دخول الكنيسة من أجل مناسبة احتفال غير ديني

د. لطف الله بن عبد العظيم خوجه

 

ابنتي تحضر دارسات عليا في بلاد الغرب، وتقول إن الجامعة تقيم حفل تخرج في نهاية  كل فصل دراسي، ويكون موقع الحفل مرة في الكنيسة، ومرة في مكان آخر هم يختارونه.. فهل يجوز لها الذهاب معهم؟ وفي حالة عدم الجواز ما هي نصيحتكم؟ علما بأنها محافظة على حجابها الإسلامي ولله الحمد.. وجزاكم الله خيراً.

الجواب:

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

في دراسة هذه الفتاة في الخارج محذوران: الاختلاط، والسفور.

فهذا السفور قد سلمت منه تماما، إن كانت تغطي وجهها، وإلا فقد وقعت في شيء منه. وأما الاختلاط فالذي يبدو أنها لم تسلم منه، فالمعروف المشهور أن كل هذه الجامعات مختلطة.

فالاختلاط في التعليم محرم كما هو محرم في العمل، وكل النصوص الآمرة بالحجاب يستحيل امتثال الطرفين لها مع تعمد الاختلاط، والجنسان إذا تعلما وعملا سويا فاختلاطهما من النوع المتعمد، ولم يصف النبي صلى الله عليه وسلم المرأة بأنها فتنة، إلا ليجتنب الاختلاط من ضمن ما يجتنب مع النساء، ولو جاز لجمع النبي صلى الله عليه وسلم بين الرجال والنساء في الصلاة في صف واحد، وفي مجالس العلم، لكن لما أخر صفوفهن، وجعل لهن يوما للتعليم، دل ذلك على منع هذا الاختلاط. ولا يدخل في هذا النوع من الاختلاط المحرم، الاختلاط العارض، الذي يشق الاحتراز منه، وربما كان ضرورة، كما في الطواف، والأسواق، والطرقات، وعند كشف الطبيب، وفي الجهاد ونحو ذلك.

إنما المنع متوجه لنوع من الاختلاط، هو اجتماعهما في محضن واحد للعمل أو التعلم، فذلك مما يرفع الحاجز بينهما، حتى يتهيئا للصداقة والزمالة، كما يكون بين الجنس الواحد. فالخطر من هذا، وكل من له نظر، يعرف خطر هذا النوع، يكفي في معرفته تجربة الغرب والعرب.

هذا التقرير ليس منبتا عن جواب السؤال، فإذا علم حكم الاختلاط، فإنه بداهة يقال لها: لك ألا تحضري هذا الحفل المختلط. وتجنبي الاختلاط بقية الدراسة، قدر الإمكان، بالجلوس أبعد شيء  عن الذكور، وعدم التداخل معهم بحديث، والتزام الحجاب الكامل، حتى تنتهي المدة بسلام.. وهذا لمن كان في مثل حالها، أما التي لم تتلبس بالاختلاط أصلا، فلا يجوز لها أن تدخل فيه.

أما كون الحفل في كنيسة، فأصل دخول الكنيسة غير ممنوع، فإن عمر بن الخطاب رضي الله عنه دخل كنيسة القيامة، لكن الحكم متعلق بعلة الدخول؛ لأي شيء يكون الدخول، فإن كان في عزة ومنعة، كحال عمر لما دخلها فاتحا بيت المقدس فلا مانع، وكذا لو دخلها ليقيم الحجة على أهلها.

فأما دخولها بالخضوع، دون الشعور بالعزة والعلو، ودون قصد الدعوة والبلاغ، بل لمجرد الاجتماع أو النظر، فذلك مما يتوجه إليه بالمنع ، فهذه الأحوال تورث داخلها الخضوع وربما الميل إلى دينهم.

عليه: فلا أرى للفتاة أن تحتفل معهم في الكنيسة، وأن يوجهها وليها بذلك، فهي أمانة في عنقه، حتى يزوجها، فكيف به وقد دفعها إلى بلد غير مسلم، وجعلها في مجتمع مختلط، ثم زيادة على ذلك هاهي تتهيأ للدخول إلى الكنيسة لغير أمر مشروع. وربما كانت مع كل ذلك خلية من الزوج، فهذه العوامل مجتمعة خطرة، والله يحفظ المسلمين والمسلمات.

وفيما يلي تأصيل علمي لمسألة دخول الكنيسة:

لقد خلق الله تعالى الناس فريقين: مؤمنين، وكافرين.

- قال تعالى: "هو الذي خلقكم فمنكم كافر ومنكم مؤمن". ولم يكره أحدا على الإيمان أو الكفر، بل أعطاهم إرادة حرة، كما قال تعالى: "وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر".

فالمؤمنون هم: الذين آمنوا برسل الله تعالى. والكافرون هم: الذين لم يؤمنوا برسل الله تعالى.

ولما أرسل الله تعالى النبي محمدا صلى الله عليه وسلم: كان من اتبعه مؤمنا، ومن تولى عنه كافرا؛ فإنه تعالى أوجب إتباعه على جميع البشر، فقال: "وما أرسلناك إلا كافة للناس بشيرا ونذيرا".

فهذان الفريقان نقيضان. لهذا خصائصه، ولهذا خصائصه، كل يتميز بخصائصه عن الآخر.

فإذا ما أراد أحد أن ينتقل ليكون من الفريق الآخر: توجب عليه ترك خصائصه، وأخذ خصائص الآخر.

وكان من ذلك: أن من قلد الآخر في خصائصه، فقد أوجب الظن به: أنه صار منه؛ لذا منع تقليد الآخر في خصائصه مطلقا، في قليل أو كثير، كيلا يصير منهم، إذا كان حريصا أن يبقى مع فريقه.

في التعامل مع الكافر –وهو كل من لم يتبع النبي محمدا صلى الله عليه وسلم – تجب مراعاة الأصول التالية:

1-  اعتقاد صحة دين الإسلام، وبطلان ما سواه من الأديان: يهودية، أو نصرانية، فضلا عما سواهما.

2-  مخالفتهم في كل ما اختصوا به، خصوصا الدينية.

3-  عدم الإقامة في بلادهم إلا استثناء.

1-  لا صحيح إلا الإسلام.

فأما الأصل الأول فقد دلت عليه الأدلة التالية:

1- "ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين".

2- "إن الدين عند الله الإسلام".

3- "ورضيت لكم الإسلام دينا".

4- "وقل للذين أوتوا الكتاب والأميين ءأسلمتم فإن أسلموا فقد اهتدوا وإن تولوا فإنما عليك البلاغ".

5- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: : "وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لا يَسْمَعُ بِي أَحَدٌ مِنْ هَذِهِ الأمَّةِ، يَهُودِيٌّ وَلا نَصْرَانِيٌّ، ثُمَّ يَمُوتُ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِه،ِ إِلا كَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ" (مسلم، الإيمان، باب: وجوب الإيمان برسالة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم إلى جميع الناس ونسخ الملة بملته).

فإذا تعامل المسلم مع الكافر، فيتعامل معه على هذا الأساس:

- أنه على دين باطل، لا يرضاه الله تعالى.

- وأنه إذا بلغته الرسالة المحمدية، فسمعها، ووعاها، ففهمها واستوعب معناها، ثم مات ولم يؤمن بالنبي صلى الله عليه وسلم خاليا من الأعذار، فهو من أهل النار.

ويعلم المسلم: أنه لا يجوز له بحال أن يصحح تلك الأديان الباطلة، ليراها مثل الإسلام. فذلك كفر بالله تعالى؛ لأنه تكذيب بالنصوص الصريحة الآنفة، ومن أنواع الكفر الأكبر: تكذيب ما أنزل الله تعالى.

فإذا فهم هذا الأصل، وعمل به، توجب عليه العمل بالأصل الثاني، الذي هو أثر عن الأصل الأول، وهو:

2-  مخالفة الكافرين فيما اختصوا به.

مخالفة الكافرين فيما اختصوا به، من شعائر دينية أولاً، ثم عوائد دنيوية لا فائدة منها راجحة ثانيا.

فكل دين له شعائر تخصه، تميزه عن غيره، وأهل كل دين هم الذين يمارسون شعائر ذلك الدين، وبها يقاس مقدار تدينهم، فإن أتموها فدينهم تام، وإن أنقصوا منها فدينهم ناقص.

فبقاؤهم على دينهم مرهون بقيامهم بشعائره:

- فإن تركوها انحل رباطهم بدينهم.

- وإن قاموا بشعائر دين غير دينهم: صاروا من أهل ذلك الدين، أو قاربوا. بالقدر الذي أتوا به، وبصورة الشعائر التي تلبسوا بها.

يدل على هذه النتيجة قوله صلى الله عليه وسلم: "من تشبه بقوم فهو منهم". (أبو داود في اللباس، في لبس الشهرة. صحيح أبي داود 2/716).

فالمسلم إذا أتى بشعائر أهل دين آخر، فقد تشبه بهم لا ريب، وإذا تشبه بهم صار منهم، بنص الأثر.

ومن هنا يلحقه الوعيد: أن صار (منهم)؛ أي من القوم الذين تشبه بهم، وهم الكفار. فما معنى هذا ؟.

- هل معناه: صار منهم في الكفر. كمثل قوله تعالى: "ومن يتولهم منكم فإنه منهم"؟.

- أم معناه: على طريقتهم وأخلاقهم لا دينهم، مثل قوله عليه الصلاة والسلام: "من غشنا فليس منا"؟.

يحتمل الأمرين، بحسب الحال، وبحسب الصورة التي شابه بها الكافرين:

- فإن تشبه بهم في أمورهم الكفرية، كاعتقاد أن المسيح ابن الله، تعالى، أو أنه الله، تعالى. فهذا كفر.

- وإن تشبه بهم في أمور دون الكفر، كالاحتفال بأعياد الميلاد، وتقليدهم في الطريقة. فهذا دون الكفر.

فالذهاب إلى الكنيسة وزيارتها من أي النوعين ؟.

والجواب: ينظر في الذهاب إلى الكنائس: هل هو مما اختصوا به، أم لا ؟.

والذي لا شك فيه: أنه من خصائصهم، فهو من شعائرهم، كما أن من شعائر المسلمين الذهاب إلى المساجد، ومن شعائر اليهود الذهاب إلى المعابد، وشعائر المجوس الذهاب إلى بيت النار.

ولا وجه للقول: بأنه ليس من الشعائر. فينطبق عليه حكم الأثر الآنف: (من تشبه بقوم فهو منهم). إذن.

ويلحقه التفصيل الآنف:

- فإن ذهب للمشاركة في اعتقاداتهم الكفرية، فهذا كفر.

- وإن ذهب للمشاركة فيما اختصوا به، مما هو دون الكفر، فهو محرم؛ كونه شابههم في هديهم.

- وإن ذهب لمجرد الاستطلاع فقد شابههم في خاصية التردد على الكنيسة، فهو محرم؛ لأنه من التشبه بهم.

وثمة حالة، يباح فيها الذهاب إلى الكنيسة، إذا كانت بقصد دعوتهم، وتبليغهم دعوة الإسلام، أو لأجل شيء فيه مصلحة المسلمين راجحة، مثل دفع ظلم، أو كشف شبهة. كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يغشى مجالس المشركين لدعوتهم، وتبليغ الإسلام.

فهذا النص العام يمنع من التشبه بقوم كافرين فيما اختصوا به..

كذلك ثمة نصوص كثيرة خاصة (انظر: التشبه المنهي عنه في الفقه الإسلامي، جميل اللويحق)، تمنع من التشبه في أمور بعينها، مثل قوله صلى الله عليه وسلم:

- وقد نهى عن لبس ثوب الحرير: (إنما هذه لباس من لا خلاق له). (مسلم في اللباس، باب تحريم استعمال آنية الذهب والفضة).

- ونهيه عن لبس الثياب المعصفرة، وقوله لما رأى عبد الله بن عمرو وعليه ثوبان معصفران: (هذه ثياب الكفار، فلا تلبسها). وفي رواية: فغضب وقال: (اذهب فاطرحهما عنك. قال: أين يا رسول الله ؟. قال: في النار). (النسائي في الزينة، باب: ذكر النهي عن لبس المعصفر. صحيح النسائي 3/1077).

فمثل هذه المشابهة لو قورنت بالذهاب إلى الكنائس، أو المشاركة في الاحتفال بأعياد الميلاد: فهي أخف شأنا؛ كونها في أمور دنيوية، وتلك في أمور دينية. والمشابهة في الأمور الدينية أشد منعا، وأوضح حرمة.

فنحن نرى وجهين للمنع من الذهاب إلى الكنائس، والاحتفال بأعياد الميلاد، ونحوهما:

- فالأثر: (من تشبه بقوم فهو منهم): يفيد  المنع؛ لثبوت أن هذه الأمور من التشبه.

- والنهي عن التشبه بهم في اللباس: يفيد المنع من التشبه بهم في أمورهم الدينية، من باب أولى.

وثمة وجه ثالث للمنع من التشبه، يتبين بالأصل الثالث..

وقبل أن ننتقل إليه: نبين علة المنع من التشبه:

إن من المسلم به: أن المشاكلة في الظاهر موجبة للموافقة في الباطن. فأهل الصنعة الواحدة بينهم من الاتفاق ما ليس لغيرهم، وكذا الجنس الواحد، والدين الواحد، وحينئذ فإن تشبه المسلم بالكافر في شيء من خصائصه:

- إما دليل موافقته لهم في الباطن، فيدخل في نوع من النفاق.

- أو دليل ركوبه طريقا يوصل إلى موافقة الباطن.

ولأجل هذا وجب الحذر من التشبه؛ فهو طريق للموافقة في الباطن، لو استمر التشبه في الظاهر.

وقد حرص الشارع على منع التشبه في نصوص كثيرة، مما يشعر بضرورة وضع حاجز نفسي بين المسلمين والكافرين، منعا من التأثر، خصوصا أنهم أرعى للشهوات، وبها يستميلون القلوب، ومما قيل في هذا المقام:

- كلما كثرت مخالفتك لأصحاب الجحيم، كلما كنت أبعد من الجحيم.

فإن الإنسان إذا أكثر من تقليد فئة، أوشك أن يكون مصيره كمصيرهم؛ لوجه الشبه بينهما، وهذا أوضح من أن يستدل له. فمخالفة الكافرين مقصودة لذاتها، هكذا تنطق النصوص، يستثنى من هذا:

- الأمور التي اختصوا بها، من التي ابتدؤوها من أمور الدنيا، مما ثبت أن نفعها أكبر من إثمها.

3-  النهي عن الإقامة في  بلاد المخالفين في  الدين.

ورد النهي عن الإقامة في بلاد الكفار في نصوص كثيرة، صريحة، منها قوله تعالى:

- "إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم قالوا فيم كنتم قالوا كنا مستضعفين في الأرض قالوا ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها فأولئك مأواهم جهنم وساءت مصيرا * إلا المستضعفين من الرجال والنساء والولدان لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا * فأولئك عسى الله أن يعفو عنهم وكان الله عفوا غفورا".

نزلت في قوم أسلموا، ولم يهاجروا، فأخرجتهم قريش في معركة بدر؛ ليكثروا سواد المشركين (تفسير ابن كثير 3/342)، فدلت الآية على تحريم الإقامة في بلاد المشركين.

- وروى أبو داود والترمذي عن جرير قال: " بعث رسول الله سرية إلى خَثْعم، فاعتصم ناس منهم بالسجود، فأسرع فيهم القتل، قال: فبلغ ذلك النبي فأمر لهم بنصف العقل - الدية - وقال: أنا بريء من كل مسلم يقيم بين أظهر المشركين، قالوا: يا رسول الله! لم؟، قال: لا تراءى نارهما) (الجهاد، باب النهي عن قتل من اعتصم بالسجود).

فأمر لهم بنصف الدية؛ لأنهم تسببوا في قتل أنفسهم بمقامهم بين ظهراني الكفار، وقوله: (لا تراءى نارهما)؛  أي لا يجوز لمسلم أن يساكن الكفار في بلادهم، حتى إذا أوقدوا نارا كان منهم بحيث يراها، قاله الخطابي. (معالم السنن 3/105).

