علم الاستشراق وظاهرة الجاسوسيّة السياسيّة
بين الاستشراق وجاسوسية المستشرقين
إنّ الدلالة الاصطلاحية للفظة الاستشراق تبدو عادية، وتعني ذلك العلم الذي يدرس لغات شعوب الشرق وتراثهم وحضاراتهم ومجتمعاتهم وماضيهم وحاضرهم،[1] وهذا في الحقيقة تحديد شامل، يقابله تحديد خاص يربط علم الاستشراق بمختلف الدراسات اللغوية والأدبية والتاريخية والعقيدية والتشريعية والحضارية المتعلقة بالشرق الأوسط، ويطلق على أصحاب تلك الدراسات "المستعربون"،[2] غير أنّه على مستوى التوظيف غالباً ما كانت تتلبس تلك الدلالة الاصطلاحية بما هو أيديولوجي وسياسي، فيحال الاستشراق على الغزو الغربي للعالم العربي والإسلامي، ولا يعدو أن يعني لدى السواد الأعظم من المسلمين إلا تلك الدراسات الأوروبية التي مهدت الطريق للآلة الاستعمارية الغربية.[3]
ولعل نظرية المفكّر إدوارد سعيد حول الاستشراق تنطوي على أفضل مقاربة لعلاقة الغرب بالشرق، فهو يرى أنّ الاستشراق ينقسم إلى ما هو تخييلي وجامعي واستعماري، وهذه كلها معان يحيل عليها هذا العلم، غير أنّ ثمة تبادلاً أو تضافرًا بينها كلها لتحقيق أهداف معينة مسطرة مسبقًا من قبل دوائر الاستعمار الغربي، فـ"الاستشراق كأسلوب غربي للسيطرة على الشرق، واستبنائه، وامتلاك السيادة عليه".[4] ولم يتم ذلك إلا عبر آلية القوة الخشنة كالحروب والقتال تارة، وعبر آلية القوة الناعمة كالقرصنة والتجسس على سبيل المثال لا الحصر تارة أخرى.
إنّ القرصنة استهدفت ما هو مادي من تحف ومنقوشات ومخطوطات، ولعل زائر المتاحف الغربية المشهورة، كمتحف اللوفر في باريس ومتحف المترو بوليتان في نيويورك والمتحف الوطني في لندن وغيرها يفاجأ بحجم المعروضات الشرقية والإسلامية الموجودة فيها، فكيف انتقل هذا التراث الزاخر من الشرق إلى الغرب وحطّ رحاله في العديد من المدن والعواصم الغربية؟ ألا يرتبط ذلك بتاريخ الاستعمار وجشع الكثير من المستشرقين والإثنوغرافيين والأركيولوجيين والأنثروبولوجيين والمستكشفين؟ ألا يعني هذا أنّ شقًّا كبيرًا من تاريخ الاستشراق يمكن أن يوصم بأنّه تاريخ القرصنة المدبّرة والسرقة الموصوفة؟ فإذا كان الإنسان الإفريقي قد شكّل في القرنين الخامس والسادس عشر سلعة مربحة للأوروبي الأبيض في سوق النخاسة وتجارة الرقيق، فهذا ما يسري كذلك على ما تعرض إليه التراث الإسلامي والشرقي من متاجرة وتصدير ومزاد.
ولم تقتصر القرصنة على ما هو مادي وتراثي فحسب، وإنّما تجاوزته إلى ما هو فكري ومعنوي، إذ نشطت حركة التجسس المتلفعة بما هو ثقافي وعلمي، فظل علم الاستشراق يشكل الإطار الذي حضن هذه الحركة الجاسوسية التي كانت تخدم المد الاستعماري الأوروبي، فضحى العديد من المستشرقين بالنفس والنفيس من أجل خدمة عروش البلدان التي ينحدرون منها وحكوماتها. وعندما نتأمل موقع الكثير من المستشرقين الجامعيين ضمن هذه المعادلة الامبريالية نجد أنّهم مجرد خُدّام مطيعين لحكوماتهم، التي أرسلتهم في مهمات استكشافية وتجسسية تحت غطاء ما هو ثقافي وأنثروبولوجي، بل ومنهم من شكل طرفًا من تلك الحكومات، كما هو حال لورنس العرب ولويس ماسينيون وإدوارد هنري مالمر ودي جي هوغارت وسنوك هورخرونيو وغيرهم كثير. وفي مقابل ذلك، تمكّنت فئة أخرى من المستشرقين من الاهتداء إلى الدين الإسلامي والدخول فيه عن اقتناع تام، كما هو الشأن بالنسبة إلى هاري فيلبي وافلين كوبولد وجون لويس بوركهارت ومارمادوك وليم بكثول ومحمد أسد وايس وغيرهم. غير أنّ ثمة من المستشرقين من اتخذ الإسلام أو الثقافة العربية ذريعة للنفوذ إلى أوساط المجتمعات المسلمة، فكانوا بمثابة عملاء مخابرات وعيون تجسّس لا غير!
لذا سأسلّط الضوء في هذا الصدد على ثلاثة مستشرقين معروفين هم: الإنجليزي ريتشارد فرانسيس بيرتن، الفرنسي (الجزائري المولد) أوجست مولييراس والهولندي كريستيان سنوك هورخرونيو.
مسلم مزيّف يدخل مكة حاجّاً!
يرى المفكر إدوارد سعيد أنّ ريتشارد فرانسيس بيرتن "استطاع بنجاح أبعد بكثير من تي. أي. لورنس، أن يصبح شرقيًّا، فهو لم يتكلم اللغة بطلاقة فحسب، بل استطاع أن ينفذ إلى قلب الإسلام ويحقّق، متنكرًا كطبيب هندي مسلم، الحجّ إلى مكة".[5] وهذا ما سوف يلهم العديد من المستشرقين في المستقبل الذين سوف يركّزون على إتقان لغة التواصل مع شعوب الشرق من جهة، والتظاهر بالدخول في الدين الإسلامي من جهة ثانية، كما سنرى لاحقًا عند المستعرب الفرنسي أوجست مولييراس وعند المستشرق الهولندي سنوك هورخرونيو المعروف بحجّه إلى مكة وزواجه الإسلامي في إندونيسيا.
إنّ المطّلع على ترجمة حياة بيرتن (1821- 1890) في موسوعة الاستكشاف البريطانية وغيرها من المراجع، يدرك أنّه كان موسوعيَّ المعرفة، جمع بين علوم الاستشراق والجغرافيا واللسانيات والإثنوغرافيا والترجمة والرحلة وغيرها، ثم إنّ أسفاره لم تقتصر على إقليم معيّن من أقاليم الشرق فحسب، وإنما غطّت مناطق متنوعة من القارات الآسيوية والإفريقية والأمريكية، حيث زار الهند ومصر والجزيرة العربية والصومال وتانزانيا ونيجيريا وأمريكا الشمالية والبرازيل وغير ذلك. ولعل مَرَدّ هذا إلى تقلّده مناصب متعدّدة في القوّات العسكرية البريطانية، وبعد ذلك في الجهاز الديبلوماسي مستشارًا وسفيرًا في البرازيل ودمشق وإيطاليا. وقد مكنته كثرة الترحال بين الأصقاع المترامية التي كانت تحت سيادة الإمبراطورية البريطانية من استكشاف شتى الثقافات والعقائد والتقاليد واللغات والجغرافيات، فكانت ثمرة ذلك كله العديد من الأبحاث والمؤلفات أشهرها ترجمته لألف ليلة وليلة ورحلة الحج إلى مكة والمدينة.[6]
ومن خلال القراءة الأولية لسيرة هذا المستشرق الموسوعي يظهر أنّ جهوده العلمية لا يمكن فهمها إلا في إطار المعادلة الإمبريالية الأوروبية، إذ يمكن اعتباره واحدًا من أهم صُنّاع السياسة الخارجية والاستعمارية الإنجليزية أثناء النصف الثاني من القرن التاسع عشر، ويذكر المفكّر إدوارد سعيد أنّ كتابات بيرتن كانت "نموذجًا للصراع بين الفردية وبين الشعور القوي بالتلبس القومي مع أوروبا (خصوصًا انكلترا) من حيث هي قوة إمبريالية في الشرق".[7]وأكثر من ذلك، كان بيرتن ممثّلاً بارعًا عرف كيف يوازن بين انتمائه القومي وعمالته لسلطة بلده وبين تعاطفه مع الشرق، ويستعير إدوارد سعيد في هذا الصدد ملاحظة مهمّة من توماس أسد يشير فيها "إلى أنّ بيرتن كان إمبرياليًّا رغم ربطه المتعاطف لنفسه بالعرب؛ بيد أنّ ما هو أكثر علائقية هو أنّ بيرتن اعتبر نفسه، في آن واحد، متمردًا ضد السلطة (ومن هنا توحد الهوية بينه وبين الشرق بوصفه مكانًا للحرية من السلطة الأخلاقية الفيكتورية) وعميلاً محتملاً للسلطة في المشرق. وما هو شيّق، هو طريق التعايش بين دورين متعارضين متعاديين رآهما بيرتن لنفسه".[8]
وإذا كان بيرتن قد تمكّن من المكوث والتنقل بين مختلف أرجاء الكرة الأرضية بِحُرّية تامة، غير أنّه كان من الصعوبة بمكان تحقيق ذلك في العالم الإسلامي، حيث الغريب القادم من أوروبا الصليبية غير مرحّب به، لأنه كان يشكّل خطرًا على الملّة والدين، فما كان على بيرتن إلا أن يسلك مسلك سابقيه من المستشرقين والرحالة، ويأخذ بالأسباب والشروط قبل أي مغامرة في العالم الإسلامي، فأتقن لغة القوم، وتظاهر بأنّه مسلم، بل وحمل اسمًا إسلاميًّا هو: ميرزا عبد الله. وهكذا تمكن من التسلل إلى البنى العميقة للمجتمع الإسلامي، ليسبر أغوار حقيقة شخصية الإنسان المسلم وعاداته وميوله وطموحاته، وسوف تبلغ حركته التجسسية ذروتها أثناء دخوله البقاع المقدّسة (مكّة والمدينة) حاجّاً مزيّفًا، وهو يجعل من هذا الصنيع "شهادة لانتصاره على نظام المعرفة الشرقية".[9]
ولعلّ الحجّ المزيّف الذي نظّمه بيرتن إلى مكّة يعتبر أغرب عملية تجسّس لعالم غربي كبير يشار إليه بالبنان، إذ دفعه الفضول الاستشراقي إلى محاولة إثبات صحة شكوك الغرب حول الدين الإسلامي عن طريق الدليل المادي، فقام بهذه الرحلة إلى الجزيرة العربية قصد سرقة قطعة من الحجر الأسود، وبحثها في المختبر العلمي بإنجلترا بغرض دحض الرواية الإسلامية التي تقول بأنّ هذا الحجر من السماء. ويحكي د. زغلول النجار في إحدى محاضراته المسجلة عن هذه الحادثة التي كان بطلها المستشرق بيرتن، أنّه حينما علم المستشرقون بهذا الأمر أرادوا البحث عن ثغرة يهاجمون بها الإسلام فقالوا إنّ المسلمين لا يعلمون شيئًا، وقالوا إنّ الحجر الأسود ماهو إلاّ حجر بازلت أسود موجود فى الطريق ما بين المدينة ومكة، وجرفه السيل وقطعه إلى خارج مكة، وعثر عليه إبراهيم عليه السلام، فوضعه بداية للطواف، وأرادوا أن يثبتوا صدق كلامهم فأرسلوا أحد علماء الجمعية البريطانية التابعة لجامعة كمبردج ودرس اللغة العربية، وذهب إلى المغرب حيث تعلم العامية المغربية، ومنها إلى مصر للحج مع حجاجها على أنّه حاج مغربي، ودخل الكعبة وفى غفلة الحراسة كسر قطعة من الحجر الأسود، وذهب بها إلى جدّة واحتفل به سفير بريطانيا فى السعودية احتفال الأبطال، فهو من وجهة نظرهم بطل أتى بالدليل على بطلان كلام رسول الإسلام بأنّ الحجر الأسود من السماء، ووصل إلى بريطانيا، وأودع قطعة الحجر الأسود فى متحف التاريخ الطبيعي بلندن ليتم تحليله، وأثبتوا أنّه نيزك من نوع فريد، فوقع الرجل مغشيًّا عليه، وكتب كتابًا من أجمل الكتب سمّاه "رحلة إلى مكّة" من جزأيْن، وصف في الجزء الأول عداءه للإسلام وإصراره على هزيمة المسلمين، ووصف في الجزء الثانى خضوعه لله سبحانه وتعالى بسبب أنّ الحجر الأسود من أحجار السماء.[10]
غير أنّ قصّة إسلام هذا المستشرق تظل تتراوح بين الحقيقة والزيف. فهل عاش الرجل بقية حياته مسلمًا أم إنّ إسلامه انتهى بانتهاء مهمته التجسسية في الجزيرة العربية؟ ولعل الاحتمال الأخير هو المرجّح، إذ لم يكن الإسلام سوى رداء تنكّر به الرجل قصد التسلل إلى البقاع المقدّسة، وهو مسكون، كما الإمبريالية الإنجليزية، بهاجس السيطرة على الشرق. وهذا ما يلخّصه المفكر إدوارد سعيد في قوله حول بيرتن: "فمن أجل أن يكون المرء أوروبيًّا في الشرق، وأن يكون كذلك بمعرفة، فإنّ عليه أن يرى الشرق ويعرفه بوصفه مجالاً تحكمه أوروبا. والاستشراق، وهو نظام المعرفة الأوروبية أو الغربية بالشرق، يصبح هكذا مرادفًا للسيطرة الأوروبية على الشرق، وتطغى هذه السيطرة بشكل فعّال حتى على الشذوذات المميزة لأسلوب بيرتن الشخصي".[11]
مهمّة تجسّسية بالنياية
لم يُعرف أوجيست مولييراس (1855 – 1931) بأنّه مستشرق أو مستعرب، وإنّما باعتباره مبشّرًا مسيحيًّا وإثنوغرافيًّا، بل إنّ المطّلع على المدرسة الاستشراقية الفرنسية لن يصادف اسمه أو أثره، غير أنّ المطّلع على أفكاره وكتاباته، لا سيما في كتابه المغرب المجهول بجزأيه الأوّل حول اكتشاف الريف والثاني حول اكتشاف جبالة، يدرك أنّ جهوده العلمية والإثنوغرافية لا تختلف كثيرًا عن جهود المستشرقين الأوروبيين، الذين انخرطوا في الحملة الإمبريالية والصليبية الجديدة ضد العالم الإسلامي، فهو يصرح بأنّ عمله يهدف إلى اكتشاف المغرب المجهول بالنسبة إلى الأوروبيين، وتمهيد الطريق لاستعماره من قبل فرنسا التي لها كامل الحقّ في ذلك. يقول في هذا الصدد: "لقد ناقشت مرارًا المسألة المغربية مع أعيان فاس ومراكش القلقين جدًّا وعن حقّ، على مستقبل بلدهم. والنتيجة التي توصّلنا إليها، قد تقدّم لفرنسا امتيازات لا تحصى وللمغرب منافع لا تقدّر بثمن. ولن تراق قطرة دم واحدة للوصول إلى هذه النتيجة! غير أنّ الزمن لا يرحم، وخصومنا يعملون دون هوادة لمضاعفة تأثيرهم داخل هذا البلد الرائع الذي يستحضرون ثروته وأهميته."[12] وبعد مرور أقل من عقدين من صدور هذا المؤلف سنة 1895 في وهران بالجزائر، سوف تتمكّن الإمبراطورية الفرنسية من احتلال المغرب وإخضاعه لنظام الحماية منذ سنة 1912، ممّا يؤكّد أنّ جهود المستشرقين ومساعيهم المبذولة، ومنهم مولييراس، سرعان ما أتت أكلها في زمن قياسي.
إنّ الإثنوغرافي مولييراس يكشف بصراحة تامّة في مقدّمة مؤلفه وثناياه عن الغرض الأساس من هذا العمل، وهو غرض إيديولوجي وسياسي محض، على الرغم من أنّ صاحبه كان يشغل كرسي اللغة العربية، ويدّعي البحث العلمي في مختلف قضايا الدين واللغة والجغرافيا والشعوب، فهو يقول: "إنّني تربيت وترعرعت تحت تأثير فكرتين لم أتوقف عن استحضارهما إلى يومنا هذا وهما: معرفة جارنا الغريب وإدراجه داخل مجال التأثير الفرنسي".[13] وهو يقصد بالجار الغريب المغرب الذي يوجد على مرمى حجر من مسقط رأسه تلمسان في الجزائر التابعة آنذاك للنفوذ الفرنسي، وقد عبّر عن أساه وعدم رضاه في فقرات سابقة من الكتاب بجهل فرنسا لهذا البلد، "وعلى الرغم مما يذكره واضعو الخرائط والجغرافيون الجيّدون الذين ينقل بعضهم عن البعض الآخر دون نقد ولا انشغال بالحقيقة، فإنّنا نستطيع التأكيد بأنّنا لا نعرف ولو جزءًا واحدًا من الألف، من هذه الإمبراطورية الشريفة". تُرى ما هي الأسباب التي تعترض اكتشاف أرض المغرب المجهول؟ فهو يرد هذا الجهل إلى سبب واحد وهو عدم معرفة اللغة العربية.[14]
لذلك يضع شرطين جوهريين أمام كل من يريد اكتشاف بلاد المغرب، أولهما معرفة اللغة العربية الكلاسيكية بشكل لا بأس به ومعرفة الدارجة المغربية واللهجات الأمازيغية بشكل جيد. فهو ينصح الشباب الفرنسي بقوله: "وأنتم أيها الفرنسيون الشباب المقبلون على السفر إلى المغرب، عليكم أن تستحضروا دائمًا هذه الحقيقة التي تم تجاهلها لمدة طويلة: وهي أنّ كل المكتشفين الأوروبيين قد فشلوا وسيفشلون في العالم الإسلامي، بسبب جهلهم للغة العربية".[15] وثانيهما المعرفة اللازمة بمقومات الدين الإسلامي، كالقرآن الكريم والسنة النبوية وأخبار الصحابة والفقه وبعض الأمداح النبوية.[16] بل وإنّ التظاهر بالإسلام قد يلعب لعب السحر في ألباب المسلمين، ويُمكّن صاحبه من التسلل إلى أوساط العامة والخاصة ونسج مختلف العلاقات المثمرة. فهو يعترف بأنّه "لم يتردد لحظة في ربط علاقة صداقة مع العديد من المغاربة، عربًا وأمازيغ، متعلمين وجاهلين، والذين لم يبخلوا علي بما يعرفون عن بلدهم وما يفكرون فيه، معتقدين بأنّني مسلم. ومن أعلى إلى أسفل درجات السلم الاجتماعي المغربي، اكتسبت أصدقاء حقيقيين، طلبوا مني في كثير من الأحيان التخلي عن خدمة النصارى والهجرة إلى جنة الإسلام هاته، حيث الحرية والحياة السهلة. فالتأثير الذي تمارسه المعرفة المعمقة إلى حد ما بالأدب وباللغة العربية على المسلمين، يكون له فعلاً وقع سحري لا يقاوم".[17]
