مؤتمرات السلام.. سلاح ذو حدين

لا شك أن الشرق الأوسط بحاجة لأكثر من مؤتمر سلام لحل مشاكله العالقة داخل بعض دوله، وبين بعضها ودول أخرى. وأهم مشكلتين حاليا يتم الحديث عن السعي لعقد مؤتمرات سلام دولية حولهما هما الصراع العربي الإسرائيلي، والأزمة السورية التي تحصد مئات الأرواح في كافة أنحاء سورية وتسببت بدمار هائل لم تشهد له أي دولة مثيلا ربما منذ الحرب العالمية الثانية.
لكن عقد المؤتمرات لا يجب أن يكون هدفا بحد ذاته. فما فائدة إضاعة الوقت في حضور مؤتمر لم يتم الإعداد له بشكل جيد، ولم يتم وضع أطر تمثل الحدود الدنيا لما يمكن قبوله من الأطراف المتصارعة؟ في القضية السورية مثلا، ما فائدة عقد مؤتمر لم تتفق فيه الجهات المتصارعة بعد على تسميته: هل هو حوار أم مفاوضات؟ ما هي الأطراف المشاركة، وهل هذه الأطراف لها تمثيل حقيقي على الأرض؟ وهل هناك تلاق بين الحدود الدنيا للأطراف المختلفة؟ هذه مجرد تساؤلات بسيطة تخطر في بال أي إنسان يرى التخبط الذي يعتري الإعداد لهذا المؤتمر والتصريحات المتناقضة بخصوصه. وإذا لم يتم توضيح هذه الأمور وغيرها فما فائدة عقد المؤتمر أساسا؟
ومن ناحية ثانية، ما فائدة الحديث عن استئناف عملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين إذا كانت المواقف الإسرائيلية التي تسببت بوقف العملية أسوأ مما كانت عليه؟ ما معنى أن تتحدث إسرائيل عن السلام وتعلن منذ يومين عن نيتها بناء 1000 وحدة سكنية جديدة في القدس الشرقية المحتلة؟ وهل الممارسات اليومية للسلطات الإسرائيلية في المناطق المحتلة الهادفة لتهويد القدس وفرض أمر واقع جديد تساعد على إنجاح عملية السلام؟
مؤتمرات السلام سلاح ذو حدين. إذا تم الإعداد الجيد للمؤتمر فإنه سيكون بالتأكيد سلاحا جيدا يحقق نتيجة إيجابية ويساعد على إنهاء الصراع بصورة مرضية للجميع، أما إذا تم عقده بشكل اعتباطي فإنه سيفشل غالبا، وفشل أي مؤتمر سلام قد يدفع الأمور إلى وضع أسوأ بكثير مما كانت عليه،
لذلك فإن الرسالة للمجتمع الدولي واضحة: أعدوا جيدا لمؤتمرات السلام التي تدعون إليها قبل أن تضعوا مواعيد لعقدها. وفي حال وضع أي طرف عراقيل أمام نجاح المؤتمر- وليس مجرد عقده - فإن رد المجتمع الدولي يجب أن يكون واضحا وقويا، فالشعوب لم تعد تحتمل مجرد إطلاق الشعارات.

المصدر: جريدة الوطن.

الحوار الخارجي: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك