صراع الغرب والشرق.. على رقعة الشطرنج العربية!

يوسف الكويليت

    الفوضى الخلاقة مصطلح مغالط يناسب الطروحات الأمريكية، إذ أن الفوضى مدمرة وغير خلاقة إلا للصراعات والحروب وقتل الروح الإنسانية بين من يملك إشاعة الفوضى ومن يعيشها ويكتوي بنارها، ولعل تطبيقها بالمنطقة العربية كان إيجابياً لمن يحركونها ومن وضعوا نقاطها الأولى على خارطتنا.

فالعراق عاش وهم البديل عن الدكتاتورية بحكم وصاية أمريكي انتقالي يذهب به إلى الديموقراطية والتنمية وتعايش الأقليات مع الأكثرية، إلاّ أن البديل جاء ليعمم الانقسامات العرقية والدينية، ونشر الفساد وانعدام الأمن، وفي بلد عاش رخاءً لم تعرفه معظم الدول العربية في أزمنة ما قبل الانقلابات، ولأن العراق يشكل الثقل العربي مع بلدان مركزية أخرى، فإن النيات في تعميم الفوضى، بدأت مع عبدالكريم قاسم أول من أسس السحل والمحاكمات الهمجية وتضخيم صورة الزعيم وإعطائها قداسة معينة، وانتهى الأمر بدكتاتور أكثر همجية وجهلاً بإدارة الدولة عندما جهزت أمريكا المالكي ليكون البديل اللاموضوعي لإشاعة تمزيق العراق وحتى طائفته التي كان ينزع إلى جعلها السلطة العليا، بدأت تراه نموذجاً للطاغية المخرب.

التشابه بما يجري في العراق حدث في ليبيا، فكلا البلدين تم غزوهما بقوات مشتركة، وسقوط القذافي كان نهاية لحكم رجل لا علاقة له بالعقل حين بدرت عليه علامات الجنون وكان من تقليعاته مبايعته ملكاً لملوك أفريقيا، وهو إسقاط على حالة شخص كان من المفترض أن يذهب إلى مصحة عقلية بدلاً من قصر جمهوري، ومثلما احترقت أوراقه فقد جاء البديل أن تصبح ليبيا بلا حكومة، ولا أحزاب وإنما قوى متنافرة امتلكت ترسانة الجيش فصار البلد رهينة لصراعات قبلية ومذهبية تغذيها الدول الغازية، وصارت بلدان مجاورة هي من تكتوي بتسرب السلاح وتهريبه إلى جماعات إرهابية.

الفوضى المدمرة خطط لها أن تبدأ عربياً، ساعد في ذلك وهم نجاح الثورات في بلدان ليس لديها النظام البديل، حيث إن الدكتاتوريات التي أطيح بها شكلت نظاماً على مقاسها وخدمة أغراضها البعيدة.

فالأحزاب الحكومية تشكل برلمانات صورية، ووزارات تبنى على تآلف المصالح ولذلك شهدنا أن ما هو أسوأ من الدكتاتور تشكيل مجاميع حولت تلك البلدان إلى سلسلة طويلة من تحالفات بين جماعات تتآلف وتتناقض وفق مقتضيات الظروف المستجدة، وهنا جاء دور المحرك السري ليستغل الظروف المتصارعة بتدمير القاعدة الداخلية بمسميات مختلفة.

الحرب الجديدة بين الشرق والغرب التي ماتت بحلول القطب الواحد بعد النهايات الدراماتيكية للاتحاد السوفييتي، خلقت بذرة الصراع من ليبيا حين خدعت روسيا الحليف للقذافي، بأن القوات الغربية دخلت دولة الحليف وقامت بإسقاطه، ولتعويض الهزيمة جاء الدور السوري ليفرض عليها رمي ثقلها السياسي والعسكري مع نظام الأسد، وقد حققت نجاحاً أعاد لروسيا هيبتها الدولية، غير أن الغرب الذي عاش تاريخه على خلق العدو واستثماره في إذكاء المجتمعات الغربية والأمريكية، أعاد للعالم صورة الدب الروسي وهذه المرة بثوب الطامع في مدّ رقعته الجغرافية على أوكرانيا، وكل من طرفي الصراع يريد أن يكون هذا البلد ميدان المعركة، لكن البدائل الغربية جاءت مجرد دعم مادي محدود مع مقاطعة لروسيا، والأخيرة هي من تملك الضغط بوسائلها المادية والسياسية، حتى أن الغرابة التقاء الرأسمالية التي يسيطر عليها اليهود في أوكرانيا مع رافعي شعارات النازية، ومع ذلك فذيول المعركة في أولياتها، ولكنها جزء من تنافس دولي عنوانه الفوضى المدمرة، وبأدوات تستحدث لكل مناسبة للعرب وغيرهم.

http://www.alriyadh.com/927370

الحوار الخارجي: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك