غرفة الصدى حوار النصوص فى بكائية إلى أبى فراس الحمدانى

أحمد حسن عوض
خمسة عقود من الإبداع الشعرى المتواصل والعطاء الفنى المتميز يتوجها الآن شاعرنا الكبير محمد إبراهيم أبوسنة الذى نحتفى هذه الأيام بعامه الخامس والسبعين ، ولا أظن أن هذه الوقفة الاحتفائية ستجعل شاعرنا يركن إلى السكون قانعًا بما حققه من حضور راسخ فى قلب خارطة الشعر العربى المعاصر بقدر ما ستكون دافعًا لمزيد من الإبداع الجديد ؛ لأن شاعرنا من نوعية الشعراء الذين يتمتعون بخصوبة إبداعية متجددة ، بحيث لا يمكن أن يتنفس إلا بالشعر ولا يمكن بأية حال من الأحوال أن يحيا خارجه
وإذا كانت الحركة النقدية عبر أجيالها المتلاحقة منذ جيل الرواد مرورًا بجيل الوسط وحتى جيلنا الحالى قد ظلت محتفية بشعر أبى سنة ، فإن منجزه الشعرى الكبير يظل منتظرًا قارئه الذى يكشف عن جمالياته ويريق عليه المزيد من الأضواء
وبرغم ثبات الهم الإبداعى لشاعرنا ودورانه حول قيم الحب والعدل والحرية والخير والجمال ، وثبات معجمه الشعرى المتكئ على مفردات الطبيعة بصورة لافتة فإن له كثيرًا من القصائد المتفردة التى تظل أشبه بلآلئ مشعة تحتاج إلى تأمل خاص ، وفى هذا الإطار من الممكن أن نعيد قراءة قصيدة Cبكائية إلى فراس الحمدانيE التى تبدو كأنها تغرد خارج سرب المدونة الشعرية التى عرفناها لدى أبى سنة ؛ لأنها تتكئ على توظيف الشخصية التراثية ، وهو تكنيك لا يلجأ إليه شاعرنا كثيرًا ربما بسبب انجذابه إلى أفق القضايا المعاصرة وصراعه مع القيم الزائفة لعصرنا الحديث ، التى تحتم عليه أن يظل يقرع الأجراس بطريقة متواصلة ليعلى من قيمه الإنسانية الأثيرة
حلبٌ على مرمى سحابة
نثرت ضفائرها
وفستق دمعها
يشكو الصبابة
مالت بنا شمسُ الغروب
إلى الكآبة
يبتدئ الشاعر خطابه مستدعيًا مدينة حلب بكل مالها من حضور تاريخى وربما أصبح لها الآن حضور مأساوى من جراء الممارسات القمعية وجرائم القتل الوحشية التى يرتكبها نظام الحكم السورى ، بحيث ينفتح الخطاب الشعرى عبر اشتباكه مع أنساق الوعى الحديثة على ترقب وشيك لانفراج الأزمة السورية ، وكأن انتصار الجموع الثورية على مرمى سحابة
لكننى لم أُرد أن أقرأ القصيدة قراءة إسقاطية بقدر ما أردت أن أشير إلى أن الشعر المكتوب بصدق كهذه القصيدة يظل صالحًا لمخاطبة المستقبل ، بالرغم من كونه يستلهم التاريخ ويتحرك من دائرة الماضى مستقرئًا لحظته الراهنة
واللافت للنظر فى هذا المقطع الافتتاحى أن الشاعر يلجأ إلى تقنية CالتشخيصE التى تؤدى دورًا مزدوجًا يتفاعل فيه الحنين إلى المكان CحلبE مع الحنين إلى CالحبيبةE التى تأتى فى عمق النص عبر الأداء الاستعارى الذى يحول فيه الشاعر حلب المدينة ، القريبة البعيدة إلى حلب الأنثى المشتهاة ، بحيث يبدو المفتتح متصاديًا فى أعماقه مع بيتى أبى تمام الذى نشأ فى الشام أيضًا كأبى فراس
كم منزلٍ فى الأرض يألفه الفتى
وحنينُه دومًا لأول منزلِ
نقِّل فؤادك حيث شئت من الهوى
ما الحب إلا للحبيب الأولِ
وإن كان بيتا أبى تمام يعتمدان على نسق Cالتجاور الثنائى المنفصلE الذى يتوازى فيه الحنين إلى المكان مع الحنين إلى الحبيبة الأولى ، وليس نسق Cالتفاعل التصويرى الملتحمE الذى صهر فيه أبوسنة ثنائية الحنين عبر تفعيل طاقات المجاز
وإذا كان شاعرنا قد استهل استحضاره لأبى فراس فى إطار لحظة المنفى الزمنية ، فإنه قد قام بالتوحد معه ، عائدًا إلى زمنه ، عبر Cحيلة شعريةE أسس فيها لنفسه منفىً اختياريًّا بإرادته التامة ، محولاً ضمير المفرد المخاطب الذى كان من المفترض أن يتأسس عليه النص وفق توجه العنوان بكائية إلى أبى فراس إلى ضمير الجماعة بنا ثم استحضار ضمير المتكلم أنا الشاعر مع العلم Cأبى فراسE وأنا وأنت أبا فراس ننتمى للريح فى إطار من نسق العطف الذى يوحى هنا بتوحد فى الروح والهم والرؤية أكثر من كونه يومئ إلى المغايرة والاختلاف
مالتْ بنا شمسُ الغروب
إلى الكآبة
وأنا وأنت أبا فراسٍ
ننتمى للريحْ
لا شمسُ الملوكِ
تضيءُ ما يعتادُنا
من ليلنا الوثني
لا قمرُ الكتابة
يهمى بسوسنهِ
فيلهبَنا
وتطلعُ فى فضاءِ القلبِ
أزهار الغرابة
إن الشاعر المعاصر الذى توحد مع الشاعر القديم فى المنفى وجعله يأخذ أبعادًا تجاوز دلالته المكانية الأولى إلى مفهوم المنفى داخل المبدأ ، أو داخل نسق القيم ، سينتمى كسلفه القديم للريح بوصفها رمزًا ينفتح على آفاق التمرد والحيوية والعنفوان والثورة ، مما يهيئ إلى توحد آخر على مستوى الهم الشعري من خلال التخييل الذى ربما اجترحه أبوسنة ليشترك هو وأبو فراس فى اصطناع تيمة العجز عن الكتابة بسبب الاكتئاب المناوئ لروحهما الغاضبة التى لا ترضى بالذل أو الاستجداء أو المداهنة
واللافت أن المقطع يستحضر بشكل خفى فى إحدى طبقاته العميقة التى تومئ إليها عبارة Cشمس الملوكE عالم النابغة الذبيانى الشاعر الذى قال عنه النقاد إنه أشعر الناس إذا رَهِب ، وكان خوفه من النعمان باعثًا لأن يكتب عنه أروع الشعر
ولعل شاعرنا قد استحضر بيت النابغة فى النعمان
فإنك شمسٌ والملوك كواكب
إذا طلعت لم يبدُ منهن كوكبُ
ليشى فى هذا السياق بأن الامتناع عن الكتابة يعنى الترفع عن التذلل والنفاق والمداهنة ، ويعنى رفض عطاء الملوك الذى يعد موازيًا لامتهان الشاعر لنفسه وإراقة ماء فنه على أعتابهم
لا تنكشف للغـد
أنت محاصرٌ
ما بين بحر الروم والمنفي
وتلك نبوءة العراف
تلمع فى سيوف ذوى القرابة
وإذا كان الشاعر قد بدأ قصيدته بالتماهى مع أبى فراس والتوحد معه فى الروح والهم والرؤية ، فإنه سيلجأ إلى التوافق مع نسق العنوان الذى كان قد انحرف عنه ، ليعود إلى الاتكاء على منطق ضمير المخاطب بوصفه مرتكزًا دلاليًّا يتيح له أن يلقى الأضواء على مأساة أبى فراس التاريخية ، حين أسر ونفى مرتين كانت أقساها ، عندما ظل فى القسطنطينية أربع سنوات ، نظم فيها رومياته التى تعد من أروع الشعر الإنسانى وأصدقه ، والتى كان فى أغلبها يشكو الدهر ويرسل القصائد المليئة بمشاعر الحنين إلى الوطن ويتذمر من تقاعس سيف الدولة عن نصرته ويخاطبه قائلا
دعوتك للجفن القريح المُسهَّدِ
لدى وللنومِ القليلِ المشرَّدِ
وما ذاك بخلاً بالحياة وإنها
لأَولُ مبذول لأولِ مُجتـدِ
وما الأسرُ مما ضقت ذرعًا بحمله
وما الخطب مما أن أقول له قـدِ
لكن أبا سنة فى مقطعه السابق يكثف من دلالات المنفى وإيحاءاته المتعددة ، فيبدو أسلوب النهى Cلا تنكشف للغدE مُفَرَّغًا من محتواه عبر مجيئه فى إطار حتمية الزمن الآتى الذى يدفع إلى الذهن بيت النابغة المخيف
فإنك كالليل الذى هو مدركى
وإن خلت أن المنتأى عنك واسع
وعبر دلالة الانتماء الريح المرتبطة بعراء الكون ، ومن ثم الانكشاف والوضوح الذى يتوازى مع استحضار الوضعية التاريخية لأسر أبى فراس بعد إصابته بسهم ، ثم قتله بعد ذلك على يد جيش أبى المعالى ابن سيف الدولة
وهو أمر يؤكد امتداد المصير ونفاذه الصارم فى تحركه من CالأبE الذى اغتيل على يد ابن أخيه ؛ بسبب طموحه فى الاستيلاء على الحكم إلى CالابنE الذى قتل على يد جيش ابن مَنْ هو فى مقام أخيه أيضًا ؛ بسبب محاولته الاستيلاء على حمص ، وكأنها حتمية ألمحت إليها نبوءة العراف وجسدتها الصورة الفذة التى اقتنصها أبو سنة ببراعة وتلك نبوءة العراف تلمع فى سيوف ذوى القرابة
وإذا كان المفتتح الشعرى المكثف قد قدم لنا مأساة أبى فراس بتركيز شعرى شديد عبر نسق أسلوبى التزم قافية مهيمنة هى الباء المشفوعة بهاء الوصل والمسبوقة بألف التأسيس ؛ ليشى صامت الباء الانفجارى بعمق المأساة وقسوتها ويشى امتداد ألف التأسيس بطول الأسر ورتابته الزمنية ، وتشى هاء الوصل بحرارة زفرات أبى فراس وحرقة تنهداته ، فإن المقطع التالى ستهيمن عليه قافية الدال الساكنة التى يوحى انغلاقها الشديد ، وطبيعتها الجهرية بإحكام الصراع وصعوبة الانفلات
من أين يا زين الشباب
أتيت
من رحم القصائد
والمكائد والشدائد والرعود
من أين تطلع أيها القمر الشآمي
المكبل بالأقارب والمصائب والقيود
لعل أول ما يلفت النظر فى هذه الأسطر بجانب النسق الموسيقى الجهير وتناسق بنى المفردات وارتفاع نبرة المد العاطفى التعاطفى وهيمنة بنية الاستفهام الذى تفوح منه رائحة الفجيعة ؛ أن الشاعر يعمد إلى تناص خفى رشيق يستحضر فيه عبر عبارة Cزين الشبابE قصيدة أبى فراس الشهيرة التى قالها مخاطبا ابنته ، راثيا نفسه ، متنبئًا بمصرعه قبل أن يقتل فى آخر معركة
ابنيتى لا تحـزنى كل الأنـام إلى ذهـاب
ابنيتى صـبرا جميلا للجليل من المصـاب
نوحى علىَّ بحسرة من خلف سترك والحجاب
قـولى إذا ناديتنى وعييت عن رد الجواب
زين الشباب أبو فراس لم يمتع بالشـباب
إذ يتعمق أبو سنة فى إبراز المأساة بضخ الدماء الإنسانية فى أوصالها عبر استحضار خطاب الأب المكلوم لابنته الجَزِعَة ، وإذا كان شاعرنا قد عبر فى مفتتح النص إلى زمان أبى فراس ليتماهى معه فى مأساته الشخصية والشعرية فى آن ، فإنه سيجترح صنيعًا شعريًّا مضادًا ، نستشعر معه أن أبا فراس قد عبر إلى زماننا ليلتقى بكل تناقضاته الصارخة ونقائصه المرذولة وضعفه المذموم
قلبى عليك
وأنت تعبر الحدود
جرحا تطاول ألف عام
جرحا من الخذلان
والدمع الكذوب
ومن أباطيل الكلام
جرحا بحجم المجد
حجم الحب فى قلب الشآم
لكن أبا سنة المشدود إلى أفق أبى فراس لن يكمل شوط التأمل فى أوضاع لحظتنا الزمنية الراهنة بقدر ما سيعود إلى بطله الأثير أو الأسير ؛ ليحاول أن يكفكف من غلواء الأسر عبر توظيفه تقنية التداعى المنضبط والمقترن بمنطق الاسترجاع الذى يضعنا مرة أخرى أمام الشريط السينمائى لحياة أبى فراس المفجعة من المبتدأ إلى الختام ، والذى يقوم فيه شاعرنا بدور المعلق الراصد لبطل يفعل
ها أنت تبحر فى مياه القلب
تبصر فى مرايا الوقت
أوهام الغلام
يمضى على وقع السيوف
إلى حمى أم تولول فى الظلام
تبكى رحيل أحبة
بيد الأحبة
إذ يظل الشاعر محافظًا على نهجه السابق فى أنسنة القضية بابتعاثه صورة الأم مثلما ابتعث صورة الابنة وإن ظل حضور الأم أكثر نصاعة على سطح النص بعكس حضور الابنة الذى بَقِى ساكنًا إحدى طبقات النص التى ألمحت إليها آلية التناص ، وهو أمر يتوازى كميًّا مع قصائد أبى فراس الكثيرة التى كان يرسلها لأمه وهو فى الأسر ومنها
يا أمتا لا تحـزنى وثقى بفضل الله فيَّه
يا أمتا لا تيأسـى لله ألطـاف خفـية
كم حادث عنا جلاه وكم كفانا من بلـية
أوصيك بالصبر الجميل فإنه خير الوصـية
إن سمة التأسى بالصبر الجميل والتجلد أمام المصائب فى قصيدتى الأم والابنة على حد سواء تعد من أبرز سمات الميراث المشترك للشعراء الفرسان منذ محنة عنترة بن شداد حتى منفى محمود سامى البارودى الذين يتعففون عن الصغائر ويلوذون بصرح الكبرياء ومن ثم فإن شاعرنا سيلتقط هذه السمة ؛ ليعقد مقارنة بين الشاعر العفيف والفارس النبيل من ناحية والشعراء الذين يأكلون على كل الموائد من ناحية أخرى
دع زمرة الشعراء
فوق آرائك الذل المنافق
ينشدون ويأخذون
يكذبون ويفخرون
وأنت شاهد
يتجمعون على الطعام
وأنت واحد
تمضى إلى الروم الذين تربصوا
تمضى لما لا عيب فيه
أبا فراس تبتغى مجد العرب
ما من سبب
يدعوك أن تحنى جبينك
والخطوب ثقيلة
وسواك يقترح الهرب
إن هذه المفارقة التصويرية المناوئة للأوضاع المشينة لأغلب الشعراء فى بلاط الخلفاء والأمراء ، تدفع إلى الذهن موقف الإمام الشافعى الذى لم ترُقْهُ صورة Cالشاعر المستجدى المتهافتE بالرغم من محبته البالغة لفن الشعر العظيم ، فكتب بيته الشهير
ولولا الشعر بالشعراء يزري
لكنت اليوم أشعـرَ من لبيدِ
لكن شاعرنا سيمعن فى استكمال صورة أبى فراس الشاعر النبيل جاعلاً الترفع عن الدنايا موازيًا للانشغال بالهموم الكبرى ، وهى إحدى السمات البارزة أيضًا فى شعر الشعراء الفرسان منذ أن قال عنترة بن شداد
يخبرك من شهد الوقيعة أنني
أغشى الوغى وأعفُّ عند المغنمِ
وفى هذا الإطار سيعدِّل أبو سنة من نمط الأداء الشعرى الذى جعل فيه أبا فراس CمُشاهَدًاE فى شريط سينمائى يختزل تجربته الحياتية ، إلى جعله CشاهدًاE على عصرنا عبر انفتاح كادر السرد الشعرى وتحركه من عصر أبى فراس إلى عصرنا الراهن ، من خلال فاصل بصرى نرى فيه الغربان تعبر إلينا لتنعق فوق تاريخنا المهان إذا استعرنا كلمات الشاعر
سربُ من الغربان
ينعق فوق تاريخٍ مهان
أمم يسابقها الزمان
فلا تبالى تنطوي
خلف الزمان
تلهو إذا حمى الوطيس
وحينما اشتد الرهان
فتكت بأنفسها القبائلُ
وانتحت
تبكى حظوظ حروبها
فى ظل أرداف القِيان
لتتبدى مفارقة تصويرية أخرى يعقدها النص بين زمن أبى فراس بكل ما يحمله من روح البطولة العربية ومصاولة الأعداء ، ومطاولة المجد ، وعصرنا الراهن بكل ما يحيل إليه من دلالات الانسحاب والانتحاء والتبعية الذليلة ، التى يؤكدها شاعرنا عبر استحضاره صورة الغربان مرة أخرى بما لها إيحاءات التشاؤم والخراب والهزيمة
سِربٌ من الغربان
ينعق فوق تاريخٍ مهان
أمم تساق إلى مصائرها
يسابقها الزمان
فتنطوي
حتى لينكرها الزمان
وإذا كان شاعرنا فى استدعائه لشخصية أبى فراس قد انتهج تقنية تناص التآلف لتؤشر على موقفه الوجدانى المتعاطف والمتغاضى عن أخطاء بطله الشاعر الفارس ، ربما بوازع من مقتضيات الأداء الشعرى المولع بصنع النموذج وإنتاج الأسطورة ، فإن قصيدته ظلت Cكغرفة الصدىE التى ابتعثت أصواتًا شعرية عديدة تتراوح بين الخفاء والظهور وفق آليتى الامتصاص والحوار ليتجلى كل ذلك فى قالب غنائى بالغ العذوبة ، مبطن بنبرة درامية باهرة أكسبت النص مذاقه الخاص ، وقدرته التعبيرية الفائقة التى تميز بها شاعرنا عبر سنوات إبداعه المديدة ، وإن كنت أنتظر منه ثورة شعرية جديدة يتمرد فيها على منجزه السابق ، وأذكره بأن توماس هاردى الشاعر والروائى الإنجليزى قد كتب أروع غزلياته وهو فى ثمانينيات العمر
 
المصدر:http://www.gocp.gov.eg/Thkafa/NewsD.aspx?NewsId=507

 

أنواع أخرى: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك