الهجوم على البشر

عبدالله الجعيثن

    أكثر الشعر الذي قرأته عن موقف الشعراء من الناس ورأيهم فيهم، يظهر فيه الغضب من البشر والهجوم عليهم وهجاؤهم، وكأنما الشاعر الذي سبّ البشر من طينة أخرى..

يقول المعري في تعميم لا يقبله واقع ولا عقل:

(يحسن مرأى لبني آدم

وكلهم في الذوق لا يعذبُ

مافيهم بر ولا ناسك

إلا إلى نفع له يجذبُ

أفضل من أفضلهم صخرة

لا تظلم الناس ولا تكذبُ)

ومع الاتفاق على مبدأ (النفع) الذي يسعى له الناس، فلا يعني هذا أن الصخر أفضل منهم، هناك كرام النفع الذي يسعون إليه هو رضا ربهم عز وجل عبر الإحسان إلى عباده والتحلي بمكارم الأخلاق، ومن انتفاعه هو احترامه لنفسه وعشقه للمكارم، فالتعميم غير مقبول، خاصة أن كل ما يصل إلى الفرد من خير -بما في ذلك الغذاء والماء- قد يسره الله له على أيدي أناسٍ مثله، ولو كان وحيداً تماماً مع الصخور لمات جوعاً وإن صاداً وأكل ورق الشجر مات كآبة..

والمتنبي أعنف من المعري:

(ومن عرف الأيام معرفتي بها

وبالناس روَّى رمحه غير راحم

فليس بمرحومٍ إذا ظفروا به

ولا في الردى الجاري عليهم بآثم)

منتهى القسوة والحقد ضد البشر معززة بفتوى من غير مؤهل، والمتنبي يعتبر نفسه من غير الناس!!

(ودهر ناسه ناس صغارُ

وإن كانت لهم جثث ضخامُ

وما أنا منهم بالعيش فيهم

ولكن معدن الذهب الرغام!

فحضرته (ذهب) و(بقية خلق الله تراب) منتهى الغرور والصلف!

والأشعار في السخط على البشر وهجائهم كثيرة، وهي تُسقي أصحابها السم الزعاف، فإن الكراهية وبغض الناس سمٌّ زعاف.

http://www.alriyadh.com/964831

أنواع أخرى: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك