الحوار لغة التقارب
الحوار لغة التقاربالأسرة السليمة التي تعيش بهدوء واستقرار ، يمثل الحوار في حياتها مانسبته 95 % حيث أن الحواجز التي تصنع الصمت في هذه الأسر ، والطلاق المؤلم لحياة التعايش فيها ، و التركيز على أهداف تحقق الرغبة لأحدهم دون الآخر ، ينعكس هذا الأمر على تلك الأسر سلبا لما يشكله من بناء وتنامي على الصعيد العاطفي والتواصل فيما بينها ..ويشكل الحوار لبنة صحية وسليمة في حياة أي أسرة ، حيث أن التواصل فيما بينها يقوي العلاقة ، ويوطد لأمر طرح الإشكاليات التي تقابل أحد أفرادها بكل هدوء واستقرار .. لذلك لاتجد في هذه الأسر من يسلك طريقا مزعجا لكيانها ، بل وحدة واحدة تعيش بسلام واطمئنان ..لذلك شكل مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني اللبنة الأولى لإعادة التوازن والتواصل بين أفراد المجتمع ، وخص الأسرة ببرامج تزيد من هذه الثقافة ، ولعل خادم الحرمين الشريفين حفظه الله برؤيته الثاقبة قد جعل لهذا الحوار شأنا على مستوى المجتمع ، فما إنشاء مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني إلا لدعم ثقافة الحوار وأهميته في التواصل المجتمعي والأسري الذي يشكل النواة له .ويحدث الفهم الخاطئ من قبل الآباء لتصرفات أبنائهم ، وبالتالي يحدث القطيعة بينهم ، لأنه لازال يعيش في زمن يختلف تماما عن هذا الوقت الذي أصبح الطفل في بداية حياته ونعومة اظافره ، يركب برامج لهاتفه المحمول أو يجري اتصاله بدولة أخرى خارج وطنه ، هذا النقل المذهل الذي دخل على مجتمع مغلق ، يعيش أجواء تقاربية أكبر .كما أن الثقافة التي يحملها الأب أو الأم عن كيفية التعامل مع سني عمر أولادهم جعلت هذه لفجوة تكبر ، و جعلت الأباء يقعون في حيرة من أمرهم فأحدهم يتصل بي يقول : ولدي يخرج من المنزل كثيرا ، ولا استطيع محادثته ، بل هو لا يسمع كلامي ..فسألته هل سبق أن احتضنته قريبا ؟فرد قائلا : الرجال رجال هذا دلع للبنات بس !!أبناؤهم فلذات أكبادكم ، يحتاجون العطف والرحمة والهدوء والفهم ، فهناك بعض الآباء لايشكل الحوار لديه سوا 10 % والبقية تنفيذ أوامر دون حوار ..يستغرب الكثير من التربويين في أسلوب التعامل مع الخطأ ، ومعالجة السلوكأي اب لو وضع قناعة في ذاته أنه لايملك حبة مسكن لتغيير السلوك ، لأن اي سلوك إنساني يحتاج للصبر والوقت ليحدث التغيير ، وبالتالي يلجأ لأقصر الطرق وهو قطع الحوار والاتجاه للعنف والضرب ، وبالتالي يخسر نفسه وابنه ومجتمعه ، لأن هذا الابن هو احد لبنات المجتمع وركائزه .والمجتمعات المغلقة عندما يفتح لها باب الضور لاشك أن استخدام التقنية ينعكس سلبا على حياتهم ، فيحث القطيعة والانزواء من الأبناء بعيدا عن آبائهم لأنهم فقدوا التقبل منهم والحوار ، واصبحوا يعيشون لعالهم الافتراضي الذي بنوه ورتبوا أوراقه مع أشخاص وهميين قد يستغلونهم ذات يوم ليوجهونهم كيفما شاؤوا ، ولو عاد الأب أو الأم لانحراف أبنائهم أو تغير سلوكياتهم لوجدوا أنهم قد اختزلوا الحوار مع أبنائهم في بعض نصائح أو توجيهات كريمة وانتهى الأمر ، وكأنه قد عقد مع ابنه جلسة حوارية مميزة ..وتوفير التقنية الحديثة جلعت الأبناء ينفتحون على عالم آخر ، بلا شك أنه قد اضاء طريقا للتعبير عن المشاعر والحوار مع الآخر ، ولكنه انعكس سلبا على حياة الأسر ، حيث أن كل فرد منها قد أتخذ في بيته ركنا لممارسة الحديث مع شخص وهمي ، يجيد فنون الحوار والتقارب وصولا لهدفه ..ولعل المثال التالي من واقع عملي يوضح فقدان الحوار وتاثيره على سلوك الأبناءأحد طلابي كتب له معلمه ملحوظة عن تقصير في واجب ، فعاد لمنزله ليقرأ والده الملحوظة ويقوم بضربه ، حبذا لو كانت توبيخا ، لكن تخيلوا ( معلاق ملابس ) وبدون ان يفتح معه أي سؤال أو حوار وتقبل لابنه ومعرفة الأسباب ، اضف لذلك أنه بعد الانتهاء من تفريغ تعبه وألمه على ابنه ذهب لمزرعته كالعادة ..هذا المثال يوضح جليا فقدان مهارة الحوار والتفاعل مع مشكلات الأبناء ، وبالتالي يريد الآباء أشخاصا ينفذون دون سؤال ، وهذا يغفل عنه كثير من الآباء أن الحوار يبدأ من عمر سنتين بل أكثر من ذلك وهو جنين في بكن امه يجب أن تعقد حديثا مع ابنها فهو سيجده يوما ليتحدث به ..وعند مراجعة الكثير من المشكلات التي يتم الاتصال فيها ، نجد أن نسبة 70% فاقدة لمهارة الحوار ، وبالتالي لو ركز الآباء جهدهم على فهم مراحل العمر لابنهم لما وقعوا في هذا الجفاء والألم الذي يعيشونه ، فهدفهم ليس صناعة جيل يعي مايقول بقدر ماذا ينفذ فقطالحوار فن من فنون التواصل ، فهو ليس اقناعا أو تفاوضا مع الآخر بل لكل شخص رؤيته ومكانته وافكاره لابد أن تحترم ..فالاختلاف في الراي لايفسد للود قضية................................خالد بن محمد الأسمريمرشد طلابيمدرب للتنمية البشرية معتمدمدرب ومستشار أسري بمركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطنيالمصدر: http://www.abunawaf.com/post-10653.html