داعش والخبراء!
تحدث الكثير وأشاع اللغط حول أصل وتأسيس تنظيم "داعش" وأصل نشأته وانتشاره في المنطقة كالنار بالهشيم، فهناك من يقول إنه فقاعة وتنتهي، ومنهم من قال صناعة أميركية لتقسيم الشرق الاوسط، لتقسيم وتفتيت المنطقة إلى أقاليم وكانتونات، ومنهم من قال تنظيم مشبوه يطبق نظرية "بايدن" والبعض يقول إنه صناعة "صهيونية" لضرب التيارات الاسلامية وشرذمتها وتشويه الدين الاسلامي الحقيقي الحنيف، ويؤكد آخرون أن "داعش" خرجت من رحم المخابرات السورية لضرب مكونات الثورة السورية وإضعافها وإجهاض المقاومة الوطنية بالوطن العربي، لكي لاتكون هناك دولة قوية عربية مستقلة ولامقاومة وطنية شريفة مشروعة، بينما يذهب البعض للتاكيد أن "داعش" أداة إيرانية استناداً لمعطيات عديدة منها احتضان إيران لبعض رموز تنظيم القاعدة، ولتوحيد صفوف الشيعة لضرب السنة، إلا أنه ومن نافل القول أن هذا التنظيم ولد من رحم تنظيم القاعدة وخرج من تحت عباءته، ووجد بيئة جاذبة خصبة وترعرع فيها ونما وانتشر كالنار بالهشيم، وبات كالأفعى التي تغير لونها وشكلها لتسعى من جديد وتتمدد كما تريد وتشتهي، والكل خائف منها ويتفرج على شكلها المخيف وهيبتها ونفوذها وخطورتها أيضا، فكل هذه التسميات والتحليلات والتفسيرات غير دقيقة وغير مقنعة للبعض وأنا منهم، إذ إن الأمر الثابت والواضح أن هذا التنظيم الجديد القوي المؤثر وجد على أرض الواقع بقوة ونفوذ واسع وسرعة انتشارمريب ومخيف، وأصبح يستقطب العديد من العناصر من كل الفئات العمرية والمؤهلات العلمية أيضا، ولديه المال والسلاح والأفراد، وأصبح أغنى وأقوى تنظيم إرهابي بالعالم، يمارس دوره كما يريد يقتل من يقتل ويهجر من يهجر ويحتل مايحتل، ويتوسع جغرافياً بدون رادع أو حسيب، ويعلن على الملأ قيام دولة الخلافة ويعلن اسم أميرها في شمال العراق بالموصل.
وأصبح هذا التنظيم مرة يضرب المقاومة الوطنية في سورية ويجهضها، ومرة ثانية يهاجم المالكي وحكومته ويسقط مدناً سنية بعينها، ويهاجم الأكراد الذين ساعدوا قيام الثورة الشعبية بالعراق، ويهجر المسيحيين ويقتل الطائفة اليزيدية، ويستولي على مناطق السنة الأكثر نفوذا، ويستولي على منابع النفط بالعراق وسورية، ويهجر الأقليات من الديانات الأخرى غير المسلمة، ولم يذهب لإسقاط حكومة المالكي في بغداد المتهالكة أصلا، والتي تم العمل على تغييرها من خلال تكليف رئيس وزراء جديد بدلا من المالكي المنتهية صلاحيته وولايته.. وهذا التنظيم لم يستغل الفرص المواتية، له بعد هزيمة جيش المالكي وإنهياره، ولم يعمل هذا التنظيم كما كان مرحبا فيه من قبل ثوار العشائر من العرب السنة، كما أعلن وبثت أناشيدهم الوطنية من مكبرات الصوت على ظهور سياراتهم الحديثه وآلياتهم وعجلاتهم الفارهة..(جيناك يابغداد).. بل توجهوا نحو مناطق وقرى شمال العراق ليهجروا المسيحيين وأبناء الطائفة اليزيدية الذين كانوا متعايشين ومسالمين ومنصهرين منذ آلاف السنين مع العرب والمسلمين بمناطقهم الآمنة، وهم أقليات مسالمة لم تكن خصما مع أحد أو ضد أحد.
وقد عجز الخبراء والمحللون والمتابعون، أن يقنعونا بشكل واضح ودقيق ويشخصون هذه الآفة والحالة الغريبة الطارئة على منطقتنا ومحيرة لعقولنا، حول لون وأهداف هذا التنظيم وهويته الحقيقية، وكذلك منهجه ورسالته واستراتيجية ولمن ومن يخدم، ومرة نرى هذا التنظيم ثائراً ومخلصاً للمظلومين والمهمشين والفقارى، ومرة أخرى تجده يهجر المضطهدين والمساكين ويستولي على ممتلكاتهم، ومرة يطلب من الأقليات إعلان الاسلام أو دفع الجزية أو القتل!
ونشاهد أفراده أحيانا في هذا التنظيم، يظهرون لنا بوجوه عربية سمراء وحنطية اللون، ويتكلمون باللهجة العربية والخليجية وحتى "البدوية"، ويرددون "السامري والهجيني" ومرة نرى أفرادا منهم بعيون زرقاء وبشرة آسيوية وأشكال أفغانية وباكستانية، وحتما لايتقنون العربية اصلاً، وهم يحملون سيوفهم وفؤوسهم لجز الرؤوس، إذن بالضبط.. ماذا يريد هذا التنظيم وماهي أهدافه وأجنداته، ولمن يخدم وماهي رسالته التي يحملها الواضحة والصريحة سواء المعلنة أم غير الواضحة للعيان، وماهي أهدافه المعلنة ومنهجه واستراتيجيته وخططه الواضحة وغير الخافية والمجهولة، لكي نقول هل هو محق وعادل وصريح وصاحب هدف، أو مشبوه ومنحرف ومندس وخطير؟!أفيدونا ياخبراءنا المخضرمين ومحلليننا الأكارم لكي لانردد قول "داعش.. والخبراء"على وزن داحس والغبراء!!