المرأة اليهودية بين الأصولية والبراجماتية
طالما تشبعت المجتمعات العربية والإسلامية بما تتناقله وسائل الإعلام من نماذج ونمطيات دؤوبة تهدف إلى تضخيم مفاهيم التقدم والحرية الأجنبية، وإلصاقها بكل ما هو غير إسلامي، حتى صار من البديهي لدى البعض التخوف المريب من الدين والالتزام العقائدي، واعتبار التمسك به نوعاً من التطرف والأصولية، يؤدي إلى التدهور وعدم اللحاق بركب المتقدمين.
وقد كانت المرأة ودورها المنوط بها وحقوقها وواجباتها في بؤرة معظم تلك النمطيات نظراً لما تمثله المرأة من أدوار محورية شتى داخل جميع المجتمعات الإنسانية منذ بدء الخليقة، وعلى مر العصور.
وأفردت الكتب السماوية شرائع خاصة بالنساء دون الرجال، وذلك قبل أن تنال منها أيادي المغرضين الذين حرفوا في الكتب السماوية لأغراض دنيوية دنيئة نظراً لما تحظى به المرأة من اهتمام بارز في معتقدات كل مجتمع؛ إلا أن النصوص المحرفة، وأيديولوجيات التعاطي المجحف مع طبيعة المرأة، وأدوارها والقوانين الخاصة بها؛ لم تكن دائماً منصفة لها، بل كانت وبالاً عليها في كثير من الأحيان.
والباحث في حقوق المرأة في إطار الأديان السماوية يعرف أن الشريعة الإسلامية السمحة هي الدستور الوحيد الذي كفل للمرأة الكرامة والحرية المسئولة وفق طبيعتها دون التمييز ضدها، أو إجحاف حقوقها، أو محاباة الرجل على حسابها؛ وربما لن نستفيض في هذه الإشكالية في بحثنا هذا، ولكننا سنحاول الاقتراب من واقع آخر يعيش فيه قطاع كبير من النساء؛ حيث سنلقي بالضوء على بعض ملامح الشرائع اليهودية المتمثلة في التوراة والتلمود، وتأثيراتها على دور المرأة سواء داخل مجتمعها أو خارجه، وكذلك الإرهاصات بمرحلة جديدة قد بدأ حالياً ظهور أولى خيوطها، والتي تتعارض مع واقع فعلي تعيشه المرأة اليهودية منذ الميلاد، وحتى الوفاة.
الأصولية اليهودية ومبدأ رفض الآخر:
أشارت أغلب الدراسات المتعلقة بنسيج المجتمع اليهودي إلى أن هناك جماعات تطرف يهودية أصولية متعددة الأهداف والمبادئ، ولكنها جميعاً تمارس أدوراً عنصرية خبيثة، وعمليات تمييز قميئة ضد كل ما هو غير يهودي، وإن كانت بعض هذه الجماعات تعد أكثر عنصرية من الأخرى؛ إلا أن أشهرهم على الإطلاق هي جماعة هارديم المتطرفة، والتي تضم تحت جناحها حزب "شاس" الصهيوني المعروف بعدائه الصراح للعرب والمسلمين.
وأنقل هنا من كتاب "الأصولية اليهوديَّة في إسرائيل" قول الحاخام "كوك الأكبر" وهو من أبرز رموز الأصولية الصهيونية: "إنَّ الفرق بين رُوح اليهود وروح غيرهم - جميعهم وفي كل المستويات - أكبر وأعمق من الفرق بين الرُّوح البشرية وأرواح الأنعام".
والحقيقة أن تلك الجماعات تتبنى الفكر الأصولي اليهودي الذي ينظر بعين الازدراء والاحتقار لسائر الشعوب غير اليهودية، ويرى فيهم مستوى أدنى، بل وأنهم "خدم" للعرق اليهودي الأفضل من وجهة نظرهم، ليس هذا فحسب بل إن كراهيتهم ومقتهم لمن يخالفونهم من اليهود أنفسهم ليس أقل ضراوة؛ وقد كان مقتل رئيس الوزراء الصهيوني السابق "إسحاق رابين" وغيره من الرموز التي حاولت الاختلاف ولو قليلاً دليلاً قاطعاً على تعنت وصلف أمثال هؤلاء من أصحاب الفكر المتطرف.
المرأة اليهودية بين واقع مؤلم وصفحات سوداء:
وربما يرى البعض أن الفكر اليهودي الأصولي المتطرف لا يمثل إلا قطاعاً محدوداً داخل المجتمع اليهودي، وأن الرجال عموماً والمرأة خصوصاً ينعمان بعطر الحرية لاسيما تلك الحرية التي يوهمنا الإعلام الصهيوني بوجودها، والتي ترسم ظلاً آخر للمرأة اليهودية يختلف تماماً عن واقعها الفعلي، فوجود اليهوديات في السلطة السياسية، والمصالح الحكومية والجيش ... إلخ لم يكن يوماً يعني أن المرأة اليهودية تعيش مكرمة في ظل "ديمقراطية" الكيان الصهيوني، ولم يكن وصولها إلى تقلد أعلى المناصب دلالة على رفعة وضعها في الكيان، وفي أعين الرجال؛ وخاصة أن المرأة الملتزمة دينياً وفقاً للتوراة المحرفة تنطبق عليها شروط أخرى لا تسمح لها بتولي المناصب أو القيادة، أو حتى أن يؤخذ باستشارتها أو رأيها في الزواج لأنها تصنف وفقاً للتلمود ضمن "العبيد والقصر"؛ ونورد هنا نص دعاء معروف دأب الرجل اليهودي على استهلال يومه به وهو: "مبارك أنت أيها الرب لأنك خلقتني رجلاً ولم تخلقني امرأة"، وهو ما يجسد النظرة اللا إنسانية التي يتعامل بها النص التوراتي المحرف مع المرأة.
ومن ثم كان لزاماً على المرأة اليهودية أن تجد مخرجاً لما تتكبده من معاناة في ظل مجتمع يضطهدها المتدينون فيه، ويستغلها فيه غير المتدينين؛ فما كان منها إلا أن تحيا في حالة من الازدواجية تتمثل في تخليها عن دينها إذا ما أرادت أن تحيا في مجتمعها البراجماتي، كما أن كونها قد نشأت على قيم التمييز ضد الآخر، ورقي العرق اليهودي؛ فإنها تصبح متشبعة بأفكار تتيح لها تنفيذ جميع المخططات التي يرى القادة والزعماء الصهاينة مناسبتها لها؛ ومن ثم تردد أناشيد الحرية وهي أولى المحرومين منها، وتصدر ويلاتها إلى المرأة العربية المسلمة لتلصق بها افتراءات قصور العقل، وقيود الفكر؛ فيما تعاني هي مرارة الاضطهاد في وسط بيتها.
إن الواقع الصهيوني يقف على النقيض من الأنماط الكلاشيهية المتخيلة، فبالرغم من أن الأصوليين أعدادهم ليست بالكبيرة داخل "إسرائيل"؛ إلا أن تأثيرهم السياسي يفوق حجمهم بمراحل؛ بل إن جماعة متطرفة مثل هارديم تعتبر المرأة التي تعمل في السياسة ساحرة أو شيطانة، فيما يعتبر اليهود من غير الجماعات المتطرفة أن عمل المرأة واجب عليها أيما كان ما تفعله ما دام يصب في صالح "إسرائيل"؛ فالمرأة في فتاوي صهيون والتلمود ليست إلا متاع أو أداة أو لعبة لتنفيذ خطة ما، أو أداء عمل ما لخدمة المجتمع اليهودي.
ويحوي التاريخ الصهيوني مئات الصفحات السوداء التي لعبت فيها المرأة اليهودية أدوراً خبيثة أسقطت فيها ممالك وبلاد وزعماء في أنحاء العالم، والأمثلة على الأدوار المشبوه لنساء اليهود اللاتي لا يتورعن عن أفعال الفسق والفجور التي أقرها التلمود المحرف متوافرة بكثرة فمن "بوبيا" إلى "سالومي" إلى "روكسلانا" إلى "إستير"، وبحسب كتاب "المرأة في إسرائيل بين السياسة والدين" جاء في سفر "إستير" قصة امرأة يهودية فاتنة استخدمها اليهود للوصول إلى ملك بلاد فارس استطاعوا بوسائلهم الخاصة أن يقربوها من الملك الذي أعجب بذكائها وجمالها فتزوجها؛ وبذلك أصبحت تؤثر على الملك، وتتدخل في شئون الحكم، فجعلت من ابن عمها اليهودي الرجل الأبرز في المملكة.. ولما شعر الوزير الفارسي "هامان" بخطر اليهود المحدق بالمملكة الفارسية خطط لقتله والتنكيل بأنصاره؛ لكن كشف اليهود الخطة فقاموا بمساعدة الملك بقتل "هامان وأتباعه"، وينظر اليهود إلى "إستير" على أنها امرأة تاريخية أنقذت شعبها من مذبحة محتملة لذلك يقام لها احتفال كبير في الخامس عشر من مارس كل عام، فيصومون يوماً كاملاً إحياء لذكراها.
شرائع المرأة بين التوراة والتلمود:
وحديثنا هنا ليس عن التوراة المقدسة التي أنزلها الله تعالى على موسى عليه السلام، بل عن نصوص التوراة التي تم تحريفها على أيدي الحاخامات والكهنة والمنتفعين، فهي تحفل بالمعاصي والرذائل، والكثير من صنوف إهانة المرأة واستغلالها والافتراء عليها؛ لم لا وهي تكتظ في الوقت نفسه بأوصاف للذات الإلهية يجانبها الأدب والفطرة السليمة، ناهيك عن عشرات القصص المفتريات عن أنبياء الله عليهم السلام، وسيل من التراث الدموي المتوحش والفساد والضلال؛ حتى أن الكاتب "ليوتا كسيل" قال في كتابه الذي يحمل عنوان "التوراة كتاب مقدس أم جمع من الأساطير" تعليقاً على المفاسد الخلقية في التوراة: "وهكذا نلغي أنفسنا ونحن نقرأ التوراة، إننا لا نكاد نخرج من قذارة حتى نقاد إلى أخرى أشد انحطاطاً".
وإذا ما أردنا تسليط الضوء على قيمة المرأة في نصوص التوراة التي بين أيدينا حالياً لتأكد لكل ذي عقل أن التحريف قد نال منها إلى حد التغيير وإفساد العقيدة، فالمرأة التي ذكرها القرآن في قوله تعالى: (من عمل صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة) لا يمكن أن تكون هي المرأة التي وصفتها التوراة بأنها "أمرُ من الموت"، وألصقت بها خطيئة آدم وحواء التي أدت بهم إلى الخروج من الجنة، فالنساء في التوراة مذنبات دائماً، لا يتورعن عن فعل جميع الخطايا؛ وهو ما أيدته الأسفار اليهودية كسفر "إستير" وسفر "العدد" وسفر "التثنية" و"سفر الأحبار"؛ حيث يتم اعتبارها فاقدة للأهلية، وتعطي التوراة الحق لليهودي الذي لديه ضائقة مالية أن يبيع ابنته في صغرها، وكذلك لا ترث الفتاة أبيها إلا إذا لم يكن لأبيها ذرية من الأولاد الذكور.
وجاء في "سفر الأحبار" أن المرأة بعد ولادتها نجسة، ولا يجوز أن تلامس الأقداس، أو تدخل المذبح، والتطهر في حالة الولد أقل من البنت.
أما في "سفر العدد فصل 36": يجب أن تتزوج الأرملة من عشيرة سبط أبيها حتى لا يخرج الميراث إلى السبط الذي تتزوج منه.
وفي "سفر التثنية فصل 25": عندما يموت الزوج وليس للمرأة ولد منه لا يحق لها أن تتزوج بأجنبي، بل تتزوج أخيه ويكون ولدهما البكر باسم المتوفى حتى لا ينقرض نسله، وإذا رفض الزواج من امرأة أخيه يستدعيه شيوخ المدينة، وتتقدم له امرأة أخيه، وتخلع نعله، وتبصق في وجهه، ويلقب خالع النعل.
وإذا انتقلنا إلى التلمود فنجد أن النصوص التلمودية تحتفي بالعنف الوحشي تجاه الأغيار (غير اليهود)؛ كما تقلل من قدر المرأة في أكثر من موضع؛ على سبيل المثال فقد ورد بالتلمود أن "من يمشي وراء مشورة امرأة يسقط في جهنم"، وكذلك قولهم "واحسرتاه لمن كانت ذريته إناثاً".
ويمنح التلمود اليهود العديد من رخص الرذيلة والفجور؛ ومنها أنه من المباح لليهودي خيانة غير اليهودي، بل وقتله واستعباده وسرقته، واحتلال أرضه، أما المرأة اليهودية فمن المباح لها ممارسة الزنا مع غير اليهودي حتى وإن كانت متزوجة؛ كما أنه مباح للرجل اليهودي أن يزني بغير اليهودية، ولكن ليس من حق المرأة اليهودية أن تشكو زوجها إذا ارتكب الزنا في منزل الزوجية، وليس لها الحق في أن تطلب الطلاق حتى لو ثبتت عليه جريمة الزنا، وفي حال لم يكن للزوجة لدى زوجها موقع القبول والرضا، وظهر منها ما يشينها؛ فإنه يكتب إليها ورقة طلاقها، ويخرجها من منزله متى شاء!
إن التمييز ضد المرأة اليهودية لا يقتصر على الكتب الدينية المشبوهة فحسب بل يمتد ليشمل مختلف أوجه الحياة، فالنساء اليهوديات يتعرضن للعنف المنزلي، كما أنهن يلاقين تمييزاً في وسائل المواصلات في عدة مناطق داخل "إسرائيل"، حيث يرفض بعض الرجال جلوس سيدة أمامهم في الحافلة، ناهيك عما يواجهونه في نطاق العمل من تعسف ضدهن، أو انتقاص من أجورهن، غير أن الأمر الأكثر إثارة للدهشة كان إقرار الكنيست الصهيوني مؤخراً مشروع قانون يقضي بتوقيع عقوبة السجن مدة سبع سنوات على النساء اللواتي يذهبن للصلاة أمام ما يسمى (بحائط المبكى) في مدينة القدس، لأن تلك الصلاة وحسب التقاليد اليهودية يجب أن تبقى مقصورة على الرجال دون النساء، كما أنه وفقاً للعقيدة اليهودية ليس للمرأة الحق في الترشح أو التصويت، ويقصر ذلك على الرجال فقط؛ وهذا بالطبع يدخل بجدارة ضمن قائمة التعاليم الدينية التي تضرب بها النساء اليهوديات عرض الحائط.
سلطان الحاخامات وإفساد حياة المرأة:
إن المرأة في فتاوي الحاخامات ليست أفضل حالاً بطبيعة الحال عما سبق ذكره، فقد جاء في كتاب "فتاوي الحاخامات" للدكتور "منصور عبد الوهاب" أن المرأة محظور عليها تماماً الشهادة، ومن ثم فإنها ممنوعة من العمل كقاضية، ومن تولي المناصب القيادية لافتقارها للأهلية بحسب رؤية الحاخامات.
بل إن الدين المحرف الذي سمح للأب المعسر أن يبيع ابنته الصغيرة؛ يتيح له كذلك أن يزوجها كما يشاء، ودون الالتفات إلى رأيها أو سؤالها؛ وهو ما يدلل بقوة على غياب أي حقوق واضحة للمرأة بين المتدينين اليهود، ليس هذا فحسب بل حتى إن صوت الطفلة الأنثى التي يزيد عمرها عن ثلاث سنوات يعتبر في نظرهم عورة يجب سترها؛ وإذا كبرت فإنه من المستحسن لها ألا تكشف رأسها حتى في منزلها حفاظاً على ما يصفوه بقدسية البيت؛ كما أنه في حال كان هناك رجلان أو أكثر يأكلون ومعهم امرأة؛ فإن المرأة محظور عليها الأكل معهم.
اضطهاد المرأة وإرهاصات مستقبلية:
بالنظر لما سبق كان من غير المعقول أن نغض الطرف عن تأثير مثل تلك النظرة الدونية للمرأة اليهودية على وضعها داخل مجتمعها الذي يمكن وصفه بأنه غير متدين بالمرتبة الأولى، وإن كان يطبق من النصوص الدينية ما يجد فيه برهاناً لأفكاره وسياساته، فبحسب دائرة الإحصاءات "الإسرائيلية" فإن معدل الأجر الشهري للمرأة أقل من معدل أجر الرجل على الرغم من أن نسبة "الإسرائيليات" اللواتي يتمتعن بمؤهلات أكاديمية أكثر من الذكور، ومع ذلك فإن نسبتهن في المناصب الكبيرة لا تزيد على 9% فقط، كما يسيطر الرجال على المناصب الدبلوماسية والسياسية والعسكرية "الإسرائيلية" سيطرة شبه كاملة، وتصل نسبة النساء في البرلمان إلى 11% فقط.
بل إن المرأة في ضوء المقررات الماسونية السرية التي نشرتها جريدة "التايمز" اللندنية عام 1920 هي القربان الذي يقدمونه "في سبيل الوطن"، وبناءً عليه كان على المرأة أن تقف بصلابة متحدية جميع القيود غير المنطقية المفروضة عليها؛ وأن تنتزع بالقوة مكانتها مهما كلفها ذلك من تضحيات يأتي في مقدمتها التضحية بالدين، وانتهاج مبدأ النفعية في شتى شئون حياتها، فهي لم تستطع أن تكون تلك المرأة المتدينة التي يرسمها الأصوليون، كما لم تستطع فرض قيمتها فرضاً في مجتمعها إلا من خلال مبدأ النفعية والمصلحة، فاستطاعت من خلال نبذ التعاليم التوراتية والتلمودية أن تصل إلى أعلى المناصب والسلطات بعدما حرمها حاخامات وأباطرة اليهودية حتى من حق تعلم "التوراة"، أو التعبير عن الرأي، أو المشاركة في الحياة السياسية؛ وهي الحقوق التي كفلها الخالق الكريم للمرأة المسلمة كحقوق فطرية أساسية كانت أول آيات نزل بها جبريل عليه السلام على قلب النبي محمد صلى الله عليه وسلم بقوله تعالى "إقرأ باسم ربك الذي خلق"؛ وهي الدعوة التي لم يحرم منها أي مسلم رجل كان أو إمرأة.
بل إن نساء الإسلام كن أكثر حرصاً على مناقشة النبي عليه الصلاة والسلام نفسه فيما يغيب عنهن من تعاليم ومعانٍ وأفكار وقضايا، لما لا وقد نزلت سورة المجادلة في سيدة تدعى "خولة" كانت تشتكي موقف زوجها، وتناقش فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم نفسه، واستجاب لها الله تعالى في قوله: (قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي إلى الله والله يسمع تحاوركما إن الله سميع بصير).
ولا يسعنا في ختام هذا التعريف بواقع المرأة اليهودية إلا الإشارة إلى أمرين:
أولهما: أن حياة التحدي والانحلال الأخلاقي التي ترزح تحتها المرأة اليهودية لم تسفر إلا عن مزيد من مشاعر الكره والعدوانية، والعنصرية والقهر النفسي؛ الذي تحاول اليهوديات الفرار منه، وإسقاطه على غيرهن من النساء المسلمات، وهو ما يبدو جلياً سواء من الممارسات الوحشية التي طالما تمارسها المجندات الصهاينة ضد الأسيرات المسلمات في السجون "الإسرائيلية"، أو من خلال الترويج لأفكار مسمومة عن قهر الإسلام للمرأة، وتعرض النساء المسلمات إلى الظلم باسم الدين.
أما الأمر الثاني: الذي بدأ مؤخراً في الظهور على سطح الواقع هو وجود اتجاه خاصة بين النساء للتحول إلى الدين الإسلامي؛ فقد نشرت مؤخراً صحيفة "يديعوت أحرونوت" نتائج دراسة أجراها "إيزاك ريتر" الأستاذ الجامعي بمركز القدس للدراسات "الإسرائيلية" كشفت أن 20 يهودية يعتنقن الإسلام سنوياً على الأقل، وأوضحت الصحيفة أن نشر الدعوة الإسلامية بين اليهود جاء متأثراً بالبرامج الإسلامية التي تبثها القنوات الفضائية في الشرق الأوسط، وأوروبا، ومنتديات ومواقع الإنترنت، بالإضافة إلى دعاة الإسلام في "إسرائيل" الذين يتقربون لليهود، ويدعونهم بلطف، وتتميز لغتهم العبرية بالطلاقة، إلا أن نجاحهم تواجهه الكثير من الصعوبات خاصة في ظل مجتمع ينتهج العنصرية، والتمييز ضد الآخر.