الفروق اللغوية
أضافه الحوار اليوم في
أيمن عبدالسميع حسن
خلق المضمون الحضاري من زاوية واحدة يعد مؤشراً للإسهامات المتعددة، والمهيئة للتناول والاستكانة.. إن موضوع الفروق اللغوية هو موضوع شائق وجميل، كما أنه يحتشد بأفكار شديدة الثراء، وبهذه المنهجية ندعو إلى قراءة المصنف الرائع (الفروق اللغوية) للإمام الأديب أبي هلال العسكري، المتوفى عام 395 هجرية.
ويعد الترادف مظهر ثراء في اللغة، فهو حشد لغوي تترادف فيه الألفاظ، وتتوالى على المعنى الواحد، وذلك التنوع في المترادفات العربية أمر استرعى انتباه اللغويين على مر العصور، وبخاصة الشعراء منهم.
فالسيف له ألف اسم، وللماء سبعون اسماً!
وثمة نقطة أخرى بالغة الأهمية في هذا الطرح:
والفرق بين المثل والشكل: أن الشكل هو الذي يشبه الشيء في أكثر صفاته، فمعنى شاكل الشيء الشيء أنه أشبهه في شمائله؛ ولهذا لا يستعمل الشكل إلا في الصور، فنقول: هذا الطائر شكل هذا الطائر، ولا يقال: الحلاوة شكل الحلاوة.
وقد سجل امرؤ القيس في قصيدة له وهي في ديوانه (ص: 236):
حي الحمول بجانب الشكل
إذ لا يلائم شكلها شكلي
والفرق بين الصاحب والقرين: تستعمل كلمة (الصاحب) في الآدميين، فيقال: صحب زيد عمراً، ولا يقال: صحب الحمار الناقة، كما أن أصل الصحب في اللغة العربية بمعنى الحفظ، ومنه يقال: صحبك الله في سفرك.
وقال شاعر:
وصاحب من دواعي الشر مصطحب
والمقارنة تفيد قيام أحد القرينين مع الآخر، وتكون في الغالب بين الحيوانات، ولا يترتب على النفع المتبادل في جميع الأحوال.
والفرق بين الصراط والطريق والسبيل: الصراط: هو الطريق السهل؛ قال الشاعر:
حشونا أرضهم بالخيل حتى
تركناهم أذل من الصراط
أما الطريق: فلا يقتضي السهولة، لما أن السبيل اسم يقع على ما يقع عليه الطريق، وعلى ما لا يقع عليه الطريق، فنقول: سبيل الله، وطريق الله (ويراد بهما: القصد والمحبة).
والفرق بين العكوف والإقامة: قال أبو محمد الفقعسي:
باتت تبيا حوضها عكوفاً
فالعكوف هنا يقصد به الإقبال علي الشيء، والاحتباس فيه، ومنها (الاعتكاف): حيث يكون المعتكف محبوساً بإرادته في دار العبادة يروم وجه الله، غير منشغل بخلاف هذا الأمر، أما الإقامة فلا تتطلب تلك الشروط.
والفرق بين الخجل والحياء: قال ابن الأنباري: أصل الخجل في اللغة: الكسل والتواني، وقلة الحركة في طلب الرزق، وقال آخر: الخجل مما كان، أما الحياء: فمما سيكون.
وقال الكميت بن زيد الأسد الكوفي:
ولم يدفعوا عندما نابهم
لوقع الحروب ولم يخجلوا
ويقصد بالخجل هنا: الهش، وقد يستعمل الحياء: موضع الخجل توسعاً.
أنواع أخرى: