لماذا السخط.. وديننا دين الوسط؟!
أحمد عبد الرحمن العرفج
مَن يُتَابِع أو يَقرأ أو يُشاهد تَصرُّفَات بَعض السّعوديين؛ يَشعر بأنَّهم أصبَحوا مِثل شَجرة "نَبَات العَرْفَج" سريعَة الاشتعَال، أو أصبَحت أخلَاقهم مِثل "نَاقلة بترول"؛ إنْ اقتَرَبْتَ مِنها اشتَعَلَت، وحتَّى لا يَكون الكَلام رَجْماً بالغَيب، أو اختلَاساً مِن الجيب، سأضرب بَعض الأمثلَة:
تَقف بجوَار الإشَارة بسيّارتك، ومَا أن تَشتعل باللَّون الأخضَر، حتَّى تَنهَال عَليكَ البَواري والتَّنبيهَات، والصَّوَاعق المُرسلَة، وكَأنَّ الصّبر قَد نَفَد قَبل أن تُضيء الإشَارة الخَضْرَاء..!
مَشْهَد آخَر تَجده عِنْدَ مُجالَستك لبَعض المُثقَّفين، فعِنْدَما يَسكن أحدهُم في فُنْدَق، ويَتَّصل عَلى مُوظَّف الاستقبَال، وتَصادَف أنَّ المُوظَّف لَم يَردّ مِن أوّل رَنَّة، تَجده يَجمع كُلّ مَا فِيهِ مِن التَّذمُّر، ويَستدعي كُلّ مَا يَملك مِن السَّخَط، ثُمَّ يُقطِّب حَاجبيه ويُكوِّم وَجهه -كَما يَتكوَّم كُلّ إنسَانٍ عِندَما يَمصُّ لَيمونة- ثُمَّ يَقول بنَغمةٍ مَملوءَة بالتَّأفُّف: يَا أخي هَذا الفُندق خَدماته سيّئة.. ويَقولها بنَغمةٍ ذَات سِت حركَات، كَمَا هو في عِلْم التَّجويد..!
صُورَة ثَالثة تَجدها في الطَّوَابير، فمَا أنْ تَصْطَف في الطَّابور -الذي هو مَظْهَر مِن مَظَاهر المَدنيّة والحضَارة- حتَّى تَجد مَن أمَامك ومَن خَلفك يَتضجَّر؛ مِن خلال إخرَاج النَّفَس المُرْتَفع والتَّأفُّف الصَّامِت..!
مَشْهَد رَابِع تَجده عِندَما يُكلِّف أحدُنا الخَادمة بالقيَام بعَمَلٍ مَا، ولَم تُنفِّذه بالشَّكل المَطلوب، فتَرَى كميّة مِن السَّخَط والغَضَب؛ تَقع عَلَى الخَادِمة كرَدِّة فِعل عَنيفة جِدًّا، لدَرجة أنَّها قَد تَبكي مِن وَقْع الإهَانة التي تَعرَّضت لَهَا..!
حَسناً.. مَاذا بَقي؟!
بَقي القَول: يا قوم، إنَّني أتسَاءل لِمَاذا صِرنا هَكذا؛ رَغم أنَّ "ديننا الحَنيف" يحثُّنَا عَلَى "التَّأنِّي والصَّبر"، و"كَتم الغَيظ" و"العَفو عِند المُقدرة"..!
أسألكم بالله، أين أثَر تِلك المَفاهيم السَّامية عَلى مَن يَتذمَّرون، ومَن يَتأفَّفون، ومَن هُم عَلى الوَاقِع سَاخطون..؟!!!
لمصدر: جريدة المدينة