كيف سينتهي كل شي؟

فهد عامر الأحمدي

    منذ أن وجد الانسان على سطح الارض وفي ذهنه سؤال حائر : كيف سينتهي الكون، والدنيا، وكل شيء في هذا الوجود!؟

ورغم أن الأديان أقرت بوجود نهاية لهذا الكون؛ تركت تفاصيل النهايات الكبرى لبحث الانسان.. وقد وضع علماء الفيزياء والفلك بالفعل فرضيات (خاصة) لفناء الأرض وأخرى (عامة) لفناء الكون بأكمله.. فالحياة على الأرض مثلا يمكن ان تنتهي بسقوط نيزك ضخم (كالذي أباد الديناصورات و85% من المخلوقات قبل 65 مليون عام) ويمكن ان تنتهي أيضا بسبب تمدد الشمس بحيث تبتلع الأرض والكواكب القريبة منها كما يمكن ايضا ان تنتهي بسبب تباطؤ دوران الأرض او انفجار قلبها وخروج الحمم الى سطحها…

اما فناء الكون فله فرضيتان رئيسيتان :

الأولى: توقف تمدده الحالي (بفعل قوة الجذب بين أطرافه) وانسحابه وانكماشه إلى مجرد كرة مركزية صغيرة سوداء ينتهي بداخلها الزمان والمكان الى الأبد!!

والثانية: ظاهرة (تتطلب تفصيلا أكثر) تعرف بظاهرة الموت الحراري للأشياء..

فالقانون الثاني للديناميكية الحرارية يشير الى حتمية وجود فقد او هدر فى الطاقة حين تتحول من شكل لآخر.. ففي السيارة مثلا تتحول طاقة البنزين الكيميائية الى طاقة حركية تنقلنا من مكان لآخر. غير ان جانبا كبيرا من طاقة البنزين تذهب هدرا (على شكل حرارة لايمكن الاستفادة منها) فى حين يتحول جزء صغير منها الى شغل نافع (هو دوران المحرك)..

وبوجه عام تعتبر المحركات الحرارية منخفضة الكفاءة كون أكثر من ثلاثة أرباع البنزين الذي تضعه فى سيارتك يتحول الى حرارة مهدرة فى حين تضيع من المحرك البخاري 80% من الطاقة ؛ وتضيع 60% من محرك الديزل!؟

وما يحدث فى المحركات ليس الا مظهرا واحدا من مظاهر هدر مشابهة تتسرب من كل العمليات الكونية.. وهذا يعني حتمية قدوم يوم تنفد فيه الطاقة الحرارية المحركة للكون فيصبح مظلما وجامدا بلا حراك .. وكان العالم الالماني هيلمولتز أول من تحدث عام 1856 عن حتمية موت الكون بسبب الهدر الحراري الذي يستحيل استرجاعه كما يستحيل استرجاع الطاقة الحرارية المهدرة في محرك سيارتك..

ولكن ألا تتعارض هذه الفرضية مع قانون حفظ الطاقة الذي يفيد بأن "الطاقة لا تفنى إنما تتحول من شكل لآخر" ؟

.. في الواقع نحن لانتحدث هنا عن اختفاء طاقة الكون بل عن تحولها الى اشكال حرارية لايمكن استعادتها ؛ فمن الملاحظ ان جميع انواع الطاقة (الكهربائية والكيميائية والحركية) يمكن ان تتحول بسهولة الى طاقة حرارية في حين يستحيل عكس الوضع واعادة الطاقة الحرارية الى ما كانت عليه .. بمعنى أن الحرارة المهدرة فى محرك السيارة يستحيل إعادتها الى بنزين والانفجار النووي يستحيل إعادته الى يورانيوم وكرة اللهب يستحيل عودتها الى فحم وحطب.. وهكذا فإن اي جسم يتحول الى حرارة يختفي ويفقد الى الابد بحيث يمكن القول إن فقد الحرارة هو مقبرة الطاقة والشكل النهائي لكل ما ينبض بالحياه!!

هذه الظاهرة (الموت الحراري للكون) تقودنا الى استنتاجين عظيمين:

الأول : ان للكون نهاية وبداية وانه ليس أزليا كما يدعي البعض !!

والثاني : أن الكون يعمل من خلال استنزاف طاقة محسوبة تتناقص بلا تعويض الأمر الذي يقودنا بدهيا للاعتراف بوجود من حدد كميتها ووقت نفادها منذ البداية..

http://www.alriyadh.com/932723

الحوار الداخلي: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك