الحوار كمنهج قرآني مع المشركين
في زمن كان البطش والتنكيل أسلوبا وطريقة متبعة للتعامل مع المخالف في الفكر والعادات والتقاليد عند الكفار والمشركين من أهل مكة وأمثالهم, جاء القرآن الكريم ليرسخ أسلوبا آخر وطريقة مختلفة للتعامل مع المخالف هي طريقة الحوار, وفي وقت كانت القوة الجاهلة هي لغة الخطاب مع المخالف في العقيدة والدين, نزل القرآن الكريم على محمد صلى الله عليه وسلم بلغة العقل والعلم والفطرة السليمة للوصول إلى هداية الخلق إلى الحق المنشود.
لقد وردت كلمة الحوار في القرآن الكريم بمعنى المراجعة في الكلام والمجاوبة في أكثر من آية بشكل واضح وصريح, فوردت في قصة صاحب الجنتين مع أخيه مرتين: {وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالًا وَأَعَزُّ نَفَرًا} الكهف/34, {قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلًا} الكهف/37, ثم تكررت في قصة المرأة التي جادلت رسول الله صلى الله عليه وسلم في زوجها, قال تعالى: {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ} المجادلة/1.
والمتتبع لأسلوب القرآن الكريم في خطابه مع المشركين الذين جعلوا مع الله إله آخر -سواء بسبب الجهل وقلة العلم في ذلك الزمان وفي كل عصر وأوان, أو بسبب تقليد الآباء والأجداد واتباع الشيطان- يجده يعتمد الحوار أسلوبا لأخذ يد الجاهلين إلى إعمال العقل ونبذ الخرافات والوهم, كما يعتمد طريقة نقد ما كان على الآباء والأجداد من شرك وكفر.
لقد أثمر الحوار القرآني مع بعض المشركين ممن كانت نفوسهم وعقولهم كمثل الأرض الطيبة, أثمرت وأينعت بمجرد ملامستها للماء, فكانت لهم آيات القرآن نورا أضاء لهم ظلمات ما كانوا عليه من جهل ووهم, وطوق نجاة أخرجتهم من بحار الضلال إلى شواطئ الهدى والإيمان, كما حصل مع عمر بن الخطاب رضي الله عنه حين تلا بعض آيات من كتاب الله تعالى.
وعلى النقيض من ذلك كانت تلك الآيات القرآنية الحوارية حجة على المعاندين والمتكبرين يوم القيامة, ممن كانت نفوسهم وعقولهم كمثل الأرض القيعان التي لا تمسك ماء ولا تنبت كلأ ولا زرعا, من أمثال أبي جهل وأبي لهب وغيرهم.
لقد ورد ضرب المثل في الفرق بين من يتقبل هداية الله تعالى من خلال الحوار القرآني وبين من يرفضه ويتكبر عليه في الحديث الصحيح عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال قال رسول الله عليه وسلم: (مَثَلُ مَا بَعَثَنِي اللَّهُ بِهِ مِنْ الْهُدَى وَالْعِلْمِ كَمَثَلِ الْغَيْثِ الْكَثِيرِ أَصَابَ أَرْضًا فَكَانَ مِنْهَا نَقِيَّةٌ قَبِلَتْ الْمَاءَ فَأَنْبَتَتْ الْكَلَأَ وَالْعُشْبَ الْكَثِيرَ وَكَانَتْ مِنْهَا أَجَادِبُ أَمْسَكَتْ الْمَاءَ فَنَفَعَ اللَّهُ بِهَا النَّاسَ فَشَرِبُوا وَسَقَوْا وَزَرَعُوا وَأَصَابَتْ مِنْهَا طَائِفَةً أُخْرَى إِنَّمَا هِيَ قِيعَانٌ لَا تُمْسِكُ مَاءً وَلَا تُنْبِتُ كَلَأً فَذَلِكَ مَثَلُ مَنْ فَقُهَ فِي دِينِ اللَّهِ وَنَفَعَهُ مَا بَعَثَنِي اللَّهُ بِهِ فَعَلِمَ وَعَلَّمَ وَمَثَلُ مَنْ لَمْ يَرْفَعْ بِذَلِكَ رَأْسًا وَلَمْ يَقْبَلْ هُدَى اللَّهِ الَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ) صحيح البخاري برقم79.
أسلوب القرآن في حواره مع المشركين
لقد استخدم القرآن الكريم في حواره مع المشركين أكثر من وسيلة وطريقة, في سبيل الوصول معهم إلى الهداية وتوحيد الله تعالى, وترك ما هم عليه من وثنية وشرك بالله.
1- أسلوب الصدمة الواقعية ونقد التقليد للآباء: وذلك من خلال حوار ابراهيم عليه السلام مع قومه المشركين, حيث قام بتكسير جميع أصنامهم بعد أن خرجوا ليوم عيدهم, ثم وضع القدوم في يد كبيرهم، لعلهم يعتقدون أنه هو الذي غَارَ لنفسه، وأنف أن تعبد معه هذه الأصنام الصغار، فكسرها كما ذكر ابن كثير في تفسيره.
وقد جرى حوار جميل يبين مدى حرص البيان الإلهي على هداية المشركين من خلال بيان أنبياء الله لأقوامهم خطورة الجريمة المرتكبة بعبادة أوثان لا تضر ولا تنفع, وفداحة الخسارة باتباع نهج الآباء والأجداد دون علم أو بينة.
قال تعالى: {وَلَقَدْ آتَيْنَا إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا بِهِ عَالِمِينَ * إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ * قَالُوا وَجَدْنَا آبَاءَنَا لَهَا عَابِدِينَ * قَالَ لَقَدْ كُنْتُمْ أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ *... وَتَاللَّهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُمْ بَعْدَ أَنْ تُوَلُّوا مُدْبِرِينَ فَجَعَلَهُمْ جُذَاذًا إِلَّا كَبِيرًا لَهُمْ لَعَلَّهُمْ إِلَيْهِ يَرْجِعُونَ * قَالُوا مَنْ فَعَلَ هَذَا بِآلِهَتِنَا إِنَّهُ لَمِنَ الظَّالِمِينَ .... قَالُوا أَأَنْتَ فَعَلْتَ هَذَا بِآلِهَتِنَا يَا إِبْرَاهِيمُ * قَالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا فَاسْأَلُوهُمْ إِنْ كَانُوا يَنْطِقُونَ * فَرَجَعُوا إِلَى أَنْفُسِهِمْ فَقَالُوا إِنَّكُمْ أَنْتُمُ الظَّالِمُونَ * ثُمَّ نُكِسُوا عَلَى رُءُوسِهِمْ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا هَؤُلَاءِ يَنْطِقُونَ * قَالَ أَفَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكُمْ شَيْئًا وَلَا يَضُرُّكُمْ * أُفٍّ لَكُمْ وَلِمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ} الأنبياء/51-67
2- أسلوب استنتاج وحدانية الألوهية من خلال اعتراف المشركين بوحدانية الربوبية, وذلك في أكثر من موضع من كتاب الله تعالى: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ} العنكبوت/61, {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ نَزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهَا لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ} العنكبوت/63
جاء في تفسير الطبري: ولئن سألت يا محمد هؤلاء المشركين بالله، من خلق السموات والأرض فَسَوّاهن، وسخَّر الشمس والقمر لعباده، يجريان دائبين لمصالح خلق الله، ليقولنّ: الذي خلق ذلك وفَعَلَه الله.(فَأنَّى يُؤْفَكُونَ) يقول جلّ ثناؤه فأنى يُصْرفون عمن صنع ذلك، فيعدلون عن إخلاص العبادة له. 20/59
ومن المعلوم أن المشركين كانوا يفرقون بين توحيد الربوبية والألوهية, فيقرون بالأولى وينكرون الثانية, بالرغم من كون توحيد الربوبية لا يتحقق إلا بتوحيد الألوهية, فمدلول الأول علمي والثاني عملي, ولا عبرة بالعلم إن لم يكن وسيلة للخضوع والطاعة والعمل.
لقد توالت الآيات القرآنية التي حاولت حوار المشركين في هذا الأمر العجيب منهم, إذ كيف لعاقل أن يقر بربوبية الله, ووحدانية في الخلق والرزق وتدبير شؤون الكون والإنسان والحياة, ثم يكون يجعل لله بعد كل ذلك شريك في العبادة والطاعة والانقياد؟؟!!
قال تعالى: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ} الزمر/38.
3- الاحتجاج على المشركين بإقرارهم بألوهية الله عند الشدائد قال تعالى: {قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ اللَّهِ أَوْ أَتَتْكُمُ السَّاعَةُ أَغَيْرَ اللَّهِ تَدْعُونَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ * بَلْ إِيَّاهُ تَدْعُونَ فَيَكْشِفُ مَا تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِنْ شَاءَ وَتَنْسَوْنَ مَا تُشْرِكُونَ} الأنعام/140
4- الاحتكام للدليل والعلم: وذلك من خلال حوار قرآني هادئ مع المشركين, ومطالبتهم بالدليل والبرهان على جعلهم الأصنام إله يعبد مع الله: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّمَاوَاتِ ائْتُونِي بِكِتَابٍ مِنْ قَبْلِ هَذَا أَوْ أَثَارَةٍ مِنْ عِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ * وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لَا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ * وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُوا لَهُمْ أَعْدَاءً وَكَانُوا بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِين} الأحقاف/4-6 .
لقد أظهرت هذه الآيات سمو المنهج القرآني الحواري مع المشركين, ومنطقية المبادئ والمنطلقات التي يؤسسها للوصول إلى النتيجة المرجوة والمأمولة, وذلك من خلال الاحتكام إلى العلم, الذي لا يقبل بغير الدليل والبرهان حجة وسبيلا للوصول إلى الحق المنشود.
لقد طالب البيان الإلهي المشركين مع الله إله آخر في العبادة, أن يرشدوه إلى المكان الذي استقلوا بخلقه من الأرض, أو الكتاب الذي أنزل على نبي من أنبيائه سبحانه يأمرهم بعبادة تلك الأوثان, أو أي دليل نقلي أو عقلي على هذا المسلك الذي يسلكوه إن كانوا صادقين؟!!
5- المناظرة برد الشبهات: حيث أزال القرآن الكريم شبهات بعض المشركين الذين حاولوا الزعم بأن الله تعالى ما دام مطلعا على ما هم فيه من الشرك والتحريم لما حرموه، وهو قادر على تغييره بأن يلهمنا الإيمان، أو يحول بيننا وبين الكفر، فلم يغيره، فدل على أنه بمشيئته وإرادته ورضاه وقع منا ذلك؟!!
قال تعالى: {سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ حَتَّى ذَاقُوا بَأْسَنَا قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَخْرُصُونَ} الأنعام/148
لقد كان الرد القرآني على هذه الشبهة بالحوار القائم على العلم والمنطق والبرهان, فذكر الله تعالى أن هذه الشبهة لو كانت صحيحة لما أذاق الله بأسه على من كان قبلهم من الأمم ممن أشركوا، ودمر عليهم، وأدال عليهم رسله الكرام، وأذاق المشركين من أليم الانتقام.
ثم إن كان الله راض عن شركهم وتحريمهم ما أحل الله وتحليلهم ما حرمه كما يزعمون, فليظهروا وليبرزوا الأدلة العلمية على رضاه سبحانه بذلك, ليأتي الجواب القرآني بأنهم يتبعون الجهل والوهم والخيال, ويكذبون على الله فيما يدعون ويزعمون. تفسير ابن كثير 3/358
يقول الفخر الرازي: اعلم أنه تعالى لما حكى عن أهل الجاهلية إقدامهم على الحكم في دين الله بغير حجة ولا دليل، حكى عنهم عذرهم في كل ما يقدمون عليه من الكفريات، فيقولون: لو شاء الله منا أن لا نكفر لمنعنا عن هذا الكفر، وحيث لم يمنعنا عنه، ثبت أنه مريد لذلك فإذا أراد الله ذلك منا امتنع منا تركه فكنا معذورين فيه. تفسير الفخر الرازي 7/11
6- إثارة الأدلة العقلية: لقد استثار القرآن الكريم عقول المشركين التي أكرمهم الله تعالى بها, وميزهم من خلالها عن سائر مخلوقاته, من خلال نفي قدرة من سواه على الإماتة والإحياء, إضافة إلى استحالة وجود إلهين في الكون عقلا.
قال تعالى: {أَمِ اتَّخَذُوا آلِهَةً مِنَ الْأَرْضِ هُمْ يُنْشِرُونَ * لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ} الأنبياء/-2221
أما نفي القدرة عن غير الله تعالى في إحياء الموتى ونشرهم من الأرض فقد قَالَ الْمُفَضَّلُ كما جاء في تفسير القرطبي: مَقْصُودُ هَذَا الِاسْتِفْهَامِ الْجَحْدُ، أَيْ لَمْ يَتَّخِذُوا آلِهَةً تَقْدِرُ عَلَى الْإِحْيَاءِ. وَقِيلَ:" أَمِ" بِمَعْنَى" هَلْ" أَيْ هَلِ اتَّخَذَ هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكُونَ آلِهَةً مِنَ الْأَرْضِ يُحْيُونَ الْمَوْتَى!!
وأما استحالة وجود إلهين في الكون عقلا فمن خلال فساد نظام الكون والحياة مع إلهين إثنين, قال القرطبي: لَوْ كَانَ فِيهِمَا إِلَهَانِ لَفَسَدَ التَّدْبِيرُ، لِأَنَّ أَحَدَهُمَا إِنْ أَرَادَ شَيْئًا وَالْآخَرُ ضِدَّهُ كَانَ أَحَدُهُمَا عَاجِزًا: وَقِيلَ: مَعْنَى" لَفَسَدَتا" أَيْ خَرِبَتَا وَهَلَكَ مَنْ فِيهِمَا بِوُقُوعِ التَّنَازُعِ بِالِاخْتِلَافِ الْوَاقِعِ بَيْنَ الشُّرَكَاءِ . الجامع لأحكام القرآن 11/278
ومنهج استثارة القرآن الكريم لعقول المشركين والمطالبة بإعمالها للوصول إلى الحقيقة والتوحيد كثير ومشهور.
7- بيان أن الشرك بالله خرافات وأوهام, وأن له أضرار في الدنيا والآخرة: قال تعالى: {أَيُشْرِكُونَ مَا لَا يَخْلُقُ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ * وَلَا يَسْتَطِيعُونَ لَهُمْ نَصْرًا وَلَا أَنْفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ * وَإِنْ تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدَى لَا يَتَّبِعُوكُمْ سَوَاءٌ عَلَيْكُمْ أَدَعَوْتُمُوهُمْ أَمْ أَنْتُمْ صَامِتُونَ * إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ فَادْعُوهُمْ فَلْيَسْتَجِيبُوا لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ * أَلَهُمْ أَرْجُلٌ يَمْشُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ أَيْدٍ يَبْطِشُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ أَعْيُنٌ يُبْصِرُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا قُلِ ادْعُوا شُرَكَاءَكُمْ ثُمَّ كِيدُونِ فَلَا تُنْظِرُونِ} الأعراف/191-195
وذكر الله تعالى بعض أضرار الشرك في الدنيا قبل الآخرة في قصة صاحب الجنتين: {وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلَى مَا أَنْفَقَ فِيهَا وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَدًا} الكهف/42
إن الواقع المعاصر الذي يشهد انتكاسة كبيرة في الحوار, من خلال استغلال الغرب لهذا الشعار لكسب مزيد من صكوك استسلام وإذعان بعض المسلمين طوعا أو كرها, ناهيك عن محاولاته الدؤوبة لدس سم لوثة الإلحاد والشرك بالله بعسل شعار الحوار الذي لا ضوابط أو خطوط حمراء له, يوجب على المسلمين إبراز المنهج القرآني في الحوار بشكل عام, وحواره مع المشركين والملحدين بشكل خاص.
وإذا كان الحوار مع غير المسلمين لهدايتهم إلى الحق لازم وضروري, فإن حوار المسلمين مع بعضهم البعض في شتى المجالات أكثر ضرورة وأشد لزوما, في وقت يشهد ازدياد وجود بعض الجماعات التي تكفر المسلمين دون مبرر أو دليل, كما تشهد حالة من الانقسام والاختلاف في الآراء الفكرية و حتى العقائدية بين المسلمين كبيرة وعميقة.
المصدر: http://www.taseel.com/display/pub/default.aspx?id=4042&mot=1