التكفير : الوجه الآخر للتسطيح

أنس زاهد



من هو المسؤول عن تحويل المسلم من إنسان مسؤول وقادر على استخدام عقله بإيجابية واستقلالية ، إلى مجرد إنسان اتكالي يفزع عند أي موقف يصادفه في الحياة ، إلى شيخ يفتيه حتى ولو كان الأمر يتعلق بالبديهيات؟!

من هو المسؤول عن تحويل المسلم إلى مخلوق لا يستطيع من فرط فقدانه لإرادته إلا أن يكون تابعا بالكلية لهذا الشيخ أو ذاك؟

من هو المسؤول عن ظاهرة الافتتان بالمشائخ ورجال الدين والتعامل معهم كما لو كانوا من نجوم السينما أو من مشاهير كرة القدم؟ من هو المسؤول عن رواج برامج الإفتاء التلفزيونية بهذا الكم الهائل وبهذه الكيفية الرديئة؟ 

من هو المسؤول عن نوعية الأسئلة العجائبية التي يتوجه بها جزء كبير من الجمهور إلى رجال الدين ، كالسؤال عن حكم النمص أو السؤال عن حكم ارتداء البنطلون للمرأة أو السؤال عن حكم ارتداء الحذاء ذي الكعب العالي أو السؤال عن حكم ارتداء ( الكاب ) ، وغيرها من الأسئلة التي تندرج ضمن إطار الرفاهية فضلا عن سطحيتها الشديدة وتفاهتها بالقياس إلى ظروف الأمة التي تعاني من الاحتلال والهيمنة والاستبداد والفساد؟ 

من هو المسؤول عن انتشار كتب الفتوى وتغليبها على أي نشاط عقلي آخر يتعلق بالدين؟

أعتقد أن افتقار العقل المسلم لخاصية النقد هو أهم سبب في طغيان هذا النمط من التفكير . وهي مأساة تعود جذورها إلى القرن الأول للهجرة ، وبالتحديد منذ اندلاع الفتنة الكبرى ثم ظهور الخوارج الذين كانوا أول من نظّر للفكر التكفيري الذي خلط بين الأولويات بشكل يدعو للعجب والشفقة والغضب في آن ! أحسن تجسيد لهذه العقلية المضطربة أو إن شئت المختلة ، هي الواقعة التي جمعت ابن عمر رضي الله عنه برهط من حجاج العراق أتى ليستفتي في حكم قتل الذباب أثناء الإحرام .

فما كان من ابن عمر إلا أن صاح فيهم : ((ويلكم ! أتقتلون ابن بنت رسول الله - في إشارة إلى مقتل الحسين بن علي - وتتحرجون من قتل الذباب؟!)) .



التكفير هو ابن التسطيح والاختزال. 

للأسف الشديد .. أصبح الخوارج لهم قوة تؤيدهم حتى توسعوا في الآفاق ولطخوا عقول المسلمين بالتكفير وهدر الدماء وقتل الأنفس الزكية .. نسأل الله أن يوقظنا من هذه الغفلة الطويلة ..



آن لنا جميعاً بأن نقول لا لأفكار الخوارج والإرهاب ، نعم الإسلام دين الرحمة والرأفة والتسامح .

المصدر: http://al7ewar.net/forum/showthread.php?22781-%C7%E1%CA%DF%DD%ED%D1-%C7%...

الحوار الخارجي: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك