الأسرة المضطربة
سالمة الموشي
إن حياتنا تشبه إلى حد كبير المسافرين الذين يختبرون ويتعلمون الكثير من الأشياء الجميلة وهم في سياق رحلتهم الحياتية. إن مجتمعاتنا الحالية لا تعمل ما فيه الكفاية لتعليم شبابنا الأسس الصحيحة والصحية لحياتهم اليومية. فليس هناك تركيز على احترام ومحبة الغير، أو كيفية تطوير صداقات صادقة ومتناغمة، علاقات، عائلات، وغيرها من العلاقات الاجتماعية. بينما العلوم الحديثة تعلمهم المهارات الهامة والضرورية لإشباع طموحاتهم ورغباتهم الشخصية والمادية، متجاهلين الطبيعة الروحية للإنسانية. إن كل هذا يحصل بالطبع، باسم تحسين المستوى المعيشي للمجتمع والأفراد – ولكن على أي أسس يتم تحديد هذا المستوى؟ فالمقياس هو مادي صرف، كالدخل الشهري، تجهيزات البيت والسيارة، نوع المواد الاستهلاكية التي تشتريها أو تستهلكها، قيمة الأسهم التي تكدسها، والعقارات التي استطعت أن تجمعها.
تحت نشر وتأثير هذه الثقافة المادية وقيمها الفردية الضيقة أصبحت العائلة العصرية مفككة. فالوالدان لم يعودا والدين، والأبناء لم يعودوا أبناء، حيث فشلت الهوية البيولوجية والاجتماعية والروحية للعائلة بالانتقال من جيل إلى آخر، مما جعل التقاليد الإنسانية تتدهور بشكل مترد.
الكثير من الذين أتوا من عائلات مفككة يتضح لديهم مدى تأثيرها عليهم وصعوبة تعويضها لهم. وعلى الذين يفكرون بالانفصال أو الطلاق لصعوبات ما في الزواج أن يفكروا بترو في سبب هذا الزواج في المقام الأول.
إن التفكك العائلي على هذا النحو يساهم في انتشار الجريمة والمخدرات، بما فيها العنف في المدارس. وحالات الاعتداء الجسدي في المدارس الابتدائية وحالات السرقة وحالات تهديد الأساتذة في المدارس يتعرضون للأذى اللفظي وفي أوقات للاعتداء الجسدي كما في حالة المعلم الذي قتل قبل فترة من قبل طالب في المدرسة. هذا النهج في الحياة سببه النظرة المادية للأمور، وهما جزء من الانفصال الروحي عن التقاليد الإنسانية وتفكك الروابط الإنسانية الأساسية. فإذا لم تتم المحافظة على كل ذلك وتعزيزه داخل كافة الكيانات التي يعيش فيها الطفل في البيت والمدرسة والشارع، فإن هذا سيؤدي حتماً إلى تفكك واسع في المجتمعات، والأمم، والحضارات ولن يكون بمستغرب أن نرى نماذج بشرية لا تنتمي للإنسانية في شكل بينما هم مفرغون من داخلهم من الرحمة والقيم. في غياب الحب والتعاطف وما يتضمنه من معنى إنساني فإن النتيجة التي تحدث هي أننا لن نستطيع على الإطلاق إيجاد ذلك الكيان المجتمعي المحب ولهذا، من الضروري أن نرتب تماماً "منزل" حياتنا وكياننا وصراعاتنا.
المصدر: http://www.amnfkri.com/news.php?action=show&id=24560