الحوار بين الزوجين
نوال حسن المنتشري
إن الحوار الصامت بين الزوجين له تأثير سلبي على العلاقة بينهما.. فتبادل الحوار بينهما يعد من أقصر الطرق إلى قلبيهما، فالحوار بين الزوجين هو المقياس الأهم في تحديد مستوى العلاقة بينهما، فالحوار يساعد على وجود إحساس بالدفء والترابط والحنان في الحياة الزوجية.
فكيف يكون الحوار بين الزوجين؟ وكيف ينجح ويستمر؟
يعول الكثير من الأخصائيين في العلاقات الأسرية على أن الحوار بين الزوجين له أهمية كبيرة.. كيف ترى ذلك؟
الحوار بين الزوجين عميق كثيراً مما يبدو عليه، حتى لو كان حواراً سطحياً بسيطاً، لأن النظر هنا ليس لماهية الحوار وإنما لما يتركه في القلوب، فكل كلمة ينطق بها أحد الزوجين تترك أثراً لدى الطرف الآخر، لذا وجب أخذ الحوار بين الزوجين بعين الاعتبار، ووضعه في مكانه الطبيعي.
كما أن الصمت بين الزوجين له تأثير سلبي على العلاقة بينهما، وتبادل الحوار بين الزوجين يعد من أقصر الطرق إلى قلبيهما، فالكلمات البسيطة تشعر الطرف الآخر بأنه موضع اهتمام، وتمنع تسرب الملل، كما قد تكشف كلمة عابرة من أحد الطرفين أن مشكلة ما تؤرقه ويحتاج إلى من يعينه على حلها، إنه باختصار المقياس الأهم في تحديد مستوى العلاقة بين الزوجين، فوجود الحوار، مهما كان بسيطاً، يساعد على وجود إحساس بالدفء والترابط والحنان في الحياة الزوجية.
ما دام الحوار بين الزوجين مقياساً مهماً، فما الذي يمكن الحوار فيه بينهما؟
يمكن الحوار في أي شيء، بداية من الأحداث اليومية البسيطة، في شؤون الأبناء، في أسعار السلع، وصولاً إلى الحوار حول قضايا الأمة.
فكرة الحوار تكمن في الأنس والدفء والحنان، في المودة والسكن، كما هو مفيد في تخفيف التوتر لدى الزوجين الناجم عن إحدى المشكلات الأسرية.
كيف يمكن أن تنجح عملية الحوار؟
كي تنجح عملية الحوار بين الزوجين على الزوجين أن يلاحظا أمرين مهمين هما:
أولاً: على الزوج أن يتفهم حاجة الزوجة للكلام، ويستوعب حاجتها لأذن صاغية.
ثانياً: على الزوجة أن لا تضغط على زوجها ليتكلم حين تجده غير مستعد للحديث، وأن لا تسيء تفسير موقفه هذا.
وهنا نتطرق إلى تقنيات الحوار بين الزوجين حيث إنه ينبغي على الزوجين مراعاة أمور عدة كالتالي:
· تذكر النية الصالحة في الحوار وعدم تحويله إلى جدال، فلا ندخل الحوارات على أنها معارك يجب أن ننتصر فيها ونفحم من أمامنا، ولكننا ندخلها دعوة إلى دين الله، وما دام الأمر كذلك فالجدال لا مكان له في حواراتنا، بل يجب أن نفيد ونستفيد، وإلا فعلى الحوار السلام.
· التأكيد على نفسية الكسب للطرفين.
· عدم تواجد طرف ثالث أياً كان، وعلى الزوجين أن يبقيا دواخل حياتهما سراً لا يطلع عليه أحد حتى أقرب المقربين.
· اعتماد قاعدة: "اختلاف الرأي لا يفسد للود قضية"، قد نختلف نعم، لكننا نختلف لأننا نريد مصلحة الأسرة، وما دام في الأمر مصلحة فالود واجب على رغم الاختلاف، ولو استطعنا تأصيل قاعدة: " اختلاف الرأي يزيد الود".
· الصراحة التامة شرط أساسي في العلاقة بين الزوجين في كل حياتهما وفي الحوار بينهما بشكل خاص.
· احترام رغبات وخصوصيات الطرف الآخر.
· الإصغاء.. الإصغاء.. الإصغاء، إن المتحدث المقنع هو المصغي الجيد.
· الهدوء وخفض الصوت ضروريان.
· الحفاظ على الابتسامة تملأ المحيّا.
· استخدام طريقة النقاش والحوار والإقناع لا طريقة إلقاء الأوامر.
· بدء الحوار بالحديث حول النقاط المتفق عليها وليس النقاط المختلف فيها، فهذا أدعى لهدوء النفس وسكينتها.
· حسن العرض: إذا عرضت فأحسن العرض، وإذا طلبت فأحسن الطلب، وابتعد عن التركيز على العيوب والنقائص، أو الانتقاد المباشر الحاد.
· إياك والمقاطعة أو السخرية أو الاستهزاء أو استخدام عبارات الشتم واللوم أثناء الحديث.
· من الأفضل إذا أخطأت أن تُسلم بخطئك حتى لا تستمر في الدفاع عن الخطأ، والتسليم بالخطأ يجعلك لا تفقد مصداقيتك أمام مستمعيك ويجعلك تستعيد قيمتك وبشكل أكبر.
· عندما يتحول الحوار إلى شجار فمن الأفضل إنهاؤه والاتفاق على موعد لاحق للمناقشة، وإذا لم يفلح إنهاء الحوار على أحد الطرفين أو كليهما أن يبتعد عن مكان النقاش حتى تهدأ الأمور.
· عند معاودة الحوار حبذا لو بدأ الطرفان بحديث هادئ ينم عن الرغبة في الاتفاق وعدم تكرار ما حدث، ولا مانع أبداً من أن يقوم كل طرف بتقبيل رأس الآخر.
كيف يمكن استمرار الحوار بين الزوجين؟
الزواج ارتباط ينبغي أن يدوم مدى الحياة ويستمر، ويزدهر مع الأيام، واستخدام آداب الحوار بين الزوجين من الدعائم الأساسية التي تبقى هذه الاستمرارية، لذا فإهمال هذه الآداب كارثة.
كما لا تتوقف فائدة معرفة آداب الحوار على الزوجين، وإنما تشمل الأبناء الذين نشأوا وهم يرون آباءهم يتعاملون بهذه الطريقة اللائقة والراقية، فيتربون على ذلك، ويمكنهم حين يكبرون أن يتجنبوا العديد من الأخطاء التي وقع فيها آباؤهم وما كانت لتقع لو تعلم هؤلاء الآباء آداب الحوار منذ الصغر.
إن الالتزام بآداب الحوار هو طريق لوجود الأسرة السعيدة الهانئة التي تتحقق فيها المودة والرحمة، وتكون سكنّا لكل أفراد الأسرة بلا استثناء.
من المؤكد وجود اختلاف في وجهات النظر بين الزوجين.. ماذا عن آداب الاختلاف؟
آداب الاختلاف بين الزوجين باب مهم وخطير نظراً لما ينتج عنه من خسائر وأضرار.
الاختلاف أمر طبيعي، وهو مما جبلت عليه الفطرة البشرية، لذلك فالخلاف بين الزوجين الذي يصل أحياناً إلى حد التغاضب أمر شائع قلما يخلو منه بيت، حتى أكثر البيوت استقراراً، ومرّد ذلك إلى أن جنس الاختلاف في وجهات النظر وتباين الأمزجة لصيق بجنس الإنسان، فإذا صاحبه شيء من الحدة وتعكر المزاج تحول إلى غضب وشقاق.
أهمية الحوار بين الزوجين
فى الحوارات الزوجية والتي ربما تبدأ هادئة.. وربما تبدأ متفجرة!!
قد يتحوّل الحوار إلى شجار، وربما يتعدّى ذلك إلى العراك بالأيدي والضرب.. وربما إلى الطلاق أيضاً..
وتذكر الكاتبة "سهير الغالي" إحصاءات مثيرة للاهتمام بخصوص الحوارات الزوجية فتقول:
"لقد أصبح "الحوار" من أكثر المواضيع بحثاً؛ نظراً لأهمية الحوار في العملية الاتصال والتواصل الإنساني ونجاح هذه العلاقات.
كما اعتبر انعدام الحوار بين الزوجين من الأسباب الأولى المباشرة المؤدية إلى الطلاق وفقاً لما ورد في دراسات عديدة
نذكر منها:
الدراسة الإحصائية التي أعدّتها "لجنة إصلاح ذات البين" في المحكمة الشرعية السنية في بيروت-لبنان عام 2003 تبين فيها أن انعدام الحوار بين الزوجين هو السبب الرئيس الثالث المؤدي إلى الطلاق.
وفي دراسة علمية أعدها الباحث الاجتماعي علي محمد أبو داهش، والذي عمل (18) سنة في مكاتب الاجتماع بالرياض والمتخصصة في حل المشكلات الاجتماعية وأهمها الطلاق، تحت إشراف مجموعة من الباحثينالاجتماعيين، أوضح أن أهم أسباب الطلاق المبكر هو عدم النضج، وعدم التفاهم، وصمت الزوج. وأشار أبو داهش إلى أن مشكلة انطواء الأزواج وصمتهم في المنزل أصبحت من القضايا التي تُخصّص لها نقاشات في الندوات العالمية لما لها من تأثير سلبي على نفسية الزوجة والحياة الزوجية عامة.
وفي دراسة ثالثة (نُشرت في إحدى صفحات المواقع الإلكترونية) أُقيمت على نحو مائة سيدة، اخترن كعينة عشوائية، بهدف الكشف عن أبرز المشكلات الزوجية التي تواجه أفراد العينة، تراوحت الإجابات بشكل عام ما بين الصور التالية:
1- بقاء الزوج فترة طويلة خارج المنزل!
2- الاختلاف المستمر في الآراء ووجهات النظر!
3- رغبة الزوج في الانعزال عن الآخرين أو الاختلاط في المجتمع المحيط!
4- انعدام الحوار!
وعندما طُرح في هذه الدراسة ما هو الأسلوب الأمثل لحلّ هذه المشكلات الزوجية
- تبين أن ما يزيد على (87%) من إجابات أفراد العينة يفضلن الحوار المباشر لحل أية مشكلات، وفسّرن ذلك بأنه أقصر الطرق لحل أي خلاف ينشب.
- كما أشارت نسبة (4%) منهن أنهن يلجأن لوسائل أخرى لحل الخلافات الزوجية أبرزها كتابة الرسائل المتبادلة التي توضح وجهة نظرهن في المشكلة.
ست خطوات ذهبية لحوار هادئ ناجح بين الزوجين
يذكر لنا الأستاذ جاسم المطوع ست نقاط ذهبية يمكن الاستفادة منها لإدارة حوار ناجح بين الزوجين كما يلي:
لكي يتهيأ الزوجان للمصارحة ندرج لهما ست خطوات باتباعها تصبح المصارحة بها سهلة ومقبولة:
1- التمييز بين الخطأ والإنسان:
إذا رسب أحد الأبناء في مادة الرياضيات مثلاً فلا يحق لأبيه أو أمه – أن يسبه في شخصه كأن يقول له: إنك لا تفهم.. أو غبي، فهنا يهاجم الشخص نفسه بتجريح وإهانة .. ولا يحاول تقويم الخطأ في نفسه، فهذا يحدث أثراً عكسياً.
2- الموضوعية:
يجب على أحد الزوجين ألاّ يخلط بين ما حدث في الوقت الحاضر والزمن الماضي، كأن يحدث خطأ بسيط من زوجته فينهال عليها لوماً، بأنها ومنذ زمن حدث كذا وكذا، وينسى أن ينصح للخطأ نفسه فقط.
3- اختيار الكلمات:
الأسلوب أو انتقاء الكلمات سلاح ذو حدين؛ فهو إما أن يزيد المشكلة اشتعالاً أو يقضي على الخلاف قبل تفاقمه.
إذن فالوضوح مطلوب وتجنب الغموض أيضاً مطلوب في المصارحة
فعلى الزوجين ألاّ يحوّرا الكلمات، ولكن يحدّدان نطقهما فهو أجدى للمصارحة.
4- اختيار الأسلوب الهادئ المباشر:
الصوت مهم في المصارحة أي الأفضل أن يكون هادئاً
لأن ارتفاع الصوت يظهر الغضب، ويقطع الحوار، وكذلك إشارات الأيدي بانفعال.
5- التجزئة في المصارحة:
كأن يجلس الزوجان معاً، فتسأل الزوجة عن عيوبها فلا يصارحها بجميعها مرة واحدة
ولكن الأفضل أن تكون مجزّأة أى كل شهر يقول واحدة.. وهكذا حتى لا تكون صعبة.
6- اختيار الوقت المناسب:
أنسب وقت للمصارحة متى كان الطرفان هادئين
وإذا كان أحدهما متوتراً .. فلن تكون هناك مصارحة
فن الحوار بين الزوجين
شجرة الحب بين الزوجين تتغذى بالعاطفة، وترتوي بالتواصل والكلام الجميل وتنمو
بالمشاركة الوجدانية، إن الحب يحسم الكثير من الخلافات في حالات الزواج الناجح،
والحب عندما يختفي من البيت الذي يعيش فيه الزوجان فإن الخلافات تصبح ضيفاً دائمًا
في هذا البيت، وتتحول علاقة الزوجين من حبيبين إلى علاقة زوجية رتيبة، فلا يرتبط
كل منهما بالآخر إلا برباط الأطفال، ومن ثم تبدأ حياتهما الزوجية في الاحتضار، إن
الزوجين اللذين يفتقدان لغة الحوار بينهما هما في الحقيقة غريبان في بيت واحد يجهلان
عن بعضهما أكثر مما يعرفان
((( قواعد للتواصل الزوجي: )))
* لا تفسري صمت زوجك بأنه عزوف عن مشاركتك همومك أو عدم رغبة في التحدث
معك، ذلك أن الخالق -سبحانه وتعالى- قد ميز في خلقه ما بين الرجل والمرأة، إذ منحها
مناطق أوسع في دماغها للغة إرسالاً واستقبالاً بالمقارنة مع الرجل، لذلك تتفوق عليه
في امتلاك المفردات والتعبير عن نفسها وانفعالاتها وتجاربها وشرح مشكلاتها.
* شجعيه على الاستماع إلى وجهة نظرك من خلال استماعك لوجهة نظره ولا تتسرعي
في الحكم عليه.
* يجب على الزوجة أن لا تلجأ إلى الحديث مع زوجها في أمور لا تتناسب مع طبيعته
كشراء متعلقاتها وزينتها لأن الرجل بطبيعته لا يستوعب الإحساس الغامر بالبهجة الذي
تشعر به المرأة في مشاركتها هذه الأشياء التي ينظر إليها بسطحية،
ويجب على المرأة أيضًا ألا تناقش الأمور المالية مع زوجها بصفة مستمرة حتى لايضيق
بها، فهو يفهم الأمر وفق منظومته الخاصة، ولن يتوصلا إلى شيء!.
* اعهدي إليه بزمام الأمور وعوّديه على تحمل المسؤولية وقبول النقد الهادف النباء.
* دربي نفسك على مراعاة زوجك ومشكلاته في العمل.
* اهتمي بمظهرك وأناقتك اليومية وأضفي لمسات أنثوية رقيقة داخل منزلكما، لأنه
ملجؤه الأمين في كل الأوقات.
* احرصي على نظافة البيت والأولاد واهتمي أن يكون أريج البيت معطرًا، لأن ذلك
يعطي شعورًا بالراحة والاسترخاء في نفس كل شخص والأزهار أفضل مصدر لذلك.
* كوني جدية في احترامك لزوجك ولعلاقتكما الزوجية، واعتبري كل مايحدث بينكما
سرًا يجب ألا يشارككما أحد فيه، اجعليه واحة أمان فالسبب الأساس لهروب الأزواج من
المنزل وعدم قضائهم وقتًا ممتعًا فيه هو فقدانهم لعنصر الأمان والاستقرار والهدوء،
وهو السبب الذي من أجله يلجأ الأزواج إلى البيت، وليس بالضرورة أن يكون المنزل
مكاناً لقضاء وقت ممتع فيه، فالمتعة مفهوم يختلف من فرد إلى آخر، فهناك الكثير من
الأزواج من يجد متعته في أشياء بسيطة في البيت تكون بعيدة عن اعتقاد الزوجة كأن
يجلس بصمت يشاهد التلفاز دون مقاطعة أو شرب فنجان من القهوة في مكان مفضل،
بعيدًا عن الضوضاء أو إلى غير ذلك، في الوقت الذي تجهد فيه الزوجة إلى عمل الكثير
لراحة ومتعة الزوج، لكن دون فائدة.
الحوار بين الزوجين فن .. ومن أهم عناصر التقارب والتفاعل بينهما |
|
لا تكاد تخلو أسرة في مجتمعنا من أزمة الحوار الزوجي، فالحوار بين الزوجين يعتبر فنا، وهو من أهم عناصر الصلات والتقارب والتفاعل بين الزوجين لتبادل الأفكار والآراء من أجل بناء أسرة سعيدة، لكن كثيرا ما نسمع وخصوصـا من الزوجـات عبارة "زوجي لا يسمعني" "زوجي لا يأخذ كلامي"، وفي كثير من الأحيان، يصبح كلا الزوجين عنده نوع من الجفاف العاطفي، نظرا لكثرة الانشغال والاستسلام للروتين الخالي من أية روح أو عاطفة، فعندما يبدأ أحدهما بفتح حوار فإنه يفتحه بالصوت المرتفع الذي يدل على الضيق والضجر، فيحصل رد فعل عند الطرف الثاني، فيتحول هذا الحوار إلى نوع من الخلاف والشجار، فما هو الحل إذا لهذه الأزمة؟ المشاركة الوجدانية بين الزوجين ماذا تريد الزوجة؟ ماذا يريد الزوج؟ |