آداب الحوار في الإسلام

بقلم: حامد قمر الدولة خطاب

بسم الله الرحمن الرحيم

المقدمة:

إن الحمد لله نحمده ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضلَّ له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

)يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون) ([1]) يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً)([2](
)
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً) ([3]) .

فإن الحوار من المصطلحات الهامة التي نتعايش فيها الآن، فالحوار من المصطلحات التي تتردد كثيرا وكثيرا في هذا الوقت، فهناك اوناس  اختلفت وتباينت أفكارهم، وتنوعت أهدافهم ،فمنهم من اتبع الحق،ومنهم من اتبع الباطل، كل بحسب أفكارهم ، والعبرة هنا بمنهج الرجل وطريقته وسيرته العلمية،،

فالحوار: هو مراجعة الكلام وتداوله بين طرفين أو أكثر بصوره متكافئة ويغلب عليها الهدوء والرغبة في الوصول إلي الحق والبعد عن التعصب، إذا فمفهوم الحوار: هو الحديث الذي يجري بين شخصين أو أكثر حول موضوع معين ويسمى أيضا بالجدال، وله آداب يجب مراعاتها منها:

1- الالتزام في محاورة الغير باللطف والهدوء.

2- الإصغاء إلى المتكلم وعدم مقاطعته وعدم الاستهزاء منه أو محاولة الانتقاص من قدره،أو حقه.

3- عدم التعنيف في الكلام أو التجريح.

 

أيضا للحوارفوائد يجب مراعاتها :-

1-  فهو يساعد على التفاهم وبلوغ الهدف.

2- ويحافظ على العلاقات الطيبة بين البشر.

3- يبث النظام ويعلمنا تجنب الفوضى.

وأما التشاور: فهو يختلف عن التحاور، فهو طلب رأي الآخر أو تبادل الآراء ووجهات النظر حول أمر معين، وقد حثنا الخالق سبحانه على اعتماد هذا الأسلوب، للعثور على حلول ناجحة للقضايا المختلف حولها أو التوصل إلى تلاؤم في الخلافات المطروحة،و كذلك لما لها من أثر إيجابي في وحدة المجتمع وتماسكه، إذ بواسطتها يتمكن كل فرد منه من الاستفادة من خبرات الآخرين وتجاربهم، و يمتنع عن التعصب والاستبداد بالرأي.

أهمية الموضوع:

تنبع أهمية الموضوع في أن للحوار أهميه  قصوى للشباب وللإسلام والمسلمين فهو وسيلة للمسلم يسعي من خلالها نشر دين،وحيث إن الحوار يدخل دخولا أصليا تحت منهج الدعوة ، وحيث إن له أصول وضوابط وآداب تدخل ضمن منهج السلوك والأخلاق،ونظرا لدور الحوار وأهميته، من حيث أنه:

  1. وسلية ناجحة في دعوة الناس إلى هذا الدين القويم.
  2. طريق مختصر لتوحيد الأمة، وتقريب وجهات النظر بين علمائها ودعاتها.
  3. سبيل للقضاء على كثير من الخلافات والحزازات القائمة بين فئات مختلفة من المسلمين.
  4. فهو فرصه للدفاع عن الدين ،وعن شبهات الطاعنين.
  5. إلى غير ذلك من المهام والوظائف، والثمرات والفوائد، التي يمكن أن نجنيها عن طريق الحوار.

 

 

تساؤلات البحث:

لماذا نقيم الحوار ؟

 

خلق الله تعالى البشر على تنوع في الأفكار والأذهان والطباع وهذا من دلائل عظمة الله ، فقال ( ومن آياته خلق السموات والأرض واختلاف ألسنتكم وألوانكم إن في ذلك لآيات للعالمين ) ([4]) .

-  لو لم يكن هذا لكان الناس نسخة واحدة ، ولو كانوا كذلك لانعدمت الحياة ، لأنها قائمة على التنوع في جميع المخلوقات ومنها الإنسان . ([5]) (ألم تر أن الله أنزل من السماء  ماءً فأخرجنا به ثمرات مختلفاً ألوانها ومن الجبال جددٌ بيض وحُمرٌ مختلف ألوانه ، وغرابيب سود ومن الناس والدواب والأنعام مختلف ألوانه  كذلك إنما يخشى الله من عباده العلماء إن الله عزيز غفور ) .

 

  فأكد الله أن هذا التنوع سبيل للتعارف وهذا لا يكون إلا بالحوار كما في قولة تعالى( يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير بما تعلمون ) ([6])

ففي قدرة الله أن يكون الناس دون اختلاف ( ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة * ولا يزالون مختلفين * إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم ... ) ([7]) .

 فما دام الأمر كذلك من الاختلاف والتنوع ، فلا يمكن العيش أفراداً ومجتمعات إلا بالتعارف والتقارب والاحتكاك ، وهذا لا يأتي إلا بالحوار... وإذا لم يكن حوار أصبح تدافعاً وصراعاً .

 

 

 

الدراسات السابقة:

الكتب والدراسات المعاصرة لهذا الموضوع :-

1 -الحوار أدابة وضوابطه في ضوء الكتاب والسنة – ليحيى بن محمد بن حسن بن احمد زمزمي، دار التربية والتراث مكة المكرمة، الطبعة الأولى 1414هـ/1994م.

2- أصول الحوار وآدابه في الإسلام – لصالح بن عبد الله بن حميد – دار المنارة للنشر والتوزيع جدة- مكة المكرمة، الطبعة الأولى 1415هـ/1994 .

3- الحوار ضوابطه المنهجية و أدابة السلوكية –احمد بن عبد الرحمن الصويان- دار الوطن الرياض- الطبعة الأولى 1413هـ .

4-آداب الحوار في الإسلام – للفضيلة للدكتور محمد سيد طنطاوي شيخ الأزهر سابقا ،نهضة مصر للطباعة والنشر والتوزيع - تاريخ النشر يونيو 1997م.

5- الحوار الفكري في القرآن الكريم ، أمين حلمي أمين،  دار النهضة الإسلامية.

6- الحوار مع أهل الكتاب أسسه ومناهجه، الأستاذ/خالد عبد الله القاسم دار المسلم 0

7- الحوار والجدال والمناظرة في مجال الدعوة إلى الإسلام ، الدكتور/إبراهيم صالح ،  بحث منشور بالكتاب السنوي لكلية الدعوة والإعلام ، جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية ، السعودية .

8-الحوار: آدابه وتطبيقاته في التربية الإسلامية، الأستاذ/خالد محمد المغامسي ،  مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني ، الرياض .

 

 

منهج البحث :

المنهج المتبع  في هذا البحث ،فأقوم مستعينا بالله تعالي ما يلي:-

  1. جمع الآيات القرآنية المتعلقة بالموضوع  .
  2. جمع ما يتعلق بالموضوع من مراجع من كتب تراث، أو كتب معاصرة متعلقة بالموضوع، أو مكتبات الكترونية عبر شبكة الإنترنت .
  3. توثيق البحث من الآيات القرآنية، وتخريج الأحاديث النبوية المشرفة .
  4. تعريف بعض المصطلحات التي يتناولها البحث.
  5. تقسيم البحث إلى ثلاثة فصول ومباحث .
  6. الخاتمة وتشتمل التوصيات والنتائج .

 

خطة البحث :

وتنقسم خطة البحث إلى ثلاثة فصول ومباحث: -

الفصل الأول : تعريف الحوار وأهميته ونماذج علية من القرآن الكريم، والسنة النبوية المطهرة.

ويقسم إلى ثلاث مباحث:

المبحث الأول:  تعريف الحوار في اللغة والاصطلاح.

المبحث الثاني : أهمية الحوار في الشريعة الإسلامية.

المبحث الثالث:  نماذج تدل على الحوار من القرآن الكريم، والسنة النبوية المطهرة.

الفصل الثاني: أدب الحوار ووسائله .

 

وينقسم إلى مبحثين:

المبحث الأول: آداب الحوار مع الشباب .

المبحث الثاني: وسائل الحوار مع الشباب .

 

الفصل الثالث: توظيف الحوار في الدعوة إلى الله من خلال دعوة الشباب .

 

ويقسم إلي مبحث واحد :

المبحث الأول: توظيف الحوار في الدعوة إلى الله عزوجل من خلال دعوة الشباب .

 


الفصل الأول:

تعريف الحوار وأهميته ونماذج علية من القرآن والسنة

أولا تعريف الحوار:

  1. مفهوم الحوار في اللغة: أصل الحوار من الحور وهو الرجوع عن الشيء([8]).

قال ابن فارس في معجم مقاييس اللغة: ”الحاء والواو والراء ثلاثة أصول، أحدها: لون، والآخر: الرجوع، والثالث: أن يدور الشيء دوراً ، أما الرجوع فيقال حار إلى رجع، قال  الله تعالى: (إِنَّهُ ظَنَّ أَن لَّن يَحُورَ(([9]). 

في لسان العرب: وهم يتحاورون أي يتراجعون الكلام،والمحاورة : مراجعة المنطق والكلام في المخاطبة ([10]) .

وقال الراغب الأصفهاني : المحاورة والحوار : المراودة في الكلام ومنه التحاور ([11]).

ثانيا: الحوار في الاصطلاح:

وأما التعريف الاصطلاحي للحوار فقريب من معناه اللغوي، فهو يدور حول معنى وهو مراجعة الكلام وتداوله بين طرفين.

فقد عرفه بعض المعاصرين بأنه: نوع من الحدث بين شخصين،أو فريقين،  يتم فيه التداول الكلام بينهما بطريقة متكافئة فلا يستأثر أحدهما دون الأخر،ويغلب عليها الهدوء والرغبة في الوصول إلي الحق والبعد عن التعصب،وهو ضرب من الأدب الرفيع وأسلوب من أساليبه ([12]).

وقد وردت مصطلحات قريبة من هذا المعني مثل :

(الجدال – المناظرة ،ونحوهما  )

فالجدل : فهو من المجادلة وهي شدة الفتل ،وجدلت الحبل أجدله جدلا إذا

شددت فتله، وفتلته فتلا محكما، ومنه لزمام الناقة الجديل، فالجدل هو الزمام المجدول من أدام ([13]). وغلام جادل: مشتد، وجدل الحب في سنبله أي قوي.قال الأصمعي: الجادل من الولد الناقة الراشح، وهو الذي قوي ومشى مع أمه ([14]).

وأما الجدل في الاصطلاح: فهو دفع المرء خصمه عن فساد قوله بحجة ،أو شبه،أو يقصد به تصحيح كلامه، وهو الخصومة في الحقيقة ([15]).

وأما المناظرة: تردد الكلام بين شخصين يقصد كل واحد منهما تصحيح قوله،وإبطال قول صاحبه، مع رغبة كل منهما في ظهور الحق،وبهذا يتبين أن الحوار لفظ عام يشمل صور عديدة، منها المناظرة والمجادلة،وقد يذكر الجدل ويراد به مجرد مراجعة الكلام بين المتخاطبين،بدون إلزام،أو مغالبة،كما قال الله تعالى: "قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها والله يسمع تحاوركما إن الله سميع بصير" ([16]).

ويري بعض العلماء : أنه لا فرق بين الجدل والمناظرة اصطلاحا، حيث قال الإمام الجويني إمام الحرمين : "ولا فرق بين المناظرة والجدال والمجادلة والجدل في عرف العلماء بالأصول والفروع، وإن فرق بين الجدل والمناظرة على طريق اللغة،وذلك أن الجدل في اللغة مشتق من غير ما اشتق منه النظر"([17]) .

المبحث الثاني: أهمية الحوار:

أهميته الحوار ،أو الغاية من الحوار إقامة الحجة، ودفع الشبهة والفاسد من القول والرأي،إذا فالحوار يعد تعاون من المتناظرين على معرفة الحقيقة والوصول إليه ، والتوصل إليها، ليكشف كل طرف ما خفي على صاحبه منها، والسير بطرق الاستدلال الصحيح للوصول به إلى الحق، يقول الإمام الحافظ الذهبي: ”إني وضعت المناظرة لكشف الحق وإفادة العالم الأذكى العلم لمن هو دونه وتنبيه الأغفل الأضعف“. هذه هي الغاية الأصلية للحوار وهي جلية واضحة، وثمة غايات وأهداف فرعية لهذه الغاية منها:

  1. إيجاد حل وسط يرضي الطرفين حتى لا يصل إلى الشقاق ،أو الخصام .
  2. التعرف على وجهات النظر وهو الهدف الهام.
  3. البحث والتنقيب من أجل الاستقصاء والاستقراء في تنوع الرؤى والتصورات المتاحة، من أجل الوصول إلى نتائج أفضل وأمكن ولو في حوارات تالية([18]).

ويجب البعد عن الحوار الذي أبعد ما يكون عن غايته أو ما يوصل ويمهد إليها، وقال الدكتور محسن الخضيري: ”يجب أن يكون الحوار متجهاً إلى هدف معين، يسعى إلى تحقيقه، وبالتالي يكون بعيداً عن الجدل العقيم الذي لا يثري، بل والذي لا يحقق عائداً وطائلاً من ورائه، ومن ثم فإنه من المتعين وضع الهدف من التفاوض وتوضيحه، ووضع برنامج زمني لتحقيقه، بل وتحديد اتجاهات معينة لهذا التحقيق([19]).

ومتى بعد الحوار عن غايته وشغل عن ظهور الحق، ووضوح الصواب صار من الجدل العقيم، الذي وردت النصوص في النهي عنه والتحذير منه، حتى أن الذهبي عد هذا النوع من الكبائر في كتابه([20]).

إذا فالحوار وسيلة للتفاهم التي لا غنى عنها الآن وخصوصا في الانفكاك والتفرق ، فهو وسيلة للتعاون، والتنسيق بين الجهود المتفرقة، والطاقات المبتعثرة، هو نوع من الشورى،أو المشورة بين المسلمين لتحقيق المصلحة العامة،وأيضا فهويسهم في تنمية الفكر والمعرفة وتنقيتها وتنشطهما،وأيضا ويسهم في إيجاد الحل الوسط الذي يرضي جميع الأطراف المختلفة الألسنه ، ويظهر أيضا في التعرف إلى وجهات نظر الأطراف الأخرى ومعرفت ما يدور في أذهانهم ، فتج عن ذلك تحقيق التعايش السلمي بين المسلمين،و الأمم والشعوب، فيحقق لهم المصالح المشتركة فيما بينهم .

 

 

المبحث الثالث:

نماذج للحوار من القرآن الكريم والسنة النبوية

أولا:من القرآن الكريم

ورد في القرآن الكريم آيات ونماذج كثيرة من الحوار:

1- منها ما دار بين الله عز وجل وملائكته في موضوع خلق آدم، حيث قال الشيخ سيد قطب (عليه رحمه الله) في بداية كلامه عن قوله تعالى: (وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ )([21]) "فقال يرد بها القصص في القرآن الكريم في مواضع ومناسبات، وهذه المناسبات التي يساق القصص من أجلها هي التي تحدد سياق القصة ... تنسيقاً للجو الروحي والفني الذي تعرض فيهن وبذلك تؤدي دورها الموضوعي، وتحقق غايتها النفيسة وتلقي إيقاعها المطلوب .... وقصص الأنبياء في القرآن الكريم يمثل موكب الإيمان في طريق الواصل الطويل، ويعرض قصة الدعوة إلى الله تعالى واستجابة البشرية لها جيلاً بعد جيل"([22]).

2- ومنها ما دار بين سيدنا إبراهيم عليه الصلاة والسلام، وبين الرجل الذي آتاه الله الملك، فيقول الله سبحانه وتعالى: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَآجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رِبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ * أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّىَ يُحْيِي هََذِهِ اللّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ اللّهُ مِئَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ بَل لَّبِثْتَ مِئَةَ عَامٍ فَانظُرْ إِلَى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانظُرْ إِلَى حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِّلنَّاسِ وَانظُرْ إِلَى العِظَامِ كَيْفَ نُنشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ(([23]).

يقول الشيخ سيد قطب –عليه رحمه الله – عن هذه الآية: "الآية تحكي حواراً دار بين سيدنا إبراهيم عليه السلام وبين ملك في أيامه يجادله في الله .... وهذا الحوار يعرض على النبي r على جماعة المسلمين في أسلوب التعجب من هذه المجادلة الذي حاج إبراهيم في ربه، وكأن مشهد الحوار يعاد عرضه من ثنايا التعبير القرآني العجيب“([24]).

ومن النماذج  الواردة أيضاً في القرآن الكريم الحوار الذي في قصة أصحاب الجنتين في سورة الكهف([25])، وأيضا قصة قارون مع قومه([26])، وقصة داود عليه السلام مع الخصمين([27])، وقصة نوح عليه السلام مع قومه([28])، وقصة ابني آدم([29])، وقص موسى عليه السلام مع العبد الصالح([30])، والحوار بين السادة والأتباع يوم القيامة([31]).

وأيضا قصة سيدنا موسى عليه السلام، حيث طلب من ربه أن يسمح له برؤيته([32])، وأيضاً قصة عيسى عليه السلام، إذ سأله ربه عما إذا كان طلب من الناس أن يتخذوه وأمه إلهين من دون الله([33]).

ومن اطلع على هذه النماذج وغيرها يتأكد لنا أن القرآن الكريم يعتمد اعتماداً كبيراً على أسلوب الحوار في توضيح المواقف، وجلاء الحقائق. وهداية العقل وتحريك الوجدان، واستجاشة الضمير، وفتح المسالك التي تؤدي إلى حسن التلقي والاستجابة، والتدرج بالحجة احتراماً لكرامة الإنسان وإعلاء لشأن عقله الذي ينبغي أن يقتنع على بينة ونور([34]).

والقرآن الكريم يبين أيضاً أصول وآداب الحوار التي ينبغي أن يتحلى بها الداعية إلى الإسلام من العلم والرفق واللين والصبر والحلم ....إلى أخر هذه الصفات، منها قوله تعالى: (هَاأَنتُمْ هَؤُلاء حَاجَجْتُمْ فِيمَا لَكُم بِهِ عِلمٌ فَلِمَ تُحَآجُّونَ فِيمَا لَيْسَ لَكُم بِهِ عِلْمٌ وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ)([35]).

يقول الشوكاني – عليه رحمه الله – في تفسيره لهذه الأيه  "وفي هذه الآية دليل على منع الجدال، بل ورد الترغيب في ترك الجدال في المحق، كما في حديث (من ترك المراء ولو محقاً فأنا ضمينه على الله يبيت في رياض الجنة) وقد ورد تسويغ الجدال بالتي هي أحسن لقوله تعالى: (وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ وقوله تعالى أيضا : (وَلا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ)، ونحو ذلك؛ فينبغي أن يقتصر جوازه على المواطن التي تكون المصلحة في فعله أكثر من المفسدة، أو على المواطن التي تكون المجادلة فيها بالمحاسنة لا بالمخاشنة"([36]).

وقال الإمام القرطبي في تفسير قوله تعالى: (ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ مِّنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ قُلْ آلذَكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الأُنثَيَيْنِ أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحَامُ الأُنثَيَيْنِ نَبِّؤُونِي بِعِلْمٍ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ) ([37])" دلت هذه الأيه  على إثبات المناظرة في العلم لأن الله تعالى أمر نبيه عليه السلام بأن يناظرهم ويبين لهم فساد قولهم"([38]).

 

 

ثانيا:نماذج من السنة النبوية تدل على الحوار

 

نجد في سيرة الرسول r نماذج كثيرة ومتنوعة للحوار، وترد في أشكال شتى لتقدم لنا الدروس والموعظة التي يحسن بنا الانتفاع بها.

حيث جهر سيدنا رسول الله r بالدعوة حارت قريش وارتبكت وفكرت ودبرت، وكان مما صنعته أنها أرسلت عتبة بن ربيعة إليه، يحادثه ويفاوضه ويغريه.

1- يروى أن عتبة بن ربيعة جلس إلى رسول الله r فقال له يا ابن أخي، إنك منا حيث قد علمت من السلطة في العشيرة، والمكان في النسب، وإنك قد أتيت قومك بأمر عظيم، فرقت جماعتهم، وسفهت أحلامهم، وعبت آلهتهم، وكفرت به فيما مضى من آبائهم، فاسمع مني أعرض عليك بعضها ([39]).

فقال رسول الله r قل يا أبا الوليد، أسمع، فقال له عتبة ما قال، حتى إذا فرغ قال له: أوقد فرغت يا أبا الوليد؟ قال نعم.

قال فاسمع مني، قال: افعل، فأخذ رسول الله r يتلو عليه من سورة فصلت حتى إذا انتهى إلى الآية موضع السجدة فيها، سجد، ثم قال لعتبة: قد سمعت يا أبا الوليد، فأنت وذلك، فقام عتبة إلى أصحابه فقال بعضهم: نحلف بالله لقد جاءكم أبو الوليد بوجه غير الوجه الذي ذهب به، وطلب عتبة إليهم أن يدعوا الرسول r وشأنه، فأبوا وقالوا له: سحرك يا أبا الوليد بلسانه.

ففي هذه القصة أكثر من درس، يتصل بموضوع هذا البحث يحسن الوقوف عندها، فالرسول الكريم أحسن الاستماع والإنصات لعتبة، وقال له قل يا أبا الوليد، أسمع، فلما قال عتبة ما عنده أعطاه الرسول r الفرصة لإضافة شيء قد يود أن يقوله، ربما نسيه أو غفل عنه، وسأله أوقد فرغت يا أبا الوليد؟ ومعنى ذلك أنه أحسن الاستماع تماماً، وأعطى محدثه الفرصة ليقول من جديد دون أن يعاجله، فلما سأله ليتأكد من فراغه مما لديه، بدأ التلاوة وهذه قمة الأدب، وقمة الذوق، مما يجعل الطرف الآخر تنفتح نفسه للسماع، فكانت تلك المقدمة محددة لما جاء بعها وهي تلاوة القرآن الكريم، تنتهي بسجدة، ثم قال لعتبة: قد سمعت يا أبا الوليد فأنت وذلك، (أي وما تختار) ففي تصرفه عليه الصلاة والسلام أدب عال وذوق جم وحسن استماع، يستدعي حسن إصغاء من عتبة، وهذا كله يجعل عتبة مستعداً للتلقي، لذلك لا غرابة أن قال له قومه بعد إذ عاد إليهم: سحرك يا أبا الوليد بلسانه.

 

2- وعندما جاء يهودي إلى حضرة النبي r يختبر صدقه في الدعوة وقد ابتاع منه تمراً إلى أجل، فطالبه قبل حلول الأجل مغلظاً له في القول وسط القوم، فكان قوله: إنكم يا بني عبد المطلب قوم مطل، فهم به عمر رضي الله عنه فمنعه الرسول r وقال له يا عمر: أنا وهو كنا أحوج منك إلى غير هذا، أن تأمرني بحسن الأداء، وتأمره بحسن الاقتضاء، ثم أمر بإعطائه حقه وزيادة عشرين صاعاً في مقابل ترويع عمر له، فلم يسع اليهودي إلا إعلان إسلامه([40]).

فهنا لم ينتقم النبي- صلي الله عليه وسلم – من اليهودي، وإنما قبل الحوار معه،وعندما هم سيدنا عمر ليقتل اليهودي على سبه لحضرة النبي فمنعه -صلى الله عليه وسلم، وذلك لحكمة سامية؛ وهي أن يعلم حضرة النبي- صلى الله علية وسلم- الأمة والناس أجمعين، كيفية الحوار ،وأيضا أن يعلمهم مدا كان عفو حضرة النبي- صلي الله علية وسلم –وصبره ،وأيضا يعلم الناس انه لم يرسل النبي صلي الله علية وسلم  لعانا ولا سبابا ولا فساقا،ولكن رحمة للعالمين،فكان نتيجة ذلك كله بعد هذا الحوار ؛أن أسلم هذا اليهودي.

 

3-وروى أبو إمامة أن غلاماً شاباً أتى النبي r فقال له يا نبي الله أتأذن لي في الزنا؟ فصاح الناس به، فقال النبي r قربوه، ادن، فدنا حتى جلس بين يديه، فقال النبي r: أتحبه لأمك؟ قال: لا! جعلني الله فداك، قال كذلك الناس لا يحبونه لأمهاتهم. أتحبه لابنتك؟ قال: لا! جعلني الله فداك، قال: كذلك الناس لا يحبونه لبناتهم، أتحبه لأختك؟ قال: لا! جعلني الله فداك، قال: كذلك الناس لا يحبونه لأخواتهم، فوضع رسول الله r يده على صدره وقال: اللهم طهر قلبه، واغفر ذنبه، وحصن فرجه، فلم يكن شيء أبغض إليه من الزنا([41]).

4-وأتى رجل أنكر ولده إلى رسول الله r فقال يا رسول الله! إن امرأتي ولدت غلاماً أسود، فقال رسول الله r: هل لك في إبل؟ قال: نعم، قال: ما لونها؟ قال: حمر، قال: فيها من أورق؟ قال: نعم، قال: أين ذلك؟ قال: لعل عرقاً نزعه، فقال رسول الله r: وهذا الغلام لعل عرقاً نزعه([42]).

والمواقف والقصص في حوار النبي r أكثر من أن نسردها ونذكرها في هذا البحث اليسير.

وقد رأينا رسول الله r وهو الأسوة الحسنة أرق ما يكون أسلوباً في حواره، وأفسح ما يكون صدراً لمخالفيه، وضرب أروع الأمثلة في حسن الاستماع.

الفصل الثاني

أدب الحوار ووسائله

وينقسم إلى ثلاث مباحث:

 

المبحث الأول:  آداب الحوار مع الشباب .

المبحث الثاني:  وسائل الحوار مع الشباب .

 

المبحث الأول

آداب الحوار مع الشباب

للحوار آداب كثيرة وضعها الإسلام للتواصل ، والتحاور بين الناس، وأوضحها القرآن الكريم والسنة النبوية في العديد من التعليمات التي تحدث عنها ، وهذه الآداب هي من صفات حضرة النبي –صلي الله علية وسلم – التي يجب علينا أن نتأسى بها، وأن نسير على منوالها وهي ما يلي :-

 

الأدب الأول: التواضع بالقول والفعل، فيجب علينا أن  نجتنب ما يدل على العجب والغرور والكبرياء،  لأن قبيحة ،بل أشد قبحا فبعض الناس إذا حاور شخصاً أو حادثه، أعرض ونأى بجانبه، فلا يلتفت إلى خصمه إشارة إلى السخرية وعدم الاكتراث به، وربما ظهر على قسمات وجهه أو حركات حاجبيه ما يدل على السخرية والاستكبار، وربما يزم شفتيه، أو يلوي عنقه، أو يشير بطرف عينيه إشارات تعبر عن السخرية والازدراء، فهذا كله من الكبر، فمن التواضع أن تقبل الحق عن جاد ولو كان أعدى أعدائك، ومن التواضع ترك استخدام الألفاظ الدالة على التعالي والكبر كأن يقول: نرى كذا، وعندي كذا، وأنا، وقلت، ونحو هذه الألفاظ([43]).

 

الأدب الثاني: الحلم والصبر، فالمحاور يجب أن يكون حليماً صبوراً، فلا يغضب لأتفه سبب، فإن ذلك يؤدي إلى النفرة منه، والابتعاد عنه، والغضب لا يوصل إلى إقناع الخصم وهدايته، وإنما يكون ذلك بالحلم والصبر، والحلم من صفات النبي –صلي الله علية وسلم – ومن صفات المؤمنين الصادقين مع الله عزوجل ،كما قال تعالى: (وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ)([44])،وأيضا يقول في شأن الصابرين (وأصبر وما صبرك إلا بالله )([45]) .

وعندما قال رجل للنبي r: أوصني! قال: لا تغضب، وكررها مراراً([46]).

ومن أعلى مراتب الصبر مقابلة الإساءة بالإحسان، فإن ذلك له أثر عظيم على المحاور، وكثير من الذين اهتدوا لم يهتدوا لعلم المحاور واستخدامه أساليب الجدل، وإنما لأدبه وحسن خلقه واحتماله للأذى، ومقابلته بالإحسان([47]).

 

الأدب الثالث: المحاورة بالحسنى، فهى من أهم ما يتوجه إليه المحاور في حواره التزام الحسنى في القول، والمجادلة، ففي القرآن الكريم يقول تعالى: (وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُواْ الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ)([48])، ويقول الله تعالى: (وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ)([49])، وقوله تعالى أيضا : (وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْناً)([50]).

فالإنسان العاقل اللبيب الطالب للحق أن ينأى بنفسه عن أي أسلوب فيه طعن أو سخرية، أو تجريح، أو أي ألوان الاحتقار،أو أي نوع من أنواع الاستفزاز التي تؤدي إلى الحط من دركاته  .

ويلحق بهذا الأدب: تجنب أسلوب التحدي والتعسف في الحديث، وتعمد إيقاع الخصم في الإحراج، ولو كانت الحجة بينة والدليل دامغاً .... فإن كسب القلوب مقدم على كسب المواقف([51]).

يقول إسحاق نيوتن: "كل فعل له رد فعل يساويه في القوة ويعارضه في الاتجاه" فلذلك كل إنسان تحاوره يوم ترفع صوتك يرفع صوته، ويوم تحترمه يحترمك، ويوم تكنيه يكنيك، يقول أحدهم وهو يحاور خصمه:

أكنيه حين أناديه لأكرمه
كذلك أدبت حتى صار من أدبي
 

 

ولا ألقبه السوءة اللقب
أني وجدت ملاك الشيمة الأدب([52])
 

 

 

الأدب الرابع: العدل والإنصاف،وهو من أهم الصفات التي قل ما تجدها في مجتمع كثرت فيها المعاصي،وكثر فيه السرقة، وكثر فيه الظلم، إذا فيجب علينا أن نغرس صفة العدل ،والإنصاف فينا، حتى نعيش في مجتمع طاهر، فيجب على المحاور أن يكون منصفاً، فلا يقول حقاً، بل يجب عليه أن يبدي إعجابه بالأفكار الصحيحة، والأدلة الجيدة والمعلومات الجديدة التي يوردها محاوره، وهذا الإنصاف له أثر عظيم في قبول الحق، كما تضفي على المحاور الروح الموضوعية ، حتى يصل إلى الحق مهما كان .

والتعصب وعدم قبول الحق من الصفات الذميمة في كتاب الله، فإن الله أمرنا بالإنصاف حتى مع الأعداء فقال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ لِلّهِ شُهَدَاء بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ)([53]) ([54]).

قال ابن القيم –رحمه الله :

وتعرٍ في ثوبين من يلبسهما
ثوب من الجهل المركب فوقه
وتحل بالإنصاف أفخر حلة
 

 

يلقى الردى بمذمة وهوان
ثوب التعصب بئست الثوبان
زينة بها الأعطاف والكتفان([55])
 

 

الأدب الخامس: حسن الاستماع، حيث إن كثيراً من الناس يخفقون في تبرك أثر طيب في نفوس من يقابلونهم لأول مرة، لأنهم لا يصغون إليهم باهتمام، إنهم يحصرون همهم فيما سيقولونه لمستمعهم، فإن تكلم المستمع لم يلقوا له بالاً، علماً بأن أكثر الناس يفضلون المستمع الجيد على المتكلم الجيد([56]).

وبراعة الاستماع تكون بالأذن، وطرف العين، وحضور القلب، وإشراقة الوجه، وعدم الانشغال بتحضير الرد، متحفزاً متوثباً، منتظراً إتمام حديث صاحبه([57]).

 

المبحث الثاني

وسائل الحوار مع الشباب

 أمور لا بد مِن مراعاتها في الحوار لكي يكون ناجحا ([58]):

1-الاحترام بين المتحاورين.

. 2-البُعد عن الاستعجال في الردِّ على الخَصم

. 3-الهدوء في الحوار

. 4-التركيز على الفكرة والموضوعية في الحوار

 5- أن يكون هدف الحوار الوصول إلى الحقِّ

. 6-تحديد موضوع الحوار والهدف منه

ومن أهداف تحديد موضوع واحدٍ؛ حتى لا تَكثر النقاط المُتحاوَر عليها؛ لأنه تَصعب المحاورة في هذه الحالة، كان الشافعي إذا ناظَره إنسان في مسألة، فغدا إلى غيرها، يقول: نَفرغ من هذه المسألة، ثم نَصير إلى ما تريد.

. 7- مناقشة الأصول قبل مناقَشة الفروع

. 8- الاتفاق على أصل يُرجَع إليه

كالقرآن والسُّنة في المسائل الشرعيَّة، وأقوال العلماء الذين يُحتج بهم، وغير ذلك

. 9- اختيار المكان والزمان، والإنسان المناسب

 

فمن الموضوعية التالي : 10- الموضوعيَّة

. أ- تحديد الموضوع، ويقتضي ألاَّ تخرج من نقطة حتى تنتهي منها

. ب- مناقشة الموضوع وليس الشخص وشخصيَّته

. ج- عدم إدخال موضوع في آخر

. د- عدم استخدام الأيمان المغلَّظ

. هـ - تجنُّب الكذب في النقاش

 

الفصل الثالث

توظيف الحوار في الدعوة إلى الله عزوجل

وفية مبحث واحد :

 

المبحث الأول: توظيف الحوار في الدعوة إلى الله عزوجل من خلال دعوة الشباب .

 

 

المبحث الأول

توظيف الحوار في الدعوة إلى الله عزوجل من خلال دعوة الشباب .

 

الدعوة إلى الله هي النور الذي يهتدي به الإنسان في ظلمات الجهل، ودهالي الضلال، والواجب على المسلمين اتخاذ جميع السبل التي يتوصل بها إلى قلوب البشرية جميعا لإيصال الهدى، ودين الله للعالم وللناس كافة، والحوار من أهم طرق الدعوة، إذا التزم فيه الداعي بالمنهج الصحيح وعدم الخضوع للمخالف.

وأيضا في الرد على شبه الكفار،الذي هذا منشؤه يعد من أهم أنواع الحوار، وذلك لعظيم نفعه في الأمة الإسلامية بإزالة الريبة والشك من وجود مثل تلك الشبه، وإيضاح الحق للكفار، حتى يكون على بينة من أمره ، ورد باطلهم لعل الله أن يلطف بهم ويدخلوا في زمرت الناجين من عذابه،يوم لا تنفع نفس لنفس شيئا,والأمر يومها لا يكون إلا لله .

 

أيضا في توضيح الحق، وبناء المفاهيم،وهذا يجري في الأمور الشرعية والأمور الدنيوية والاجتماعية وفي كل الأمور، فقد يكون منشأ الحوار وسببه هو إيضاح حق التبس على الطرف الآخر،مما يستلزم على الداعية محاورته وسماع ما لديه عن هذا الأمر وإيصال الحق إليه، وقد يكون من باب توضيح وبناء مفاهيم معينة يحسن بالطرف الآخر معرفتها واستيعابها.

وأيضا لابد للمحاور أن على دراية بطريق الحوار،وأسلوبه وهذا من الأساليب التي كان الرسول r يسلكها لأنها أقوى في ترسيخ المعلومة وتثبيتها لدى المتلقي، وقد وردت في القران قصص استخدم فيها أسلوب الحوار في التعليم كما في قصة موسى عليه السلام مع الخضر في سورة الكهف([59]).

 

 

 

                       

الخاتمة:

بعد التجوال وبعد المسير في جوانب الحوار الأساسية في هذا البحث اليسير الذي فأني أرجو من الله أن يكون البحث أعطى لمحة موجزة عن الحوار في الإسلام،وكيفية المحاورة مع الآخرين، وتوظيف الشباب للحوار في سبيل للدعوة إلى الله عزوجل ، وبعد أن عرفنا تعريفه وأهميته، ومكانته في الكتاب والسنة وآدابه.

يتبين لنا أهميته الخاصة في هذا الزمان الذي يخالط بكثير من الدعوات والأفكار في هذا الزمان الذي ضعفت فيه الأمة الإسلامية بكثرة المعاصي والآثام وبعدها عن شرع ربها عزوجل، في هذا الزمان الذي أصبح العالم فيه قرية صغيرة بوسائل الإعلام الحديثة، في هذا الزمان الذي يهتم فيه الغرب الحوار اهتماماً كبيراً.

فإني أوصي بعد هذا بعدة أمور:

أوصي الباحثين بضرورة ألاهتمام بموضوع الحوار لدى الشباب، وبخاصة ما يتعلق بالجوانب التي تتعلق بمعالجة المشكلات التي يقع فيها كثيرا من الشباب،بسبب افتقادهم لهذا المنهج البناء، الذي يعالج تلك القضايا، والاهتمام أيضا بتفعيل دور هذا المنهج، في حياة الشباب،في مواجهة التحديات المعاصرة،خاصة ما يتعلق منها بالشباب.

وأيضا أن يخصص في الدراسة الجامعية مادة يدرس فيها الحوار لا بالقواعد النظرية، بل بالتطبيق العملي وهذا مطبق في بعض الدور الغربية، وأيضا تبين أهمية الحوار وضرورة تطبيقه للمعلمين والمدرسين في المدارس والجامعات التطبيق العملي المستمر.

وجود دورات تدريبية تقدم لشرائح المجتمع وللدعاة خاصة تبين لهم الحوار وضوابطه وآدابه مجاناً أو بأسعار رمزية، فتح قنوات الحوار وفق الضوابط الشرعية مع الطرف الآخر.

أيضا إبراز حوارات السابقين من سلف هذه الأمة بدأً بالنبي r ثم الصحابة والتابعين وضرورة الاقتداء بها.

أيضا تصحيح مفهوم الحوار الذي يظهر عند كثير من الناس أنه مجرد الجدال المضيع للوقت والجهد.

 

فهرس المراجع:

1- الحوار أدابة وضوابطه في ضوء الكتاب والسنة – ليحيى بن محمد بن حسن بن احمد زمزمي، دار التربية والتراث مكة المكرمة، الطبعة الأولى 1414هـ/1994م .

2- أصول الحوار وآدابه في الإسلام – لصالح بن عبد الله بن حميد – دار المنارة للنشر والتوزيع جدة- مكة المكرمة، الطبعة الأولى 1415هـ/1994 .

3- الحوار ضوابطه المنهجية و أدابة السلوكية –احمد بن عبد الرحمن الصويان- دار الوطن الرياض- الطبعة الأولى 1413هـ .

4- آداب الحوار في الإسلام – للفضيلة للدكتور محمد سيد طنطاوي شيخ الأزهر سابقا ،نهضة مصر للطباعة والنشر والتوزيع - تاريخ النشر يونيو 1997م.

5 - تاج العروس من جوهر القاموس – محمد مرتضى الزبيدي – طبعة دار مكتبة الحياة ، بيروت ، 1306هـ 3/162 ؛ ومعجم مقاييس اللغة  ص269–احمد بن فارس ،طبعة دار إحياء التراث العربي ، 2001م .

6- لسان العرب – لمحمد بن مكرم بن منظور ،طبعة دار إحياء التراث العربي ، بيروت 1416هـ ،4/218 .

7- أبو القاسم الحسين محمد المعروف بالراغب الأصفهاني ،المفردات في غريب القرآن ،تحقيق وضبط محمد سيد كبلاني ، طبعة دار المعرفة بيروت بدون ذكر تاريخ النشر ، ص 135

8- الكبائر، الذهبي، ص: 149

9- في ظلال القرآن، سيد قطب في أصول الحوار  دار الشروق، الطبعة الثامنة، 1399هـ.

10- الندوة العالمية للشباب الإسلامي .

11- الجامع لأحكام القرآن القرطبي للإمام شمس الدين أبي عبدالله محمد بن أحمد ابن أبي بكر بن فرج الأنصاري القرطبي المتوفى 671 هـ ،طبعة دار الغد العربي ،الطبعة الأولى 1990م/1410هـ .

12- سيرة ابن هشام ،طبعة دار ابن رجب .

13- مدخل إلى الثقافة الإسلامية المدخل إلى الثقافة الإسلامية، أعضاء هيئة التدريس قسم الدراسات الإسلامية، جامعة الملك سعود كيف تحاور، طارق الحبيب

 


[1] - آل عمران /102.

[2] - النساء/1  .

[3] - الأحزاب/ 70-71  .

[4] - سورة الروم/21 .

[5] - سورة فاطر 27 .

[6] - سورة الحجرات/13 .

[7] - هود 118 – 119.

[8] - تاج العروس من جوهر القاموس – محمد مرتضى الزبيدي – طبعة دار مكتبة الحياة ، بيروت ، 1306هـ 3/162 ؛ ومعجم مقاييس اللغة  ص269–احمد بن فارس ،طبعة دار إحياء التراث العربي ، 2001م .

([9]) معجم مقاييس اللغة، ص: 269.

[10] - لسان العرب – لمحمد بن مكرم بن منظور ،طبعة دار إحياء التراث العربي ، بيروت 1416هـ ،4/218 .

[11] - أبو القاسم الحسين محمد المعروف بالراغب الأصفهاني ،المفردات في غريب القرآن ،تحقيق وضبط محمد سيد كبلاني ، طبعة دار المعرفة بيروت بدون ذكر تاريخ النشر ، ص 135

[12] - الحوار أدابة وضوابطه في ضوء الكتاب والسنة – ليحيى بن محمد بن حسن بن احمد زمزمي،ص22 ، دار التربية والتراث مكة المكرمة، الطبعة الأولى 1414هـ/1994م .

 

[13] -لسان العرب: 11/103

[14]- مختار الصحاح لأبي بكر الرازي :4/1653 .

[15] - الحوار أدابة وضوابطه في ضوء الكتاب والسنة – ليحيى بن محمد بن حسن بن احمد زمزمي،ص23 .

[16] -سورة المجادلة :1

[17] - الحوار ضوابطه المنهجية و أدابة السلوكية –احمد بن عبد الرحمن الصويان- دار الوطن الرياض- الطبعة الأولى 1413هـ ص17.

 

([18]) أصول الحوار وآدابه في الإسلام، صالح بن حميد، ص: 7.

([19]) الحوار أصوله المنهجية وآدابه السلوكية، أحمد الصويان، ص: 66.

([20]) الكبائر، الذهبي، ص: 149.

([21]) سورة البقرة، الآية 30.

([22]) في ظلال القرآن، سيد قطب، (1/55).

([23]) سورة البقرة، الآية 258-259.

([24]) في ظلال القرآن، سيد قطب، (1/297).

([25]) سورة الكهف، الآية 18.

([26]) سورة القصص، الآية 76.

([27]) سورة ص، الآية 21.

([28]) سورة الأعراف، 59.

([29]) سورة المائدة، الآية 27.

([30]) سورة الكهف، الآية 65.

([31]) سورة سبأ، الآية 31.

([32]) سورة الأعراف، الآية 143.

([33]) سورة المائدة، الآية 116.

([34]) في أصول الحوار، الندوة العالمية للشباب الإسلامي، ص: 16.

([35]) سورة آل عمران، الآية 66.

([36]) فتح القدري، الشوكاني (1/349).

([37]) سورة الأنعام، الآية 143.

([38]) الجامع لأحكام القرآن، القرطبي (7/114).

([39]) سيرة ابن هشام (1/313).

[40]-  ذكره الهيثمي في مجمع الزوائد.

[41] - رواه أحمد.

[42]- متفق عليه.

([43]) أدب الحوار، سلمان العودة، (شريط كاسيت).

([44]) سورة آل عمران، الآية 134.

[45] - سورة النحل 127

[46]-  رواه البخاري.

[47]-  مدخل إلى الثقافة الإسلامية، ص: 52.

([48]) سورة الإسراء، الآية 53.

([49]) سورة لنحل، الآية 125.

([50]) سورة البقرة، الآية 83.

([51]) أصول الحوار وآدابه في الإسلام، صالح بن حميد، ص: 26.

([52])مدخل إلى الثقافة الإسلامية ، ص: 22.                      

([53]) سورة المائدة، الآية 8.

([54]) المدخل إلى الثقافة الإسلامية، أعضاء هيئة التدريس قسم الدراسات الإسلامية، جامعة الملك سعود، ص: 53.

([55]) شرح القصيدة النونية، محمد خليل هراس، ص: 51.

([56]) في أصول الحوار، الندوة العالمية للشباب الإسلامي، ص: 49.

([57]) كيف تحاور، طارق الحبيب، ص: 18.

([59]) ينظر فيما تقدم: الحوار آدابه وتطبيقاته في التربية الإسلامية لخالد المغامسي 36-48.

 

الحوار الخارجي: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك