عشرون سبباً لعدم السؤال
سؤال: لماذا يقول الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِين آمنُوا لَا تسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لكُمْ تسُؤْكُم)؟
ولماذا يقول رسوله الكريم: (إنما أهلك من كان قبلكم كثرة سؤالهم واختلافهم على أنبيائهم)...
... حين تأملت شخصيا في هذين النصين وجدت أكثر من عشرين سببا لعدم السؤال..
فمجرد السؤال من شأنه التسبب في:
1. بلورة محرم جديد.
2. إضافة قيود جديدة على السائل (ومن يسمع الفتوى).
3. يفاقم نسبة التشدد ويراكم المحرمات بمرور الزمن.
4. يخلق قضية جدلية ينقسم حولها الناس.
5. يشغلهم بالصغائر والفروع عن الثوابت والأصول في الدين.
6. لأنه ليس من صفات المؤمنين بدليل {يَا أَيُّهَا الَّذِين آمنُوا في الآية السابقة.
7. لأنه اختلاف وتجاوز لرسالة الأنبياء بدليل (اختلافهم على أنبيائه).
8. لأنه يثير الضغناء ويسبب الفرقة بين مؤيدين ومعارضين.
9. لأنه يزيد حالات التنطع والمغالاة والتشدد لدى البعض.
10.لأنه يدخل المفتين والمستفتين في مزايدة على استجلاب فتاوى جديدة.
11.لأنه يخلق طبقة من طلاب الشهرة والمنتفعين من خلق فتاوى جديدة.
12.لأن الأصل في الأشياء الإباحة (ما لم يرد فيه نص صريح كتحريم الخمر والخنزير).
13.لأن فيه تضييق على الناس كون المسكوت عنه أكثر بكثير من المحرم والمنهي عنه.
14.لأنه يتجاوز المحرمات في القرآن القليلة والمحدودة في أصلها (كالميتة والدم وقتل النفس).
15.لأن السؤال يخلق حالات ضيق وحرمان لم ينزل الله بها من سلطان {كل الطعام كان حلا لبني اسرائيل إلا ماحرم اسرائيل على نفسه.
16.ولأنه تدمير للحياة وهلاك للمجتمع بدليل "أهلك من كان قبلكم كثرة سؤالهم"..
17.لأن يعيق تقدم المجتمعات (كون المستجدات الحديثة هي أول مايطالها التحريم).
18.لأن التشريع انتهى بختم الرسالة وإغلاق النصوص ووفاة خاتم الأنبياء (فلا يجوز استحداث شيئ بعده).
19.لأن كثرة السؤال تنتهي بتجاوز النصوص الواضحة، واللجوء لجانب الظن، والرأي، وسد الذرائع، والاتكاء على مفاهيم عامة (كمخالفة الكفار، ودرء المفاسد، والاستبراء للدين، ولم يفعله سلفنا الصالح) كحجة للتحريم!!
20. وكل ماسبق يثبت أيها السادة أن كثرة السؤال هو أصل التشدد وهلاك الأمم وتفريخ الخوارج والمتشددين والمغالين في الدين.
ومقابل كل هذا توجد نصوص شرعية تؤكد عموم المباحات وقلة المحرمات مثل قوله تعالى: (إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم وندخلكم مدخلاً كريماً) وقول الرسول الكريم: (الحلال بين والحرام بين).. الحديث..
فالحلال بَيّن، والكبائر قليلة ومعروفة ولم يختلف عليها أحد طوال قرون.. لن تجد خلافاً بين الفقهاء والمذاهب حول محرمات وردت فيها نصوص شرعية مباشرة وصريحة كلحم الخنزير أو حد القتل أو شرب الخمر أو أكل الميتة.. معظم الاختلافات - والخلافات التي تؤدي لصراعات مذهبية - تأتي في فروع ومسائل ثانوية أما لم يرد فيها نص صريح أو سُكت عنها رب العباد رحمة بالناس..
وجزء أساسي من المشكلة يأتي من عامة الناس (المعنيين في أول نصين في بداية المقال) كونهم يطرحون أسئلة أما مسكوت عنها، أو مباحة في أصلها، أو صغائر يتم تكفيرها بين كل صلاة وصلاة، وجمعة وجمعة، ورمضان لرمضان (والأسوأ من طرح السؤال؛ خلق أسئلة جديدة تماماً لم تخطر على بال أحد طوال القرون الماضية مثل: حكم أكل لحم الجان؟)
... حبيب قلبي؛
أتق الشبهات كما تشاء،
وأستبريء لدينك قدر ماتشاء،
ولكن (لا توسوس) وتطرح أسئلة تخلق محرماً جديداً أو قضية ينقسم حولها المجتمع..