الإسلام بين العلم و التاريخ
نوران رضوان
إن صفحات التاريخ العربي الإسلامي تحمل الكثير من الفتوحات الإسلامية كما أن صفحاتها تنطوي على قادة و فرسان و لكنى عند تقليبي لصفحات التاريخ وجدت صفحة أعجبتني كثيرا، و أردت أن تشاركوها معي... تلك الصفحة التي حاول بعض المستشرقين أن يطمسها و لكن كيف يطمس تلك الصفحة فالحضارة الإسلامية هي الجامعة التي أخذت عنها أوروبا علومها الطبية في العصور الوسطى، فقد كانوا علماء العرب نابغة في الطب و العلوم والكيمياء و الأحياء و الفيزياء و غيرها من العلوم، وفي السطور القادمة سنعرض بعض العلوم التي نبغ فيها العرب.
من قبل أن يمتلك الإنسان معامل للطبيعة و الكيمياء و الأحياء كان يحاول أن يفض ألغاز الكون وأسراره، ولقد اهتم المسلمون الأوائل بالأعشاب كما كان لديهم تراث طبي كما اهتم الإسلام أيضا بالصحة النفسية ليفتح الباب للسكينة و الأمن، فلم تنهض أوربا من كبوتها إلا حينما أخذت بالنظرة الإسلامية إلى العلم فظلت أوربا حتى القرن التاسع عشر لا تعرف إلا الاقرباذين العربي و لا تعتمد في طبها إلا على مخطوطات ابن سينا و الرازي و الزهراوى وابن نفيس ولذلك من الضروري أن تكون لنا ذاكرة بتاريخنا.
انتشرت الحضارة الإسلامية حتى بلغت أسبانيا في العصور الوسطي فنجد من الرياضيين العرب محمد الخوارزمي الذي أدخل الأعداد العربية لأوربا بما فيها الصفر، ووضع علم الجبر والمقابلة وظل اسمه يطلق علي اللوغاريتمات (الخوارزميات ) والتي مفاهيمها تطبق علي الكومبيوتر حاليا ، وفي الفلك نجد العرب قد رصدوا النجوم الساطعة ووضعوها علي الخرائط الفلكية وأطلقوا عليها الأسماء العربية التي مازالت تستعمل حتى اليوم كنجوم الدبران والطاسر والدنيب ، وفي الكيمياء اخترعوا طرقا لصنع الفلزات من المعادن واختبروا جودتها ونقاوتها،وأطلقوا مصطلحات منها كلمة الكيمياء والقلوي.
كما إنهم طوروا في الفيزياء ومن أشهر الفيزيائيين العرب ابن الهيثم وهو مصري نشر كتاب المناظر في البصريات والعدسات والمرايا وغيرها من الأجهزة التي تستخدم في البصريات، ورفض فكرة انبعاث الضوء من العين، لكنه أقر بأن العين تبصره عندما يقع أشعة الضوء من الوسط الخارجي عليها وهذا مانعرفه حاليا وبعد أن تمت ترجمت التراث الإسلامي للغات الأوربية ولاسيما بعد اختراع جوتنبرج الطباعة طبعت النسخ من هذا التراث وشاعت العلوم العربية وأمكن الحصول عليها هناك بسهولة ويسر.
و لذلك فان أوربا لازالت تسمى بعض المركبات الكيماوية العربية فالطرطير هو ال TARTAR و البورق هو ال BORICو الكحول هو ALCOHOL و الشراب هو SIRUP وقد حاول بعض المستشرقين طمس التاريخ العربي فقالوا : " إن العرب كانوا مجرد ناقلين و مترجمين عن جالينوس و أبو قراط و أن الطب العربي طب منقول عن اليونان والهند و الفرس و مصر و ليس في جهد إبداعي "
وهذا افتراء يكذبه مخطوطات الرازي،، فهيا بنا نكتشف الحضارة العربية الإسلامية.
في إحدى صفحات التاريخ العربي نجد أن ابن نفيس كان أول من اكتشف الدورة الدموية الرئوية الصغرى وقد اكتشفها الراهب الأسباني سرفيتوس بعده بثلاثمائة سنة و نشر وصفا لها في مجلته الدينية فلما بلغت هذه المجلة جون كالفين في سويسرا استدعاه إلى جنيف حاكمه واتهمه بالزندقة وحكم عليه بالحرق كما نرى أن ابن النفيس يخطئ جالينوس في زعمه بأن هناك ثقبا بين البطين الأيمن و الأيسر في القلب و إنهما متصلان و يقول أنه لا اتصال بين الإبطين إلا في الحالات المرضية.
ونرى الرازي يخطئ أبو قراط في قوله أن ماء الاستسقاء يصل إلى الرئة و يسبب السعال، وللرازى رأى جيد في علاج الحروق بالماء البارد و تلك أخر صيحة الآن في علاج الحروق حيث يوضع في الماء البارد لمدة دقائق لتقليل الألم و لتقليل فقدان البلازما و من أقوال الرازى "ينبغى للطبيب أن يوهم المريض بالصحة و يرجيه بها و إن كان غير واثق بذلك فمزاج الجسم تابع لأخلاق النفس" فكان الرازي يهتم بالصحة النفسية للمرضى و يعلم جيدا أثرها في العلاج. فكانت له نظرية نفسية عميقة من طبيب قديم.
و انه لأمر عجيب أن نعثر في مخطوطة الصوفي جلال الدين الرومي منذ حوالي ألف سنة عبارة يقول فيها:" لو فلقت الذرة لوجدت في داخلها نظاما شمسيا".
و قديما قال فلاسفة المعتزلة المسلمون أن المادة تتجزأ حتى تصير إلى جزء لا يقبل التجزئة أو القسمة و أسموه بالجوهر الفرد ووافقوهم فلاسفة الإغريق ، وأنكر فلاسفة المسلمون هذا المذهب فقال إبراهيم النظام:"لا جزء إلا و له جزء و لا بعض إلا وله بعض و لا نصف إلا و له نصف و أن الجزء يجوز تجزئته أبدا" ، كما أنكر الفارابي و ابن الهيثم و ابن سينا و الكندي هذا المذهب وقالوا إن الجوهر الفرد أو الذرة تقبل التجزئة لما هو اصغر منها.
ومن ثم فإننا نجد أراء العلماء والفلاسفة المسلمين جاءت مخالفة لأراء من يقولون أننا أخذنا العلم عنهم وهذا يؤكد كذب هذا الادعاء.
و لكل من ينظر إلى الإسلام أنه قد قلل دور المرأة في العلم والعمل، انظر إلى المرأة العربية التي اشتغلت بالطب و التمريض و ذلك منذ أيام النبي صلى الله عليه وسلم كانت رفيدة الأسلمية تتخذ خيمة في المسجد تداوى فيها الجرحى في الحرب، وفي أواخر الدولة الأموية كانت زينب طبيبة بني أود من الماهرات في صناعة الكحالة و مداواة آلام العين.
و بهذا فقد جلنا في إطار إحدى صفحات التاريخ تحمل لمحة من انجازات علماء العرب الكثيرة ، وهذه الصفحة لم تكن تلك إلا لإحياء تراثنا العربي في ذاكرتك وإثراء معلوماتك عن الحضارة العربية و الإسلامية. و ليكن لدينا فخر الانتماء إلى العرب و المسلمين .. ليس هذا فسحب بل أن يكون لكل منا دورا في إعادة المجد التاريخ الإسلامي من خلال الأخذ بالعلم والتمسك بمبادئ الدين.