ثقافة التأثيث المناسب
لو اننا درسنا ما كان يستعمله الآباء من أثاث وفرش لما اندفعنا إلى الجديد. فبلادنا ذات طقس حار ومُشمش في أكثر شهور السنة، وهذا لم يُراعه الصانعون والمورّدون، وقولي هذا صحيح والدليل على ما أزعم أن الناس وبنسبة كبيرة، تخلوا عن السجاد الأوروبي، وكذا مصانع السجاد المحلي، لينضموا إلى قافلة السيراميك والرخام الجيد والأقل جودة، لأنهم رأوا أن السجاد عبء كبير وسبب وجيه لوجود فطريات لا يصل إليها التنظيف.
وقد كنا قبل ذلك نستعمل السجاد المُتنقل (الزل) وثابت أنه كان أنفع وأجمل، بدليل أننا أوجدنا مصطلح "سوق الزل" ولم يكن في بالنا مادة اسمها السجاد الحديث الذي يسمونه في الغرب (وول تو وول كاربيت) – ولو فكرنا قليلاً لوجدنا أن تلك الصناعة مطلوبة في الدول الباردة جداً، كجالب للدفء، ولا يقبل جوّهم نمو الفطريات.
نوعية الأثاث تغيّرت عندنا أكثر من غيرنا. وثقافة الأثاث المنزلي لدينا لا زالت قاصرة.
أقصد هنا نوعية الأثاث المنزلي والمكتبي الذي يحتاج - لكي يحتفظ بنضارته ورونقه - درجة حرارة دنيا، خلال أيام الصيف، وإلا فإن لونه يذبل ويذوي شكله، وتضمحل جاذبيته.
عندنا، أو بعضنا، نقوم بتزويد منازلنا ومكاتبنا بذاك النوع من الأثاث المستورد من بلاد الشمال الأوروبي، والذي لا يتحمل درجات حرارة بلادنا. يدخل ضمن ما أقول نوع من الأقمشة والرياش والنمارق ومتلازمات الترف.
بعد التركيب، وشيء من رضا العميل يقول "الوكيل" أو الفنّي إن على صاحبها أو مستعملها أن يترك أجهزة التكييف في حالة تشغيل خلال أشهر الصيف الأربعة، حتى يسري "الضمان"..!
رأيت دوائر وشركات ومنازل فيها ذاك النوع من التأثيث واعتادوا ترك أجهزة التكييف في حالة تشغيل طوال الصيف، بناء على تعليمات مورّد الأثاث، ومقاول النباتات الداخلية. هل هذه ثقافة التأثيث المطلوبة؟
هل نحن بحاجة إلى هذا النوع من الترف والزخرفة الذي لا لزوم له، ويحمّل الإمداد الكهربائي أحمالاً يحتاجها الغير، وينفث الغازات في جوّ المدن، من أجل رعاية نباتات وأثاث وأقمشة في منزل أو مكتب؟
المصدر: http://riy.cc/913335