في العراق.. بدأت نواة الدولة الكردية الكبرى
في زمن الاحتلال الإنجليزي الفرنسي فُرضت دولة إسرائيل على أرض فلسطين، وهو زمن العجز العربي التام عن صد هذا المشروع الذي رعته بريطانيا وخططت له، وحالياً نشهد زمناً عربياً أسوأ حيث الاقتتال أصبح أيدلوجيا من ينشئ تنظيماً تدعمه مليشيا مسلحة، والحمد لله كل العرب القاتل والمقتول طرف في الأزمات المتصاعدة أذيتها ودعمها..
في ظل هذه الظروف المتفجرة، والشلل التام في تأمين حياة مستقرة في العراق وسورية وغيرهما، بدأت ظواهر الكيان الكردي تظهر على الوجود في نشوء دولة ستعلن في العراق لاكتمال شروطها الحدودية وهيكل دولتها من اقتصاد وتشريعات وقوانين وجيش وأجهزة أمن وغيرها، وهي أماني ناضلت من أجلها أجيال متعددة، وسورية على الدرب، فقد تهيأت كل الظروف لبناء كيان مماثل، والغريب أن جبروت صدام هو من منح حكماً ذاتياً للأكراد، بينما نظام الأسدين لم يعترف بهم وحتى منع منح جنسيات لهم، غير أن الحرب الدائرة أفرزت مشروع وطن أحادي الجانب يتأهل أن يلتحق بدولة كرد العراق، والظروف القائمة تمنحهم هذه الفرصة طالما في الفوضى هناك من يخطط لرسم أهدافه وتحقيقها على الأرض..
بهذه الدعوى والتعاطف الإقليمي والعالمي سيتم الاعتراف بهذه الدولة التي في طريق التكوين، وفقاً لعوامل التراث واللغة والأرض وهي عوامل تفرض الاستقلال، أسوة بدعوات بدول ديموقراطية إيجاد كيانات أو دول لها صفة مستقلة عن الأم، كالسعي لتصويت الباسك والكثلان في أسبانيا، وإيرلندا في بريطانيا، وشمال إيطاليا عن جنوبه، إذاً هذه النزعة ليست فقط مفترضة على دول متخلفة..
لكن ماذا عن إيران وتركيا، والأخيرة تعد الأكبر في وجود ما يزيد عن ثمانية ملايين كردي من أصل خمسة وعشرين مليوناً يتوزعون على باقي الدول الأخرى، وكل من الدولتين الإقليميتين تشعر بتنافر مع الكرد وقد خاضتا حروباً طويلة أخذت اتجاهاً يسارياً مدعوماً من السوفييت وقت تحالف الأتراك والإيرانيين مع الغرب وحتى إسرائيل أيضاً كانت تدعمهم بدعوى تفتيت هذه الدول، لكن الضغط الأكبر يأتي على تركيا التي لا تزال تعطي الوعود وقابليات التعايش تحت مظلة بلد واحد، غير أن التطبيق يخالف الواقع وعلى هذا الأساس بقيت النزاعات قائمة وحتى الزعيم (أوجلان) الذي تعتقله تركيا، والموصوف بالرجل الثائر ثم المعتدل، وتحت الضغط بدأت تركيا التفاوض معه حول مستقبل الأكراد، إلا أن التوصل إلى حل بات بعيداً، لأن الوضع العراقي الذي أنشأ نواة الدولة ثم السعي بسورية بدأ يضغط على تركيا بشكل أكبر، وتبقى إيران تنظر للموقف بريبة، لأنها مثل المكون التركي الذي تتداخل فيه قوميات وأديان ومذاهب تخشى أن أي إجراء يعطي الأكراد تميزاً خاصاً سوف يدفع ببقية الأعراق المعاملة بالمثل وهنا ستدخلان في مأزق آخر ورحلة مع مستقبل مجهول..