هدوء

ندى الطاسان

    قد تبدأ يومك وأنت تشعر بالضغط العصبي، لعلها تراكمات ضغوط الأيام الماضية، هذا ما تقوله لنفسك وأنت تستعد لإكمال يومك. لا تطيق الزحام ولا تراكم السيارات أمام الإشارة رغم أن هذا واقع يومي تعيشه منذ أن كنت تذهب للمدرسة، لعل الفرق فقط هو أن إحساسك بالزمن في هذا السن تغير، فأنت تكره أن تتأخر على موعد، وتكره ما يغير روتينك اليومي مقارنة بالطفل الذي كان أنت، والذي يرى في أي تغيير مغامرة منعشة! سأريحك وأردد عنك:" أنت تشعر أنك مشدود عصبياً". لكن لنتساءل لماذا؟ ولنتبع ذلك بسؤال آخر؛ ماذا فعلته بالأمس؟ كيف قضيت يومك؟ بدأت يومك كالعادة وأنت تجر قدميك لتخرج من سريرك، ذهنك مشغول باجتماع تتجهز له، تحاول أن تذكر نفسك باستراتيجية التعامل لحل خلافات في وجهات النظر، تتناول كوب الشاي أو القهوة على عجل، وأنت تقرأ بريدك الإلكتروني ترد على هذا وتؤجل ذاك وتتذمر من الثالث، وتمسك بجوالك لتبعث برسالة للأول تذكره ببعض الأوراق المستعجلة، والآخر لتطلب منه عدم البدء في مهمة معينة، لا أظن أنك في هذه الدقائق الصباحية رفعت عينيك بعيداً عن أجهزتك الإلكترونية لنتأمل ما حولك أو حتى لتأخذ نفساً عميقاً! تصل لمكتبك لتنتقل بين أكواب القهوة وفناجين الشاي ونفس السيناريو، في طريق عودتك للمنزل تنشغل بمكالمة تلفونية تتحدث فيها عن أحداث العمل وتنهيها قائلاً أنا متعب جداً! طبيعي أن تكون متعباً فأنت من خلال حوارك هذا تجتر أحداث يومك بكل تفاصيلها ومشاعرها.

"متعب أنت، مشدود عصبياً، العمل لا ينتهي ومشاكله كثيرة" لكن هل هي مشاكل حقاً؟ وهل يفترض أن تنهي كل أعمالك في يوم واحد؟ العمل في حد ذاته ديناميكي متحرك دائماً، بمعنى أنه يسير في خط متواز ومتقاطع مع أحداث حياتك هو جزء منها لكنه لا يسيطر عليها.

ما أقصده أن "التوازن الحياتي" مهم جداً. نحن نشعر بالضغط والشد العصبي حين نخل بتوازن حياتنا أو يومنا أحياناً! نصيحة مهمة سمعتها وبدأت في تطبيقها مؤخراً هي أن لا أفتح بريدي الإلكتروني لمدة ساعة بعد استيقاظي وساعتين قبل النوم، أفادتني هذه النصيحة كثيراً لأنها ساعدت على تكوين مساحة هدوء أعيد فيها ترتيب ذهني. أشياء بسيطة جداً يمكننا أن نقوم بها كي نحصل على هذا التوازن ونصل لمرحلة سلام وهدوء تساعدنا على العمل والإنجاز بدون أن يطغى جانب على آخر، أشياء بسيطة تساعدنا على الحفاظ على حالتنا الذهنية للتعامل مع أحداث يومنا بموضوعية حتى نستمر في حالة الصفاء الذهني. فلو راجعت أحداث يومك وبدأت بتغيير أشياء بسيطة ستجد أنك أصبحت أكثر توازناً وأكثر راحة وهدوءاً، القاعدة الذهبية هنا هي أن تعطي لكل جانب من جوانب حياتك مساحته في يومك، فليس هناك أهم من راحة بالك!

http://www.alriyadh.com/947993

الحوار الداخلي: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك