أوهام المتطرفين

يوسف القبلان

    وهكذا أصبح تغيير الانسان لملابسه وتغيير شكله, ولبس العمامة كافيا ليظن أنه قادر على اعلان دولة الخلافة. دولة لا تملك مقومات الدولة, ثقافتها فكر متطرف ليس لديها موقع للتسامح والحوار, سلاحها الاقصاء والعنف, والخطب الحماسية التي تلهب المشاعر ولا تقدم ما يفيد الناس لأنها غير قادرة على ذلك .

لم تأت  المنظمات من فراغ فهي نتيجة تراكمات وأحداث سياسية دفعت بتلك المنظمات الى استخدام الدين وسيلة للوصول الى أهدافها السياسية. لم تستخدم الدين فقط بل قررت أن تتطرف وتصل الى أقصى درجات التطرف من أجل استقطاب المحبطين من السياسات العربية .

ومن أقصى درجات تطرف هذه المنظمات أنها توهم تابعيها أنها تعمل من أجل الاسلام والقضايا العربية, ثم تتعاون مع دول خارجية لها أهدافها ومطامعها الخاصة تعاونا لا يتناقض مع أهداف المنظمات المعلنة وشعاراتها المدوية فقط بل يخدم أهداف تلك الدول ومخططاتها وسياساتها. بهذا تكون المنظمات الارهابية حققت الأجندة الخفية أو ضربت عصفورين أو أكثر بحجر واحد فهي أساءت للإسلام، وخانت الوطن، وأشعلت نار الفتنة، ونشرت الانقسام والأحقاد وكل ما يساعد على التفتيت والاضعاف والاستسلام .

تلك المنظمات ومن يقف وراءها من دول رفعت شعار ازالة اسرائيل من الخارطة تتبنى مقاومة وهمية وتتاجر بقضية فلسطين وكل ما تفعله يصب في مصلحة اسرائيل . كيف لا وقد تشكلت المنظمات الارهابية لتقوم بدور زرع الخلافات والانقسامات العربية بدعم ورعاية من ايران التي حولت شعار ازالة اسرائيل الى ازالة العرب.

ومن أوهام المتطرفين، التطرف الأمريكي الذي يخدم مصالح اسرائيل في تناقض صارخ مع القيم والمبادئ التي تتفاخر بها وتزعم أنها راعية الحرية وحقوق الانسان في العالم. هذا العالم الانساني لا ينتمي اليه الفلسطينيون حسب معايير أمريكا، وانما تنتمي اليه اسرائيل، وايران، والمالكي الذي عمل بكل اخلاص على تمزيق العراق بالتعاون مع ( رعاة حقوق الانسان )!

إنها الأوهام, غيرت داعش ملابسها فأصبحت مؤهلة لإعلان دولة الخلافة, وغيرت ايران شعاراتها ولم تغير سياساتها ولاتزال تتفاوض مع الغرب حول أسلحتها النووية في مسلسل طويل ممل كشف أموراً كثيرة أهمها أن الخلاف الأمريكي الايراني مجرد وهم .

القضية ليست قضية مؤامرات بل مصالح. أمريكا وايران وإسرائيل تعمل المستحيل من أجل مصالحها والعرب تكبلهم اللغة العاطفية, وتسحرهم الشعارات وتخدعهم الخطابات الانشائية. سوف يظهر من يصفق لزعيم دولة الخلافة ويصدق ما يقول قبل أن يكتشف بعد مجموعة من الكوارث أنها مجرد وهم من أوهام المتطرفين .

إن ما يجمع بين كافة المنظمات الارهابية المنتشرة في مواقع كثيرة أنها وهي تزعم أنها نصيرة الاسلام يجمع بينها عوامل مشتركة منها بطبيعة الحال العنف والاقصاء ونشر الكراهية. ومن أهم تلك العوامل أنها لا تتحدث عن العلم والتنمية والاقتصاد والسلام والمستقبل. أما العامل المشترك الجديد فهو التعاون مع عدو الاسلام لنشر الاسلام ! . واقع الأمر أن الهدف ليس نصرة الاسلام وانما نشر الفوضى, وخلط الأوراق, وتحقيق مخططات دولية تستهدف أمن الأوطان ووحدتها ومستقبلها ومنها وطننا الغالي الذي يعتقد المتطرفون أنهم يستطيعون الوصول اليه واختراقه, وهذا مجرد وهم من أوهام المتطرفين .

http://www.alriyadh.com/955213

الأكثر مشاركة في الفيس بوك