جنيف 2 .. لغة تفاوض أم مواقف والتزامات
د. مطلق سعود المطيري
تجتمع اليوم الاربعاء اكثر من 30 دولة في منتجع مونترو السويسري للمشاركة في مؤتمر جنيف 2 لحل الأزمة السورية، فبعد تجاذبات حادة بين انصار طرفي الازمة، والتي كان آخرها دعوة الامين العام للامم المتحدة ايران للمشاركة في المؤتمر ومن ثم سحب الدعوة، فدعوة ايران للحضور ومن ثم منعها مكسب للطرفين، فالتحالف الوطني يرى ان المنع جاء نتيجة تمسكه بموقفه الرافض لحضور الوفد الايراني، وفريق النظام سوف يعتبر حضوره للمؤتمر مع سحب الدعوة من أهم حليف له دليلا واضحا على نواياه الصادقه للوصول لحل سلمي للأزمة السورية.. فإن رأى المفاوض باسم التحالف الوطني أن ذلك مكسب يحسب لصالحه أي عدم حضور ايران، فقد يخسر نقاطا حيوية في التفاوض، فعليه ان يبتعد عن هذا المكسب ويعطيه من يستحقه وهو الامين العام للامم المتحدة فهو الذي قدم الدعوة لايران عندما كان يرى انها جزءا من الحل، وذلك على اعتبار ان طهران تقبل باستحقاقات جنيف 1، وعندما تبين له ان ايران تريد الحضور بدون شروط مسبقه سحب الدعوة.. العقبة العنيفة التي ستواجه وفد التحالف الوطني هي الموقف الروسي الذي سوف ينقل التفاوض الى أرض مكافحة الارهاب، فروسيا ترى ان ما يحدث في سورية هو حرب بين الارهاب والنظام، فإن نجحت في ذلك سيكون المؤتمر دعما للنظام وشرعيته في محاربة الارهاب، وهنا على التحالف ان يقدم نفسه على طاولة المفاوضات بأنه حضر المؤتمر باسم الشعب السوري وليس باسم الارهاب، وانه لن يأتي لجنيف باسم الجماعات الارهابية، ويذكر المفاوض الروسي بأن الامدادات العسكرية للنظام التي زادت قبل جنيف 2 منذ ديسمبر حسب رويترز « تسلم نظام الاسد من روسيا شحنات من الاسلحة والامدادات العسكرية بما فيها طائرات بدون طيار « كل هذا السلاح لم يقض على الارهاب ولكنه قضى على أمن وحياة المواطنين العزل، فالادانة لا توجه لامدادات السلاح ولكنها توجه لتبرير استخدام النظام للسلاح « الحرب على الارهاب» . فروسيا في المؤتمر سوف تتمسك بعنوان مشاركتها وهو مكافحة الارهاب وسوف تعطل جميع المبادرات التي تهدف الى الوصول الى حل نهائي ولا نقول توافقي لان شروط التوافق غير موجودة اطلاقا عند الطرفين، وعلى هذا ستسحب موسكو عدم التوافق الى مراحل تفاوضية لاحقة وتطلب ما سبق واعلنه وزير خارجيتها سيرغي لافروف : « لن تنتهي عملية التسوية السلمية في مؤتمر جنيف 2 بل سيكون بداية جولات لاحقة» فروسيا وجودها في المؤتمر جاء للدفاع عن شرعية بشار الاسد وليس لإدانته، ولن تجد بابا تدخل معه للدفاع عن حليفها الا باب الارهاب، وستكون هذه الحجة مقنعة لجميع الاطراف لانها حجة روسية وليست لانها صحيحة، فموسكو حاضرة لتؤثر وتحدد مسار المحادثات وليست حاضرة لتتلقى الاتهامات، فعلى الطرف الآخر ان يركز على المسار ويبتعد عن الاتهام. وزير الخارجية الامريكي يقول : « أي شخصية لاتستحوذ على التوافق الكامل لايمكن ان تقود سورية وأي عملية سياسية في سورية يجب ان تكون قائمة على جنيف1 « المقصود ان بشار الاسد يجب ان يُبعد عن الحكم والبحث عن التوافق في شخصية اخرى، الا ان المستحيل هو ما يريده الوزير الامريكي وهو التوافق والرضا المتبادل، فكل المؤشرات تدل على صعوبة الرضا والتوافق بين الخصوم السوريين، الا إن كان يقصد الوزير كيري التوافق والرضا الروسي - الامريكي وليس السوري، وهنا عليه ان يتخلى عن عبارة الرضا المتبادل، ويستبدلها بعبارة الالتزام المتبادل بين واشنطن وموسكو لإنهاء الأزمة السورية.
المصدر: http://riy.cc/903165