التربية للمعلم والتعليم للطالب

    من يحتاج للتربية المعلم أم الطالب؟

تساؤل إجابته منهج بلا منهج، فالتربية سلوك قد تخرج من المنهج وقد تخرج عليه، اما التعليم فمنهج منضبط بمقتضياته لا يحتمل الخروج الا الى داخل بناء التعليم، إن زاد على المطلوب قالوا : هناك زيادة على المطلوب وليس خروجا عليه، وإن نقص وقعت الخسارة وبوقوعها تحذير من النقصان، فالحذر دائما في التعليم من النقصان وليس من الزيادة في الاجتهاد، أما التربية فهي ليست منهجا دراسيا ولكنها اسلوب حياة ووعي وفكر تخرج من التعليم لتعود إليه إن كانت تربية سليمة، وإن كانت سيئة هدت اساس التعليم بكلمة غير مسؤولة أو بتصرف شائن، فقد تكون من التعليم وقد تكون نقيضه.

فالطالب في المدرسة انسان يتعلم وهذه الوظيفة كفيلة بضبط سلوكه وترشيده إن حصل محظور، أما المعلم فهو منهج وفكرة وخلق من ورثة الانبياء، فلا وظيفة أو إجراء يمكن أن يصف مهمته وواجباته هكذا كان قدره وهكذا يفترض أن يكون الأداء، كيانا متجسدا في انسان يمنح العطاء ولا يطلبه، مثالية وجود، فالمعلم نجاحه في مثاليته وليس بشيء أقل منها.

انتقادات كثيرة وجهت للمنهج والطالب واسرته وكذلك لخبرة المعلم ومعرفته، ولا يكاد يسقط النسيان حادثة تربوية مؤلمة وقعت في المدارس الا وينبت مكانها حادثة جديدة، من اعتداء الطالب على المعلم، ومن هجوم كاسح لاسرة على المدرسة، وليس آخرها تمزيق طلبة احدى المدارس كتبهم أمام الملأ بكل اعتزاز ونشوة وانتصار، غابت التربية فغاب الاحترام، ومع هذه الحوادث الكارثية ترسم صورة للمعلم، بانه معتدى عليه ومسكين وضعيف يخشى عليه ولا يخشى منه، هل لهذا المشهد اساس ومبدأ ؟

بالتأكيد نعم، وتربوي بالتأكيد أيضا، قالوا : اساس التربية في المدارس تقوم على ازالة الحدود بين المعلم والطالب، وان يكون المعلم صديقا للطالب، وعلى هذا المبدأ تعامل الطالب مع المعلم، تعامل الصديق لصديقه، يمزح معه ويتشاجر ويسفهه احيانا، وكلما زادت "الميانة" بينهما كان ذلك عند دعاة التربية الحديثة مؤشرا على نجاح العملية التعليمية، "فتبهذل الاستاذ وخاب الطالب".

ومشهد آخر من تربية المعلم، وهذا يخص قلة من المعلمين، حيث يرى المعلم بأن الطالب الذي امامه في الفصل ليس الا جنديا محتملا يجب تعبئته فكريا بخطاب المعارك حتى يلتحق بصفوف جنود الحروب العبثية، وإن مات الطالب في الحرب، أخبر المعلم زملاء الطالب، بانه رآه في المنام يسبح بالنعيم ويتبسم بوجه كالبدر محاطا بالحور العين، ومن هذا الدرس التربوي يكثر السباحون.

إشكالية التعليم الاولى لدينا هي في تربية المعلم، إن نجحت تربيته نجح التعليم وإن سقطت خسرنا جيلاً باكمله وليس 80 ملياراً.