.. ومازال الضباب يحجب كل الرؤى!!
لا يزعم أحد أن قمة الكويت نجحت وليس ذلك أنها سبب، بل الموقف العربي العام حضر وهو في حالة ضعف واضطراب وتمزق، وقد كانت المملكة في كلمتها التي ألقاها سمو ولي العهد صريحة وباعثة على الألم من الموقف الدولي المتخاذل تجاه سورية
لكن القمة بذاتها والتي اختصرت بساعات لتلافي الخلافات والصدامات وإعلان فشلها حتى أن الارهاب الذي هدد كل الدول العربية، ذهب ليكون ضمن الهوامش رغم تناميه بشكل لم يحدث في تاريخ العرب..
الزمن العربي مهزوم بفعل نتائج ما لم يقدمه لحاضره ومستقبله وأجياله والصورة ليست زاهية، والدليل أن القمة الأخيرة دقت الإسفين الأخير في فشل هذه الأمة أن تصبح ذاتها، والمؤسف أن العالم بات ينظر لنا بأننا خارج التاريخ ودعونا فقط نضرب المثل بين الوضع السوري وأوكرانيا، وكيف أن الأولى كأن أحداثها تدور في فلك فضاء خارجي، بينما الثانية حركت المياه الباردة والدافئة ودخلت مرحلة الحرب السياسية والاقتصادية بين الغرب والشرق لأن موقع أوكرانيا في الزاوية الحرجة للطرفين استراتيجياً، ولأن رعب القوة العسكرية يمنع المجازفة فإن العقوبات الاقتصادية هي السلاح ولكنها تبقى في محيط هز العصا لا الضرب بها، وبالتالي فسورية خارج الأهمية التي تلقاها أوكرانيا وهي الصيغة الطبيعية لإدارة المصالح وفق أهداف هذه الدول..
والمؤلم أكثر بالنسبة للحالة السورية أن النظام يحصل على كفايته من السلاح الروسي، بينما المعارضة موضوعة تحت ضغط حجة المخاوف أن تذهب الأسلحة الغربية إلى الارهابيين، وهو مبرر غير مقبول، لأنه إذا كان حسم النزاع لن تنهيه القوة، فعلى الأقل جعلها متعادلة لجلب الطرفين تحت مظلة الواقع إلى حل سياسي، ودعونا نفهمها صريحة أن الغرب والشرق يلتقيان على وضعنا في دائرة الأزمات والحروب، وهي القاعدة التي عرفناها منذ خروج الاستعمار العسكري وعودة انواع أخرى من الاستعمار السياسي والاقتصادي والحرب النفسية التي لا تزال قائمة..
قطعاً لا نستطيع لوم الآخر على مشاكلنا التي ابتدعناها وساعدته أن يتلاعب بمصائرنا طالما يفشل المشروع العربي قبل أن يولد وصور القمم والمجالس الوزارية، والوحدات والاتحادات التي مر بها تاريخنا كلها انتهت إلى الموت السريري، ولذلك حين نقترب من المحرمات، وماذا عملت المراحل العربية للمواطن أمنه وحريته وتنمية موارده، والاعتراف به كمواطن، نرى أننا في حالة عمى طويل، ولا يوجد ما ينظم العلاقة بين الشعب والسلطة، ليأتي الرد مجموعة انفجارات وتحديات ولدت الارهاب والتمرد وحالات الاحباط العام ودون مراعاة لنمو الوعي وخروجه من الصمت إلى التحدي..
فشل القمة نتاج لما قبلها حتى بات من يحضرها وفقاً للقاعدة الفقهية لفرض الكفاية «إذا قام به البعض سقط عن الباقين» وهو ما يصدق على أي اجتماع عربي محكوم بالفشل، بسبب أزمة أنظمة لا رغبات شعوب والحديث يطول عن الأسباب طالما الضباب لا يزال يحجب كل الرؤى.