ماذا عن دور المسجد في حياتنا العامة؟!

يوسف الكويليت

    خطبة الجمعة إحدى الشعائر عند المسلمين لكنها في عصر المشاحنات السياسية والمذهبية، تحولت إلى أدوات تحريض وعداء، وخاصة ما نشهده من إيران حيث صار خطباؤها من الملالي والآيات هم من يجسد الفكر الطائفي وفرز الأمم والشعوب على هذا الأساس، بنفس الوقت هناك من مساجد السنة من اقتفى هذا التقليد، فتحول المسجد من وسيلة عبادة وتعليم إلى منبر سياسي..

في المملكة، وبوجود الحرمين الشريفين فيها، تعامل أئمتنا مع هذه الشعائر بالتزام أدبي وأخلاقي، لأن قدسية المكان لا تحتمل مثل هذه المهاترات، وحتى في رمضان ومواسم الحج بقي شيوخنا على نفس المسؤولية الأدبية، وكما أننا مسلمون بالفطرة، فإن تجاوز بعض الأئمة حدود الواجبات الدينية، ممن يذكون العداوات وخلق فوضى تؤدي إلى إخلال بالوحدة الوطنية، قد وصل في بعض الأحيان إلى عزل بعض الخطباء وهذا حق شرعي ونظامي، لأن المسجد وجد لغايات تفرض أن تكون قائمة على الوعظ السليم، لا هدم أسس المجتمع..

الأمر السلبي في العديد من خطباء جوامعنا الروح التقليدية، فهناك من يستعرض بلاغته بالسجع أو إضافة أبيات شعرية لموضوع لا يتعدى ما عرفناه من حثّ على طاعة الله والوالدين، وتحذير من عذاب الدنيا والآخرة، وترغيب في الجنة..، إلى آخر ما تعودناه من خطباء ما قبل النهضة الثقافية والعلمية، وربما ان هذه الاجتهادات من منظورهم الابتعاد عن أي تفسير للخطبة، وهذا غير منطقي ولا موضوعي..

فمجتمعنا غير ساكن، بل متحرك، وهناك أجيال أدركت معنى عصرها وتنوعه وهمومه الخاصة والعامة، فصار الإدراك متسعاً، ويريد أن يُخاطب وفق دائرة قضاياه الآنية والملحة، وليس بالضرورة الدخول في معميات ودهاليز السياسية أو الأمور الخلافية بالدين وغيره، وإنما بالواقع المعاش، حيث لدينا من التجاوزات بحقوق الطفل والمرأة، والفساد الإداري والمالي، وسلبية أداء الموظف في العمل الحكومي، والبطالة وأمور السكن، وحالات العنوسة والطلاق، وجشع التجار إلى آخر ما نعرفه في قاموسنا اليومي بالمشكلات الاجتماعية الحساسة..

ومثلما تناول العديد من الكتّاب وأصحاب الرأي مشكلة خطب الجمعة ودور المسجد التعليمي والثقافي حاضراً وفي تاريخنا الإسلامي، فإننا ليس من أصحاب الدعوة لرسم خطوط ملزمة لكل إمام بحيث تتحول إلى قوالب ثابتة تقدمها الإدارة العامة، وإنما تأهيل وتثقيف هؤلاء على خلق المبادرات والمعالجات لأقصى همومنا العديدة، وأن لا يتحول بعضها إلى بؤر تلقين وتدريب وغسل أدمغة للذهاب للجهاد تحت ذرائع التبشير بالجنة والحور العين والتي واجهناها بعد أن استشرت فتحول شبابنا إلى إرهابيين لطالبان والقاعدة حيث وصل الأمر لأن يكون المسجد القاعدة في نمو تلك الظواهر التي انتبهت لها الدولة وقننت الأساليب ومن يقع عليهم الخيار في أداء دور المسجد وقيمته الروحية والتربوية.

المصدر: جريدة الرياض

الحوار الداخلي: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك