الحوار السني الشيعي .. فرص التقارب !!
كتبه : خالد بن عبدالرحمن العيسى
على مدى أزمنة سابقة بعيدة من تأريخ الإسلام , والجدال بين السّنّة والشّيعة قائم يخبو حينا ويتأجج في أحايين كثيرة , ورغم وجود تيارات كثيرة ممن نختلف معهم في أصول العقيدة إلا أنها ساكنة لاتتحرّك , لعلّ ضعفها , وقلة أعدادها , وصغر شأنها يجعلنا لانلقي لها بالا إلا في كتب المختصين , واستشهادات الباحثين .
ولكنّ الشيعة الذين يمثلون عددا غير قليل يصل إلى حوالي 10% من الأمة الإسلامية لايقاسون بغيرهم من الفرق , فقد قامت لهم منذ ثلاثة عقود دولة شدّت أزرهم , وعلت بها أصواتهم ,وأظهرت لبعضهم أنيابا ,فعادوا ينفضون الغبار عن كتب أسلافهم , وينبشون تأريخا ليعيدوا به أباطيلهم التي تأسست في عهد الدولة الصفوية , وقد نصرت دولة إيران هذا التوجه , ودعمته , وحاولت تصدير هذا الفكر إلى معظم الدول الإسلامية , لنشر التشيع , وقد تجلّى هذا التوجه عندما أعلن الخميني بعد انتصار ثورته تصديرها للدول الأخرى .
والمتتبع للوضع السياسي والإجتماعي في العراق يعرف أنّ الشيعة ليسوا سواء , فالعراق يعتبر حالة استثنائية في مفهوم التعايش بين الطوائف المختلفة وخاصة السّنة والشيعة , فالعائلة الواحدة تتكون من أفراد بعضهم سنة والآخرون شيعة , بل إن ّ الزوج سنّي والزوجة شيعية , والأبناء يختارون مذهبهم فإما إلى أمهم أو لأبيهم.
ولعلّي منذ أقل من عام واحد كنت لاأرى فرصا ممكنة للتقارب بيننا وبين الشيعة ذلك أنّ لهم عقائد كفريّة تتعارض مع الكتاب والسنة والفطرة السليمة كاعتقادهم بعلم الأئمة الإثني عشر للغيب , وإجراء سيّدنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه للسحاب وما إلى ذلك من مفتريات لاتوافق عقلا ولا نقلا .
ولكن هل كلّ الشيعة سواء ؟ وهل جميعهم على الاعتقادات الباطلة ؟ ألسنا مسؤولين عن تبليغ الدعوة لهم ؟ ألا يوجد منطقة وسطى نستطيع نحن وهم الوقوف عليها ؟فلننطلق منها إلى حوار بناء نجمع به شمل الأمة !
أعتقد أنّ ــ في وقتنا الحاضر ــ هناك فرصة ذهبية لتحقيق رؤية جديدة للتقارب بشرط تحييد الفكر الصفوي الإيراني والداعمين له كحزب الله في لبنان والحوثيين في اليمن , والذين تمرّدوا على الفكر الزيدي الذي اعتنقوه منذ قرون وانضموا لفكر الرافضة .
إنّ بروز شخصيتين شيعيتين هما سماحة السيّد : محمد حسين فضل الله , والسيّد : علي الأمين , وهما من مراجع الشيعة الإمامية المعتبرة في لبنان ليمثل هذه الفرصةالذهبية السانحة , والتي يجدر بنا وبعلمائنا , وساستنا أن يجدوا من خلالها منفذا لهذا التقارب المأمول , فقد استمعت لهذين المرجعين , ووجدت في أحاديثهم , ومقابلاتهم الإعلامية , وخطب الجمعة التي ألقوها , وكتبهم , ومواقعهم على شبكة الإنترنت مايشجعنا على أن نخطو نحوهم من أجل تحقيق مانصبو إليه .
لقد أنكر هذان المرجعان كثيرا من عقائد الشيعة , واعترفوا بوجود تحريف في كتب أسلافهم , وأقرّوا بخلافة أبي بكر وعمر وعثمان السابقين لعلي رضي الله عنهم أجمعين , كما أنكروا علم الغيب للأئمة , وسفّهوا التطبير والمآتم , وطلب ثارات الحسين , وقضية فدك , وماإليها من الأمور التي زادت في التباعد بين السنّة والشيعة ,كما أنهم في أحاديثهم يؤكدون دوما على ضرورة الوحدة الإسلامية في مواجهة المخاطر التي تهدد المسلمين .
إننا اليوم أمام مسؤولية كبرى , في لم شتات الأمة , وإن هذه المسؤولية تقع على عاتق علمائنا علماء الأمة الربانيين , والذين يملكون الحجة , وأدعو منظمة المؤتمر الإسلامي لأن تتبنّى هذا التوجه وتؤسس لحوار إسلامي صادق تستغل فيه المعطيات الجديدة في العالم الإسلامي والتي برزت بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر وحروب المنطقة المختلفة , مستعينة بالله , راجية ماعنده لعلّ الله يكتب للأمّة وحدة فكرية وعقدية ننشدها جميعا .
إننا بهذا التوجه سنحقق أهدافا استراتيجية كبرى لصالح الأمة , وسيكون لها مابعدها في محاصرة الفكر الصفوي المتطرّف , والتأسيس لمبادىء الحوار الذي سيفيد الأجيال القادمة , ونشر العقيدة الإسلامية الصحيحة المبنية على كتاب الله وسنّة نبيّه صلى الله عليه وسلم .
المصدر: http://www.aljoufnews.com/sa/articles.php?action=show&id=269