اكتشافات أمريكا المذهلة!!
لا صدق في السياسة، وإنما هناك تعامل مع المكاسب قبل الخسائر، وأمريكا تدير سياستها بالوسائل التي تحقق مصالحها فقد تضطر لاستخدام كثافة النيران والتصفية الجسدية، أو قطع شرايين الدولة المناوئة باستخدام المقاطعة والمصادرة للاقتصاد، وكل المداخيل، أو الاحتواء كإحدى الطرق لسلب حرية أي دولة، ولا أحد يلومها أو يطالبها بأن تطبق المثل العليا في تعاملها مع الشعوب والأمم، إذا كانت تملك فرض سيادتها بوسائلها القاهرة والرادعة ولكن تطالب بالاعتراف بهذه الحقائق..
في الأيام الماضية لم تفاجئنا أمريكا بالقول إن حزب الله جلب الإرهابيين لسورية، وأدخل لبنان في حرب معها للدفاع عن الأسد، بينما بنفس التوقيت تقوم إسرائيل بضرب أهداف عسكرية للحزب ولا يطلِق حتى الاستنكار، وهو سيد المقاومة والممانعة، ورمز المحارب لإسرائيل.
أيضاً أمريكا تقدمت باحتجاج لحكومة المالكي في العراق عن عقده صفقة أسلحة مع إيران مخالفاً القرارات الدولية، وهذا العمى السياسي مضحك تماماً لأن كل ما يتحرك في العراق هو رهن لإيران وتحت عيونها، ووسائل رصد أمريكا، الدولة التي تعرف حتى جينات الشعوب، فكيف ببلد يحتضن أكبر سفارة أمريكية في العالم تجاهلت فيه أمريكا مدى تداخل الأمن بين إيران، والعراق وتحالفهما المعلن؟
أو أن العملية مجرد لفت نظر بعد عقد الصفقة الكبرى العسكرية معها، وتأتي لكشفٍ آخر أكثر عظمةً وأهمية حين اتهمت إيران باحتضان القاعدة وتدريب عناصرها، ودعمها مادياً ولوجستياً، وهي رغم معرفتها بهذه الحقيقة كانت تشكك بأن يلتقي مسلمون سنة وشيعة على مثل هذه العلاقة، وهم يعلنون حروبهم الإعلامية، وحتى العسكرية على بعضهم، وهذه المرة تتغابى أو تتناسى بأنه لا محرّمات في بلوغ الأهداف حتى لو جاء التحالف مع الشيطان إذا كان له القدرة على تمريرها، ولم يكن سراً أن قيادات من القاعدة اتخذت إيران مقراً ومنطلقاً لها بمن فيهم عناصر من عائلة ابن لادن نفسه المؤسس لها..
من الغباء أن نصدق أن أمريكا لا تعلم بما يدور في العالم، ومستندات (سنودن) التي فضحت كل شيء من حبك المؤامرات إلى التنصت على هواتف الدول الحليفة ورؤسائها إلى رسم خطط تضع العالم تحت رؤيتها، وفي النهاية لا تدري ما يقوم به حزب الله، ولا إيران أو سورية أو حكومة العراق؟
العجيب في الأمر أن أمريكا في حصولها على المعلومات السرية وذات الأهمية الفائقة لا يصاحبها سياسة واقعية تراعي مصالحها أولاً وأخيراً، ولذلك حين نستعرض تورطها في الشؤون الدولية سواء جاء ذلك باستخدام القوة العسكرية أو غيرها، نجد سجلاً كبيراً في الفشل، عكس بريطانيا التي توسعت إمبراطوريتها إلى كل بقاع العالم، ولكنها كانت تديرها بالخبث والدهاء وقد أنقذت السياسة الأمريكية في كثير من المواقف، ولذلك ليس ذراع القوة هي القابلة للاستخدام إذا وجد البديل الموضوعي، وسياستها في المنطقة العربية تعد عينة للفشل أكثر من النجاح، لأن عيونها فقط على مصلحة إسرائيل، وتحقيق أكبر قدر لحمايتها ودعمها، وجاءت الطامة الكبرى ما كشفته الأحداث من أن الإخوان المسلمين وحماس، ومنظمات أخرى، تعاديها في الظاهر وتتحالف معها في السر، كانت من صناعتها، وهذا القول جاء من شهادات أمريكيين منهم صاحب كتاب «لعبة الشيطان» الصحفي والمؤلف «روبرت دريفوس» إلى جانب آخرين من جنسيات أخرى طاردوا السياسة الأمريكية في المنطقة، وكشفوا بعض الحقائق عن دورها في نشأة التطرف الإسلامي كذراع لها في المنطقة والعالم الإسلامي كله..
لا عيب أن تتصرف أمريكا وفقاً لما تراه خدمة لأغراضها، ولكن العيب أن نراها صديقاً لا نشك في مثالية تعامله والتزامه بمواثيق هذه الصداقة..
المصدر: http://riy.cc/913633