الكتاب بيننا فكيف نخافه..؟!
بين ممرات معرض الرياض الدولي للكتاب لاتلتقي العيون المثقفة الباحثة عن كتاب هنا وآخر هناك في لهاث سريع نحو دار نشر وأخرى فقط ولا (تتحلّى) بأغلفة الكتب الملوّنة والكثيرة والممتدة.. ولا تصارع الزحام والوقت والساعة بين جموع من البشر على اختلاف أعمارهم ورؤاهم إلا لتؤكد رحلة الإنسان مع الكتاب كناقل تاريخي للمعرفة وحامل لها منذ عصر الكتابة الأزلي، فالكتاب الذي يحضر موسمياً بيننا في عشرة أيام متتابعات يحضر بثقله المعرفي وبقدرته دائما على أن يكون جاذبًا في حضوره كما هو حاله في الخلود دائما على أرفف الحضارات...
لا أعرف حقيقة كيف يغيب الناس عن معرض الرياض.. إما بحجة الزحام أو بحجة القيود والمضايقات أو حتى بحجة أن كل ما في المعرض يمكن اقتناؤه بضغطة زر، فالكتاب وعاء معرفي ركض وراءه طلاب المعرفة ومستلهمو الحضارات منذ فكرة جمع العلوم والمعرف والمنجزات الفكرية الإنسانية فيه، ومجرّد تقديره والبحث عنه حينما يتوفر خطوة مهمة في سبيل تغذية الذات المعاصرة بشؤونها وشجونها معا..
وعلى الرغم من أنني دائما لا أحب الوقوف في مكانٍ لايعشب فيه ظلي ولا أحب الدخول في أنفاق الفتوى أو ذلك الباب المغلق (درء الشبهات) إلا أنني فوجئت كمواطن عصري ينتمي لهذا العصر بتلك الآراء التي تحد من حضور معرض الكتاب وتسرد عددا من المبررات الأخلاقية والاجتماعية لكل ذلك ربما ل فوبيا الاختلاط التي أعاقت كثيرا من خططنا ومشاريعنا الحضارية والتنموية.. وكرّست بصورة غير مقصودة لذلك التراسل الحسي مع المرأة في كل تعاملاتها الاجتماعية والعملية بحضور الرجل.. ومهما كان الأمر فإن الإنسان المعاصر أيا كان جنسه بحاجة ماسة للكتاب المختلف والعصري.. أو حتى التراثي في ظل إغراقه المستمر بالحياة الترفيهية التي جعلت منه فردًا كسولًا استهلاكياً لوقته دون بذل أي نوع من الجهد في تنمية معارفه وتوسيع مساحة إدراكه للحياة.. ولأن هذه السطور تتزامن بنشرها مع فعاليات معرض الرياض الدولي للكتاب فلا بأس من الإشارة في هذا السياق إلى النمو الكبير والملحوظ لدينا في عدد المقبلين على الكتاب ولاسيما من العنصر النسائي وهي ظاهرة تنمو في كل عام وتنعكس بصورة واضحة من خلال حضورهن على مواقع التواصل الاجتماعي أكثر اطلاعا وأكثر احتفالا واهتماما بالكتاب أيا كان محتوى سطوره..
الكتاب بيننا أيها الأصدقاء فأحسنوا استقباله ولا تخافوه فقد حمل لكم منذ فجر المعرفة كل ما أنتم عليه من حضارة وازدهار..
المصدر: http://riy.cc/918363