- وعن جرير قال: "أتيت النبي وهو يبايع فقلت: يا رسول الله!، أبسط يدك حتى أبايعك، واشترط علي فأنت أعلم"، قال: (أبايعك على أن تعبد الله، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتناصح المسلمين، وتفارق المشرك). (رواه أحمد 4/365، السلسلة الصحيحة 636، الإرواء 1207).

والشارع إذا نهى عن شيء فلا يباح إلا لضرورة، وفق القاعدة: "الضرورة تبيح المحظورة".

ثم هذه الإباحة هي حالة استثناء، فتكون مقدرة بقدر الضرورة، وفق القاعدة: "الضرورة تقدر بقدرها".

فإباحة المحرم لسبب شرعي لا يجعل منه مباحا بإطلاق، مثل الميتة، تباح في الضرورة بقدر ما يبقي على الحياة. قال العلماء: "الأصل ألا تكون الإباحة في ثابت المنع، عند الحاجة إليه، إلا على قدر المبيح إلا بدليل". (القواعد للمقري، تحقيق: د. أحمد بن حميد، 2/471ـ474، 1/331، 502).

وبناء على هذا: فقد ثبت تحريم الإقامة في بلاد الكافرين، فإذا حملت الضرورة على الإقامة: لعلاج، أو علم، أو تجارة، أو فرار من الاضطهاد والأذى. فإن الإقامة حالة مستثناة، فلا تجعل أصلا، فيأخذ المقيم حظه منها بقدر الضرورة، فإذا زالت الضرورة عاد رأسا إلى بلده، ويكون مدة إقامته مشتغلا بما لأجله أتى، لا غير.

أما الاشتغال بغير ما أتى لأجله، فهذا على جهتين:

- فإما أن يكون مباحا، فإن تعاطاه دون أن يكون سببا في تأخر مقامه، فلا بأس، لكن إن أخره فلا.

-وإما أن يكون مما اختصوا به، من الشعائر والعوائد، كدخول الكنائس، والاحتفالات، فيمتنع منها:

- للنصوص الآنفة الناهية عن التشبه فيما اختصوا به.

- ولأن الشارع إذا كان نهى عن الدخول والإقامة في بلادهم، مع كونها فيها المحرم والمباح، فكيف بما هو محرم في ذاته، وهو في أصله بني على الكفر والشرك، مثل الكنائس ؟.

والخلاصة:

إن مجرد الدخول إلى الكنائس لأجل الاستطلاع والمعرفة محرمة لثلاثة أمور:

1- أنه من التشبه بهم؛ حيث إنهم من خصائصهم دخول الكنيسة، وفي الأثر: (من تشبه بقوم فهو منهم).

2- أنه إذا نهى الشارع عن التشبه بالكفار في أمورهم الدنيوية، التي اختصوا بها، مثل لبس الحرير والمعصفر: فأولى أن ينهى عن التشبه بهم في أمورهم الدينية؛ لأن الضرر بها أكبر، ولأن أصل المخالفة للكافرين إنما تكون في الدين.

3- أن الشارع نهى عن الإقامة في بلاد الكفار؛ لكيلا يحصل التقارب مع المشرك: (لا تراءى نارهما)، وفي دخول الكنيسة أبلغ أنواع التقارب.

أخيرا:  المنع من التشبه لا يلزم منه عدم الإحسان بالبر والقسط إلى المسالمين، كلا، فالمنع من التشبه مقصوده حفظ الدين من النقص أو الإخلال، فهذا باب، والإحسان باب آخر.

- التشبه: ضعف، وانحطاط.. والإحسان: قوة، ورفعة.

- التشبه: نسيان للهوية، وتضييع للمبادئ.. والإحسان: دعوة للهوية، وتبليغ للمبادئ.

- التشبه: تقليد، ومحاكاة.. والإحسان: مبادرة، وقيادة.

المصدر: https://uqu.edu.sa/lmkhojah/ar/40205

 

الحوار الخارجي: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك