الإعلام السلطة الأقوى

الكاتب  :  أحمد درويش

 

لا شك أنه في ظل انحسار عادات القراءة في العالم العربي، أصبح الإعلام الجديد، وبخاصة الفضائيات، يشكل عاملاً بارزاً في صناعة الرأي العام والتوجيه الفكري والسياسي للضيوف. ولم يعد خافياً على أحد اليوم، مدى تعاظم تأثير الإعلام على الناس في ميادين الحياة وشؤونها كافة، لدرجة أن البعض يقول إن تأثير الإعلام بات أقوى من أية ترسانة عسكرية تمتلكها أية دولة في العالم.
لقد أصبح الإعلام بمختلف وسائطه المكتوبة والمسموعة والمرئية من أبرز خصائص هذا العصر وسماته، لذلك صار محل جذب وتوظيف للاستثمار التجاري المربح كما للاستثمار السياسي والثقافي.
وهكذا فإن الإعلام بتأثيره البالغ على العقول والنفوس، بات يشكل اليوم سلطة قوية ونافذة تؤثر بشكل كبير في توجيه الرأي العام نحو الأهداف التي وضعها ملاك القنوات الفضائية، والتي عادة يتدخل هواهم السياسي وخلفيتهم الأيديولوجية في طبيعة ما تقدمه هذه الفضائيات. فمثلاً قناة ما تقول هذا كاتب يساري، فيكون يسارياً مدى الحياة، وهذا الكاتب ليبرالي فلا يستطيع نفي ذلك إذا أراد. سلطة سحرية قوية، لا يمكن تغييرها بسهولة، ينفذها أصحاب الإعلام الجديد لجذب أكبر عدد ممكن من المشاهدين؛ ولأنها الطريقة الأسهل في ملء ساعات القناة الفضائية.
وإذا كان الجميع يقرّون بضرورة الإعلام وفوائده غير المحدودة في مجالات الحياة والأنشطة الإنسانية ويرحبون بكل تطوير في إمكاناته المادية والمعنوية، فإن الاختلاف كبير في وجهات النظر حول وظيفة وسائل الإعلام وحدودها وحول حقوقها وواجباتها؛ إذ نحن أمام توظيف واستخدام متضارب ومتناقض لوسائل الإعلام والمواد الإعلامية والإعلانية، يتراوح بين نشر ما هو مفيد ونافع وبين تقديم وعرض كل ما هو سيئ، لذا فإن بإمكان الإعلام أن يكون نعمة وأداة ترفع من شأن الإنسان، أو أن يكون نقمة وخيبة أمل كبرى.
الحوار الداخلي: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك