التكفيريون الشيعة .. صعود نحو الهاوية
لا يتردد ولا يتوانى الكثير منا في مهاجمة المسلمين السنة بسبب افعال السلفية الوهابية او السلفية بشكل عام، وهي افعال اقل ما يقال عنها انها سببت ازمة اخلاقية وحضارية للدين، فروح التكفير التي يطال السلفيون بها غيرهم اصبحت لا تطاق وتنبئ بعواقب وخيمة سواء على مستوى احترام الشريعة او على مستوى التعايش السلمي بين الطوائف، وهذا الامر تتحمله المؤسسة الاسلامية السنية وخصوصا الازهر الشريف في مصر الذي ترك او اطلق العنان للمال الوهابي ودعاته ومن ورائهم المملكة السعودية ان يهيمنوا على مجال الوعظ والتبليغ وليطبعوا الاسلام بروحهم التكفيرية ورجعيتهم الصحراوية، وقد يكون لتراجع الازهر في اخذ زمام المبادرة لاشاعة الاسلام السني المعتدل اسباب سياسية ومصلحية كان لنظام حسني مبارك يد فيها، وليس لاسباب ذاتية من قبل الازهر، لانه ما زال في الازهر من ينتقد الوهابية بقوة وبحجج دامغة، ومن ابرز الشخصيات في هذا الاتجاه التنويري داخل الازهر والرافض للسلفية الوهابية على سبيل المثال لا الحصر: الشيخ علي جمعة، الشيخ احمد كريمة، الشيخ سعد الدين هلالي.. ويشير كثير من مثقفي مصر ان تراجع الازهر كان بسبب قبول مبارك لهذا المد الوهابي والسماح له في تقوية نفوذه من اجل ارضاء السعودية وحكامها، والذين كانوا يدفعون بشكل سخي هدايا ومكرمات شخصية لمبارك، وهذا هو السبب الرئيس والابرز في غض الطرف عن تمادي السلفية الوهابية وانتشارها في مصر، بعدما لم يكن يُسمح بهذا في زمن السادات ومن قبله في زمن جمال عبد الناصر.
هذه هي الصورة بشكل موجز داخل الاسلام السني وقد بدأ الازهر يتنبه الى هذا الامر وخطورته بعد مقتل المصري الشيخ حسن شحاتة بشكل مريع على يد السلفية الوهابية –الشيخ المقتول هذا تحول رحمه الله من سلفي مغالي الى شيعي مغالي ايضا–!.
اذن، وبقبال هذه الهيمنة الوهابية وتنبه المسلمين السنة لها ولخطورتها هل استطاع الاسلام الشيعي ومن خلال مرجعية الدين في النجف الاشرف او ايران ان يحدث نقدا داخليا للثقافة التكفيرية داخل التشيع؟ والتي اصبحت تستشري اليوم داخل المذهب الشيعي وتكبر بشكل مخيف وذالك من اجل إيقافها عند حدها، ام ان هذه المرجعية الحالية تتماهى سرا وتسكت عن رواج الثقافة التكفيرية داخل المجتمع الشيعي؟ وان هذا التماهي يتأتى –من وجهة نظري– من خلال عدم فضح هذا الاتجاه داخل التشيع وتبيين خطورته من قبل هذه المرجعية، فنحن نعرف ان الاتجاه الشيعي المعتدل والذي كان سائدا فيما مضى اخذ بالانحسار خلال العشرين سنة الاخيرة وهو الان في رمقه الاخير، فالاعتدال الذي مثلته مدرسة ( باقر الصدر - الخميني ) ومن طلبتها: فضل الله، علي الخامنئي، محمود الهاشمي، مهدي الاصفي، عبد الله الغريفي، محمد مهدي شمس الدين، واخرين كثر لا مجال لذكرهم الان قد اصبحت هذه المدرسة؛ مدرسة ضلال من خلال فتاوى مرجعيات الغلو الديني؛ وعلينا ان لا ننسى ان من يُتهم بالضلال هم من غير الايرانيين وهذه مفارقة يجب الالتفات لها ايضا، مع ان جل الزعماء الايرانيين هم من علماء الدين الوسطيين الذين يتقاطعون مع اتجاهات الغلو الشيعي، لكن مع هذا، فهؤلاء التكفيريين لا يقتربون من الايرانيين لانهم يخافون من ردة فعل الدولة الايرانية والتي تسيطر عليها جماعات من هذا الاتجاه الوسطي.
ان التكفيريين الشيعة اصبحوا اليوم يصفون وبدون خجل او وجل الذين لا يتماهون مع توجهاتهم التكفيرية بـ (الشيعة البترية) والمؤسف في هذا اننا لم نسمع لحد الان ردا حقيقيا اتجاه هؤلاء، والمحزن ايضا ان خوف علماء الوسطية الشيعية من العرب وصل الى مديات مخيفة في عدم تصديهم لهذا التوجه التكفيري، وان هذا التيار الوسطي في تراجع مستمر من يوم جُس نبضه بفتاوى التكفير التي طالت ابرز رموزه وهو المرحوم محمد حسين فضل الله بعد ان وصمته مرجعيات الغلو الشيعي ب"الضال المضل" ولا يخفى في هذا إنحياز كبار اهل الفتوى خلال العشرين سنة الاخيرة لصالح التكفيريين كمرجعية الوحيد الخرساني وجواد تبريزي وعلي السيستاني وتماهي الكثير من رجال الدين في النجف او في قم مع هذا التوجه المغالي والذي اذا بقي على حاله سيتسبب بكوارث اجتماعية ودينية متتالية.
ان التشيع العلوي والذي تحفه روح علي واهل بيته الكرام والمبني على اسلام السماحة، وهو الاسلام الذي شكله الامام علي باجمل تشكيل من خلال قولته المشهورة (لاسلمنا ما سلمت امور المسلمين) وهو قول كما نعرف يفرق به الامام بين حقه في الخلافة وبين روح التعايش والتواصل والتكامل الاسلامي بين المسلمين، وهي روح تلبست كل ابناءه البررة وبقيت تتلبس شيعته لقرون طويلة، فهل نترك التكفيريين اليوم ينزعون عنا هذه الروح العلوية ويحولوننا الى (عيارين وشتامين) . فاين هي وجهتنا اليوم؟ هل وجهتنا هي تشيع التعايش الطبيعي وغير المفتعل مع باقي المسلمين؟ ام وجهتنا هو تشيع الضغينة والبغضاء والذي يسعى في نشره المهوسين من تكفيريي التشيع المغالي من امثال: اولا، الاتجاه الشيرازي بشخصياته التكفيرية كمجتبى الشيرازي وكثير من افراد عائلته، ولا يخفى على احد ان لهؤلاء حماية دينية من مرجعية صادق الشيرازي. ثانيا، اتجاهي جواد التبريزي والوحيد الخرساني في العقائد، وهما مدرستان متطرفتان في العقائد وحادتان الطباع اتجاه كل من يخالفهم في توجهاتهم المغالية. ثالثا، الاتجاه الحجتي التكفيري وهو الاخطر في هذه الاتجاهات، ومن ابرز شخصياته العربية –من الاحياء– عبد الحليم الغزي وعلي الكوراني، وهناك خطباء ومحاضرين بارزين لهذا الاتجاه الحجتي من امثال: عبد الحميد المهاجر والفالي وياسر الحبيب و مرتضى القزويني .. وكل هؤلاء يسيطرون اليوم على الاعلام الديني في جانبه الشيعي كما يسيطر الوهابيون على الاعلام الديني السني –وهذا امر اظنه دبر في ليل لصالح جهات مستفيدة من النزاع الداخلي للمسلمين– ولجعل الاتجاهات التكفيرية هي التي تسيطر على حياة المسلمين عامة وعدم السماح للاتجاهات الوسطية الاسلامية في ان تأخذ دورها الحقيقي في ترشيد امتنا البائسة وتوعيتها للخروج من بؤسها الطائفي.
يبقى أن اقول إن سكوت المرجعية الدينية الشيعية او قبولها الضمني بصعود هؤلاء التكفيريين الشيعة وقبولهم كحالة طبيعية داخل الجسم الشيعي سيجلب الدمار الاخلاقي والتشريعي للمذهب الشيعي وهو مذهب – كما يعرف ابناؤه الواعون – تكمن قوته الاساسية من خلال تمسكه باخلاق اهل البيت وتسامحهم وعفة ارواحهم والسنتهم عن قول الفحش والزور.
ان هؤلاء الغلاة التكفيريين بدأت ثمارهم التكفيرية تأخذ حيزها المخيف داخل المذهب الشيعي من خلال ظاهرة اللعن والشتم لكل ما يخالفهم، وهي ظاهرة سيئة اصبحت لا تبقي ولا تذر، وكذالك من خلال تصنيفهم الشيعة الى صنفين: صنف الشيعة الاثني عشرية صحيحي الاعتقاد، وصنف الشيعة البترية غير صحيحي الاعتقاد، ويريدون بالصنف الاول طبعا الشيعة التكفيريون، وبالصنف الثاني يريدون الشيعة من غير التكفيريين، علما ان في الثانية يدخل فضل الله والوائلي والخامنئي، ومحمد باقر الصدر كما اشار اليه علي الكوراني لمزا في كتابه (الحق المبين في معرفة المعصومين) او كم شرع عبد الحليم الغزي في التحرش بكل من لا يعتقد بتواجهاتم المغالية والتكفيرية من علماء الشيعة وذالك من خلال قناته المودة. بقيت مفارقة لابد من ذكرها وهي: ان هذا الغزي بقي متهيبا وخائفا من الايرانيين وعدم التحرش برموزهم من امثال المرحوم السيد الخميني الذي كان محبا لمحي الدين بن عربي بينما الغزي يعد ابن عربي هذا ناصبيا! لكنه لا يتحرش بالسيد الخميني وبحبه لابن عربي، وفي نفس الوقت يتحول الى اسد هصور على غير الايرانيين من علماء الشيعة، وهذا الامر يحتاج الى اجابة حقيقية من الغزي.. وازعم ان السبب هنا هو خوف الغزي من الايرانيين وذالك لما يحتفظون له من غابر الايام والسنين التي امضاها الشيخ الغزي في ايران والتي ادعى فيها انه الباب الاكبر للحجة المنتظر واكثر من هذا، فهناك اشارات بانه ادعى انه الحجة المنتظر نفسه وهذا ما تسرب وقتها من بعض المقربين له! .. مما استدعى المخابرات الايرانية ان تلجمه وتوقفه عند حده من خلال تهديده بفضح الاعيبه (..) وعلى اثرها اختفى خمسة عشر عاما ليظهر بعدها بحلة جديدة في لندن! ومع مريدين جدد.
ختاما، يبقى ان اقول وأُذكرالمرجعية: ايتها المرجعية الدينية ما انت فاعلة لرد هذا الاتجاه التكفيري الذي اخذ يتفاقم داخل المجتمع الشيعي ومن خلال هؤلاء التكفيريين والذين يعملون ليلا نهارا في بلبلة الناس وجرهم لمناطق لا تحمد عقباها، فما هي الا سنين قلائل وتصبح الروح التكفيرية السيئة هي السائدة في حياتنا الاسلامية، فيا ايتها المرجعية افيق لرشدك قبل فوات الاوان، والا ستدور عليك في قابل الايام الدوائر من قبل هؤلاء التكفيريين، وما (يمانيُها وانتشار نوب الحجة المنتظر الوهميون في العراق) إلا نذر تظهر لكم بين الفينة والاخرى لتقض عليكم مضاجعكم، فتصدوا للخطر المحدق بالتشيع من قبل هؤلاء التكفيريين قبل فوات الاوان.
المصدر: http://mail.almothaqaf.com/index.php/tanweer/76869.html