غير أنّ هذه الشروط اللغوية والمعرفية لا تكفي للسفر إلى المغرب والتنقل عبر قراه ومداشره وأريافه بحُرّية تامّة، فهذه مغامرة محفوفة بالمخاطر. فعندما اعتقد مولييراس أنّه على أتمّ الاستعداد للقيام بهذا السفر، طلب منه أحد أصدقائه العارفين من باريس التخلي عن هذه المهمة التي تتطلب الحماية والتزكية من الجهات النافذة في العاصمة الفرنسية، وهذا ما لا يمكن الحصول عليه بسهولة، مما جعله يلغي مهمة السفر إلى أرض المغرب، إلا أنّه لم يلغ مشروعه الاكتشافي لهذا البلد المجهول. وسوف تعنّ له فكرة مؤداها أنّه سوف يبحث عمن يقوم بهذه المهمة التجسسية بالنيابة عنه، ويقوم هو فيما بعد بتدوين ذلك وإخراجه في شكل كتاب توثيقي يعرف فرنسا بتضاريس المغرب وقبائله وتقاليده وثرواته وقوته العسكرية. وهكذا تعرف مولييراس على رجل بفضل العناية الإلهية يدعى محمد بن الطيب عن طريق مخبر جزائري ساعده في إيجاد الرجل النادر المؤهل للقيام بهذا العمل، وقد أخبره بأنّه: "وصل إلى وهران طالب رث الثياب، على هيئة درويش مختل العقل شيئًا ما ويدعي معرفة عميقة بالمغرب".[18]وسرعان ما ستتوثّق علاقة مولييراس بهذا الرجل الذي ينحدر من منطقة القبائل الأمازيغية في الجزائر، ويؤثر فيه تارة بتظاهره بالإسلام وبمعرفته العميقة باللغة العربية، وطورًا بمكافأته بالقطع النقدية البيضاء التي كان الرجل في أمس الحاجة إليها، فيقبل في نهاية المطاف بالقيام بهذه المهمة التجسسية، التي سوف تمتد لأكثر من عشرين سنة، من 1872 إلى 1893، تمكن فيها هذا الرجل من تخزين جغرافية المغرب في رأسه، حيث كان مولييراس ينقب لكي يخرج من تلك الذاكرة الرائعة مئات الأسماء للقرى والقبائل والوديان والجبال، بل والعادات والتصرفات والأعراف والتقاليد والسلالات واللغات والسكان والقوى العسكرية والثروات الغابية والزراعية والمعدنية.[19]
على هذا الأساس، يبدو أنّ أوجست مولييراس يشكّل خير أنموذج للطابع التجسّسي لعلم الاستشراق، على الرغم من أنّه لم يتحرّك بجسده عبر ربوع المغرب، كما هو شأن الكثير من المستشرقين الذين ارتحلوا عبر مختلف أصقاع المشرق العربي، إلاّ أنّه تمكّن بدهائه الخارق من أن يحقق ما لم يحقّقه العديد من الرحالة والمستكشفين والمستعربين، فسبَر أغوار المغرب المجهول على الرغم من أنّ قدمه لم تطأ هذا البلد، وتعرف على أسرار المغاربة الخاصّة في زمن انعدمت فيه وسائل المعرفة من كتب وإعلام. وفي الأخير قدّم ذلك كله على صحن من ذهب لفرنسا التي كانت تتأهب للانقضاض على المغرب، ومن المحتمل أنّ دعوته المتكررة في كتابه "المغرب المجهول" الموجّهة إلى الدوائر الرسمية الفرنسية للإسراع بغزو المغرب كان لها تأثير كبير في القادة السياسيين، لأنّه بعد مدّة وجيزة من الانتهاء من مهمّته الاستكشافية والتجسسية سوف يبدأ مسلسل تقسيم المغرب بين الجارتين إسبانيا وفرنسا، الذي سوف يتوج بفرض نظام الحماية على بلاد المغرب في 30 مارس 1912.
مهندس السياسة الخارجية الهولندية بخصوص الإسلام
يعد كريستيان سنوك هورخرونيو (1857– 1936) أهمّ المستشرقين الهولنديين إبّان مرحلة استعمار العالم الإسلامي، فهو مستشرق مخضرم من الناحية الزمنية، إذ كان شاهدًا على نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين، ويعتبر العقل المخطط لسياسة هولندا الاستعمارية تجاه الإسلام، خصوصاً وأنّ هولندا كانت تأتي في الدرجة الثانية بعد بريطانيا من حيث العدد الذي تستعمره وتحكمه من الناس؛ إذ كانت تحكم نحو 35 مليون شخص، ينحدر أغلبهم من الجزر الإندونيسية الإسلامية؛ مما جعلها في أمس الحاجة إلى سياسة محكمة لإدارة مستعمراتها التي كانت تتشكل من الأغلبية المسلمة. وقد كان سنوك مستشاراً لكلّ من الحكومة الهولندية الإندونيسية الاستعمارية ووزارة الاستعمار في العاصمة لاهاي. وممّا لاشكّ فيه أنّ كتاباته الأكاديمية ساهمت بقسط وافر في صوغ صورة هولندا إزاء الإسلام، حيث سعى حثيثاً إلى نشر الثقافة الهولندية الغربية في الجزر الإندونيسية، فتمكّن من أن يجعل هذه الدولة الإسلامية تابعة ثقافياً لهولندا. وقبل ذلك، تعمق طويلاً في دراسة الإسلام وفهم عقلية المسلمين، بعيداً عن ثقافة الجدل وفي انفتاح تام على المجتمع الإسلامي، لكن دون المساس بالمصالح الاستعمارية العليا، بما أنّه كان يعتبر جزءاً لا يتجزأ من سياسة المستعمر التي ظل يخدمها ويروج لها. ويُقَسِّم الإسلامولوجي "فان كونينسفيلد" منشورات سنوك حول الإسلام إلى شقّين، أولهما يرتبط بالسياق الزماني وهو ذو طابع سياسي استعماري، وثانيهما عبارة عن تحليلات ودراسات ذات طابع علمي خالص.[20]
وهذا إن دلّ على شيء، فإنّه يدلّ على أنّ سنوك يظل واحدًا من مهندسي السياسة الاستعمارية الهولندية، ولا يمكن استيعاب فكره الاستشراقي إلاّ في إطار المصالح التوسعية لبلده، وهو بذلك لا يختلف عن الأنموذجين السابقين في طريقة تسلله إلى الوسط الإسلامي وتحايله على المسلمين عن طريق التظاهر باعتناق الإسلام، فحجّ إلى مكة واستقر هناك مدّة نصف سنة (1884-1885) تفرّغ فيها لدراسة الإسلام، وكان يحمل اسم عبد الغفار، وتندرج هذه التجربة في إطار أطروحته الجامعية لنيل شهادة الدكتوراه من جامعة ليدن، التي كان موضوعها الدراسة النقدية التاريخية لنشأة شعيرة الحج. ويرى فان كونينسفيلد أنّ اختيار هذا الموضوع كان له جانب سياسي وعملي، لأنّ فريضة الحجّ الواجبة على كلّ مسلم قادر خلقت في تلك الفترة الاستعمارية الكثير من الجدل السياسي، فطفا على السطح رأي يدعو إلى منع الحجاج الإندونيسيين الهولنديين من المشاركة في أداء الحج، وذلك تحت ذرائع متنوعة، حيث رأى البعض أنّ السفر للحج قد يكلف المستعمرات الكثير من المال، وتوجس فريق آخر من تأثر الحجاج في مكة بالدعاوى المناوئة والرافضة للاستعمار الهولندي، وتخوف فريق ثالث من انتقال الأمراض المعدية كالكوليرا بواسطة مياه زمزم التي يحملها معهم الحجاج أثناء العودة. وقد عمل سنوك على جمع مختلف المعلومات حول الحياة اليومية في مكة بصفة عامة، وحول كل صغيرة وكبيرة تتعلق بالحجاج المنحدرين من الجزر الإندونيسية التي كانت مستعمرة هولندية بصفة خاصة، وكانت هذه المعطيات ذات قيمة سياسية لا يستهان بها.[21] وأكثر من ذلك، فإنّه أوصى في أطروحته الجامعية السلطات الهولندية بتقليص عدد الحجاج الإندونسيين المتوجهين إلى مكة.[22]
إنّ سنوك لم يكتف باتخاذه الإسلام مطية قصد التمكن من السفر إلى مكة من أجل الدراسة، وإنّما سوف يستمر على إسلامه المزيف أثناء استقراره في إندونيسيا، حيث سوف يُنصّب مفتيًا رسميًا لبتافيا، أي جكارتا حاليًّا، وهكذا سوف يحل عبد الغفار محل سنوك ليصبح شخصية نافذة ومؤثرة في المجتمع الإندونيسي المسلم، يتحرك بحرية تامة عبر مختلف البقاع، ويتقن أكثر من عشر لغات، بل ويتزوج زواجًا إسلاميًّا يخلف منه أربعة أبناء، اقترن في 1890 بابنة أحد الأئمة المشهورين، وبعد وفاتها سنة 1903 سوف يتزوج مرة ثانية من صبية قاصر تبلغ من العمر ثلاثة عشر عاما! بيد أنّ الغريب في الأمر أنّه بمجرد عودته النهائية إلى هولندا والعمل أستاذًا للغة العربية في جامعة ليدن، سوف يقطع كل الصلة بأسرته المسلمة في إندونيسيا، ويمنع أبناءه من استخدام نسبه ومن المجيء إلى هولندا. بل وقد أخفى حقيقة زواجه عن أقرب الأصدقاء، واعتبر ما تكتبه الصحافة الإندونيسية حول ذلك مجرد إشاعات لا غير.[23]
ومع هذا كله، يُحسب لسنوك، حسب ما يخلص إليه فان كونينسفيلد، موقفه الإيجابي بخصوص الإسلام، إذ يرى أنّه لا يختلف عن الأديان الأخرى، فهو ينطوي على إمكانيات للتحول والتطور، تحت تأثير سياسة عقلانية، نحو الانسجام مع القيم الإنسانية المعاصرة،[24] والمقصود بالسياسة العقلانية في هذا الصدد سياسة الاستعمار الهولندي، الذي من شأنه أن يحرّر الإنسان المسلم من خرافة الشرق الديني والأسطوري وتخلّفه وينقله إلى عقلانية الغرب العلمي والعلماني وتقدّمه، وقد سبق لمستشرقين وفلاسفة غربيين مشهورين مثل هنرش بيكر وإرنست رينان وكريستيان لاسن أن رددوا مثل هذه الرؤى التي ترسخ تفوق الغرب ودونية الشرق، وها هي الآن تعود إلى الواجهة، سواء مع سنوك أم مع مولييراس الذي تشتم في خطابه نزعة التمييز العرقي بين العرب والبربر، وهذا ما يحيل على سياسة فرنسا التفريقية في المنطقة، التي سوف تتوج فيما بعد بما يُعرف بالظهير "البربري" الذي صدر في 16 ماي 1930 بهدف تقسيم المغرب إلى منطقتين مفصولتين، أولاهما منطقة القبائل التي يسكنها الأمازيغ، وثانيتهما منطقة نفوذ المخزن التي يسكنها العرب، وقد سبّب هذا الظهير ضجّة عارمة في المجتمع المغربي، وخلق معارضة شديدة لدى كلا الطرفين.[25]
بناء على ما سبق، على الرغم من أنّ سنوك يعتبر في هولندا والغرب واحدًا من مؤسسي علم الإسلام الحديث، إلا أنّه لا يمكن فصل هذا الجهد الاستشراقي عن المعادلة السياسية الاستعمارية الهولندية إزاء الإسلام، الذي كان طرفًا فاعلاً فيها ومشاركًا في نسج منطلقاتها وملامحها وأهدافها. حقًّا إنّه لا يمكن إنكار دوره التقعيدي المبكر للدراسات الإسلامية في هولندا، إلاّ أنّنا عندما نستغور الهواجس التي كانت تسكنه وهو يدرس الإسلام في مكة، ويُنزّله على الواقع الإندونيسي إفتاء وممارسة، ويُنظّر له في جامعة ليدن، ندرك أنّ هذا كله بمثابة مسرحية استشراقية مونودرامية (هو بطلها الوحيد؛ صاحب الكلمة والقرار!) عرف كيف يكذب فيها على المسلمين البسطاء في إندونيسيا ويخدعهم بمظهره الإسلامي المزيف. ألا يعتبر هذا الفعل قمة التجسس السياسي الذي انطبع به شقّ عظيم من علم الاستشراق؟ ألا يكشف هذا عن "ازدواجية شاذّة" في تعامل علم الاستشراق مع الإسلام والشرق؟ ألم تشوّه هذه الممارسة المشينة جهود "المستشرقين الشرفاء" الذين برّأ ذمتهم ذات يوم المستشرق الألماني اسطفان فيلد في ردّ له على المفكر الإسلامي محمود حمدي زقزوق الذي اتهم المستشرقين بالإساءة إلى الإسلام؟[26]
خلاصة
لقد اختارت هذه الدراسة أن تتناول ثلاثة نماذج استشراقية في علاقتها بظاهرة التجسّس السياسي، ولئن كانت هذه النماذج تنتمي إلى مدارس مختلفة (إنجليزية، فرنسية، هولندية) وتشتغل على أقاليم متباينة (مصر، المغرب، إندونيسيا)، فإنّها تأتلف سواء في منطلقاتها التوسّعيّة أو في آليات عملها أو في أهدافها المرسومة. ولقد ثبت لنا بالأدلة القاطعة كيف أنّ الكثير من المستشرقين كانوا مجرّد جواسيس للدول التي ينتمون إليها، ينقلون لها مختلف أخبار الشرق وأسراره التي تستأنس بها في صياغة استراتيجياتها التوسّعية نحو أقاليم الشرق الإسلامية وغير الإسلامية، بل ثمّة مِن المستشرقين مَن كان يشارك بنفسه في وضع الخطط وتنفيذها، كما هو الشأن بالنسبة إلى بيرتن وسنوك.
وهذا يعني أنّ طريق البحث العلمي والجامعي الذي سلكه الكثير من المستشرقين لم يكن خالصًا وموضوعيًّا، وإنّما كان يشوبه ما هو سياسي واستعماري، فغالبًا ما شكّل طلب العلم والمعرفة قناعًا يخفي وراءه أهدافًا سياسية وتوسعية، إذ كان المستشرقون يعتمدون شتّى الحيل التجسسية قصد التسلل إلى قلب المجتمعات الإسلامية، كإتقان اللغة ومعرفة العادات والتقاليد والتظاهر بالدخول في الإسلام والاندماج الثقافي واتخاذ الأسماء العربية والإسلامية، وقد رأينا كيف أصبح "بيرتن" ميرزا عبد الله و"سنوك" عبدَ الغفار؟ وكيف صار "مولييراس" أديبا مسلما و"بيرتن" طبيبا هنديا مسلما و"سنوك" المفتي الكبير لجاكارتا؟!
وهكذا تحوّل علم الاستشراق على يد هؤلاء إلى مجرّد وسيلة للتجسس على الآخر الشرقي والمسلم، ومن ثم تعبيد الطريق للآلة العسكرية الأوروبية لتبسط سيادتها على ما استكشفه المستشرقون والإثنوغرافيون والأنثروبولوجيون والرحّالة من أقاليم، مما يؤكد الدور الخطير الذي لعبه قسم كبير من علم الاستشراق في تهيئة الأجواء وتمهيد الطرقات للإمبريالية، وهذا يعني أنّ العديد من الدراسات الاستشراقية ينبغي أن تُستوعب وتُفكّك في إطار هذه المعادلة العامة، حيث يمكن اعتبار ادّعاء البحث العلمي مجرّدَ هدف مزيّف يخفي وراءه الهدف الحقيقي، الذي هو خدمة الحركة الاستعمارية الأوروبية.
[1] ناجي عبدالجبار، تطور الاستشراق في دراسة التراث العربي، مكتبة العروبة، بغداد، 1981، ص 23
[2] المرجع نفسه، ص 13
[3] تناولتُ موضوع الاستشراق في كتابي: صورة الإسلام في المقاربة الأكاديمية الهولندية، المقاربة الأكاديمية الهولندية نموذجًا، مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، دراسات استراتيجية،ع 183، ط1/2013
[4] إدوارد سعيد، الاستشراق: المعرفة، السلطة، الإنشاء، تر. كمال أبو ديب، مؤسسة الأبحاث العربية، بيروت، ط7/2005، ص 39
[5] إدوارد سعيد، ص 207
[6] Carl Waldman and Alan Wexler, Encyclopedia of Exploration Volume 1: The Explorers, Facts On File, Inc. New York 2004, p. 91- 93
[7] إدوارد سعيد، ص 206، 207
[8] المرجع نفسه، ص 207
[9] المرجع نفسه، ص 207
[10] بتصرّف من محاضرة: قصة إسلام رجل بريطاني والحجر الأسود، د. زغلول النجار، الرابط: https://www.youtube.com/watch?v=buBfxCo3pz8
[11] إدوارد سعيد، ص 208
[12] أوجست مولييراس، المغرب المجهول، اكتشاف الريف، ج 1، تر. د. عز الدين الخطابي، منشورات تفراز ن اءريف – المغرب 2007، ص 41
[13] المرجع نفسه، ص 17
[14] المرجع نفسه، ص 14
[15] المرجع نفسه، ص 16
[16] المرجع نفسه، ص 14، 15
[17] المرجع نفسه، ص 17
[18] المرجع نفسه، ص 19
[19] المرجع نفسه، ص 23
[20] P.S. Van Koningsveld, De islam, Een eerste kennismaking met geloofsleer, wet en geschiedenis, De Ploeg Utrecht 1988, p. 118, 119
[21] P.S. Van Koningsveld, Sprekend over de islam en de moderne tijd, Teleac Prometheus, Utrecht/Amsterdam 1993, p. 26, 27
[22] Maurice Blessing, ‘Christiaan Snouck Hurgronje (1857-1936)’, in: Historisch Nieuwsblad, HN nr. 2/2007
[23] Ibid
[24] P.S. Van Koningsveld, Sprekend over de islam en de moderne tijd, p. 29
[25] تناولت جانبا من هذا الموضوع في كتابي: الإسلام والأمازيغية نحو فهم وسطي للقضية الأمازيغية، أفريقيا الشرق الدار البيضاء 2008، ص 121- 126
[26] محمود حمدي زقزوق، الإسلام في الفكر الغربي (عرض ومناقشة)، دار القلم، ط3/1406هـ – 1986، الكويت، ص 58
المصدر: http://mominoun.com/articles/%D8%B9%D9%84%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%B3...