سورية.. قطب الحرب الإقليمية!
قد لا نفاجأ بأي تطور يحدث على الساحة السورية لأنها أصبحت فضاءً مفتوحاً على كل الاحتمالات، ومع أن إدارة الحرب ظلت في مجملها داخلية ثم تطورت بتدخلات إيرانية مع حليفها حزب الله، ومليشيات من العراق، فبقية من يحاربون ضد النظام انقسموا وبدأت تشكيلات بمسميات لم تكن معروفة مثل داعش والنصرة واللتين قتلتا من المسلمين السنة أكثر من جيش النظام مما وضعهما في دائرة الشكوك حول أهدافهما، كذلك الجيش الحر الذي تعصف به الخلافات، ولعل تصريحات السيد الجرباء أن جيشه يحارب إيران نيابة عن العرب، يذكرنا بصدام حسين حين اعتبر العراق بوابة العرب الشرقية لصد العدوان الإيراني، غير أن ما يدور بسورية تحول إلى حروب بوجوه وأشكال مختلفة..
فالنظام يحاول جر إسرائيل للحرب مرة بتمرير أسلحة لحزب الله تكتشفها استخباراتها وتدمرها أمام صمت الجانبين، حزب الله والنظام السوري، ومرة أخرى تنطلق بعض المناوشات من الجولان، فيأتي الرد الإسرائيلي حاداً بتدمير منصات صواريخ أو اختيار أهداف أخرى لكن تسريبات تأتي بأن الأسد ونظامه على وفاق تام مع إسرائيل وقد أعطاها ضمانات مكتوبة بأن لا يكون هناك أي اعتداء عليها، وبالتالي تصبح المناوشات بينهما لتغطية العيون أو مناورة متفقاً عليها..
الجديد في تطور الأحداث إسقاط تركيا طائرة سورية وتخسمين الجبهة بين البلدين بمعنى أن الموقف ربما يتطور للأسوأ لو تمادى جيش النظام بإحداث خروقات جديدة على الحدود التركية، لكن لأنها تقع على البحر الأسود والذي دخل أزمة جديدة بين روسيا والغرب حول أواكرانيا وضم القرم إليها، فإن تركيا لا تريد أن يفسر أي عمل لها في سورية أنه تحد للروس أو استغلال للموقف الراهن، لكنها قد تجد نفسها مجبرة على اتخاذ أي إجراء لو جاء الأسد ودخل معها في تحديات عسكرية، وهو ما لم ترده حتى لا تكون جزءاً من الأزمة، مع أنها متداخلة مع الوضع وتداعياته..
سورية صارت نموذجاً لمعارك دولية وإقليمية تدار من داخلها لتصفية حسابات مع الخصوم، ولعل أبرز الظواهر القائمة الدعم اللامحدود مع عراق المالكي والذي أصبح رجلاً منبوذاً في العراق وبلا صداقات مع جيرانه إلاّ إيران، وبالتالي فمنذ بدايات الثورة السورية، وهو يراها خطراً وبديلاً قادماً على فك تحالفه مع إيران إذا ما تقوت ذراع السنة في سورية لتضيف قوة لسنة العراق، والرجل لا يفكر بمبادئ التعايش والنأي عن التدخل في حدث ببلد يفرض عليه الحياد، لكنه كما الأسد، تحركه دوافع طائفته وهي عقدة النظامين وسبب توافقهما وتلاحهما..
الأزمة قد تبقى لسنوات في سورية وقد تمتد عدواها للعراق ولبنان طالما الاحتمالات تطرح مثل هذه الأبعاد.