التطرف.. سلوك فرد أم نهج جماعة؟

عضوان الأحمري 

 

نبرة التطرف التي تعلو من وقت لآخر تدعو للتساؤل: هل هي ناتجة عن سلوك أفراد يشتركون في قواسم وهموم مشتركة، أم إنها نهج جماعة تقتات على حماس الشباب واندفاعهم؟ هل هي محض الصدفة في ولادتها مع الأحداث، أم إنها أداة ترفعها مجموعة في صراعها مع الأخرى، في محاولة لإثبات القوة والتفرد بصوت الحق؟!



وحتى لا يذهب البعض إلى تيار محدد، خصوصاً مع النقد الأخير من عدد من الكتاب لما يسمى بالتيار "الحركي" والذي يقود نبرة التطرف الحالية، إلا أن التطرف لا يرتبط بتيار دون آخر، فما إن يبدأ تيار بالهجوم حتى يستخدم الآخر الرد بنفس نبرة التطرف إن لم تكن أعلى، بتبرير أن لكل فعل ردة فعل مساوية في المقدار معاكسة في الاتجاه. وحتى القوانين الفيزيائية، طوعناها، ليس لخدمة العلم، بل لتوسيع دائرة الخلاف، وضرب الأمثلة بها لتبرير سلوك التطرف أياً كان مصدره. لم يعد التسامح هو الأساس، ولم نعد قادرين على الحوار مع بعضنا البعض. أصبحت الزوايا محجوزة لصراعات قد يقوم البعض بإعدادها سلفاً. لا تقوم التيارات الفكرية بتقديم الحلول للعلاج، بل بالبحث عن زلات الأشخاص وشخصنة الخلل، بدلاً من نقد المشكلة نفسها والمساعدة في حلها. 



يضيع الوطن والمواطن كجماهير على مسرح الخلاف. المسرح الذي ضاق بنا. لم نعد نستطيع أداء أدوارنا في مسرحية الحياة. خشبة المسرح لم تعد تتسع للجميع. المشهد غير مكتمل عند البعض إلا بلعب دور البطولة و"الكومبارس" وتحييد جميع المشاركين. الوطن يتسع للجميع، وقضاياه قضايانا، لكنها تضيع، وتتعطل التنمية بسبب الصراع الدائم بين نفس الشخصيات حول نفس المحاور. الوسطية ضاعت وسط زحام المتصارعين، وقضايا المواطن الأساسية لم تعد تهم النخب. المهم هو إثبات الوجود والحضور. والمهم لدى البعض تصعيد لغة التخوين والإقصاء. ولم تستفد كلمة "وطنية" منهم شيئاً سوى ترديدها وقت الصراعات. ولم يستفد منهم الوطن سوى تأجيج الفتن. قاتل الله التطرف أياً كان اتجاهه، يميناً أو يساراً.

المصدر: http://al7ewar.net/forum/showthread.php?28018-%C7%E1%CA%D8%D1%DD-%D3%E1%...

الأكثر مشاركة في الفيس بوك