الملائكة في المعتقد الشيعي
يبدو أن مسألة الإمامة طغت على جميع معتقدات الشيعة وأفكارهم, حيث لا يخلو باب من أبواب العقيدة إلا وموضوع الإمامة يتخلله ويتصدره, فبعد أن جعلوا منزلة الأئمة فوق منزلة الرسول والنبي, وبعد أن غالو في مكانتهم حتى نسبوا لهم بعض صفات وأسماء الله الحسنى, ها هم يقحمون الأئمة في أركان الإيمان أيضا.
وإذا كانت أركان الإيمان عند أهل السنة والجماعة هي الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر, فإن تفاصيل هذه الأركان عند الشيعة مختلفة تماما عما هي عند أهل السنة, وسنخصص الحديث في هذا التقرير بإذن الله عن عقيدة الشيعة في الملائكة.
وبينما يؤمن أهل السنة والجماعة بوجود ملائكة خلقها الله تعالى من نور, لا يأكلون ولا يشربون ولا يتصفون بذكورة أو أنوثة, لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون, قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} التحريم/6.
كما يعتقد أهل السنة أن للملائكة أعمالا شريفة يقومون بها, كالنزول بالوحي على الأنبياء والمرسلين, وهو ما اختص الله به جبريل عليه السلام, وكتابة أعمال الإنسان من حسنات وسيئات, وقبض الأرواح الذي اختص به ملك الموت, وغير ذلك من المهام الكثيرة التي أمرهم الله تعالى بالقيام بها, والمثبتة بنصوص واضحة من كتاب الله تعالى وسنة رسوله الصحيحة.
قال تعالى: {وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ * نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ * عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ} الشعراء/193, وقال تعالى: {مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} ق/18, وقال تعالى: {قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ} السجدة/11.
أمام هذا الاعتقاد بالملائكة الواضح والبسيط وغير المعقد نجد الشيعة يخالفون هذه الآيات والأحاديث, ويعتقدون بأمور تتعلق بالملائكة ما أنزل الله بها من سلطان, وليس لها أي دليل من كتاب الله أو سنة رسوله صلى الله عليه وسلم, اللهم إلا أخبارا وروايات نقلوها عن أئمتهم والأئمة منها براء.
ويمكن اختصار أهم عقائد وأفكار الشيعة في الملائكة يما يلي:
1- يعتقدون أن الملائكة خلقوا من نور الأئمة وليس من نور فحسب, وقد جاء في بعض أخبارهم: (خلق الله من نور وجه علي بن أبي طالب سبعين ألف ملك يستغفرون له ولمحبيه إلى يوم القيامة) بحار الأنوار للمجلسي 23/320, وأحيانا يقولون: (خلق الله تعالى الملائكة من نور علي) المعالم الزلفى ص249.
وهو مخالف تماما للحديث الصحيح عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: (خُلِقَتِ الْمَلاَئِكَةُ مِنْ نُورٍ وَخُلِقَ الْجَانُّ مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ وَخُلِقَ آدَمُ مِمَّا وُصِفَ لَكُمْ)صحيح مسلم برقم 7687.
2- يعتقدون أن الملائكة خلقوا لخدمة أئمتهم وخدمة محبيهم, فجاء في بحار الأنوار: (إن الملائكة لخدامنا وخدام محبينا) 26 /335, وفي رواية أخرى عن أبي عبد الله قال: (إن الملائكة لتنزل علينا في رحالنا, وتتقلب في فرشنا, وتحضر موائدنا, وتأتينا من كل نبات في زمانه رطب ويابس, وتقلب أجنحتها على صبياننا, وتمنع الدواب أن تصل إلينا, وتأتينا في وقت كل صلاة لتصليها معنا, وما من يوم يأتي علينا ولا ليل إلا وأخبار أهل الأرض عندنا وما يحدث فيها, وما من ملك يموت في الأرض ويقوم غيره إلا وتأتينا بخبره وكيف كانت سيرته في الدنيا) بحار الأنوار 26/356
وهذا بلا شك انحراف كبير عن منهج العقيدة الإسلامية الصحيحة, وهو ناجم عن انحرافات عقدية سابقة تتمثل باضفاء الشيعة على أئمتهم بعض صفات الربوبية والألوهية والعياذ بالله, وما يترتب عليها من علم الغيب والتصرف بشؤون الكون والخلق وغير ذلك, فلا غرابة بعد كل تلك الانحرافات العقدية أن تكون الملائكة خدما للأئمة عندهم.
3- تطاولوا على جبريل عليه السلام, وزعموا -في حديث طويل جاء في آخره– (أن جبريل دعا ربه ليكون خادما للأئمة فقالوا: فجبريل خادمنا) بحار الأنوار 26/344.
وقد رد عليهم شيخ الإسلام ابن تيمية بقوله: (فتسمية جبريل رسول الله إلى محمد صلى الله عليه وسلم خادما عبارة من لا يعرف قدر الملائكة وقدر إرسال الله لهم إلى الأنبياء ..) منهاج السنة 2/158, وكيف يطلق هذا اللقب الوضيع على من وصفه الله تعالى في كتابه العزيز بقوله: {إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ * ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ * مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِين} التكوير19-21.
4- يزعمون أن بعض ملائكة الرحمن لا وظيفة لهم إلا البكاء على قبر الحسين والتردد لزيارته, وقد جاء في كتبهم عن ذلك: (وكل الله بقر الحسين أربعة آلأاف ملك شعث غبر يبكونه إلى يوم القيامة) وسائل الشيعة10/318 وفروع الكافي1/325, بل غالوا في ذلك إلى القول بأن زيارة قبر الحسين هي أمنية أهل السماء, وقد جاء في بعض كتبهم: (وليس شيء في السموات إلا وهم يسألون الله أن يؤذن لهم في زيارة الحسين ففوج ينزل وفوج يعرج) التهذيب للطوسي 2/16 وعلل الشرائع ص13.
5- الملائكة في روايات الشيعة مكلفون بمسألة الولاية, والمخالف منهم في أمر الولاية يعاقب –في زعمهم– حتى إن أحد الملائكة عوقب بكسر جناحه لرفضه ولاية أمير المؤمنين علي رضي الله عنه, ولم يبرأ إلا حينما تمسح وتمرغ بمهد الحسين. بصائر الدرجات ص20 وبحار الأنوار 26/341
ولا يخفى على كل مسلم أن هذه الكلام مخالف لأبجديات العقيدة الإسلامية الصحيحة, فالملائكة مخلوقون لعبادة الله وطاعته وتنفيذ أمره, وهم تبعا لذلك غير مكلفين كالبشر, فلا ثواب يترتب على أفعالهم ولا عقاب.
6- يزعم الشيعة أن حياة الملائكة موقوفة على الأئمة والصلاة عليهم, لأنه حسب قولهم: (ليس لهم طعام ولا شراب إلا الصلاة على علي بن أبي طالب ومحبيه, والاستغفار لشيعته المذنبين, كما أن الملائكة لا يعرفون تسبيحا ولا تقديسا من قبل تسبيح الأئمة وتسبيح شيعتهم) بحار الأنوار 26/349.
7- يزعمون أن الملائكة تراعي أمر الشيعة على وجه الخصوص, فإذا خلا الشيعي بصاحبه اعتزلهم الحفظة فلم يكتبوا عليهم شيئا, وقد جاء في كتبهم عن ذلك: (أن الشيعي إذا التقى بالشيعي يتساءلان قالت الحفظة: اعتزلوا بنا, فإن لهم سرا وقد ستره الله عليهما) وسائل الشيعة 8/563.
وهذا مخالف لصريح نص قول الله تعالى في القرآن الكريم: {أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لَا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ} الزخرف/80, وقوله تعالى: {إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ * مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} ق/17-18.
8- قام الشيعة بتأويل أسماء وألقاب الملائكة التي جاءت في القرآن الكريم بالأئمة, أو جعلوا وظائف الملائكة لأئمتهم, وقد عقد المجلسي بابا يظهر هذا الأمر وهو: ( باب أنهم –أي الأئمة– عليهم السلام الصافون والمسبحون وصاحب المقام الملعوم وحملة عرش الرحمن وأنهم السفرة الكرام البررة) بحار الأنوار 24/87, وهو ما يعني أنهم يقتربون من إنكار الملائكة من خلال إنكار وظائفهم وخصائصه وما شرفهم الله تعالى به.
يبدو مما أوردناه في هذا التقرير عن اعتقاد الشيعة بالملائكة أنه غريب وعجيب, بل هو في غاية الفظاعة والشناعة لمن كانت فطرته سليمه وإيمانه ومعتقده صحيح, أما من تلوثت عقيدته بمصائب وكوارث أعظم وأدهى مما ذكرناه, كما هو الشأن عند الشيعة الإمامية, فقد يستسهل الإيمان بمثل هذه العقائد الباطلة والزائفة.
وما يزال المخفي من أمثال هذه الطوام أكثر من المعروف منها عند هذه الفئة الضالة.
المصدر: http://www.taseel.com/display/pub/default.aspx?id=3783&mot=1