حقد الصليبيين ورحمة المسلمين
كنت أسمع وأقرأ عن حكايات الهنود الحمر أكلة لحوم البشر، ويبدو لي أنه ليس لهؤلاء الهنود عداوة مع أحد، وأنهم لا يحملون حقداً على أحد بعينه من البشر، وإنما هم قوم سذج بدائيون، يضطرهم الجوع والفقر والعري وعيشهم في الغابات وسط الحيوانات إلى مثل هذه الوحشية، ومع ذلك فقد انتهت هذه الأساطير ولم يبق منها شيء.
لكني رأيت بأم عيني حقداً دفيناً أسود، لا مبرر له، حقداً لم ولن يعرف التاريخ مثله، إنه حقد أهل الصليب على أهل الإسلام، عند ذلك ذكرت قوله تعالى: (قد بدت البغضاء من أفواههم وما تخفي صدورهم أكبر) (آل عمران: 118).
ومع أنه قد كان في أجداد هؤلاء الأولين غلظة بحيث يقتلون الرجال والنساء والأطفال، إلا أنهم لم يكونوا يقطعون الرؤوس، ويبترون الأعضاء، وينهشون الأجساد، كما يفعل أحفادهم غلاظ القلوب والأكباد!
أما نحن المسلمين فقد ضرب أسلافنا الأولون، أروع الأمثلة في التسامح والعفو عند المقدرة، ومن ذلك ما روي في كتب التاريخ، أن صلاح الدين -رحمه الله- حين دخل القدس لم يقتل وليداً، ولا كبيراً، ولا امرأة، وعفا عن الأسرى، وأكرم الملوك منهم، وردهم إلى أوطانهم مكرّمين، وجمع بين الصغير ووالديه، وبين المرأة وزوجها، في موقف لم ولن يعرف التاريخ شبيهاً له إلا في صحائف أهل الإسلام، الوضاءة الناصعة، وقد فعل صلاح الدين هذا الفعل مع من تلطخت أيديهم بدماء سبعين ألف مسلم من أهل القدس!
فأي تسامح وأي عفو أعظم من هذا؟ إن ما يفعله النصارى اليوم بإخواننا المسلمين في العراق وفي أفغانستان وغيرهما من مشاهد ومجازر يعجز اللسان عن وصفها لهو أكبر دليل على ما يكنَّه القوم للمسلمين من حقد.
وستبقى هذه المشاهد البشعة في ذاكرة المسلمين جيلاً بعد جيل، حتى يأذن الله بالقصاص (وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به) (النحل: 126).
المصدر: http://islamselect.net/mat/96014