ارثيه ومثل تدفع حضارياً للامام فجميع التيارات والايدولوجيات والوجودات السياسيه لديها مشاريع تؤمن بالا صلاح وتختلف في آليات تطبيقها لانها لاتريد ان تحرم مصالحها واجندتها وهذا السبب الذي يؤدي الى الاخفاق والفجوه بين البقاء على الواقع الراهن وبين الاندفاع الحضاري للامام فلا مانع من بناء الذات التاريخيه على اصولها ومنابعها وارثها والتفاعل مع الآخر بالحوار الايجابي.
ان نكران فضل الاخر هوعين الجور والتقاضي عن المعطيات الحضاريه ولا ينتج غير القطيعه والوهم بالاخر والسير حثيثا نحو الصدام المحموم فلدينا خطنا الحضاري القيمي والاخلاقي والروحي ولهم ايديولوجيتهم الخاصة بهم فلا ضير من التفاعل وتحقيق المنفعة المشتره ليس على اساس براغماتي وميكافيلي بل يحقق الطموحات المشروعه للاطراف المتعددة.
قد يرى البعض انها معادله صعبه يتجاذب طرفاها نقيض حضاره قديمة بمعتقدات فكري وفلسفي وقوانين وتقاليد وانماط من السلوك ورؤى وافكار مختلفه مع غرب متمدن ومتفوق تكنلوجيا يفتقد الى القيم الروحيه والحضاريه تسمع اصواتا في الغرب تمجد وتمدح اخلاقيه وروحية الشرق بعد ازدياد حالات الانتحار او انتشار المخدرات والشعور بتفاهة الوجود الانساني الذي يرعبهم كثيرا.
من هنا باستطاعة الحوار الحضاري ان يمد جسور الثقه المشتركه بما لدينا من قيم روحيه وسلوكيه وبما لديهم من تقدم علمي فتصبح معطيات الواقع الجديد هو التوازن المشترك اما حدوث العكس أي التعامل القهري والقهري والاستعلاء الاستعماري يبقي الازمات ويضيع على الغرب علاج امراضه الروحيه والاخلاقيه التي تؤدي بحضارته الى الهاويه من خلال التفكك الاسري المدمر والذي يشضي المجتمعات وينخرها داخليا ويدق اسفين زوالها ان هناك بون شاسع بين الصراع والحوار الحضاري فالصراع هدفه القضاء على الاخر وافناءه اما الحوار المدعوم بالمشتركات يقضي البقاء على الاخر وجذبه الى الصواب بعد ازاله اللبس والشكوك والشبهات وتثبيت الاتفاق على المشتركات الثنائيه في قيم السلام ونبذ الارهاب , وثقافة التعايش وثقافة الحوار وثقافة التعايش بكل اشكاله وادامة نظم التعاون بكافة المستويات بزيادة الروابط والالفه بين المجتمع العراقي بتقديم العون التكنلوجي والمعرفي واقامة شراكة اقتصاديه بمشاريع مشركة ونقل المعلوماتيه وعدم حجبها عن الاخر لتعم الفائدة الجنس البشري.
اما اذا اصم الغرب اذنه عن سماع حاجات الشرق بنقل التكنلوجيا وتلبية تنميه شامله للشعوب وعدم دعم الاستبداد في الشرق لمأرب استراتيجية هنا يحصل التقاطع وتبدو الفجوة شاسعه بين التمدن الغربي وتخلف العالم الثالث وما يسمونه دول الجنوب وعالمنا العربي المتهم دائما من الاخر بتفريخ الارهاب والتخلف فهو في نظر الغرب متهم حتى لو ثبتت برائته وخصوصا بعد احداث 11ايلول الماساويه وما جلبت من بلاء على الانسانيه.
ان سجايا وفضائل العرب الموروثه يجب تفعيلها من خلال نبذ العنف والارهاب الذي يرفضه شرعهم وتاريخهم وكذلك جلد الذات واخراجها من كبوتها ونكوصها الحضاري لحث الخطى للحاق بالركب الحضاري والنجز الانساني وعدم تضييع الفرص للنهوض من السبات والتخلف وتجاوز نظرية المؤامره والقاء تبعة تخلفنا على الاخروالاحساس الجماعي بالتواصل مع الاخر والاندماج وعدم التشرنق على الاتكاء على الارث الحضاري فقط بل الاستفادة من الموروث الحضاري مع الحداثة الفكريه والعلميه فبتزاوجهما ينتج المجتمع العلمي المتحضر .
ان الاساءة الى المقدسات والرموز الاسلامية مثلما اساءت الصحف الدنماركية والنرويجيه والفرنسية,,ثم تصريحات البابا الاخيرة في المانيا واتهام الاسلام بمخالفة العقل والايمان هو جفاء للحقيقة ونكران لفضل الفكر الاسلامي عل المنجز البشري في كل صنوف المعرفة والفكر والعلم ,ان الارهاب لادين له وكان في محاكم التفتيش الاوربية وقتل غاليلو لذكره القوانيين العلمية,,اما الارهاب التكفيري في العراق والعالم وكذلك ضرب المقدسات وتدميرها كما حصل في سامراء وتدمير المساجد والحسينيات والتهجير والقتل لاتباع اهل البيت والاساءة الى المقدسات تعكر صفو الحوار وتعطل المشاريع الانسانيه التي تدعو الى احترام اعتقاد الاخر وتؤدي الى صراعات الخاسر فيها الانسان.
*عضو اتحاد ادباء وكتاب العراق وعضو المجمع العلمي العراقي للدراسات والابحاث
sabah_1960 @yahoo.com
شبكة النبأ المعلوماتية-الاثنين 18/ايلول /2006 -20/شعبان24/1427