الفئوية والطائفية وخطرهما
أضافه الحوار اليوم في
الكاتب : معاذ أبو الهيجاء
يحدث الفكر الفئوي ومنه الطائفي اضطراباً فكرياً ونفسياً في الأمم والشعوب، ولا يوجد أخطر منه في إشعال الخصومات الدينية تحديداً، وهو أشبه بالنزعة العنصرية التي تفتك بالمجتمعات، وتضرب وحدتها بشكل يمنع من تجانسها لاحقاً، وبناء المكونات للدولة، ولعل العراق ماثلاً أمامنا يشهد على خطر الفئوية والطائفية التي أوصلت فيها حداً للمطالبة بالفدراليات للسنة والشيعة والأكراد، وهذه النزعات لم تكن من قبل موجودة، لولا الاحتلال وما زرعه في جسد العراق من أمراض.
إن الفكر الطائفي من أشد أنواع الفكر انحطاطاً؛ لأنه يفتك بوحدة الأمة الاسلامية ويجعل أبناء المسلمين أعداءً بين بعضهم تسود بينهم مشاعر البغض والكره والحقد والتحاسد، وبالتالي يحول دون نهوضهم وتقدمهم.
ووحدة الأمة تقتضي، وحدة فكرها وشعورها، وهذا لا يستقيم في واقع حياة المسلمين في ظل الانقسامات المذهبية والطائفية المتغلغلة داخل المجتمعات، ومع وجود إعلام موجه محمل بأجندات وأفكار غربية، يضاف إلى ذلك.. وجود تيارات فكرية في المجتمع تعمل على إيجاد العداء والبغضاء بين المسلمين بدلاً من بث روح الإخاء والتواد والرحمة بينهم.
وحقيقة الفكر الطائفي أنه نوع من العشائرية المتسترة بثوب الدين، والولاء فيها يكون للطائفة، فيما يكون الولاء في التصور الإسلامي لله وحده عز وجل، وليس لغيره؛ لا لطائفة من الناس، أو من المسلمين، ولا لمذهب معين، ولا لقوم، ولا لقطعة من أرض تسمى وطناً.
والفكر الطائفي مناقض لفكرة المذهب الفقهي في الإسلام، حيث إن المذهب في الإسلام هو مجموعة من القواعد والأحكام التي يسير عليها جماعة من المسلمين، وفق فهم معين يشكلون من خلال هذا الفهم، مدرسة فقهية تتسم بقواعد محددة وواضحة في كيفية التعامل مع الدليل.
وإذا دعونا إلى محو الطائفية، فمعنى ذلك أن تكون الجماعة التي تتميز بعنوان طائفي، أو فئوي، وتعتبر نفسها وجوداً مستقلاً عن بقية المسلمين، بما انتحلت وبما اتجهت، يجب أن تزول، وأما المذهب فهو باق، يعتنقه من يشاء أو يختار بعضه من يريد.
وفي هذا الصدد؛ فإن الإعلام يلعب دوراً خطيراً في تأجيج النزعة الطائفية بين الناس، عبر أشكال برامجية مختلفة، كما تلعب الأحزاب، لاسيما الإسلامية منها دوراً سلبياً ينظر إلى المسائل من منظار حزبي ضيق، لا من منظار الأمة.
إن واجب الأحزاب والحركات الإسلامية أن تربي أعضاءها على حب الإسلام؛ فالله عز وجل أمرنا أن نفكر حسب وجهة نظر الإسلام، وأن نتمثل الحكم الشرعي في جميع أعمالنا، ولا يكون التفكير صحيحاً وسليماً إذا كان من منظار هو كالنفق المظلم، سواء سمي هذا المنظار مصلحة الطائفة، أو كياناً مذهبياً، أو غير ذلك من مسميات.. فكلها دعوة عصبية نتنة حرم الإسلام الانتصار لها.
والله سبحانه قد سمانا باسم عظيم يحبه الله ورسوله (المسلمين)، فيجب الاعتزاز به، وإعلاء هذا الاسم بين الخلائق مهما كانت مذاهبنا ومراجعنا، فنحن قبل ذلك مسلمون، هكذا سمانا الله سبحانه، وهكذا نادنا رسوله صلى الله عليه وآله وسلم.
إن الأمة الإسلامية وهي تمر بهذه الظروف العصيبة، يجب أن تتمسك بوحدتها الفكرية والشعورية لله، وأن تجتمع حول الإسلام، وأن يجعلوه فوق مذاهبهم ومراجعهم، وذلك مصداقاً لقوله تعالى: (هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ).
الحوار الداخلي: