العنف المجتمعي
الدكتور محمد الزعبي
الحمد لله الذي خلق من الماء بشراً، وجعل منه نسباً وصهراً، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أما بعد:
يقول الله عز وجل:(يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) الحجرات/13.
ما أجمل هذا النداء، وما أروع هذا البيان! إنه الله سبحانه ينادي عباده الذين خلقهم من ذكر وأنثى: أيها الناس؛ المختلفون أجناساً وألواناً.. المتفرقون شعوباً وقبائل.. إنكم من أصل واحد؛ فلا تختلفوا ولا تتفرقوا ولا تتخاصموا ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم وكونوا عباد الله إخواناً، إن أكرمكم عند الله أتقاكم، مصداقاً لقول النبي صلى الله عليه وسلم:(أَيُّها النَّاسُ، ألا إنَّ رَبَّكُمْ واحِدٌ، ألا وَإنَّ أَباكُمْ واحِدٌ، ألا لا فَضْلَ لِعَرَبِيٍّ عَلَى عَجَمِيٍّ، ولا لِعَجَمِيٍّ على عَرَبِيٍّ، ولا أَسْوَدَ على أَحْمَرَ، ولا أَحْمَرَ على أَسْوَدَ، إلاَّ بِالتَّقْوى، ألا هَلْ بَلَّغْتُ؟) قالُوا: بَلَّغَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قال:(لِيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ الغائبَ)، ثُمَّ قال:(أَيُّ يَوْمٍ هَذا؟) قالُوا: يَوْمٌ حَرامٌ، ثُمَّ قال:(أَيُّ شَهْرٍ هَذا؟) قَالُوا: شَهْرٌ حَرَامٌ، قال:(أَيُّ بَلَدٍ هَذا؟) قالُوا: بَلَدٌ حَرَامٌ، قال:(فإنَّ اللَّهَ قَدْ حَرَّمَ بَيْنَكُمْ دِماءَكُمْ وَأَمْوالَكُمْ - قال: فَلا أَدْرِي قال: وَأَعْراضَكُمْ، أَمْ لا - كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هذا، في شَهْرِكُمْ هذا، في بَلَدِكُمْ هذا، أَبَلَّغْتُ؟) قالُوا: بَلَّغَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قال:(لِيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ) رواه الإمام أحمد في "مسنده".
ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم:(المؤمن للمؤمن كالبنيان؛ يشد بعضه بعضاً.وشبَّك بين أصابعه) متفق عليه.
ما أروع هذا التشبيه من رسولنا صلى الله عليه وسلم، وكم نحن في أمسِّ الحاجة إليه في هذا الزمان، فكما أن البنيان يشد بعضه بعضاً وتتماسك لبناته بالطين؛ يجب على المجتمع المسلم أن يكون كذلك، فيتعاونون ويتراحمون ويتماسكون ويتراحمون فيما بينهم، فتسود بينهم المودة والرحمة والألفة، فيرتقوا إلى تلك الدرجة الرفيعة والمنزلة العالية التي وصف النبي صلى الله عليه وسلم المجتمع المسلم بها:(مَثَلُ المؤمنين في توادِّهم وتراحُمهم وتعاطفهم كمثل الجسد؛ إذا اشتكى منه عضوٌ تداعى له سائر الجسَد بالسَّهر والحمَّى) متفق عليه.
ولذا حرّم الإسلام كلّ ما من شأنه المساس بهذه الرابطة بين أفراد المجتمع، قال عليه الصلاة والسلام:(لا تحاسَدوا، ولا تناجَشوا، ولا تباغَضوا، ولا تدابَروا، ولا يبِعْ بعضكم على بيع بعض، وكونوا عبادَ الله إخواناً. المسلم أخو المسلم، لا يظلِمه ولا يخذله ولا يحقره. بحسب امرئٍ من الشرِّ أن يحقرَ أخاه المسلم. كلُّ المسلم على المسلم حرام: دمُهُ وماله وعرضه) رواه مسلم.
ومن هنا.. ندرك أيها الإخوة كيف استطاع النبي صلى الله عليه وسلم - بتوفيق الله - أن يُكوِّن مجتمعاً مسلماً قوياً متماسكاً متراحماً... لقد استطاع عليه الصلاة والسلام بحسن أخلاقه وسعة صدره وتأييد الله له أن يجمع بين أفراد تباعدت بهم الأصول والمنابت، لسان حالهم كما قال الشاعر:
إن يختلف ماء الوصال فماؤنا عذب تحدر من غمام واحد
أو يفترق نسـب يـؤلف بيننا ديـن أقمناه مقام الوالـد
فكانوا كما وصفهم الله عز وجل:(مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً) الفتح/29.
أيها الإخوة:نحن اليوم أمام ظواهر دخيلة غريبة على مجتمعنا وأخلاقنا وديننا، فكثرت ظواهرُ عقوق الأبناء، وتقصير الآباء، وتقلَّصت وظائف الأسرة، وكثُر جنوح الأحداث، وارتفعت نسبُ الطلاق والمشكلات الاجتماعية، وتعدَّدت أسباب الجريمة ومظاهر الانحراف والانتحار، وضعُف التواصل بين الأقارب والأرحام، وسادت القطيعة والجفاء، وحلَّت محلَّ الصلة والصفاء، وضعُفت وشائج الأُخوة وروابط المودة؛ الأمر الذي أدى إلى ظهور ظاهرة العنف؛ مما ينذر بإشعال فتيل أزمة اجتماعية خطيرة، يجبُ المبادرة إلى إطفائها والقضاء عليها، وإلا استفحل شررها وعظم خطرها.
ما معنى العنف؟ العنف كلمة ثقيلة على أصحاب النفوس السوية والفطر السليمة والأيادي المتوضئة والجباه الساجدة والقلوب الطاهرة التي لا تحمل حقداً ولا حسداً على أحد من أبناء المجتمع، حالهم كحال ذلك الصحابي الجليل الذي شهد له النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثة أيام بقوله: (يطلع عليكم الآن من هذا الفجِّ رجل من أهل الجنة)، فتبعه الصحابي الجليل عبد الله بن عمرو بن العاص، ليكتشف أنه لا يزيد عن عبادتهم شيئاً، ولكنه وجد (كلمة السر) الموجبة لهذا الجزاء العظيم، ألا وهي: "لا أجد غلاًّ ولا حقداً ولا حسداً في نفسي على أحد من المسلمين". فقال عبدالله: فهذه التي بلغت وهي التي لا تطاق. رواه البيهقي في "شعب الإيمان".
العُنْف ضد الرفق، وفي الحديث:(إن اللّه تعالى يُعْطي على الرِّفْق ما لا يُعْطي على العنف) رواه مسلم، وهو الشدّةُ والمَشَقّةُ، وكلُّ ما في الرفق من الخير ففي العنف من الشرِّ مثله، قال عليه الصلاة والسلام:(ما كان الرفق في شيء إلا زانه، وما نُزع من شيء إلا شانه) رواه مسلم.
لقد حرص الإسلام على نقاء المجتمع وصفائه وتماسكه، فحرم العنف بشقيه المادي والمعنوي. قال تعالى:(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) الحجرات/11.
كما حرَّم الاعتداء على النفس والمال والعرض، فقال عليه الصلاة والسلام:(إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا)، بل إن النبي صلى الله عليه وسلم يجتث العنف من جذوره، حيث جعل القاتل والمقتول في النار فقال: (إذا التقى المسلمان بسيفيهما؛ فالقاتل والمقتول في النار) قالوا: يا رسول الله، هذا شأن القاتل، فما بال المقتول؟! فقال عليه الصلاة والسلام: (كان حريصاً على قتل صاحبه) رواه مسلم، بل بيَّن عليه الصلاة والسلام أن زوال الكعبة حجراً حجراً - على الرغم من مكانتها عند الله - أهون على الله من قتل مؤمن.
بل عد ديننا الاعتداء على الفرد الواحد في المجتمع كالاعتداء على الأمة بأسرها. قال تعالى:(مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا) المائدة/32.
بل حرم الإسلام الاعتداء على النفس، فقال تعالى:(وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللّهِ يَسِيرًا) النساء/29-30]، كما بين رسول الله صلى الله عليه وسلم عظمة هذا الأمر، فعن جندب بن عبدالله رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:(كان برجل جراح فقتل نفسه، فقال الله: بدرني عبدي بنفسه؛ حرَّمت عليه الجنة) متفق عليه.
فانظروا إلى عظمة عذاب من اعتدى على النفس البشرية، ولو كانت هذه النفس نفسه التي بين جنبيه، بل إن قاتل نفسه يعذب يوم القيامة بنفس الشيء الذي قتل به نفسه، أخرج الشيخان وأحمد عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:(من قتل نفسه بحديدة؛ فحديدته في يده يتوجأ بها في بطنه في نار جهنم خالداً مخلَّداً فيها أبداً، ومن شرب سمّاً فقتل نفسه؛ فهو يتحساه في نار جهنم خالداً مخلَّداً فيها أبداً، ومن تردى من جبل فقتل نفسه؛ فهو يتردى في نار جهنم خالداً مخلَّداً فيها أبداً) متفق عليه.
والعنف المجتمعي له مستويات؛ فقد يكون على المستوى الفردي، كأن يعتدي الإنسان على نفسه بالقول؛ فيبالغ في جلد ذاته وتأنيب نفسه لدرجة القنوط من رحمة الله، فيحقد على نفسه وعلى مجتمعه ويُسوِّل له الشيطان أنه لا مجال للتوبة! لمثل هذا أقول: ألم تسمع قول الله عز وجل:(قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) الزمر/53، وقل مقالة ذلك الرجل الصالح عندما أوصى كل من أسرف على نفسه: "لا تقل: يا رب عندي ذنب كبير، ولكن قل: يا ذنب عندي رب كبير".
وقد يعتدي الإنسان على نفسه بالفعل؛ فيفكر جدياً بقتل نفسه وإزهاق روحه التي هي أمانة من الله عز وجل، وكم نسمع في كل يوم من محاولة انتحار هنا وهناك، وقد سبق بيان حكم الانتحار.
وقد يكون العنف على مستوى الأسرة؛ فيكون الزوج عنيفاً مع زوجته يشتمها ويضربها، وقد سُئل النبي صلى الله عليه وسلم عن الرجال الذين يضربون نسائهم؛ فقال عليه الصلاة والسلام:(ليسوا بخياركم؛ خياركم خياركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي) رواه الترمذي، وروي عن شريح أنه قال:
رأيت رجالاً يضربون نساءهم فشُلَّت يميني حين أضرب زينباً
وزينب شمس والنساء كواكب إذا طلعت لم تبق منهن كوكباً
وقد تكون الزوجة سيئة العشرة مع زوجها، فلا تطيع له أمراً، ولا تحفظ له سراً، ولا تسر له قلباً، فأين هذه الأخت الفاضلة من قول النبيّ صلى الله عليه وسلم عندما سئل عن المرأة الصالحة قال:(ألا أخبركم بخير ما يكنز المرء؟ المرأة الصالحة؛ إذا نظر إليها سرته، وإذا غاب عنها حفظته، وإذا أمرها أطاعته) رواه أبو داود والحاكم.
أيضاً قد يُمارَس العنف من الآباء ضد الأبناء، وكلنا يعلم قصة الرجل الذي قدم على عمر بن الخطاب رضي الله عنه يشكو إليه عقوق ولده، فأُحضِر الولد إلى خليفة المسلمين، فسأله عمر عن حاله مع والده، فقال الولد: يا أمير المؤمنين، أليس للولد على أبيه حقوق؟ فقال عمر: بلى. فقال له الغلام: وما هي؟ فقال عمر: أن ينتقي أمه، وأن يُحسن اسمه، وأن يُعلِّمه من القرآن. فقال الغلام: إن أبي لم يفعل شيئاً من ذلك؛ أما أمي فإنها زنجية كانت لمجوسي، وقد سماني جعلاً أي: خنفساء، ولم يُعلِّمني من الكتاب حرفاً واحداً. فالتفت عمر رضي الله عنه إلى الرجل، وقال له: جئت تشكو عقوق ابنك، وقد عققته قبل أن يَعُقَّك، وأسأت إليه قبل أن يُسيء إليك.
ومن صور العنف ضد الأبناء عدم العدل بينهم، وخاصة تمييز الذكور منهم على الإناث في المعاملة والقسمة والميراث، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول:(اتقوا الله واعدلوا في أولادكم) رواه مسلم.
كما قد يُمارَس العنف ضد الآباء... يُروى أن رجلاً اسمه (منازل) كان عاقاً لوالديه حتى صار مثلاً للعقوق، أتاه يوماً والده ناصحاً له مذكراً له بتقوى الله عز وجل، فما كان من هذا الولد العاق إلا أن لطم والده على وجهه، فبكى الوالد، وأقسم بالله أن يزور بيت الله ليدعو هناك على ولده، فلما زار البيت تعلق بأستار الكعبة وأنشأ يقول يدعو على ولده:
يا من إليه أتى الحجاج قد قطعوا عرض المهامة من قرب ومن بعد
إني أتيتك يا من لا يُخيِّب من يدعوه مبتهلا بالواحد الصمد
هذا (منازل) لا يرتد عن عقي فخذ بحقي يا رحمان من ولدي
وشل منه بحول منك جانبه يا من تقدس لم يولد ولم يلد
فشُلَّ نصف ولده، وبقي كذلك حتى مات!
وقد يكون العنف على مستوى المجتمع؛ فتكثر جرائم القتل والأخذ بالثأر، لسان حال الواحد منهم كما كان حال الشاعر الجاهلي:
وما أنا إلا من غزية إن غزت غزوت وإن ترشد غزية أرشد
فلا يعلم القاتل فيما قَتل، ولا المقتول فيما قُتل، وكأننا لم نسمع قول النبي صلى الله عليه وسلم:(لا يكن أحدكم إمعة، يقول: أنا مع الناس، إن أحسن الناس أحسنت، وإن أساؤوا أسأت، ولكن وطنوا أنفسكم، إن أحسن الناس أن تحسنوا، وإن أساؤوا ألا تظلموا).
إن ديننا يرفض كل مظاهر العنف، سواء أكان على مستوى الفرد أم على مستوى الأسرة أم على مستوى المجتمع؛ لأن العنف بجميع صوره وأشكاله داء فتاك إذا تمكن من جسد الأمة أثخنها بالجراح، وهو مصدر كل بلاء، وسبب كل عداء، ومنبع كل شقاء، بل هو السلاح البتار الذي يُشهره الشيطان ضد القلوب فيفرقها، وضد العلاقات فيمزقها، فنضعف بعد قوة، ونتفرق بعد وحدة، ونذل بعد عزة، ويكون بأسنا بيننا شديداً، وهنا يجب علينا أن ندرك جميعاً عظمة وصية النبي صلى الله عليه وسلم عندما جاءه الأعرابي فقال له: أوصني. قال: (لا تغضب) رواه البخاري. لأن الغضب كما قيل: "ريح يهب على سراج العقل فيُطفئه".
إن العنف بكل أشكاله مرده في الأساس إلى ضعف الوازع الديني وسوء التربية، فالدين والالتزام به هو صمام الأمان؛ يحمي الفرد والأسرة والمجتمع من هذا المرض الخطير؛ ذلك أن الالتزام بالدين يجعل المسلم ممتثلاً لقوله تعالى:(وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَاماً) الفرقان/63، كما أنه يطبق حديث الرسول صلى الله عليه وسلم:(لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه) متفق عليه.
كلُّ ذلك حتى يحظى بأنْ يكون من أهل الفضل الذين ينادى عليهم يوم القيامة: ليقم أهل الفضل الذين لهم التميُّز. فيقوم ناسٌ من الناس، فيُقال لهم: انطلقوا إلى الجنَّة، فتتلقّاهم الملائكة وتسألهم: إلى أين؟ فيجيبون:إلى الجنّة. قالت الملائكة: قبل الحساب؟! قالوا: نعم. قالوا: مَنْ أنتم؟ قالوا: أهل الفضل. قالوا: وما كان فضلكم؟! قالوا: كنا إذا جُهل علينا حَلمنا، وإذا ظُلمنا صبرنا، وإذا أسيء إلينا غفرنا. قالوا: ادخلوا الجنّة بغير حساب. رواه البيهقي.
إن العنف يحتاج منا إلى وقفة صادقة مع أنفسنا ومع أسرنا ومع مجتمعنا؛ حتى لا يعم خطره، فيعم الفرد والأسرة والمجتمع، فيظهر في أنفسنا وفي أسرنا وفي مدارسنا وفي جامعاتنا وفي علاقتنا مع الآخرين، فتسود فينا لا سمح الله شريعة الغاب؛ القوي يأكل الضعيف، ولكننا بالتزامنا وحسن أخلاقنا نكون مجتمعاً متماسكاً متعاوناً كالجسد الواحد.
نسأل الله العظيم، رب العرش الكريم، أن يحفظ وطننا وقائدنا من كل سوء، وأن يجعل هذا البلد آمناً مطمئناً وسائر بلاد المسلمين. وآخر دعوانا أن الحمد لله ربِّ العالمين.
المصدر: facebook.com/logout.php