غيرتي على سماحة الإسلام
د. نبيهه جابر
إن بشاعه ماحدث فى الأسكندريه هزنى بشده, فلم تكن القسوه أو سفك الدماء البريئه بلا سبب, من سمات الإسلام السمح الذى يحتوى الجميع بنصوص قرآنه الكريم. فما بالكم بأهل الكتاب.
الله أمر الناس فى القرآن بحسن التعامل مع الآخرين وتعدلوا معهم حتى لو كانوا كفارا , إلا إذا إعتدوا عليهم,
[ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللهِ الكَذِبَ وَهُوَ يُدْعَى إِلَى الإِسْلَامِ وَاللهُ لَا يَهْدِي القَوْمَ الظَّالِمِينَ] {الصَّف:7}
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ {1} لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ {2}
وَلَا أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ {3} وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَّا عَبَدتُّمْ {4}
وَلَا أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ (5} لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ (6}
قال تعالى : لكم دينكم ولى دين أى بأن الإنسان مخير فيما يختار من دين ولاشأن للآخرين به لأن الإنسان سيحاسبه الله على ما إختار.
والعلاقة حسب التالى:[وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللهَ لَا يُحِبُّ المُعْتَدِينَ] {البقرة:190}
[لَا يَنْهَاكُمُ اللهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ المُقْسِطِينَ] {الممتحنة:8}
[إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ] {الممتحنة:9}
[وَلَا تَسْتَوِي الحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ] {فصِّلت:34}
ولقد كان الرسول أسوة حسنه فى الأخلاق للمسلم فعليه أن يقتدى بها فقد وصفه الله[وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ ] {القلم:4}
[لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آَمَنُوا اليَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آَمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ] {المائدة:82}
وقد قال الله للمسلمين بأنهم يتركوهم وشأنهم لأن الله جعل الناس أحرارا وبأن الله سيحكم بينهم يوم القيامة [هَا أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ جَادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا فَمَنْ يُجَادِلُ اللهَ عَنْهُمْ يَوْمَ القِيَامَةِ أَمْ مَنْ يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلًا] {النساء:109} [اللهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ القِيَامَةِ فِيمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ] {الحج:69}
لقد نقلت لكم أجزاء من مقاله للكاتب " على سلام " لما فيها من إستفاضه المتخصص فى الشرح و التوضيح, جعل الله فائدتها فى ميزان حسناته إن شاء الله.
من العجب أن بعض الناس اجترءوا على التاريخ فزيفوه وقوَّلوه ما لم يقل، واجترءوا على النصوص فحرفوها عن موضعها، محاولين بهذا وذاك أن يشوهوا التسامح الإسلامي الذي لم تعرف البشرية له نظيرًا في معاملة المخالفين في العقيدة والفكرة، لا في القديم ولا في الحديث.
جرى العرف الإسلامي على تسمية المواطنين من غير المسلمين في المجتمع الإسلامي باسم "أهل الذمة" أو "الذميين".
و"الذمة" كلمة معناها العهد والضمان والأمان، وإنما سموا بذلك؛ لأن لهم عهد الله وعهد الرسول، وعهد جماعة المسلمين: أن يعيشوا في حماية الإسلام، وفي كنف المجتمع الإسلامي آمنين مطمئنين، فهم في أمان المسلمين وضمانهم، بناء على "عقد الذمة" بينهم وبين أهل الإسلام . فهذه الذمة تعطي أهلها "من غير المسلمين" ما يشبه في عصرنا "الجنسية" السياسية التي تعطيها الدولة لرعاياها، فيكتسبون بذلك حقوق المواطنين ويلتزمون بواجباتهم.
حق الحمــاية
فأول هذه الحقوق هو حق تمتعهم بحماية الدولة الإسلامية والمجتمع الإسلامي . وهذه الحماية تشمل حمايتهم من كل عدوان خارجي، ومن كل ظلم داخلي، حتى ينعموا بالأمان والاستقرار
أ ) الحماية من الاعتداء الخارجي
أما الحماية من الاعتداء الخارجي، فيجب لهم ما يجب للمسلمين، وعلى الإمام أو ولي الأمر في المسلمين، بما له من سُلطة شرعية، وما لديه من قوة عسكرية، أن يوفر لهم هذه الحماية، قال في "مطالب أولي النهى" ـ من كتب الحنابلة ـ : "يجب على الإمام حفظ أهل الذمة ومنع مَن يؤذيهم، وفك أسرهم، ودفع مَن قصدهم بأذى إن لم يكونوا بدار حرب، بل كانوا بدارنا، ولو كانوا منفردين ببلد".
ومن المواقف التطبيقية لهذا المبدأ الإسلامي، موقف شيخ الإسلام ابن تيمية، حينما تغلب التتار على الشام، وذهب الشيخ ليكلم "قطلوشاه" في إطلاق الأسرى، فسمح القائد التتري للشيخ بإطلاق أسرى المسلمين، وأبى أن يسمح له بإطلاق أهل الذمة، فما كان من شيخ الإسلام إلا أن قال: لا نرضى إلا بافتكاك جميع الأسارى من اليهود والنصارى، فهم أهل ذمتنا، ولا ندع أسيراً، لا من أهل الذمة، ولا من أهل الملة، فلما رأى إصراره وتشدده أطلقهم له.
ب) الحماية من الظلم الداخلي
وأما الحماية من الظلم الداخلي، فهو أمر يوجبه الإسلام ويشدد في وجوبه، ويحذر المسلمين أن يمدوا أيديهم أو ألسنتهم إلى أهل الذمة بأذى أو عدوان، فالله تعالى لا يحب الظالمين ولا يهديهم، بل يعاجلهم بعذابه في الدنيا، أو يؤخر لهم العقاب مضاعفاً في الآخرة.
وقد تكاثرت الآيات والأحاديث الواردة في تحريم الظلم وتقبيحه، وبيان آثاره الوخيمة في الآخرة والأولى، وجاءت أحاديث خاصة تحذر من ظلم غير المسلمين من أهل العهد والذمة.
يقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: " من ظلم معاهدًا أو انتقصه حقًا أو كلفه فوق طاقته أو أخذ منه شيئًا بغير طيب نفس منه، فأنا حجيجه يوم القيامة" .(رواه أبو داود والبيهقي . انظر: السنن الكبرى ج ـ 5 ص 205)
ويروى عنه: "من آذى ذِمِّياً فأنا خصمه، ومن كنت خصمه خصمته يوم القيامة" .(رواه الخطيب بإسناد حسن).
وعنه أيضًا: "من آذى ذميًا فقد آذاني ومن آذاني فقد آذى الله" .(رواه الطبراني في الأوسط بإسناد حسن).
وفي عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - لأهل نجران أنه: "لا يؤخذ منهم رجل بظلمِ آخر" .(رواه أبو يوسف في الخراج ص 72 - 73(.
ولهذا كله اشتدت عناية المسلمين منذ عهد الخلفاء الراشدين، بدفع الظلم عن أهل الذمة، وكف الأذى عنهم، والتحقيق في كل شكوى تأتي من قِبَلِهم.
كان عمر رضي الله عنه يسأل الوافدين عليه من الأقاليم عن حال أهل الذمة، خشية أن يكون أحد من المسلمين قد أفضى إليهم بأذى، فيقولون له: " ما نعلم إلا وفاءً" (تاريخ الطبري ج ـ 4 ص 218) أي بمقتضى العهد والعقد الذي بينهم وبين المسلمين، وهذا يقتضي أن كلاً من الطرفين وفَّى بما عليه.
وعليٌّ بن أبي طالب رضي الله عنه يقول: "إنما بذلوا الجزية لتكون أموالهم كأموالنا، ودماؤهم كدمائنا" (المغني ج ـ 8 ص 445، البدائع ج ـ 7 ص 111 نقلاً عن أحكام الذميين والمستأمنين ص 89(.
وفقهاء المسلمين من جميع المذاهب الاجتهادية صرَّحوا وأكدوا بأن على المسلمين دفع الظلم عن أهل الذمة والمحافظة عليهم؛ لأن المسلمين حين أعطوهم الذمة قد التزموا دفع الظلم عنهم، وهم صاروا به من أهل دار الإسلام، بل صرَّح بعضهم بأن ظلم الذمي أشد من ظلم المسلم إثمًا (ذكر ذلك ابن عابدين في حاشيته، وهو مبني على أن الذمي في دار الإسلام أضعف شوكة عادة، وظلم القوي للضعيف أعظم في الإثم).
حمــاية الأمــوال
ومثل حماية الأنفس والأبدان حماية الأموال، هذا مما اتفق عليه المسلمون في جميع المذاهب، وفي جميع الأقطار، ومختلف العصور.
روى أبو يوسف في "الخراج" ما جاء في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - لأهل نجران: "ولنجران وحاشيتها جوار الله، وذمة محمد النبي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على أموالهم وملتهم وبِيَعهم، وكل ما تحت أيديهم من قليل أو كثير... ". (الخراج ص 72).
وفي عهد عمر إلى أبي عبيدة بن الجراح رضي الله عنهما أن: "امنع المسلمين من ظلمهم والإضرار بهم، وأكل أموالهم إلا بحلها". وقد مرَّ بنا قول علي - رضي الله عنه - "إنما بذلوا الجزية لتكون دماؤهم كدمائنا، وأموالهم كأموالنا" وعلى هذا استقر عمل المسلمين طوال العصور.
التأمين عند العجز والشيخوخة والفقر
وأكثر من ذلك أن الإسلام ضمن لغير المسلمين في ظل دولته، كفالة المعيشة الملائمة لهم ولمن يعولونه، لأنهم رعية للدولة المسلمة وهي مسئولة عن كل رعاياها، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "كلكم راع وكل راع مسئول عن رعيته" . (متفق عليه من حديث ابن عمر).
وهذا ما مضت به سُنَّة الراشدين ومَن بعدهم.
ففي عقد الذمة الذي كتبه خالد بن الوليد لأهل الحيرة بالعراق، وكانوا من النصارى: "وجعلت لهم، أيما شيخ ضعف عن العمل، أو أصابته آفة من الآفات، أو كان غنيًّا فافتقر وصار أهل دينه يتصدقون عليه، طرحت جزيته وعِيل من بيت مال المسلمين هو وعياله" . .(رواه أبو يوسف في "الخراج" ص 144) وكان هذا في عهد أبي بكر الصِّدِّيق، وبحضرة عدد كبير من الصحابة، وقد كتب خالد به إلى الصِّدِّيق ولم ينكر عليه أحد، ومثل هذا يُعَد إجماعًا.
ورأى عمر بن الخطاب شيخًا يهوديًا يسأل الناس، فسأله عن ذلك، فعرف أن الشيخوخة والحاجة ألجأتاه إلى ذلك، فأخذه وذهب به إلى خازن بيت مال المسلمين، وأمره أن يفرض له ولأمثاله من بيت المال ما يكفيهم ويصلح شأنهم، وقال في ذلك: ما أنصفناه إذ أخذنا منه الجزية شابًا، ثم نخذله عند الهرم!
حرية التدين
ويحمي الإسلام فيما يحميه من حقوق أهل الذمة حق الحرية.
وأول هذه الحريات: حرية الاعتقاد والتعبد، فلكل ذي دين دينه ومذهبه، لا يُجبر على تركه إلى غيره، ولا يُضغط عليه ليتحول منه إلى الإسلام.
وأساس هذا الحق قوله تعالى: (لا إكراه في الدين، قد تبين الرشد من الغي)، )البقرة: 256) وقوله سبحانه: (أفأنت تُكرِه الناس حتى يكونوا مؤمنين)؟ (يونس: 99).
قال ابن كثير في تفسير الآية الأولى: أي لا تُكرِهوا أحدًا على الدخول في دين الإسلام، فإنه بَيِّن واضح، جلي دلائله وبراهينه، لا يحتاج إلى أن يكره أحد على الدخول فيه.
وسبب نزول الآية كما ذكر المفسرون يبين جانبًا من إعجاز هذا الدين، فقد رووا عن ابن عباس قال: كانت المرأة تكون مقلاة -قليلة النسل- فتجعل على نفسها إن عاش لها ولد أن تُهَوِّدَه (كان يفعل ذلك نساء الأنصار في الجاهلية) فلما أُجليت بنو النضير كان فيهم من أبناء الأنصار، فقال آباؤهم: لا ندع أبناءنا (يعنون: لا ندعهم يعتنقون اليهودية) فأنزل الله عز وجل هذه الآية: (لا إكراه في الدين). (نسبه ابن كثير إلى ابن جرير، قال: "قد رواه أبو داود والنسائي وابن أبي حاتم وابن حيان في صحيحه وهكذا ذكر مجاهد وسعيد بن جبير والشعبي والحسن البصري وغيرهم أنها نزلت في ذلك . . " تفسير ابن كثير (ج ـ 1 ص 310)
رفض القرآن الإكراه، بل مَن إقتنع بإرادته و دخل فيه على بيِّنة، ومَن رفض و أبقى على عقيدته، فإنه لا يفيده الدخول في الدين مُكرَهًا مقسورًا ـ كما قال ابن كثيرـ . فالإيمان عند المسلمين ليس مجرد كلمة تُلفظ باللسان أو طقوس تُؤدَّى بالأبدان، بل أساسه إقرار القلب وإذعانه وتسليمه.
ولهذا لم يعرف التاريخ شعبًا مسلمًا حاول إجبار أهل الذمة على الإسلام، كما أقر بذلك المؤرخون الغربيون أنفسهم.
المصدر: http://kenanaonline.com/users/DrNabihaGaber/posts/206322