الكلمة
كل ما حولك يحدثك بلغة ما، فأنت تتواصل مع بيئتك بكل حواسك، تتواصل بصريا أو لغويا أو لعل تواجدك الصامت في مكان ما هو محاولة تواصل بحد ذاته. لعل علاقة بالكلمة بدأت مع قريب يحاول استنطاقك قائلا:"بابااااا ماماااااا" وهو يعيدها ويكررها بصوت عال، ولعل أول ردة فعل كانت يدي أمك أو أبيك وهما تحتضنانك بعدما نطقت بأول حروفك قائلا"دااااداااا نااااناااا"، هذه الحروف التي تجمعت كلمات تائهة ثم جملا مرتبة كلما كبرت. حتى جيناتك عرفها العلماء بحروف أربعة كذلك أحماضك الأمينية التي تشكل بروتيناتك التي اختصر العلماء أسماءها بحروفها الأولى ليسهل للذاكرة التعامل معها.
أنت أحرف مجمعة بدءا من اسمك الذي اختاره والداك مرورا بمادتك الوراثية التي ورثتها عنهما والتي تختزن تاريخك البشري الوراثي، إلى مشاعرك التي تصفها بكلمة مثل "غضب أو فرح أو اشتياق أو ملل أو انسحاب.." وانتهاء بأفكارك وآرائك، حتى تخيلاتك التي تختزنها بكلمات وجملا.
تعرّفك على اسمك وانت لم تتجاوز شهورك الأولى لترفع عينيك نحو المنادي دليلا على انجذابك للصوت، تفاعلك مع نبرة من حولك الغاضبة أو السعيدة أو الهادئة دليل على تأثير تناغم الكلمات، إمساكك بالقلم لتفرغ مشاعرك أو أفكارك في ورقة دلالة على علاقتك بالكلمة. فأنت تحرص على اختيار الجمل الملائمة في حوار ما لإيصال فكرة أو لإبهار شخص أو حتى لتجد لنفسك مكانا في شلة الأصدقاء، كما أنك تنجذب لعنوان كتاب أو جملة في مقال أو حتى عبارة في مسرحية أو فيلم.
تجذبك الكلمة حين تسمع نغمتها أو تتهجّى حروفها فأنت تبحث عن المعنى، عن الفكرة، عن المعلومة، أنت تقرأ، تسمع، تشاهد، تعبر فأنت محاط بهذه الكلمات كما أنك محاط بالبشر الذين تسعى للتواصل معهم واكتشافهم والتعرف عليهم وعلى أفكارهم وآرائهم.
المصدر: http://riy.cc/917333