حوار مع البحاثة جمال الدين الشرقاوي
- البطاقة الشخصية للأستاذ جمال الدين شرقاوى ؟
عميد مهندس ( بالمعاش حاليا ) تخصص كهرباء ومعدات طائرات . مواليد 1944 م . هوايتى الحالية هى البحث والتنقيب عن الجديد المفيد فى الأصول الإسلامية والمسيحية .
- كيف بدأ اهتمامك بدراسة النصرانيّة؟
منذ الستينيات من القرن الماضى ، أثناء حرب الاستنزاف مع العدو الإسرائيلى . كان معى من رفقاء السلاح مسيحيين ( ولا أقول نصارى للفارق الكبير بين الكلمتين ) ونحن على الخطوط الأمامية من جبهة القتال ، فكنت أتساءل عن مصير مَن يموتون منا ( كانوا يقولون لنا شهداء مع أن بيننا مَن ليسوا بمسلمين أصلا ..!! ) وكنت فى تلك الآونة قد تتلمذت على كتب شيخ الإسلام ابن تيمية وتلاميذه ( ابن القيم ، الذهبى ، ابن كثير ، .. الخ ) رحمهم الله تعالى وكنت أعلم جيدا معنى الشهادة فى سبيل الله وموجباتها . وحوالى نصف آيات القرآن الكريم تتحدث عن أهل الكتاب وبنى إسرائيل وعن اليهود والنصارى والمجوس والمشركين ، فلِمَ لا أقرأ عن هؤلاء الناس وأعرف عقائدهم من كتبهم .
وبدأ الانقلاب فى الفهم والقراءة عقب اكتشاف مخطوطات قمران ونشر مكتبة نجع حماد ووجدت الفرصة سانحة لمعرفة لغات هذه الكتب التى كانت مخفية فى باطن الأرض من قبل ظهور الإسلام . وعرفت أن لغة المسيح وقومه فى فلسطين كانت الآرامية ، فحاولت أن أتعلمها فاقتنيت كتبها وهى باهظة الثمن لأنها أجنبية ولم تترجم إلى العربية حتى الآن . ووجدت أنها نفس اللسان الذى نتكلمه فى حياتنا المعاصرة ( حوالى 70 % من المفردات ) ولكن بعيدا عن المدن الكبيرة . ولكن لا يمكننا قراءتها لأن الخط والرسم وقواعد قراءتها ليسو كالعربية . وشدنى الموضوع كثيرا ..!!
- ما هي الشخصيات أو الكتب التي أثرت فيك؟
أهم الشخصيات التى أثرت فى عن طريق الاطلاع والقراءة :
التأصيل للمنهج السلفى : كان شيخ الإسلام ابن تيمية وتلاميذه ( ابن القيم ، الذهبى ، ابن كثير ) .
التأصيل لأصول الدين : كان الإمام الشاطبى فى موافقاته واعتصامه .
اصطياد الأفكار من واقع الحال : كان أبو الفرج الجوزى .
تلك العناصر الثلاثة التى انطلقت منها فى بناء منهجى الخاص فى الدراسة ( العودة إلى الأصل بفكر العصر ) .
- رغم أنّكم من أغزر الباحثين في النصرانيّة تأليفاً؛ إلاّ أنّكم غائبون بصورة تامة عن الواجهة الإعلاميّة , رغم وجود قنوات فضائيّة إسلاميّة كثيرة في الساحة؟
أخى الكريم .. العمر قد مضى وليس بباق فيه الكثير ، وعندى مادة علمية جديدة كثيرة تحتاج إلى نشرها بين الناس ، وليس الظهور على الناس من وسائل الإعلام غايتى ، فيكفى أن يظهر فيها مَن ينقل فكرى من خلال كتبى . ولقد حاولت جاهدا أن أنقل منهجى إلى البعض ولكنهم كانوا يرونه منهجا صعبا ( إلا القليل منهم ) ، ويقولون لى طبيعة المواجهة تحتاج إلى التبسيط فى مخاطبة العامة . وكنت أقول لهم لا داعى للتبسيط والتسطيح فللعامة أناس وهم كثير ولنا العلماء نستحوذ عليهم بمنهج التأصيل ولغة الأصل . وهناك محاولات كثيرة فى هذا المجال ولكننى أقول لمن يقول لى ذلك خذ كتبى واشرح منها وقم بعمل )ملتى ميديا( بصوتك ولكنهم لا يفعلون .
- يعتبر الأستاذ جمال الدين شرقاوي أكثر الباحثين المتخصصين في دراسة النصرانية تنويعاً في أبحاثه, فهو يتناول في كتبه مواضيع متباعدة, ما السرّ في ذلك؟
أخى الكريم .. أنت تصر على كلمة نصرانية مع أنك قرأت كتبى ـ على ما يبدو ـ وعرفت عمن أتكلم وأكتب ..!!
ليس هناك سر فى اختيار الموضوعات التى أكتب عنها ، ولكنه المنهج الذى التزمت به أمام نفسى وأمام الله : ألا أكتب إلا فى الجديد ، وما قاله علماؤنا وكتبوه فى كتبهم فيه المراد لمن أراد الاكتفاء ، فكيف أنقل عنهم وألخص وأشرح وفى النهاية أضع اسمى على تلك الكتب والأبحاث فأين الأمانة العلمية ..!؟
والجديد كثير سواء فى المسيحية والنصرانية والإسلام ( العودة إلى الأصل بفكر العصر ) .
- العلامة الخاصة للأستاذ شرقاوي في كتبه, والتي تميّزه بصورة ظاهرة عن بقيّة الباحثين, هي اهتمامه بالتعامل مع نصوص الأسفار المقدّسة عند الكنيسة في لغتها الأصليّة, فما هو وجه التركيز على هذا الجانب؟
أخى الكريم .. إنه الإسلام الذى علمنا ذلك وإن تناساه الدعاة إلى الله . كيف تكتب عن قوم لا تعرف لغة كتابهم ، وكيف ترد الناس إلى أصول دينهم بدون معرفة لسانهم وقبل الانغماس فى ترجمات النصوص وهم مختلفون فيها كثيرا . لقد أمرنا الله تعالى أن نرد مواضع الاختلاف إلى الأصول ( فردوه إلى الله والرسول ) . إنَّ الرد إلى الأصول ( عندهم ) عند التعامل مع النصوص الكنسية من أكبر عوامل النصر فى ذلك الميدان . لأن أصولهم بلغاتها الأولى فيها الكثير من الحق وفيها نجد التقارب بيننا وبينهم .
- يختار جلّ الباحثين المسلمين, التركيز على الجانب المحكم في نقد النصرانيّة؛ كالردّ على عقيدة التثليث والصلب وإثبات التحريف, ويختار الأستاذ شرقاوي الخوض في القضايا التي تحتمل الاجتهاد داخل المنظور الإسلامي نفسه؛ كالحديث عن جنّي بولس وماهية الإنجيل وصرخة المسيح .. فما هو السرّ لهذا الاتّجاه في التأليف, وما هو مدى الحاجة إليه في هذه الفترة؟
أخى الكريم .. ليست بقضايا تحتمل الاجتهاد حتى داخل المنظور الإسلامى كما تظن . إنها قضايا أصولية تهدم الفروع وما شيدته الكنائس عبر القرون . وسأضرب لك مثلا واحد مع أن الأمثلة كثيرة جدا .. يتكلم الدعاة ومتخصصى علم مقارنة الأديان عن التحريف وهم يظنون أنهم يوافقون كلام الله تعالى فى قرآنه ، القرآن الكريم يتكلم عن تحريف الكلم عن مواضعه ومن بعد مواضعه ، والمواضع التى تم تحريفها هى فى كتب إلهية منزلة من عند الله تعالى ولا يختلف فى تلك البديهية أحد من المسلمين . والتحريف فى التوراة واضح ولا يحتاج هنا إلى كلام . ولكننى أقصد التحريف فى الإنجيل الذى تكلم عنه القرآن الكريم .. فالإنجيل هو كتاب إلهى أنزله الله على خاتم رسل بنى إسرائيل وتلك بديهية لا يختلف عليها المسلمون . أين ذلك الكتاب الذى كان مع المسيح وأمر قومه أن يؤمنوا بما فيه من أحكام ..!؟ أين ذلك الإنجيل حتى نتكلم عن التحريف فيه ..!؟ لا إله إلا الله ولا حول ولا قوة إلا بالله .
فتكلمت عن الإنجيل فى أصولهم وبينت بالدليل القاطع أنه كان هناك إنجيل مع المسيح أمر قومه بالإيمان به . لقد فقد هؤلاء الناس إنجيل المسيح ، خلاف النصارى " إلا بقية من أهل الكتاب " كان معهم إنجيل محرف فيه أحكام ، طالبهم الله تعالى بإقامة أحكامه " وليحكم أهل الإنجيل بما أنزل الله فيه " . ومسيحيو اليوم ليس فى كتبهم ( العهد الجديد ) أحكام فلا حلال ولا حرام عندهم ولكن لائق وغير لائق ، وحتى تلك القولة لا توجد فى أناجيلهم ..!!
مَن هم أهل الإنجيل هؤلاء ، وأين ذلك الإنجيل المطلوب الحكم بما أنزل الله فيه ..!؟
هل هذا الموضوع محل نظر عند المسلمين المتفكرين فى كتاب الله ..!؟
هل اسم الإله المعبود ( الله رب العالمين ) محل نظر عند المسلمين ..!؟
هل اسم رسول الله عيسى عليه السلام محل نظر عند المسلمين ..!؟
هل تبيان أصول رسالة المسيح محل نظر عند المسلمين ..!؟
هل الكلام عن يسوع بولس ترف وموضع نظر عند المسلمين ولم يتكلم عنه أحد قبلى ..!؟
هل كان مسيحيو العرب يعرفون يسوع قبل القرن العاشر الميلادى ..!؟
أخى العزير .. إن لى منهجا لا أحيد عنه وهو ( العودة إلى الأصل بفكر العصر ) وفكر العصر دائما وأبدا متغير فيه الجديد دائما الذى لم يبحثه القدماء .
- ألا ترى أنّ التراث الإسلامي في باب مقارنة الأديان يعاني من كسل الباحثين في التعامل الواعي معه, وأنّ هالة قداسة زائفة قد ألقيت على اجتهادات بشريّة للعلماء السابقين, قد منعت الباحث المعاصر من التعامل العلمي معها؟
صدقت أخى الكريم ..
فالباحث المسلم المعاصر فى مجال مقارنة الأديان يحتاج أولا ليعرف كيف يبحث وفيما يبحث ومنهجية البحث والتحليل والمقارنات و... الخ .
فعلى سبيل المثال عندما يقرأ الباحث كتاب ( إظهار الحق ) لرحمة الله الهندى ، يجب عليه أن يعرف الظروف المحيطة بالمؤلف وعلوم عصره وعمن يكتب من طوائف المسيحية فى بلده . فهو يتكلم عن مسيحية المحتل لبلده الهند إنها مسيحية إنجلترا ، فهو لا يتكلم عن الكاثوليكية بطوائفها المختلفة ولا عن الأورثودكسية بطوائفها المختلفة ، إنه يتكلم عن مسيحية طائفة مسيحية بعينها ـ الكنيسة الأنجليكانية ـ انشقت على الكنيسة الكاثوليكية . ولكن الشباب المسلم لا يعرف كثيرا عن ذلك الأمر .
وعندما يقرأ الباحث فى كتاب شيخ الإسلام " الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح " لا بد وأن يعرف عمن يتكلم شيخ الإسلام فلم تكن طوائف البرتستانت والكاثوليك والأورثودكس قد ظهرت فى عصره . أين الملكانية وأين اليعقوبية وأين النسطورية ، وما انشق منهم من كنائس وما ظهر من قوانين إيمان بعد شيخ الإسلام ..!!؟ إنَّ كل كاتب وليد عصره بما فيه من علوم وطباع وأحوال الناس ، ولا ننسى أن علماءنا كانوا يكتبون من خلال دولة للإسلام كانت الأولى فى العالم . أى كانوا يكتبون من موقع القوة والظهور على الدين كله . أمَّا الآن فلا يمكن أن نكتب كما كتب الأولون وأنت تعلم ما نحن فيه ..!! ولكننا نؤمن بأن حتى الحشرة الصغير قد تفعل ما لم تفعله الجن فقد أكلت منسأة حاكم الإنس والجن فى عصره .
- ما أهميّة الأبحاث الفيلولوجيّة في دراسة الأسفار المقدّسة؟
تكاد أن تكون الباب الأوسع ليدخل منه دعاة الإسلام بدون منافسة تذكر من قبل علماء المسيحية مع تعديل مصطلح ( الفيلولوجيّة ) إلى إيتومولوجى ليطابق ما أكتب فيه وعنه . هذا العلم الذى نشأ عندنا وتوقف ، وكان آخر المشتغلين به هو العلامة اللغوى ابن فارس فى كتابه مقاييس اللغة وأنا أنصح المشتغلين بذلك العلم الجديد ظهورا فى الغرب وعلى يد المستشرقين ، أنصحهم بأن يدرسوا بعناية كتاب مقاييس اللغة حتى يتمكنوا من التأصيل اللغوى ومعرفة جذور الكلمات . فلساننا العربى هو نفس اللسان الذى تكلم به المسيح عليه السلام وقومه أقصد اللغة الآرامية . وعلى فكرة فإن اللسان عندى غير اللغة ، فاللسان هو المنطوق وهو هبة ومنحة من الله تعالى ، أما اللغة فهى الصوت المصور والمكتوب حسب قواعد وأصول وهى فعل بشرى . ومن هنا فاللسان يشمل عدة لغات والعكس غير صحيح . والقرآن الكريم لسان عربى مبين ، أما الآرامية مثلا فهى من لغات اللسان العربى العام .
خذ مثلا مبحث المسيا .. إنهم إلى الآن لم يعرفوا معنى الكلمة ولا جذرها اللغوى وبالتالى تاهوا فى بيداء الجهل اللغوى فكتبوها فى النسخ العربية خطأ ونطقوها خطأ وفهموا معناه خطأ . مع أن الكلمة عربية اللسان نقلت إلى اليونانية بذات التصويت العربى . وأعتقد أن التفصيل قد ذكرته فى كتابى " نبى أرض الجنوب " وأن معناها رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وكلمة بارقليط أيضا عربية اللسان واللغة لم يتوقف عندها الدعاة وقالوا كما يقول الجهلة إنها كلمة يونانية بدون دليل يذكر إلا باختلاف حرف يونانى لا أصل له عند البحث والتمحيص فى القواميس اليونانية ..!!
وأعتقد بأننى بينت ذلك جيدا فى كتبى وخاصة " كتاب المؤيد القرآنى " وأنها صفة لرسول الله صلى الله عليه وسلم . ومكة وبكة وعرفات وزمزم وغزوة بدر وفتح مكة كل ذلك موجود ، وباستخدام علم الإيتومولوجى نصل إلى كل ذلك .
- هل ترى أنّه بالإمكان توظيف دراسات الأديان لخدمة مبحث إعجاز القرآن والسنّة, وهل من أمثلة في هذا الباب؟
إنه ليس توظيفا ولكنه تأصيلا وتبيانا للهيمنة القرآنية على كتب مَن سبقنا من الأمم . فالنص القرآنى هو الأصل الثابت والفهم والتدبر فرع متغير بتغير الأفهام والعصور . والأمثلة كثيرة جدا فى هذا المجال ، حاولت ألا أترك كتابا من كتبى صغيرا كان أو كبيرا إلا وقد تطرقت فيه إلى الهيمنة القرآنية من خلال كشف المكتوم عندهم من الحق الإلهى ( والله مخرج ما كنتم تكتمون ) . أو بيان الهيمنة القرآنية فى مجال اللفظة القرآنية ( راجع مثلا شرح كلمتى جالوت وطالوت فى كتابى تابوت يهوه البعبع ) .
ألا ترى أنّه من المفيد أن تصدر كتاباً مثلاً في موضوع الإعجاز القرآني في نقد النصرانية واليهوديّة؛ فذلك أقرب إلى استيعاب القارئ العامي لما تكتب؟
أخى الكريم ..
لقد بثثت كثيرا من ذلك الأمر فى كل كتبى ، وركزت على الهيمنة القرآنية من ناحية اللفظة القرآنية أو السياق القرآنى للقصص مثل قصة أصحاب الكهف والرقيم وقصة ذو القرنين ويأجوج ومأجوج وإلى غير ذلك من موضوعات مشتركة بين الإسلام وأهل الكتاب . وإن كان فى العمر بقية ويسر الله لى الأمر سأكتب عن الإعجاز القرآنى فى مجال علم محاورة الأديان . وهناك مشروع كتاب باسم " أصول علم محاورة الأديان " يسر الله له طريق الخروج إلى النور . لييسر الأمر على الدارسين فى ذلك العلم .
أخى الكريم .. لا نزال نعمل فرادى ، ولا نزال ننتظر مجددين ، وأغفلنا تماما وجود مدارس يتم العمل فيها جماعيا وفق مناهج محددة ، وأمامنا الغرب كيف نجح عن طريق العمل الجماعى وليس الفردى ، فلا يزال عنتر بن شداد فى أذهاننا. نحارب بقوة العضلات والسيف والكلام ولا نحارب بالعقول وما تنتجه تكنولوجيا العصر . لماذا لا توجد فى العالم الإسلامى مؤسسة متخصصة فى مجال مقارنة الأديان وتكون فكرتها الأساسية العمل المؤسسى البحثى الجماعى ..!؟ لقد جاءنى إخوة من السعودية بغرض إنشاء معهد تعليمى متخصص فى محاورة الأديان ومقاومة الاستشراق . وقلت لهم الموضوع هام ولا يمكن لقسم مقارنة الأديان والاستشراق فى كلية الدعوة بالأزهر القيام به لفقدان شروط ذلك العلم عندهم . ولا بد أن يقام المشروع تحت رعاية وحماية إحدى الوزارتين إما التعليم وإما الشئون الإجتماعية حتى ينال الحماية والاستمرارية . أو إقامته فى أى بلد عربى تسمح به سياساتها وقوانينها . وسافروا واتصلوا تليفونيا ، ثم حدثت مقابلة ثانية . ونام الموضوع وذهب مع أدراج الرياح .
وبقيت بمصر بعض المراكز الهزيلة لتدريس العامة علم مقارنة الأديان على يد غير متخصصين وإن كان فيهم أساتذة ودكاترة أزهريين ، تقوم بتقديم معلومات لا تصلح فى عصرنا. والغرض الرئيسى هو الكسب المادى مستغلين حماس الناس للدفاع عن الإسلام . وأنا لا أهاجم هذه المراكز فهى خطوة على الطريق أدعو الله لها بالتوفيق وإن كانت عرجاء إلى أن تظهر فى الأفق معاهد متخصصة تعطى شهادات معترف بها ولو على الهواء واستغلال القنوات الفضائية وشبكة المعلومات لتقديم الدروس والامتحانات .
- هل تعتقد أنّ الأمّة تتعرّض اليوم إلى غزو تنصيري, أم أنّ الأمر لا يعدو كونه وهماً من أوهام أصحاب نظريّة المؤامرة؟
إنهم لا زالوا ولا يزالون يتعرضون لنا بأمكر الأساليب ، ولكننا نحتاج إلى فطنة ابن الجوزى وسرعة بديهيته ، وإلى تأصيل الشاطبى لأصول الدين ، وإلى منهج ابن تيمية فى ترسيخ منهج السلف فى الفهم وليس بالتقليد والسكوت عما سكت عنه سلفنا الصالح .
ولى هنا منهج جيد للتصدى .. ليس باستخدام الدفاع وسيلة ، كما يفعل المشتغلون بالرد على الشبهات . ولكن منهجى يتلخص فى شيئين : المفاجأة ثم المواجهة .
فإن أثاروا أمامنا شبهة إسلامية فإنهم لا يريدون منا الإجابة وكشف الغمة لأنهم لا يؤمنون أصلا بكل ما سيقوله علماء الإسلام ، بل يتركوننا نطحن بعض فما من قولة يقولها مسلم إلا وينبرى له مسلم آخر بعرض وجهة نظر مختلفة ، وهكذا تتحول الشبهة إلى مناوشات بين المسلمين .
أما الفطنة والتأصيل واتباع المنهج يدعوان المسلمين إلى مفاجأة مثيرى الشبهات بشىء أكبر كثيرا من الشبهة المثارة ( وهو كثير جدا فى كتابهم المقدس ) فيختل توازن الخصم وتضمن سماعه منك إلى أن تنتهى منه ، ثم يخلو لك الجو بعد ذلك لتعرض حل الشبهة المثارة إن كان هناك داع لذلك . وهذا موضوع لعدة حلقات ومادة علمية خاصة يجب أن تدرس فى أقسام الاستشراق فى كليات الأصول ..!!
لكننا للأسف الشديد لا نملك بنى تحتيّة متفرّغة لتأصيل هذا النهج؟
أخى الكريم .. لقد كانت لى مدرسة وطلاب علم مكثت معهم حوالى خمس سنوات أشرح فيها لهم ذلك المنهج . وللأسف الشديد لم أفز من ذلك الجمع إلا بطالب علم واحد شرب المنهج واقتنع به وكتب به أول دراسة عن " فكر القداسة المزيفة " . وأغلقت لقاءاتى مع الشباب وتوقفت لدواعى أمنية .
فالكل يحب السهل الذى كتب فيه وعنه الأوائل من علماء الأمة ، فإذا أثيرت شبهة على الإسلام وجدت المئات يدافعون ويحللون من داخل نصوص الإسلام . ودائما وأبدا الدفاع دليل الضعف ، وأصحاب الشبهات يعلمون أن ما يقال له وجهات نظر مختلفة عند علماء الإسلام أى أن الرد على الدفاع موجود أيضا عند المسلمين .
والبنية التحتية لهذا المنهج متوفرة ولكن بلغات القوم الأجنبية ، تأصيل النصوص إلى لغاتها الأصلية ، وفهمها حسب اللغة الأصل وليس حسب الترجمات ، مع فهم لنوعية اللاهوت المستخدم فى كل موضوع مثار . وعندها فقط تبدأ تتكلم عن مفاجأة الخصم بما ليس فى حسبانه وتنهار شبهات الخصم قبل الدخول فى نصوص الإسلام . والموضوع كبير ويحتاج إلى أمثلة ..
فعلى سبيل المثال شبهة فقع موسى عليه السلام لعين ملك الموت . ينبرى المسلمون بالكلام عن الحديث إسناده ومتنه ورواياته ، والأمر لا يحتاج إلى ذلك . إنهم يستكثرون على أكبر نبى لهم فى كتابهم المقدس أن يقلع عين ملك مخلوق من خلق الله ..!! أى عراك إن شئنا بين مخلوق ومخلوق ( مع أن الموضوع أصلا غير ذلك ولكننا نخاطب القوم على قدر عقولهم ) ..!! وكتابهم فيه عراك بين مخلوق هو يعقوب وبين إله السموات والأرض وينتصر المخلوق على الخالق ..!! وفى كتابهم أيضا ضرب الإله وقتله على الصليب من قبل المخلوقين ..!! هل الأمر بعد ذلك يحتاج للخوض فى انتصار مخلوق على مخلوق ..!!
ومثل شبهة بول الإبل ينبرى الدعاة إلى الخوض فى أسانيد الرواية تصحيحا وتضعيفا . والأمر لا يحتاج إلى ذلك .. ففى الكتاب المقدس يأمر الإله نبيه حزقيال بأن يطبخ فطيرة من خرأة الإنسان ويأكلها أمام الشعب ( قرف مقزز ) ..!! أيهما أشد بول الإبل أم خرأة الإنسان ..!!؟ وإن أردنا أن نخفف الوطأة فهنا فى كتابهم شرب الإنسان لبول الإنسان فى سفر حزقيال ..!!
فهل نحتاج بعد ذلك للكلام عن بول الإبل وما اكتشف العلماء فيه من فوائد طبية ..!!؟
إنها مفاجأة الخصم بما هو أشد وطأة من الشبهة المثارة من داخل كتابه ، ولا بد هنا من معرفة اللغة الأصل لأنهم يخففون المسائل وينعمون النصوص فى ترجماتهم لنصوص كتبهم . ثم يأتى دور المواجهة بعد أن أخذت برأس خصمك وشبهته .
- هل تعتقد أن أقسام العقيدة والأديان في الجامعات الإسلاميّة قد أفادت الأمّة في باب دراسة النصرانيّة؟
الخير دائما فى أمة الإسلام كما قال نبينا صلى الله عليه وسلم : " الخير فى وفى أمتى إلى يوم الدين " . ولكن ..!!
أخى الكريم .. هل تستطيع أن تبين لى قصدك بالنصرانية ..!؟
هل هى موافقة فقط لألفاظ القرآن الكريم ..!؟ فإن كانت هى فنعم الموافقة .
وبقى عليك أن تبين المراد والمعنى منها فى كل موضع . هل النصرانية القرآنية هى اسم دين الذين اتبعوا المسيح ـ سواء غيروا وبدلوا أم آمنوا وأصلحوا ـ من داخل بنى إسرائيل . فلا بد من معرفة جنس المتكلم عنهم هل هم من بنى إسرائيل أم من خارجهم ، ونحن نعلم أن المسيح أرسله الله إلى بنى إسرائيل فقط . ثم لا بد من معرفة عقيدتهم ( الذين آمنوا بالمسيح وإنجيله سواء غيروا وبدلوا أم استمسكوا برسالته ) من إقامة التوحيد الذى نادى به المسيح وإقامة الحلال والحرام كما أنزل الله فى إنجيله .
وعلى فكرة لا يوجد الآن أحد معروف من بنى إسرائيل ، والموجودون الآن هم يهود تهودوا فى القرن الثانى عشر ونزحوا من أقصى شمال آسيا إلى شمال شرق القارة الأوربية ثم إلى فلسطين . فأين نصارى بنى إسرائيل الآن ..!؟ إنه علم جديد جد خطير لا يتكلم عنه كثير من علمائنا ولا يُدرس فى أقسام مقارنة الأديان فى كلياتنا ..!!
أخى الكريم .. هل تعرف مَن هم أهل الكتاب ..!؟ سيقول لك الناس إنهم اليهود والنصارى بالتعميم . والأمر خلاف ذلك مع التخصيص . سأضرب لك مثلا بنصارى العرب هل هم أهل كتاب أم لا .. !؟ ولنترك الجدال عما استقر عليه علماء الأمة فيما بعد ..
ما رأيك فى الفاروق عمر بن الخطاب وولىّ الله على بن أبى طالب .. لقد نظر هل منهما بمنظار واجتهاد غير الآخر ليخرجا نصارى العرب من تحت مظلة أهل الكتاب . فعمر رضى الله عنه نظر إلى الجنس وقال بأن موسى وعيسى أرسلا إلى بنى إسرائيل خاصة ونصارى العرب ليسوا من بنى إسرائيل . أمَّا على رضى الله عنه فنظر إلى العقيدة فقال لم يحللوا حلال الله فى كتابهم ولم يحرموا حرامه فهم ليسوا بأهل كتاب . وجهتى نظر معتبرة ..
ونحن الآن فى انتظار مَن يقول لنا وجهات نظر أخرى عمن حولنا من الطوائف المسيحية واليهودية وجميعهم ليسوا من بنى إسرائيل .. المجددون لم ينضبوا والفكر الإسلامى وقاد خلاق إن وجد البيئة الملائمة كما وجدها الأوائل . نسأل الله السلامة .
- يشكو الكثير من الباحثين المتخصصين في النقد الكتابي من جشع دور النشر, ووقوع الكتّاب في براثن خيانتهم للأمانة الماليّة, وسوء طبع الكتب وتوزيعها .. هل ترى لهذه الشكوى رصيد من الصحّة؟
آه .. لقد أوجعتنى يا أخى الكريم ..
اللهم هذا هو حالنا لا يخفى عليك، فيسر الأمر وأعن يا كريم !
تعتبر دور النشر هى النافذه الأولى التى يخرج من خلالها نور العلم للناس ، ولكنها تجارة رابحة عند أصحابها قبل كل شىء . إنهم لا يريدون نشر كتبى إلا بصعوبة بحجة أنها صعبة على العامة وأنا أخاطب الخاصة وخاصة الخاصة ..!! لا حول ولا قوة إلا بالله العلى العظيم .
وهناك صعوبة تواجه نشر تلك النوعية من الكتب ألا وهى شبح الفتنة الطائفية التى يخوفون به الناس والعلماء ..!!
ما السبيل إذن للخروج من هذا النفق المظلم, والذي تسبب في انصراف عدد من الباحثين عن نشر كتبهم ؛ إذ أنّ طبعهم لكتبهم قد عاد عليهم بإهدار أموالهم لحساب دور النشر (الجشعة) .. هل ترى أن يتبنّى العاملون في باب دعوة أهل الكتاب إلى الإسلام, مشروعاً خاصاً بهم للنشر لا يؤول إلى استنزافهم أموالهم وقوت عيالهم, ويقوم عليه أهل الأمانة من أصحاب المال .. أم عندك حلّ آخر؟
عندنا فى الإسلام فريضة الزكاة .. هل سمعتم عن فتوى تشرح معنى ( فى سبيل الله ) بعيدا عن الموت فى سبيل الله الذى تقلص الآن ..!؟ فالحياة فى سبيل الله مطلب أساسى أيضا مع الموت فى سبيل الله . ونشر العلم وخاصة ذلك العلم الجهادى الذى به ننشر الإسلام وننصر كلمة الإسلام ألا تستحق أن تدخل فى ( فى سبيل الله ) وتأخذ نصيبا من الزكاة . أين أثرياء المسلمين..!؟ أين دور النشر الإسلامية التى تجاهد ( فى سبيل الله ) ..!؟
أخى الكريم .. نعم .. وألف نعم .. أتمنى أن يكون هناك مشروع يُضمن له الاستمرار يقوم بنشر كتب مقارنة الأديان بعد فرزها وتصنيفها وتقييمها بواسطة لجنة مختصة من أتقياء العاملين فى ذلك المجال .
لكنّ جمهور أهل العلم من الأئمة وكبار فقهاء المذاهب على خلاف إدخال ما يصرف على نشر العلم في باب ((وفي سبيل الله)) ضمن المصارف التوقيفيّة للزكاة .. فهل تعني بقولك الانتصار للمذهب الآخر, وهل لك تصوّر أكثر تفصيلاً لدعم العمل العلمي في هذا الباب؟
أخى الكريم .. فلنرجع إذن للوقف الإسلامى لتمويل نشر العلم . أنا لست فقيها ولا أفتى فى تلك المسائل ، ولكن حاجة العصر ومتطلبات نشر العلم تنادى الفقهاء بإيجاد مخرج فقهى للمسألة . وهل المصارف التوقيفية للزكاة يُعمل بها الآن حتى نمنع نشر العلم الجهادى تحت عنوان ( وفى سبيل الله ) ..!؟ أذكر لى على سبيل المثال بلد إسلامى يقوم بجمع الزكاة ( التجارة والزراعة والبترول وما تخرج الأرض من ذهب وخلافه وصيد البحر بواسطة أساطيل الصيد و.. والخ ) عنوة من الواجب عليهم إخراجها ، ويصرفها مثلا على الغارمين من ذوى الثروة والمكانة وعليهم ديون ..!!؟
إنهم لا يعرفون من الثمانية إلا الفقراء والمساكين ..!!
الفقه متطور دائما ليلائم كل عصر .. أذكر لك مثالا حدث لى وأنا فى الأربعينيات من عمرى ، لقد اشتركت فى مسابقة دينية تتبع الأزهر الشريف ، وكان من ضمن موضوعاتها زكاة النقدين ( الذهب والفضة ) وكتبت فيه تساوى قيمة النصاب الشرائية ( وليس نوعه ومقداره ) وإن اختلف الشكل والنوع وبرهنت على ما أقول بأقوال السرخسى فى المبسوط والزيلعى فى كنز الدقاق من تساوى قيمة الأنصبة فى جميع أوجه الزكاة . بمعنى أن من عنده ذهب بلغ النصاب ووجبت عليه زكاته فإن قيمة نصابه تتساوى مع قيمة نصاب من يملك فضة وبلغت نصابها ووجبت فيها الزكاة . عدل بين مخرجى الزكاة . وكان الأمر هكذا سارى فى الأمة الإسلامية إلى أن جاء عصر النهضة وارتفعت قيمة الذهب وانخفضت قيمة الفضة ، وهنا كان يجب أن يُحال الموضوع إلى علماء الاقتصاد والتجارة ( أهل الذكر ) ليوجدوا معادلة ترجع الوضع إلى حاله الأول كما كان ولكن للأسف لم يتم شىء . فانظر الآن فإنهم يفتون لك بما ليس فيه عدل .. مَن عنده ذهبا قيمته عشرة آلاف جنيه تجب فيه الزكاة بعد استيفاء شروطها ، ومن كان عنده فضة قيمتها ثلاثة آلاف جنيه يخرج زكاتها ..بمعنى أن من كان عنده ذهبا قيمته 9999 جنيها لا زكاة عليه ، ومن عند فضة قيمتها 3000 جنيها فعليه الزكاة . هل هذا عدل ..!؟ وهل هذا فقه ..!؟ الفقير يخرج الزكاة والغنى لا يخرجها ..!!
وكتبت المعادلة الرياضية التى ينصلح بها الأمر ، واستدعونى وناقشنى جمع من شيوخ الأزهر وقالوا لى رأيك صحيح ولكننا لا نستطيع أن نعمل به لأن العلماء لم يقولوا به ..!!
أخى الكريم .. قيد ذلك بقولهم ( وفى سبيل الله ) لتجد مخرجا لتمويل نفقات نشر هذا العلم الجهادى لإسكات أهل الكفر والضلال من محاربة الإسلام . والله تعالى أعلى وأعلم .
وفيما يتعلّق (بالفتنة الطائفية), ألا ترى أنّ على المحامين المسلمين واجب الدفاع عن هذه الكتب أمام المحاكم, وإنشاء (سوابق قضائية) في حقّ ترويج هذه النوعية من الكتب الإسلامية؟
أخى الكريم .. الأمر ليس بهذه السهولة .. فلكل بلد عربى وإسلامى قوانين خاصة ونظام سياسى معين .. وعلى سبيل المثال : فعندنا فى مصر رغم الحرية الكبيرة فى النشر إلا أن هناك عندنا قانون يُعرف بقانون الطوارىء قد يطيح بكل شىء لأى شىء فى أى لحظة ..!!
ما هو تصوّرك لواقع دعوة النصارى اليوم, من ناحية النشاط العلمي وتبليغ هذا العلم إلى المسلمين وجيراننا من النصارى؟
أخى الكريم .. لا نزال نكتب كما كتب القدماء وإن كنا أقل منهم قدما فى علوم الإسلام . رغم أن علوم عصرنا فيها الكثير والكثير مما لم يعرفه قدماء المسلمين . وهناك نقاط كثيرة تجمع بيننا وبين أهل الكتاب من الممكن استغلالها لتمكين الفكر الإسلامى من المحاورة واجتذاب القوم إلى الإسلام . وقد سهل علينا أهل الكتاب الأمر بطبعهم لكتبهم ومراجعهم الكبيرة والقديمة وأبحاثهم الدينية ونقدهم لكتبهم .. فلماذا لا نستفيد من تلك الأبحاث والكتب . المشكلة عند دعاة الإسلام هى اللغة الأجنبية ، ومَن يُجيد منهم اللغة نجده أبعد ما يكون عن تخصص علم محاورة الأديان إلا مَن رحم ربى ..!!
أخى الكريم .. سأضرب لك مثلا سهلا يزلزل إيمان أصحاب الأناجيل ..
لقد انتهيت أمس من تحرير كتيب صغير بعنوان ( تبرئة مريم العذراء البتول من شتائم الأناجيل ) وأقصد الأناجيل القانونية الأربعة الحالية . فقد وجدت فيها شتائم صريحة لمريم ولأكبر أتباع المؤمنين ورئيس تلامذة المسيح بعد انتهاء البعثة . وتلك الشتائم لا يمكن الوصول إليها إلا بعد تنفيذ منهجى الصارم ( العودة إلى الأصل بفكر العصر ) . وأجريت عملية الإقتراب الآرامى لبعض النصوص التى تم تلاعب المترجمين لها فى كثير من النسخ ورجعت إلى الأصول اليونانية للأناجيل فوجدت كلمات نقلت من الآرامية لغة المسيح عليه السلام إلى اليونانية بنفس الصوت ولكن كتبت بالحرف اليونانى ( Transliteration ) وهذه الكلمات عبارة عن شتائم معروفة لا نزال نتكلمها فى حياتنا اليومية جهل معناها كتبة الأناجيل ومن جاء بعدهم من أصحاب المعاجم والقواميس . شتائم وصفت بها السيدة البتول مريم التى اصطفاها الله وطهرها واصطفاها على العالمين . شتائم دسها اليهود فى كتب النصارى والمسيحيين ، وكتبها أصحاب الأناجيل جمعا ممن سمعوا شهود العيان كما قال لوقا فى مطلع إنجيله .
أعتقد أن مثل تلك الأمثلة إثارتها بين جيراننا ومعارفنا من أهل الكتاب تؤدى دورا فعالا عن دور الإسلام فى تبرئة مريم مما فى كتبهم المقدسة . عند ذلك ما على الداعى إلا أن يقوم بتقديم الإسلام بعد مفاجأة أهل الكتاب عامتهم وخاصتهم بما لا يعرفونه من كتابهم .
فما بالكم بتبرئة المسيح عليه السلام مما نسبوه إليه ..!؟؟
المسيحيون الآن وخاصة فى الغرب جاهزون لسماع صوتنا ، وفتح باب الحوار معنا عكس مسيحيو الدول العربية الذين يحتاجون لمنهج آخر فى التعامل معهم . مسيحيوا الغرب عندهم مناهج لنقد الكتاب المقدس نقد عالى ونقد واطى ( !! ) وهم يتعاملون مع الكتب كأى كتاب بشرى ، لدرجة أنهم حذفوا كلمة مقدس ( holly ) من على عنوان كتابهم ..!!
فماذا نحتاج منهم أكثر من ذلك لندخل معهم فى حوار ..!؟
ما رأيك في ظاهرة ترجمة الكتب الإسلاميّة العربيّة إلى اللغة الإنجليزية لدعوة نصارى الغرب .. ألا ترى في الأمر خللاً منهجياً ناتجاً عن الجهل بأسلوب التفكير الغربي ومداخله؟ أليس الأولى هو الهضم وإعادة صياغة الفكرة بأسلوب يراعي البيئة؟
أخى الكريم .. لا بد أولا من فحص الكتب العربية الإسلامية المراد ترجمتها .. لا بد وأن تناسب فكر العصر وما عليه الغرب المسيحى الآن بطوائفه وأطيافه المختلفة . وهناك أصول لترجمة الأصول الإسلامية من قرآن وسنة . لقد قرأت كثيرا فى بعض الكتب المترجمة إلى الإنجليزية وصدمت من أفعال المترجمين .. هل الإسلام يعتبر ريليجن ( religion ) حتى يترجم بتلك الكلمة التى ليس فيها معنى الدين والتدين ..!؟ هل اسم الجلالة الله يترجم إلى ( GOD ) ..!؟
هل المسلمون محمديون ..!؟ وهناك أمثلة كثيرة لأخطاء وقعت حتى فى ترجمة معانى القرآن الكريم ، وحتى طبعة الملك فهد لم تخلو من أخطاء ( كيف تترجم عبارة وبنات عمك إلى وبنات أعمامك . هل العم يساوى الأعمام واللفظة عبارة عن معجزة قرآنية . وكيف تترجم كلمتى السد والردم فى سورة الكهف بكلمات إنجليزية لا تؤدى المعنى المراد ولتختفى المعجزة القرآنية من الترجمة . وياليتهم شرحوا معنى الكلمات القرآنية المترجمة ) .
فنحن فعلا نحتاج إلى هضم الواقع وفكر العصر مع التمسك بالأصل وعدم التفريط فيه . والأصل هو القرآن وصحيح السنة وليس فكر مَن سبقونا ، فالفكر دائما متغير وليد عصره وعلومه .
بمناسبة حديثنا السابق عن (الملتيميديا) .. لو توجّه إليك الدعاة الشباب اليوم, وهم يتكاثرون بحمد الله, وسألوك عن أفضل طريقة عمليّة لتقديم اجتهاداتك, وأفكارك, واكتشافاتك, للعامة .. فبماذا ستنصحهم؟
أخى الكريم .. لقد حدث ، وتوجه إلى الشباب وهم كثر والحمد لله . وطلبوا منى التسجيل ولكن ظروفى لم تسمح ، فكنت أقول لهم إليكم كتبى وأفكارى افعلوا فيها ماشئتم وليقدم أحدم صوته والآخر خرائطه وخلفية الموضوع المثار ، وآخر يقوم بتصوير الوثائق وهكذا .. ولكنهم لم يفعلوا يريدون منى شخصيا أن أظهر . وهذا شىء غير مهم ، المهم المادة العلمية التى تقدم .
كما أن المهم فى الموضوع أن يكون جذابا يُمسِك بسمع المشاهد وبصره . فهو فن تقديم المعلومة وليس بفن خطابة ومنبر ..!!
ما هي الصفات العلميّة التي ترى أنّه يجب أن تتوفّر في الباحث في دراسة النصرانيّة وأسفارها وعقائدها؟
أخى الكريم .. أولا اللغة الأجنبية ، والقراءة من المراجع الأجنبية ، لأن الترجمات العربية فيها تخاريف كثيرة .. ودائما هناك تجديد فى الفكر والأبحاث فى الغرب المسيحى . ويستطيع الإنسان المثقف أن يحيط بالفكر الكاثوليكى والبرتستانتى ، ولكنه لن يتمكن من معرفة أكثر مما يراد السماح بمعرفته فى الفكر الأورثودكسى العربى .
وقبل كل ذلك إحاطته بعلوم الإسلام وأصوله ، ثوابته ومتغيراته ، والفصل بين أصول الإسلام والتراث الإسلامى ، فالأول دين يجب اتباعه والثانى تراث فكرى إنسانى يجب الاستفادة منه . وليعلم أن التراث الإسلام تراكمى العلوم فقد ترك الأوائل أشياء لا حصر لها لم يتكلموا عنها لأنها كانت بغير ذى بال فى عصورهم . وهذا عصرنا وها نحن ذا ..!!
ما هي الأصول المنهجيّة في تحرير القضايا الكتابيّة في ضوء ثوابت الشريعة والثروة العلميّة التي وفّرتها المكتبة الغربيّة؟
أخى الكريم .. السؤال يحتاج إلى تجزئته إلى أسئلة كثيرة مع ضرب الأمثلة ..
أصول منهجية .. قضايا كتابية .. ثوابت شريعة .. ثروة علمية .. إنها عناوين إجمالية كل منها يحتاج كتابا لشرحه .. عذرا .. سلنى عن شىء محدد أو مثال معين .
المصدر: http://www.al-maktabeh.com/ar/play.php?catsmktba=2373