كن أقرب إلى الله
جاء فى الحديث أن أناساً جاءوا الى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالوا: يا رسول الله ياخيرنا وابن خيرنا وسيدنا وابن سيدنا فقال الرسول صلى الله عليه وسلم:
يا أيها الناس قولوا بقولكم ولا يستهوينكم الشيطان أنا محمد بن عبدالله ورسوله ما أحب أن ترفعوني فوق منزلتي التي أنزلني الله عز وجل.
ذلك توجيه قدوتنا فى السلوك والأخلاق والتواضع فما بال بعضنا يترفعون ولماذا نبالغ فى مدح الأشخاص ؟
وهل كل ممدوح يقبل المديح وأن يقال فيه ما ليس فيه؟
كان الشيخ محمد بن عثيمين (يرحمه الله) فى أحد الأيام فى محاضرة أو ندوة فقام أحد الشعراء وألقى قصيدة امتدح فيها الشيخ باسمه فتدخل ابن عثيمين وقال له إنه لا يقبل هذا الكلام وإن من الخطأ ربط الحق بالرجال ثم أكمل الشاعر القصيدة وكرر المدح فاضطر الشيخ أن يطلب منه عدم اكمال القصيدة.
ان الاستشهاد بهذا الموقف لايعني التوقف عن تقدير الأعمال والانجازات والمواقف التى تستحق من باب(قل للمحسن أحسنت وقل للمسيء أسأت) لكن المقصود هو الاعتراض على المبالغة في المدح وكأن الشخص الممدوح انسان كامل والكمال لله.
والطريف فى الموضوع أن المبالغة فى المدح تجعل الممدوح يتفاجأ أن لديه قدرات خارقة لم يكن يعرفها ويكتشف أنه انسان فريد وعبقري أو علاّمة زمانه.
ومع تكرار هذا المديح يبدأ الناس بربط الحق بهذا الممدوح وقد يصل الأمر أن تتحول حتى أخطاء الممدوح الى مواقف يدافع عنها المادح أو التابع فى حين أن هذه الأخطاء تعامل بمنزلة الكوارث إذا حدثت من شخص آخر.
وقد تطورت أساليب المدح والمبالغة بطرق مباشرة وغير مباشرة وذلك مع تطور وسائل الاتصال وتداخل الاعلام بالاعلان بالتجارة وهذه الأخيرة وصلت الى حدود الدين فظهرت عبارات مثل (كن أقرب للشيخ فلان) وقد جاءت فى سياق اعلان تجاري وهي تنطوي على مبالغة كما أنها أحد المؤشرات على أن بعضنا أصبح يميل فعليا دون أن يدري الى ربط الحق بالرجال.
النقد ايضا مطلوب ولكن بدون مبالغة وفي هذا الصدد، يقول أحد المجربين:
(لا أحد يرغب فى النقد البناء إن كل ما نستطيع تحمله هو الاطراء البناء).
ويقول آخر: (نحن نتعلم كثيرا من الأشياء المزعجة التى يقولها الناس لأنها تجعلنا نفكر فى حين أن قول الاشياء الحسنة يجعلنا سعداء فقط.
ولا بد من التذكير أن الثناء المقبول هو أحد الأساليب التربوية المؤثرة فى تعزيز السلوك الايجابي ولكن اذا وصل الى درجة المبالغة فانه يتحول الى مديح له نتائج سلبية سوا ء مع الصغار أو مع الكبار ولكن اذا كان الصغير بحاجة الى الثناء من أجل التشجيع فإن الكبير الواثق من نفسه كلما ارتفع مستواه فى العلم والثقافة والمسؤوليات ازداد تواضعا وتفاعلا مع الناس فهو يدرك أنه واحد منهم وأنه لن يكسب الاحترام الا اذا احترمهم وبهذه العلاقة الانسانية فهو لا يحتاج للمديح ولا الى تضخيم الذات.
سؤال المقال: هل يتدرب الطلاب فى مدارسنا على تطبيق هذه المفاهيم؟