الخلاف. المقاطعة. العولمة.

الخلاف. المقاطعة. العولمة. (محاضرة في استراليا)
فضيلة الشيخ سلمان ابن فهد العودة.
…………………………………………
بسم الله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وأصحابه أجمعين
أولا أشكر الأخ المقدم، والأخوة الذين رتبوا هذا الاجتماع المبارك.
وأسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعله اجتماعا مرحوما، وأن يتقبل منا ومنكم في هذا الشهر الكريم، وأن يعيينا وإياكم على الصيام والقيام.
وهي فرصة طيبة لي أن أتحدث إلى الشباب في هذا المركز، وربما يكون هناك خواطر كثيرة لكن الوقت يضيق عنها.
فأؤكد للأخوة أن هذا الشهر الكريم وهذه المناسبة التعبدية العظيمة التي هي شهر رمضان المبارك.
أنها من أعظم الشعائر التي جعلها الله سبحانه وتعالى من أركان دينه وأعمدة شريعته وقضى بسابق قدرته أن يتوارث المسلمون هذا الصيام.
فلا تجد بلدا إسلاميا أو مجموعة مسلمة في بلد غير إسلامي إلا وبصمات الصيام واضحة عليهم في تعبدهم ونسكهم وانكفافهم عن بعض الذنوب والمعاصي، وإقبالهم على الطاعة وتراحمهم في ما بينهم وتعاطفهم مع إخوانهم المسلمين في كل مكان.
ربما كثير من العبادات والشعائر اندرست عند المسلمين وضعف أثرها أو انتهاء أحيانا إلا الصيام فإنك تجد شهر رمضان يطبع المسلمين بطابعه في كل مكان:
فترتفع أصوات المئاذن، وأصوات القراء، وأصوات الدعاة.
وترتفع الأصوات بالقرآن في مكبرات الصوت بصلاة في التراويح والقيام وفي أدبار الصلوات أيضا.
وتجد أثر ذلك على محيى المسلم وعلى خُلقه وعلى سلوكه وعلى كلماته بحيث أن رمضان أصبح له شخصية متميزة في العالم الإسلامي وفي التجمعات الإسلامية في أماكن شتى من الأرض.
وهذا جزء يعبر عن عظمة هذا التشريع وبديع حكمة الله سبحانه وتعالى في هذا الأمر، فإن المسلمين ورثوا هذا الصيام عن من قبلهم من الأمم كما قال الله سبحانه وتعالى:
(يا أيها الذين أمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون).
وأحسنوا وراثته فلله الحمد والمنة تجد أثر رمضان واضحا جليا في كثير من بقاع الإسلام.
طبعا لا يعارض هذا ولا ينافيه أن يكون هناك تفريط وإهمال هنا أو هناك، في هذه الشريحة أو تلك من شرائح المسلمين، فمن المسلمين مثلا من يتحول شهر رمضان عندهم من شهر عبادة إلى شهر منافسة في ألوان الطعام وأطايبه والشراب وغيرها ويصبح فرصة للتنويع والبذخ والإسراف.
وهذا طبعا يناقض ويعاكس حكمة الصيام التي هي تقوم على أساس أنها حمومية بدنية وحمية روحية لنفس الإنسان من الذنوب والمعاصي.

وكذلك هي تربية للإنسان على أنه يقتصد في المال ويضعه في موضعه الصحيح من إطعام الجياع والفقراء ومواساة المحتاجين وإغاثة الملهوفين ودعم المجاهدين والمرابطين في الثغور الإسلامية.
ولم يكن رمضان للمباهات والمفاخرة في صرف الأموال في مثل هذه الأشياء.
كذلك قد تجد من المسلمين من يتحول رمضان عنده من فرصة لتوحيد وجمع الكلمة على تقوى الله وطاعته ووحدانيته وإزالة الشحناء والبغضاء والكراهية من النفوس.
إنه قد يتحول رمضان إلى فرصة لسجال لا ينتهي حول قضايا كثيرة جدا من قضايا الخلاف، وكأننا مولعون أبدا في البحث عن جوانب الاختلاف والتفرق بيننا وليس العكس.
إن الله سبحانه وتعالى يقول في محكم التنزيل:
(واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا).
ويقول سبحانه:
(ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات وأولئك لهم عذاب عظيم)
ويقول سبحانه:
(وأقيموا الصلاة ولا تكونوا من المشركين، من الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا كل حزب بما لديهم فرحون).
فينعي الله سبحانه وتعالى على أهل الكتاب من قبلنا من اليهود والنصارى اختلافهم وتدابرهم وتطاحنهم، بل إنك تجد أنه في القرآن الكريم يشير الله سبحانه وتعالى إلى أن هذه الخاصية من خصائص اليهود وهي قوله سبحانه:
(تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى)، ويعقب بقوله ذلك بأنهم قوم لا يعقلون.
وفي هذا إيماءة إلى أن الشرع والعقل كلها تقتضي أن يحرص المسلمون وأهل المنهج الصحيح على توحيد كلمتهم وتلافي الخلافات في ما بينهم وتجاوز هذه النقاط إلى نقاط الاتفاق وهي كثيرة وعظيمة.
فنحن جميعا متـفقون على أصول الإيمان وأركانه التي هي الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسوله واليوم الأخر والقدر.
ونحن جميعا متفقون على أصول الإسلام وأركانه التي هي الشهادتان والصلاة والزكاة والصوم والحج.
ونحن جميعا متفقون على المبادئ العامة العظيمة في الإسلام من جنس مثلا مكانة الأنبياء ومحبتهم، مكانة أصحاب النبي (صلى الله عليه وسلم) نقلة الشريعة وحملة الكتاب ورفَعَة راية الجهاد في سبيل الله تعالى وقادة الفتوح في مشارق الأرض ومغاربها، خلاصة تربيته وثمرة جهاده، وأن محبتهم إيمان وبغضهم نفاق.
ونحن متفقون على أهم المقاصد العامة للشريعة بحفظ الأرواح والأديان والأموال والأجساد والأعراض وغيرها.
فهذه القضايا القطعية والقضايا الكلية والقضايا العامة هي محل حديث كبير، ومن الممكن أن يدندن الدعاة والمتحدثون حولها ويطيلوا النفس فيها ويؤصلونها ويقعدوها ويعمقوا أثرها في واقع حياة المسلمين.
ومن الممكن أن تكون سبب في توحيد الكلمة وإضعاف شأن الخلاف وتضييق شقته بدلا من أن يعتني المسلمون والصادقون والملتزمون بسلامة المنهج وسلامة الطريق في ما بينهم فيعمقوها ويضخموها ويجعلوا منها مجالا للحديث ومحلا للتوافق أو الاختلاف.
والإمام الشافعي رضي الله عنه أختلف أو تناقش مع رجل يقال له أبو علي الصدفي فقال:

(لم أرى أعقل من الشافعي،
لما كان من الغد أخذ بيدي وقال لي يا أبا علي ألا يجوز أن نكون أخوة وإن اختلفنا في مسألة).
فالخلاف لا بد منه وخصوصا الخلاف في الفرعيات والمسائل التي هي محل للاجتهاد، ولا يجوز أن تكون سببا في التدابر والتقاطع بين المسلمين.
أو استنزاف جهودهم في رد بعضهم على بعض.
وتشنيع بعضهم على بعض وتشويه بعضهم لبعض.
واستغلال الفرص والمناسبات لتصفية الحسابات بين الأخوة المؤمنين.
وأحيانا قد يكون هذا على مرءا ومسمع من الكفار مثلا يهودا كانوا أو نصارى أو لا دينيين أو وثنيين أو غير ذلك فيقع من جراء ذلك سخرية بالمؤمنين والشماتة بهم.
ولعل ما يحث في رمضان هو نموذج لذلك، فقد نختلف كبيرا في بداية الشهر، ولا أتحث فقط عن الاختلاف في العالم الإسلامي كله بل أحيانا في المدينة الواحدة وربما يحصل هذا عندكم أو في أي بلد آخر.
تجد في المدينة الواحدة المسلمين في بداية الصوم على مجموعات.
منهم من يصوم باعتبار أول بلد إسلامي يعلن الصيام.
ومنهم من يصوم باعتبار البلد الذي ينتمي إليه.
ومنهم من لا يصوم إلا باعتبار إعلان المركز الإسلامي في المدينة، وربما يكون هناك خلافات أكثر من هذا، ويتكرر هذا أيضا في العيد.
لذلك حقيقة أُكد على المسلمين أنه أقل ما يمكن أن يكونوا أنه يجب على المسلمين في البلد الواحد وفي المدينة الواحدة، يجب عليهم أن يوحدوا صومهم وفطرهم على أي صفة كانت، حتى لو كانت على قول مرجوح على حسب ما يتفق عليه أو يعلن عنه المركز الإسلامي الموجود في البلد.
وهو خير بدون شك وبدون تردد ولا يشك في هذا أحد، هو خير من أن يختلفوا على اتجاهين أو ثلاثة اتجاهات أو أربعة أو ما شابه ذلك، يجب أن يكون عيدنا واحد.
وفي سنن الترمذي والحديث حسنه الترمذي وقال عليه العمل عند كثير من أهل العلم أن الرسول (صلى الله عليه وسلم) قال:
(صومكم يوم تصومون وفطركم يوم تفطرون وأضحاكم يوم تضحون).
فالعبرة بما يكون عليه جملة الناس وعامة الناس كما شرعه الله سبحانه وتعالى فرصة لتوحيد كلمة المسلمين وجمع شتاتهم و إزالة التنافر والكراهية والبغضاء والشحناء التي أصبحت مع الأسف تعشعش في قلوبهم.
ولا أحد يرضى حتى بأن يطالب بإصلاح الوضع أو تصحيح المسار أو جمع الكلمة، وإذا تحدث أحد عن مثل هذا وطالب فيه فإن الغالب أنه يريد من الناس أن يجتمعوا على المنهج وعلى الطريقة التي هو عليها.

يعني هو يصيح بالمسلمين أن يوحدوا كلمتهم وأن يجمعوا شملهم وأن يتناسوا خلافاتهم وهو بذلك يريد الناس أن يوافقوه في ما هو عليه من الجمل والتفاصيل والكليات والجزئيات، وهذا لا يمكن أن يكون.

نعم يمكن أن يكون هناك إطار عام ومنهج عام لتوحيد كلمة المسلمين أو على أقل تقدير تقليل الخلافات التي تعصف بالمجموعات الإسلامية والمراكز الإسلامية والدعاة إلى الله تعالى، تقليل هذا ما أمكن، وإيجاد نوع من التنسيق، نوع من الاتفاق الضمني على بعض المبادئ.
يعني ظهور أو صدور إخواننا المسلمين الذين نختلف معهم أن تصرف لأعدائنا الذين نتفق جميعا على عداوتهم.
من هو المسلم الذي لا يوافق على عداوة اليهود مثلا، وأنها هي أشد العداوات ؟، وهذا مما لم يدع الله سبحانه وتعالى فيه مجالا للاجتهاد بل حسمه بقوله سبحانه:
(لتجدن أشد الناس عداوة للذين أمنوا اليهود والذين أشركوا).
فهذه القضية المشتركة التي هي محل اتفاق عند المسلمين، خصوصا ونحن نرى اليهود كيف يفعلون بإخواننا المسلمين في فلسطين من التشريد والتنكيل ونزيف الدماء الذي لا يتوقف، والإصرار على قتل الصبيان وقتل النساء وعلى التضييق عليهم اقتصادي وسياسيا وماديا، دعك مما هو أكثر من ذلك.
فلماذا لا تكون هذه القضية الساخنة عملا مشتركا في هذا الإطار؟ يشترك فيه كل أهل الإيمان وأهل القبلة وأهل التوحيد وأهل الطاعات وأهل الدعوات.
لماذا لا يكون هناك تنسيق وتوحيد بين المسلمين في دعوة غير المسلمين إلى الإسلام ؟
ولا يلزم من ذلك أن أتفق معك في كل ما عندك، لكن من الممكن أن اشترك معك في برنامج يهدف إلى تقديم الإسلام إلى الأمة الأسترالية مثلا، أو إلى أهل أي بلد من البلدان.
تقديم الإسلام لهم بصورته الصافية النقية البعيدة من الشوائب والبدع والخرافات وغيرها كما أنزله الله غضا طريا عليه (صلى الله عليه وسلم) وكما قرره وأكده أهل العلم في كل زمان ومكان.
لماذا لا يكون لنا مجهود في تقديم الإسلام لهذه الشعوب التي تعيش في الضلالة بعيدا عن الهدى ؟، وربما تتخبط في الدياجير وربما يقدم لها الإسلام بصورة سيئة سواء عبر مواقع في الإنترنت مثلا أو عبر قنوات فضائية أو عبر وسائل دعوية مختلفة لتقديم صورة الإسلام الصحيح إلى هؤلاء الناس.
لماذا لا نقدم لهم الإسلام من خلال أسلوبنا العملي أيضا ؟ فنكون بخلقنا وسلوكنا وتعاملنا في ما بيننا وتعاملنا مع غيرنا أيضا صورة معبرة عن هذا الإسلام الذي ندعو إليه، ونحن نعرف أن الله تعالى خاطب رسوله (صلى الله عليه وسلم) بقوله: ( وإنك لعلى خلق عظيم).
وفي صحيح مسلم لما سألت عائشة رضي الله عنها عن خُلق الرسول (صلى الله عليه وسلم) قالت:
(كان خُلقَه القرآن).
فكأن الروس (صلى الله عليه وسلم) وأصحابه كانوا قرأنا يدب على وجه الأرض، هم التعبير الحي العملي، هم المثل التطبيقي لهذه الدعوة القرآنية.
كثيرون يقولون أن المثل النظرية موجودة في كثير من الأطروحات.
هناك مُثل نظرية، لو نظرنا إلى الشيوعية مثلا كانت تخادع الناس من خلال طرح العدالة والمساواة وحقوق العمال وحقوق الفقراء و (البلوروتاريا) وغيرها.
لو نظرنا إلى الماسونية مثلا لوجدنا أنها تخادع الناس من خلال طرح الأخوة والمساواة والعدالة مثلا باعتبارها القيم الثلاثة التي تدعو إليها.
لو نظرنا إلى العولمة وهي وريثة الرأس مالية لوجدنا أنها أيضا تدعو إلى قيم معينة من احترام الفرد وإعطائه قدره و رفع مكانته إلى غير ذلك.
إذا لكل صاحب نظرية من خلال قيم جميلة في مسمع الأذن، لكن الشيء الذي يفتقدونه جميعا هو أن تكون هذه القيم مبادئ حقيقة يدعون إليها ويتمسكون بها ويصرون عليها ويطبقونها عمليا.
الدين الخاتم دين الإسلام الذي بعث به الرسول (عليه الصلاة والسلام) ونزل به القرآن وتكفل الله تبارك وتعالى بحفظه وبقائه إلى قيام الساعة، طبعا لا نشك طرفة عين بأن الإسلام جمع خلاصة القيم النبيلة مما جاء به الأنبياء السابقون، واحتوى على المبادئ والأسس العظيمة الكفيلة بسعادة البشرية في كل الظروف وكل الأحوال وكل الأزمنة إلى قيام الساعة.
فهو الدين الكفيل بتلبية مطالب الروح ومطالب الجسد ومطالب الفرج ومطالب الجماعة وفي الأمم المتحضرة وفي الأمم غير المتحضرة وفي كل الظروف والأحوال.
بقي أن يوجد من المسلمين من يحملون هذا الإسلام عرضا له من خلال الأساليب والطرائق الصحيحة السليمة المتوافقة مع ظروف العصر وإمكانياته وتطبيقا له في واقع الحياة بحيث يكون سلوكهم وعملهم وتعاملهم في ما بينهم أو مع غيرهم تطبيقا حيا ودعوة صادقة إلى هذا الدين الذي يدعون إليه.
فليكن من شهر رمضان المبارك فرصة لأن يحرص الأخوان على القيام بمثل هذه البرامج الجماعية المعبرة وأن يتعاونوا عليها كما أمرهم الله سبحانه وتعالى:
(وتعاونوا على البر والتقوى، ولا تعاونوا على الإثم والعدوان).
وأن تكون هذه بداية لتوحيد كلمتهم وصفاء قلوبهم وسلامة نفوسهم وأن لا يتعصبوا أو يتحزبوا لهذه المجموعة أو هذه الجماعة أو هذه الراية أو هذا الشخص.
بل أن يكون ولائهم لله ورسوله والمؤمنين.
وأن يكون عدائهم لأعداء الله وأعداء رسوله وأعداء الإسلام والمسلمين.
أما الأسماء أما المراكز، أما الترتيبات أما الأشخاص، أما الكتب فهذه كلها لا تعدو أن تكون وسائل، ومن الخطاء الكبير أن ننشغل بالوسيلة عن الغاية، وأن نهتم بالتعصب لهذه الوسائل عن الولاء للغايات التي اجتمعنا عليها.
يعني نحن أحببنا فلانا لأنه يخدم الإسلام أو فرحنا بهذا المركز لأنه يقدم الدعوة إلى الله تعالى، أو عملنا دعاية لهذا الكتاب لأنه يعبر عن مشاعر أو أفكار إسلامية صحيحة.
فكيف يتصور أن يتحول هذا الشيء الذي أحببناه أو تعاطفنا معه من أجل انه يخدم الهدف الكبير الذي هو الإسلام

والقرآن والسنة، كيف ننشغل به بطريقة تضر بالهدف الكبير وتخل بالهدف الكبير وتجني على الهدف الكبير.
هذا يعني كما يظهر في الآية الكريمة:
(ذلك بأنهم قوم لا يعقلون).
هذا مع انه يعارض الإسلام نفسه، فكذلك هو يتعارض مع بداهة العقل، فالعقل يقتضي أن الوسائل لها حكم الغايات الوسيلة يجب أن تكون تبعا للغاية، وأن لا تتحول إلى هدف بذاته.
لذلك أقول لكم أيها الأخوة بكل الوضوح من الخطأ أن نتعصب للأشخاص ولو كانوا من الصالحين تعصبا يجني على الهدف الأكبر، هدف إقامة الإسلام في حياتنا والدعوة إليه والصبر على ذلك.
من الخطأ أن نتعصب لمركز إسلامي هذا التعصب.
من الخطأ أن نتعصب لجماعة إسلامية هذا التعصب.
من الخطأ أن تعصب لأطروحة أيا كانت هذا التعصب.
يجب أن يكون ولائنا للأمر الكبير الذي هو الإسلام والإيمان والدعوة إليه والسعي في ما يحقق مصلحة المسلمين الكبرى وليست المصلحة الخاصة لفئة أو مجموعة أو شخص من الأشخاص، فالمصلحة العامة مقدمة على المصالح الخاصة أيا كانت.
ينبغي أن يكون رمضان فرصة لتحقيق توحيد كلمة المسلمين، أو إذا لم يمكن هذا على أقل تقدير تقريب الشقة في ما بينهم، إقامة الجسور التي تربط بعضهم ببعض، وتخفف من العداوات، من الكراهية، من البغضاء، من الشحناء، من الخلافات الضارية التي أصبحت سمة واضحة في المسلمين على وجه الخصوص في بلاد الغرب، هي في كل مكان، لكن الإنسان يتعجب في مثل بلاد الغرب التي تحتاج إلى مزيد من توحيد الكلمة ومزيد من التقارب أن ينشغل المسلمون بجزئيات يسيرة يمكن أن يتفقوا عليها أو على أقل تقدير لو لم يتفقوا عليها يمكن أن يقبلوا الخلاف فيها.
فادعو الأخوة إلى أن يكون رمضان فرصة لتحقيق مثل هذه المعاني الشرعية وصفاء القلوب والسلامة من الهوى، من التعصب، من التحزب من المعاني التي يعرف الإنسان في قرارة نفسه أنها غير مرضية، والله سبحانه وتعالى يقول:
(بل الإنسان على نفسه بصيرة، ولو ألقى معاذيره).
يعني ربما أكون قائما بحجتي، قديرا بليغا أتحدث عن ما لدي من الآراء والأفكار بطريقة يبدو للآخرين أنها مقنعة وأن موقفي من فلان وعلان ومن هذه المجموعة أو تلك ومن هذا المركز أو ذاك أنه موقف سليم وشرعي.
لكن لو رجعت إلى نفسي وحاورت نفسي حوارا جادا وصادقا وحازما لاكتشفت أن ما قلته بعضه لله وبعضه لعبد الله، بعضه لله وبعضه لنفسي.
هنا إذا الإنسان استطاع أن يفرز ما لله وما لغير الله، لو استطعنا لوجدنا أن ستين أو سبعين أو ثمانين في المائة من الخلافات التي تدور بيننا هي من النصرة للنفوس ومن التحزبات والعصبيات.
ولن يبقى إلا هذه العشرون في المائة التي هي فعلا نتيجة اختلاف في نقاط واضحة وسليمة والأمر فيها لوجه الله تعالى، وهذه من الممكن جدا أن نظل مختلفين فيها ولا حرج في هذا.

لو استطعنا أن نتخلص من الخلافات التي يكون سببها الهوى وحظ النفس أو العصبية أو الجهل أو سوء الفهم أو غير

ذلك من الأسباب والدوافع.
فإذا لم نستطع أن نصفي قلوبنا ونفوسنا وحياتنا ومجتمعاتنا في رمضان فالسؤال الذي يطرح نفسه متى إذا ؟
إذا لم نستطع أن نستقبل العيد بنفوس مفتوحة ونبتسم في وجوه بعضنا، ونهنئ بعضنا بالعيد بصدق وحرارة، فمتى سنستطيع أن نفعل ذلك ؟
إذا لم نستطع أن نوحد عيدنا ونعيّد جميعا، فماذا نستطيع أن نوحد ؟
لا يعقل أبدا أن نكون في مدينة واحدة بعضنا يفرح بالعيد ويزغرد ويلبس الثوب الجديد ويصلي صلاة العيد، والمجموعة الأخرى مغضبون مكروبون مشحونون على هؤلاء لأنهم عيّدوا في غير وقت العيد ففي زعمهم أنهم لا يزالون في رمضان.
وهؤلاء يتعبدون بالأكل والفطر لأن الفطر يوم العيد واجب، وأولئك إخوانهم إلى جوارهم يتعبدون بالصيام لأنهم يرون أن رمضان لم ينتهي بعد.
كيف يتربى أطفالنا، نسائنا ؟
كيف يتربى الذين يراقبوننا من غير المسلمين على مثل هذه المعاني؟
أدعو الأخوة إلى وقفة صادقة، وإلى مراجعة جادة، وإلى اتفاق على أقل تقدير أن تكون المدينة الواحدة تصوم معا وتفطر معا.
أعود وأقول إن رمضان فرصة للصفاء وفرصة للأخوة وفرصة لتجديد معاني الإيمان، وفرصة لأن يتعاطف الأخوة المسلمون مع إخوانهم المضطهدين في مشارق الأرض ومغاربها.
هناك إخوان لكم في أراضي كثيرة يعانون الأمرين من الظلم والتشريد والأذى والتضييق ليس في فلسطين وحدها كما أشرت بل في الشيشان وفي كوسوفا وفي كشمير وفي بقاع واسعة من الأرض يواجهون أذى وعنتا وظلما كثيرا.
وهم بحاجة على أقل تقدير لأن يشعروا إلى أن إخوانهم المسلمين يحسون بآلامهم، يدعون الله تعالى لهم ويبتهلون إليه في القنوت في الوتر وفي غيره بأن يرفع الضر عنهم وأن ينصرهم على عدوهم.
أن يكون هناك مواقف معبرة على أقل تقدير عن هذا الشعور، أن يكون هناك دعم ولو رمزي لمواقف إخوانكم المسلمين، وأنتم لابد-إن شاء الله- فاعلون وربما يكون هذا الكلام الذي أقوله للأخوة تحصيل حاصل، ولكنها مجرد مشاعر وأحاسيس.
حقيقة كان الموضوع فيه شيء من المفاجأة وفهمت من كلام الأخوة أنه قد يكون حديثي مسموعا على نطاق أوسع مما أحب أن يكون، لكن هذا الحديث العابر جاء في هذه المفاجأة.
ولكن أسأل الله أن يلهمنا وإياكم الصواب والرشد في أقوالنا وأعمالنا وأن يجمع كلمة المسلمين على الحق والهدى، وأن
يدلهم على الصواب، وأن يأخذ بنواصيهم لما يحب ويرضى، وأن ينصر الإسلام والمسلمين والدعوة والدعاة والمخلصين في كل مكان في فلسطين وفي الشيشان وفي كشمير وفي مشارق الأرض ومغاربها وفوق كل أرض وتحت كل سماء إنه على كل شيء قدير، وأن يتقبل منا ومنكم الصيام والقيام.

وأشكر مرة أخرى الأخوة على جهودهم.
…………………..
إجابة الشيخ على الأسئلة:
سؤال/ شيخنا تجاوبا مع دعوة المقاطعة للبضائع والمنتجات الأمريكية واليهودية التي أطلقها المسلمون في أكثر من مكان، بدأ إخوانكم المسلمون في استراليا والحمد لله بالمقاطعة، وإن كانت جديدة بالنسبة لهم، فهل من توجيه كلمة للمسلمين في هذه البلاد حول أهمية هذه القضية وجزاكم الله خيرا ؟
جواب/ كتبت مقالا قبل أسبوع أو عشرة أيام عن المقاطعة، وأكيد انه موجود عند بعض الأخوة بحيث يمكن أن يصل إلى الأخوة في المركز، وأرجو أن يستفيدوا منه لأنه فيه شيء من التفصيل.
ولكن أقول خلاصة المقال أنه بالنسبة للمقاطعة فهي أولا أمر مشروع منذ البداية، فالرسول (صلى الله عليه وسلم) في عهده وجد نموذجا للمقاطعة حيث أن أحد الصحابة لما اسلم وأمسك به المسلمون ثم أطلقوه فأعلن إسلامه، فإنه تعهد للمشركين أن لا يصل لهم من مدينه حبة حنطة حتى يأذن بها رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، فأذن الرسول (عليه الصلاة والسلام) كما في بعض الروايات، ورجعت الميرة إلى مكة بعدما اشتكى إليه المشركون من شظف العيش.
فموافقة الرسول (صلى الله عليه وسلم) أولا على هذا الحصار الذي سيفعله هذا دليل على جوازه، وأنه وسيلة مشروعة، ثم إذن الرسول (عليه الصلاة والسلام) له بأن يبعث الحنطة من اليمامة إلى مكة هو أيضا دليل على أن هذا الأمر جائز وأنه مشروع وأن المسلمين كانوا ارحم الناس وأعدل الناس.
ولذلك أذن الرسول (صلى الله عليه وسلم) من باب الرحمة والرعاية، فالمسلمون لما كانوا حكاما لهذه الدنيا كانوا أعدل الناس كما يقول بعض المؤرخين البريطانيين، يقول اللورد تومبي:
(ما عرف التاريخ فاتحا كان أعدل ولا أرحم من العرب).
وقصة ثمامة التي أشرت لها قبل قليل هي مصادق لذلك، فإن الرسول (صلى الله عليه وسلم) لم يتخذ قرارا بحصار المشركين في مكة بل أذن بأن تأتيهم الميرة وأن تصل إليهم لأنه يرجو أن يبعث الله من أصلابهم من يعبده ولأنه يعلم أن هناك من الضعفاء والصبيان وغيرهم.
فهذا دليل على أنه يجوز للمسلمين أن يستخدموا هذا السلاح.
الأمر الآخر أننا نعلم أن هذه المقاطعة التي يتنادى إليها الغيورون في كل مكان ليس بالضرورة أنه سوف يترتب عليه انهيار حاد في الاقتصاد الأمريكي مثلا أو الإسرائيلي، لكنها بدون شك ستكون :
رسالة واضحة إلى أولئك القوم أن بني عمك فيهم رماح، وأن المسلمين يستطيعون أن يعملوا الكثير، ويستطيعون أن يعملوا أشياء كثيرة.
رسالة واضحة مثلا لكثير من الشركات التي تتعاون مع اليهود أو تدعمهم أن تعاونها ودعمها لن يذهب دون حساب وأنها سوف تخسر ماديا بسبب هذا الدعم، وتلك الشركات تفهم جيدا في لغة الأرقام ولغة الاقتصاد.

فلو تراجع مثلا ربحها ولو بنسبة واحد أو اثنين في المائة فإنها سوف تعقد الاجتماعات وتجري الدراسات للتساؤل عن سبب هذا الراجع.
ولذلك وجدنا أن عددا من الشركات أصبحت تعلن أن ريالا من كل وجبة مثلا لدعم المستشفيات الفلسطينية المخصصة للأطفال، وأخرى تعلن براءتها من دعم اليهود، وأخرى تعلن أنها مع الفلسطينيين، وأخرى تنادي بالرحمة والرفق بالمسلمين الذين يعملون ضمن دائرتها، فهم يفهمون هذه اللغة جيدا.
ثم إن المسلم لن يخسر كثيرا، كل ما في الأمر أنه بضاعة بدلا من بضاعة، فأمامك مثلا بضائع أسترالية بضائع يابانية بضائع من بلاد الله الواسعة وطبعا بالدرجة الأولى البضائع الإسلامية من البلاد الإسلامية يجب أن يكون هناك اهتمام وعناية وأولوية لها.
والمسلم العادي الذي يقول أنا ليس عندي مثلا مجهود خاص في الدعوة.
ولا مجهود خاص في جمع التبرعات.
ولا في إقامة المراكز الإسلامية.
نقول أقل ما تستطيع أن تقدمه مثلا أن تقدم هذا المجهود البسيط في اختيار بضاعة غير محظورة.
أقل ما تستطيع أن تقدمه أن تهاجم المواقع الإسرائيلية المستهدفة عبر الإنترنت.
أقل ما تستطيع أن تقدمه أن تشارك في نشاط في مهرجان أو مؤتمر أو مجهود مخصص للأخوة في فلسطين أو في الشيشان أو غيرها.

سؤال/ مما واجهه المسلمون على أرض الواقع انهم عندما بدءوا بالمقاطعة واجهوا مشكلة وهي أنهم يريدون البديل، فأقترح شيخنا أنه إن كان في الإمكان توجيه نداء لتجار المسلمين في بلاد الكفر أن يفتحوا متاجر كبيرة للمسلمين خالية من البضائع الأمريكية واليهودية تكون بديلا عن محلات الكفار تعاونا مع المسلمين في هذه المقاطعة؟
أيضا إذا كان في الإمكان أن تبين لنا حكم هؤلاء الأخوة الذين يعملون في الشركات اليهودية والأمريكية وخاصة في بلاد الغرب ؟

جواب/ أما الفكرة الأولى فجليلة في الحقيقة، واصلا كون المسلمين يتحقق لديهم قدر من الاكتفاء الذاتي ووجود مؤسسات ذاتية تخدمهم من متاجر من مسالخ من مدارس إلى غير ذلك، هذه من الضرورات خصوصا بالنظر إلى أن عددا كبيرا من المسلمين مقيمون بشكل دائم أو طويل في مثل هذه البلاد.
فيجب أن لا تكون حياتهم مربوطة تماما بجميع المؤسسات والأنشطة والاقتصاديات المجاورة لهم أو المجتمع الذي يعيشون فيه، يجب أن يكون لهم مؤسسات مستقلة تعبر عن دينهم وعن ثقافتهم وعن دعوتهم وعن توجههم، ومن ذلك وجود متاجر إسلامية خاصة، أما بالنسبة للبدائل فأقول ينبغي أن يكون هناك نوع من التركيز حتى تعطي المقاطعة ثمرتها.

يجب أن يكون هناك نوع من التركيز لأنه لا نشك أن المجهود الإسلامي مهما كبر يظل محدودا خصوصا في مثل بلد الغرب، فإذا تشتت بين شركات كثيرة ومؤسسات كثيرة ودول كثيرة ضعف أثره جداً.
ولذلك أنصح الأخوة أن يكون هناك تركيز شديد على مقاطعة كل ما هو يهودي في الدرجة الأولى متاجر أشخاص مؤسسات مدارس أو أي شيء آخر، مقاطعتها بشكل كبير وصارم وواضح وقاطع.
بالدرجة الثانية مقاطعة الشركات الأمريكية المتعاطفة مع اليهود وهذه ينبغي أن يكون هناك قوائم وأن تكون القوائم مدروسة جيدا لأنه أحيانا قد يكون هناك نشرات ليست دقيقة أو قديمة أو لا تعتمد على معلومات صحيحة، بينما هناك كتب وهناك نشرات دقيقة وحديثة تحدد الشركات المتعاطفة مع اليهود أو المتعاونة مع اليهود بحيث يكون للمسلمين وعي بمثل هذه الشركات لمقاطعتها.
إذا اضطر المسلم مثلا إلى بضاعة، في نضري أن البضاعة الأوروبية في الجملة مهما كانت على الأقل في هذه المرحلة أفضل من البضائع الأمريكية.
والبضائع الأمريكية من شركات واضح أنها لا تتعاطف مع اليهود لأنه قد يوجد حتى شركات أمريكية تعادي اليهود أحيانا، فهذه تختلف عن تلك الشركات التي معروف ولائها لليهود ودعمها لهم.
والمقصود على كل حال أن يكون هناك رسالة واضحة تنتـقل إلى الشعب الأمريكي ومن خلاله قد تنتقل إلى الإدارة الأمريكية أن انحيازهم مع اليهود وتعاطفهم مع اليهود ودعمهم ألا محدود لهم لا يذهب بدون حساب، وأنهم يخسرون من جرا مثل هذا العمل وهذه الرسالة اعتقد أنهم يفهمونها جيدا.

سؤال/ مما تتعرض له الأمة الإسلامية اليوم مخطط العولمة الذي يستهدف سلخها عن دينها، والسؤال ما هي وسائل مواجهة هذا المخطط وتنبيه المسلمين إلى مخاطره ؟

جواب/ طبعا هذا موضوع مهم للغاية، وأنا عندي –إن شاء الله - نية أن أكتب فيه كتابة أكثر تفصيلا لأن العولمة هي أكبر حدث ربما في العصر الحاضر.
وإذا كان لنا أن نتحدث عن مراحل التاريخ من انتقال الإنسان مثلا من اكتشاف الزراعة إلى عصر التصنيع، فإن العولمة وآليتها ولغة المعلومات وغيرها أصبحت هي أكبر حدث وأكبر إنجاز في هذا العصر.
وهي تمتد أذرعها إلى كل مجالات الحياة، فهناك عولمة في الاقتصاد، وقد يفهمها الكثيرون أن العولمة محصورة ومخصوصة بها.
هناك عولمة الثقافة.
هناك عولمة الإعلام.
هناك عولمة حتى الأديان، هناك محاولة تذويب أو تقريب أو القضاء على خصوصيات الأديان، والإسلام طبعا لاشك أنه الدين الأساسي المستهدف بمثل هذا، وهذا يتطلب وعيا كبيرا من المسلمين لمواجهة هذا الطوفان الكبير.
أما سبل المواجهة فربما يكون من أهم ما يمكن أن يقال في هذا المجال الكلمة التي أشرت إليها قبل قليل في موضوع تقارب المسلمين وتوحيد كلمتهم.

إذا كنا نواجه العولمة، يعني العالم كله ينطوي تحت ما يسمى منظمة الجات واتفاقية التجارة الدولية، فكيف يتصور المسلمون أو شرائح من المسلمين أنهم سوف يواجهون هذا الطوفان الهادر الضخم بجهود فردية وجهود بسيطة وجهود مشتتة؟ فضلا على أن المسلمين في كثير من الأحيان تضيع جهودهم في مواجهة بعضهم بعض.
فلا يمكن أن يتصور وفق قانون الأسباب، هذا لا يمكن أن يحدث، هذا من جانب.
الجانب الثاني أن العولمة نفسها لها آليات ووسائل ممكن أن تستثمر، فبقدر ما فيها من السلبيات الضخمة إلا أن هناك إيجابيات ممكن أن يستفيد منها الأقوياء.
مثلا التواصل الإعلامي الانفجار المعلوماتي.
الإنترنت.
القنوات الفضائية.
إمكانية مخاطبة الشعوب الغربية كلها والتأثير فيها وتقديم الصورة المثلى للإسلام.
أيضا من الأشياء التي يمكن أن نستفيد منها كثيرا التركيز على خصوصياتنا.
يعني في وقت من الأوقات لم يكن كثير من المسلمين يدركون أهمية الإعلام الإسلامي مثلا، أو الاقتصاد الإسلامي أو القيم الاجتماعية الإسلامية.
الآن أصبح هناك فرصة كبيرة لنا أن نقدم هذا الشيء الذي نتميز به.
أنت مثلا إذا أقمت بنكا ربويا فإنك لا تعدو أن تكون كأي بنك أمريكي أو بريطاني، لكن إذا استطعت أن تقيم أعمدة اقتصاد إسلامي ومصارف إسلامية ومعاملات إسلامية قدمت للناس شيئا متميزا يأتونه لأنهم يريدون الشيء الحلال، يريدون الشيء المباح الذي يضمن لهم نسبة معقولة من الربح وأن تكون حلالا.
كذلك الشأن مثلا في موضوع الإعلام، أنت إذا قدمت مثلا إعلاما يحاكي إعلام الغرب، ويحاكي منتجات هوليود أو غيرها فإنك لم تأتي بجديد، ولا يمكن ولو بذلت قصارى جهدك أن تنافسهم أو تقترب منهم حتى في التقنية في التقدم في الدقة في الخبرة في رؤوس الأموال إلى آخره.
لكن إذا قدمت إعلاما إسلاميا فأنت حين إذا تقدم إعلاما متميزا سوف يعشقه حتى كثير من الغربيين لأنهم سمعوا فيه صوتا جديدا ونبر ة جديدة وطرحا جديدا وأسلوبا جديدا، وهذا كله سيكون له تأثير كبير بدون شك في العالم الإسلامي وفي غيره.
فهناك آليات وهناك وسائل وهناك إمكانيات وما أنزل الله من داء إلا وأنزل له دواء، لكن هذا كله يعتمد على وجود الإرادة الصادقة عند المسلمين وعلى الوعي الذي يجعلهم يستطيعون أن يقدموا الأهم فـ الأهم.
……………………..
المقدم/ جزاكم الله خيرا شيخنا على هذا الوقت الذي أعطيتموه لإخوانكم في استراليا، رغم كثرة مشاغلكم بالدعوة إلى الله عز وجل، ونرجو أن لا تحرمونا مستقبلا من توجيهاتكم ونصائحكم وجزاكم الله خيرا.
الشيخ / بارك الله فيكم وأثابكم وجزاكم خيرا وأن يجمعنا وإياكم على طاعته ومحبته، وأشكر لكم أيضا جهدكم المبارك بارك الله فيكم.
المقدم/ وأنتم كذلك وبارك الله فيكم وجزاكم الله خيرا والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
(تم بحمد الله وتوفيقه)
……………………………………………………….
أخي الحبيب – رعاك الله
لا نقصد من نشر هذه المادة القراءة فقط أو حفظها في جهاز الحاسب،
بل نآمل منك تفاعلا أكثر من خلال:
- إبلاغنا عن الخطأ الإملائي أو الهجائي كي يتم التعديل.
نشر هذه المادة في مواقع أخرى على الشبكة.
مراجعتها ومن ثم طباعتها وتغليفها بطريقة جذابة كهدية للأحباب والأصحاب.
في حال إمكان ذلك الأستاذان من الشيخ لتبني طباعتها ككتيب يكون صدقة جارية لك.
أخي الحبيب لا تحرمنا من دعوة صالحة في ظهر الغيب.
من خلال اقتراحاتك وتوجيهاتك لأخيك يمكن أن تساهم في هذا العمل الجليل.

الأكثر مشاركة في الفيس بوك